Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أسواق المال في رحلة جديدة مع دورة التيسير النقدي بعد خفض الفائدة

يرى محللون أن خفض كلفة الاقتراض يعزز الاستثمار في أسواق الأسهم والعقار

توقعات بتأثير لخفض الفائدة في ربحية الشركات بظل زيادة الإنفاق بعد معاناة ارتفاع كلفة الاقتراض والرهن العقاري (أ ف ب)

ملخص

يرى محللون أن خفض كلفة الاقتراض يعزز الاستثمار في أسواق الأسهم والعقار

أفاد محللون ومختصون لـ"اندبندنت عربية"، أن قرار خفض الفائدة الأميركية يؤذن ببدء مرحلة جديدة تشهد معها تيسيراً نقدياً يحمل عدداً من الفوائد للاقتصاد والشركات.

وتوقع محللون، اتجاه "الفيدرالي" نحو مزيد من الخفض، مما يعني إمكانية خفض كبير للفائدة مرة أخرى في أحد الاجتماعين المتبقيين هذا العام، أو خفضها بمقدار 0.25 في المئة في كل من اجتماعي نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) المقبلين، إلى جانب خفض إضافي متوقع في 2025 و2026.

وبدأ بنك الاحتياط الفيدرالي أول دورة لتخفيف السياسة النقدية له منذ بداية جائحة كورونا، إذ خفض الأربعاء الماضي أسعار الفائدة من أعلى مستوى في 22 عاماً، بواقع 50 نقطة أساس لتصل إلى نطاق 4.75 إلى خمسة في المئة وهو القرار الأول من نوعه منذ مارس (آذار) 2020.

وتبنى "الفيدرالي" سياسة التشديد النقدي في مارس 2022 حينما رفع معدل الفائدة 25 نقطة أساس إلى مستوى ما بين 0.25 و0.50 في المئة، ليواصل بعدها وتيرة التشديد النقدي خلال ستة اجتماعات لاحقة، ويصل بمعدل الفائدة بنهاية عام 2022 عند مستوى 4.25 و4.5 في المئة، وهي الوتيرة التي تواصلت عام 2023 حين رفع معدل الفائدة أربع مرات، وثبتها في أربع أخرى ليصل إلى 5.25 و5.5 في المئة عند أعلى مستوى لها خلال 23 عاماً، فيما تشير التكهنات بخفض لأسعار الفائدة ما بين 25 و50 نقطة أساس. 

تناقض واضح

وتعليقاً على قرار "الفيدرالي"، قال رئيس كلية "كوينز" بجامعة كامبريدج محمد العريان في منشور على منصة "إكس"، إنه كان على رئيس "الاحتياط" جيروم باول التعامل مع التناقض الواضح بين الخطوة غير المعتادة المتمثلة في بدء دورة خفض الفائدة بوتيرة 50 نقطة أساس، والتقييم الذي تردد بأن الاقتصاد في وضع جيد.

وأضاف العريان، "أصبح هذا الأمر أكثر صعوبة، لأنه بصورة مفهومة لم يرغب في الاعتراف بأن الخطوة التي اتخذها بخفض الفائدة 0.5 في المئة هي تعويض عن عدم الخفض في يوليو (تموز) الماضي".

وذكر العريان في منشور آخر، "ملخص تصريحات رئيس الاحتياط الفيدرالي أن البنك يعيد تقييم السياسة النقدية في سياق الثقة المتزايدة في إمكانية الحفاظ على قوة سوق العمل". وأشار إلى أن ما ذكره باول بأن 50 نقطة أساس ليست الوتيرة الجديدة التي سيتبعها البنك لأن السياسة النقدية لا تسير وفقاً لمسار محدد سابقاً.

حلحلة أسواق العقارات 

وقال الرئيس التنفيذي لشركة "جي أف أتش بارتنرز" نائل مصطفى، وهي شركة تابعة لمجموعة "جي أف أتش المالية"، لـ"اندبندنت عربية"، إن خفض الفوائد عالمياً وبالتحديد في أميركا سيؤدي الي حلحلة أسواق العقارات، وتوافر الدين بكلفة أقل وهو المحرك الأساس والرئيس لأسواق المال، وهو ما سيقلل أيضاً من إمكانية الدخول في "أزمة" وسيحد من درجات التباطؤ في النمو الاقتصادي.

