Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يمكن تصدير نفط جنوب السودان وحرب الخرطوم مشتعلة؟

رجح مراقبون أن أسباباً فنية وراء القرار وذهب آخرون إلى أنه ربما يكون مؤشراً على اقتراب نهاية الصراع

رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان ورئيس جنوب السودان سلفا كير (مجلس السيادة السوداني)

ملخص

أعلن مكتب رئيس جنوب السودان سلفا كير الإثنين الماضي، بعد اجتماع في جوبا بينه وبين قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، أن "المهندسين السودانيين أنهوا الاستعدادات الفنية اللازمة لاستئناف إنتاج النفط".

ما إن أعلنت حكومة جنوب السودان استئنافها قريباً ضخ إنتاجها من النفط الخام لتصديره إلى السوق العالمية عبر السودان باستخدام خط أنابيب يمتد إلى ميناء بورتسودان بعد توقفه في مارس (آذار) الماضي، برزت تساؤلات عدة عن مدى واقعية هذا القرار في ظل استمرار الحرب السودانية بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 17 شهراً، وما الضمانات التي قدمتها حكومة الخرطوم لنظيرتها في جنوب السودان لبدء عمليات التصدير من دون حدوث مشكلات في هذا الشأن؟

جوانب فنية

المتخصص في الاقتصاد السياسي حسن بشير قال "يبدو أن دوافع حكومة جنوب السودان لاستئناف تصدير نفطها عبر الأراضي السودانية يرتبط بجوانب فنية في المقام الأول، للمحافظة على سلامة البنية التحتية للتصدير، لأن إيقاف انسياب النفط عبر خطوط الأنابيب سيؤدي إلى عواقب خطرة تتسبب في ارتفاع كلفة إعادة التصدير وربما تلف الأنابيب بصورة نهائية بسبب التكلس، فضلاً عن احتمال حصول حكومة جنوب السودان على استشارة فنية بمعاودة ضخ النفط عبر الأنابيب، لكن من المؤكد أن حكومة الجنوب تراعي مصالحها الخاصة وليس مصالح دولة فاشلة بجميع قواعد تصنيف الفشل التي تنطبق على السودان، هذا بالطبع إذا افترضنا أن هناك دولة باقية في واقع الأمر، بحسب تعريف الدول".

وتابع، "كذلك سلامة الأنابيب يمكن أن تكون قائمة إلا من أحداث عشوائية غير مقصودة، بافتراض أن أطراف النزاع الرسمي لا مصلحة لها في استهداف الأنابيب، أما الاستفادة من ناحية المصافي فستكون محدودة لأسباب أمنية، بخاصة إذا أخذنا في الاعتبار قصف طيران الجيش المتكرر لمصفاة الجيلي التي تعتبر الأهم بالنسبة إلى توفير الوقود على المستوى المحلي، بخاصة أن هذه المصفاة تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع، وفي الإمكان الاستفادة من معامل كوستي ومصفاة بشائر على البحر الأحمر في توفير ما يمكن الاتفاق عليه من حصة مع حكومة الجنوب، لكن يظل تصرف 'الدعم السريع' حول هذا الموضوع غير واضح".

 

 

وزاد محمد نور أنه "في تقديري لا توجد معلومات دقيقة عن الكميات التي ستقوم حكومة جنوب السودان بتصديرها، لكن بناء على ما كان يحدث سابقاً بعد بداية الحرب، فيمكن القول إن البداية ستكون بتصدير كميات محدودة تراوح ما بين 70 و130 ألف برميل من الخام يومياً حتى معاودة الإنتاج بكميات أكبر في الحقول التي جُمّد الإنتاج فيها بسبب وقف التصدير".

وأردف، "من المؤكد أن حكومة بورتسودان في أمس الحاجة إلى عائدات رسوم الصادر المتفق عليها مع حكومة جنوب السودان، إضافة إلى حاجتها الماسة لكل قطرة وقود، وبالتالي فإن إعادة تصدير بترول دولة جنوب السودان يعتبر من مصلحتها، كما من المتوقع أن يستفيد 'الدعم السريع' من توفر أية كميات من الوقود بصورة مباشرة أو غير مباشرة من خلال سياسة وضع اليد، ما استطاع إلى ذلك سبيلاً".

