ملخص
من بين الأسباب التي أقر بها البعض لتبرير هذا السلوك هو أنهم لا يرغبون بأن يعلم أحد بما أدخروه أو سبب ادخارهم ولا كم المال الذي أنفق أو في ماذا أنفق وهو ما يسلط الضوء على مخاوف الأفراد من حكم الآخرين عليهم بسبب عاداتهم في الادخار والإنفاق.
إن ما يسير سلوكنا المالي هو مشاعر كالخوف واليأس والذنب والخزي والحزن والغضب. لكن موضوع المال لا يطرح للنقاش في مجتمعنا. إذ إننا كتومون جداً في هذه المواضيع حتى مع شريك حياتنا.
أنا مدربة مالية وتحدثت مع أشخاص كثيرين ملتزمين بعلاقات طويلة الأمد ويعيشون معاً ويتشاركون كل أوقاتهم مع بعضهم بعضاً دون أن يعرفوا أي شيء عن مدخول شريك حياتهم.
ولهذا السبب لم تفاجئني الدراسة الجديدة التي صدرت عن جمعية بناء المجتمعات (Building Societies Association) المسؤولة عن تنظيم أسبوع الادخار في المملكة المتحدة، والتي كشفت اعتراف الأشخاص بإخفاء مدخراتهم عن شريك حياتهم.
وقد أقر نحو نصف الآباء (48 في المئة) الذين لديهم أبناء تحت سن 18 بامتلاك حساب ادخار سري، مقارنة بـ22 في المئة من الأزواج الذين ليس لديهم أبناء.
وفقاً للدراسة، فإن أهم دافع وراء إخفاء الآباء وكذلك الأزواج من دون أبناء أمر حساباتهم عن الشريك، حسب اعترافهم، هو "الحفاظ على الاستقلالية". وهذا المبرر الذي قدمه 48 في المئة من النساء و30 في المئة من الرجال.
وتحمل هذه الأرقام دلالات عاطفية على مدى شعور الأشخاص بالأمان والسكينة في العلاقة. لكن هناك أيضاً جانباً أكثر عملية. فالتزامك بعلاقة وامتلاكك مدخرات سرية تحافظ من خلالها على استقلاليتك هو رد فعل عملي لحاجة عاطفية. الأمر مفهوم حتى لو لم تتفق معه.
ومن الأسباب الأخرى التي تحدو الأشخاص - الآباء أو غيرهم - لإخفاء مدخراتهم عن الشريك "استخدام المال لمفاجئة الشريك/ العائلة". وهو أمر لطيف إن كانت المفاجئة شيئاً يرغب به الطرفان.
وقال آخرون "لا أريدهم أن يعرفوا المبلغ الذي أدخره ولا سبب الادخار" و"لا أريدهم أن يعرفوا كم أنفق ولا علام أنفق المال". وهي أسباب تلقي الضوء على خشية الأفراد من حكم الآخرين عليهم بسبب عاداتهم في الادخار والإنفاق.
وبعيداً من موضوع المدخرات السرية يعد فعل الادخار مدخلاً أساساً لبناء اكتفاء مالي، أي الشعور بالأمان والراحة الذي يولده اليقين بأنك قادر على دفع فواتيرك اليوم وأنك قادر على التعامل مع أي ظروف غير متوقعة وأنك على المسار الصحيح باتجاه مستقبل مالي صحي.
أو بعبارة أخرى، كما يقول عملائي "أريد أن أكف عن القلق في شأن المال. أريد أن أتيقن من أنني أملك ما يكفي كي أعيش حياة مريحة، الآن وفي المستقبل".
وتعد أهم أهداف الادخار في البلاد بناء مخزون للأيام الصعبة يكفي لتسديد أية كلف غير متوقعة، ويلي ذلك هدف الادخار لقضاء عطل وللحياة المستقبلية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن الدراسة تشير إلى أن 14 مليون شخص تقريباً في المملكة المتحدة يملكون مدخرات تقل عن 100 جنيه استرليني. ووجدت الدراسة أن 60 في المئة من الأشخاص الذين ليس لديهم أية مدخرات على الإطلاق يعانون صعوبات لأنهم لا يملكون هامشاً كافياً من المال يمكنهم ادخاره وهذا أمر يمكن تفهمه في الظروف الحالية.
يبث عدم وجود أي مبلغ يمكن للإنسان أن يعتمد عليه مشاعر القلق والشعور بالخزي والذنب في نفوس غير المدخرين. بينما يولد امتلاك مدخرات قد لا تتعدى 100 جنيه أو أقل من ذلك حتى، مشاعر إيجابية بالتفاؤل والفخر والإحساس بالإنجاز.
إليكم بعض النصائح العملية لتطوير عادة الادخار أو ممارستها من جديد.
ادفع لنفسك أولاً. هذا ما يحدث في غالب الأحيان. تتقاضى راتبك فتسدد بدل الإيجار/ أو رهن المنزل، ثم فواتير المنزل. ربما تنفق شيئاً من المال على أشياء ممتعة وبعد ذلك يأتي دور المدخرات. لكن مهلاً، في هذه المرحلة تجد أنك لم تعد تملك ما يكفي للادخار.
تعد عادة الدفع لنفسك أولاً تقنية لتوفير المال تقتضي منك أن تضع جانباً مبلغاً معيناً فور تقاضي الراتب، وتأتي بعد ذلك كل الترتيبات الأخرى.
ابدأ من مكانك. وما أعنيه بذلك هو أن تحاول ألا يعوقك التفكير في أنك إن لم تكن قادراً على ادخار كثير، فلا معنى من ادخار قليل. في نهاية المطاف أنت في حاجة إلى ادخار ذلك الجنيه الواحد أولاً، قبل أن تتمكن من ادخار أول 100 جنيه، وبعدها أول ألف جنيه وهلم جراً. عليك بالتالي أن تنطلق من القليل وتكرر العملية. وبهذه الطريقة تبني عادة الادخار.
علاوة على ذلك، فإن الوسيلة الأساس لبناء ثقتك بنفسك هي أن تضع أهدافاً وتحققها مهما كانت صغيرة. وقيامك بهذا الأمر يعطيك شعوراً بأنك "قادر على إنجاز هذا الأمر لأنني فعلته قبلاً". وينطبق هذا الواقع على الادخار وعلى وضع موازنة للإنفاق وعلى الحياة بصورة عامة.
أما بالنسبة إلى المبلغ الذي عليك ادخاره، ربما سمعتم أساساً بأن ادخار ما يكفي لتغطية نفقاتكم الشهرية لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر يشكل شبكة أمان مناسبة. وهذا هدف جيد.
وأخيراً، لا يفشل المرء إن احتاج إلى إنفاق مدخراته، مع أنه من المفاجئ أن هذا الشعور شائع بين الناس. فلو كنت تملك مدخرات واحتجت لاستخدامها، هذا يعني أنها أدت الغرض منها! عليك بالعودة للادخار عندما تكون مستعداً وقادراً على ذلك.
© The Independent