وأوضح مصطفى، أن معدلات الفائدة المرتفعة والسائدة حالياً نجحت في إنهاء مشكلة التضخم، وبذلك أتى وقت العودة إلى مستويات فائدة أقل، متوقعاً ألا تخفض أسعار الفائدة إلى مستويات ما قبل جائحة كورونا نظراً إلى استمرار وجود بعض العوامل الجيوسياسية مثل التجاذبات ما بين الولايات المتحدة والصين والنزاعات العسكرية في أوروبا. 

وأكد مصطفى أن انخفاض الفائدة عن المستويات الحالية سيمثل عاملاً إيجابياً للمحافظة أو للحيلولة دون الانزلاق في "أزمة مالية"، وذكر أنه بالنظر إلى المعطيات والأرقام المعلنة بصورة عامة فإن الاقتصاد الوحيد من بين مجموعة الدول الصناعية السبع الذي أعلن عن نسب نمو إيجابية آخر 12 شهراً هو الاقتصاد الأميركي، إذ فاق معدل نمو الاقتصاد ثلاثة في المئة، بينما الاقتصاد الأوروبي راوح ما بين 0.5 و1 في المئة، وكذلك هي الحال في اليابان وكندا والاقتصاد الصيني المنخفض  إلى ما دون ثلاثة في المئة وهو مستوى منخفض نظراً إلى نسب النمو العالية سابقاً له، وذلك يعود بصورة رئيسة إلى معدلات الفوائد المرتفعة، إذ كانت سبباً في تعطيل أسواق العقار وإبطاء وتيرة الاستثمار.

قرار جريء 

إلى ذلك، قال نائب رئيس إدارة البحوث في "كامكو إنفست" رائد دياب، إن قرار "الفيدرالي" لم يكن صادماً لكنه جريء بخفضه 50 نقطة أساس بهدف إعطاء الاقتصاد دفعة جديدة من الزخم في ظل سوق العمل الضعيفة، وبعد رؤية تراجع ملحوظ لمعدل التضخم من 9.1 في المئة في يونيو (حزيران) 2022 إلى 2.5 في المئة في أغسطس (آب) الماضي، مما أعطى مزيداً من الثقة على اتخاذ هذه الخطوة ومنع أي تدهور إضافي في سوق العمل. 

وأكد دياب أن هذه الخطوة ستساعد الشركات والأشخاص على الاقتراض، ومن ثم ستحسن من العملية الائتمانية وتزيد من التوسع في الأنشطة الاقتصادية والاستهلاك. 

وتوقع دياب أن ينعكس خفض الفائدة على ربحية الشركات في ظل زيادة الإنفاق بعد معاناة ارتفاع كلفة الاقتراض والرهن العقاري، متوقعاً أن تنشط هذه الخطوة قطاعات العقار والبناء والمواد الأساسية والسلع الاستهلاكية ومبيعات التجزئة. 

ولفت دياب إلى أنه في الوقت نفسه قد تضع تلك الخطوة ضغوطاً على القطاع المصرفي بتراجع صافي الدخل من الفائدة، وأشار إلى أنه مع التوقعات بزيادة عمليات الاقتراض فإن هذا من شأنه أن يعوض جزئياً خسائر هذا القطاع.

التشجيع على الاقتراض 

بدوره، أشار الشريك المؤسس لأكاديمية "ماركت تريدر الأميركية" لدراسات أسواق المال عمرو عبده، إلى أن أسعار الفائدة المنخفضة تشجع الاقتراض وتقلل من كلفة الديون، لذا هو أمر يفيد عموماً أرباح الشركات، مما يحفز اهتمام المستثمرين ويدفع أسعار الأسهم إلى الارتفاع، موضحاً أن أسعار الفائدة المرتفعة إلى التحول نحو أصول أكثر أماناً وتوليداً للدخل مثل السندات، التي يمكن أن تقدم عوائد أكثر جاذبية مقارنة بالأسهم الأكثر خطراً.

وأوضح أن هناك شقاً سلبياً وهو أن خفض أسعار الفائدة يرتبط بتباطؤ الاقتصاد، الذي قد يكون في النهاية أكثر تأثيراً على أرباح الشركات من تغييرات أسعار الفائدة، لكن هذا يؤكد أهمية الحفاظ على وجهة نظر استثمارية طويلة الأجل في تلك