وتابع، "يتضح أن ما اُتفق عليه في جنيف من فتح بعض المعابر لإيصال المساعدات الإنسانية وانسياب حركة الشاحنات في مسارات معينة كان له أثر غير مباشر في قرار استئناف تصدير بترول جنوب السودان".

تأمين الحماية

في السياق أوضح الباحث الاقتصادي باسم عباس أن "استئناف تصدير نفط جنوب السودان يعني أن هناك تحركاً من المجتمعين الدولي والإقليمي، وأن حرب السودان شارفت على نهايتها، وإلا ما كان لحكومة الجنوب أن تقوم بهذه الخطوة في ظل ما آل إليه اقتصادها من شبه انهيار لاعتماده كلياً على عائدات النفط التي تمثل 90 في المئة من إجمال الإيرادات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح عباس أن "مسألة تأمين الحماية لخط الأنابيب الناقل لبترول جنوب السودان عبر الأراضي السودانية ممكن على رغم أنه يمر بعدد من الولايات الملتهبة، لأن حكومة الجنوب لديها القدرة للضغط على طرفي الصراع لعدم المساس أو عرقلة عملية التصدير لما تمتلكه من مفاتيح عدة على الطرفين".

وتابع، "هناك تساؤلات عدة في ما يخص وضع أنابيب التصدير، فمن المعلوم أنه في حال أُوقف أنبوب التصدير من دون إجراءات السلامة الكافية، فهذا يعني تجمد النفط الخام في المنطقة المعنية، وبالتالي تكون عملية فتح الأنبوب مكلفة جداً بسبب استخدام كميات كبيرة من المواد الكيماوية".

ولفت الباحث الاقتصادي إلى أن "كميات النفط التي يمكن استيعابها في محطات التكرير السودانية تناقصت نتيجة خروج مصفاة الجيلي الواقعة شمال الخرطوم بحري من عملية التشغيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 لتعرّضها إلى قصف وهجمات وحرائق متكررة منذ بدء الحرب، لكن هناك محطات أخرى يمكن استغلالها".

ضغوط اقتصادية

وكان مكتب رئيس جنوب السودان سلفا كير قال في بيان الإثنين الماضي، بعد اجتماع في جوبا بين كير وقائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، إن "المهندسين السودانيين أنهوا الاستعدادات الفنية اللازمة لاستئناف إنتاج النفط"، مضيفاً أنه "من المتوقع أن يتوجه مهندسون من جنوب السودان إلى السودان خلال الأسابيع المقبلة للتأكد من جهوزية المرافق لاستئناف الإنتاج".

وكانت الحكومة السودانية أشارت في مارس الماضي إلى أنها تواجه مشكلات في عمليات نقل نفط دولة جنوب السودان عبر خطوط أنابيبها في الجبلين وبورتسودان، بسبب القتال الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع، وبحسب وسائل إعلام سودانية فإن "وزير النفط السوداني محيي الدين نعيم بعث رسالة رسمية إلى نظيره في دولة جنوب السودان في الـ 16 من مارس الماضي وأبلغه بتوقف عمليات نقل النفط".

وتعرض اقتصاد جنوب السودان إلى ضغوط خلال الأعوام القليلة الماضية وسط أعمال عنف على أساس عرقي، وانخفضت عوائد تصدير النفط الخام منذ الحرب الأهلية التي اندلعت بين عامي 2013 و2018، مع ما لحق بالصادرات من اضطرابات خلال الآونة الأخيرة بسبب الحرب.

وكان جنوب السودان ينقل نحو 150 ألف برميل يومياً من النفط الخام عبر السودان للتصدير بموجب اتفاق أعقب استقلاله عن الخرطوم عام 2011 ليسيطر على معظم إنتاج النفط، وفي ذروته قبل الحرب الأهلية بلغ إنتاج النفط الخام في جنوب السودان ما بين 350 و400 ألف برميل يومياً.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز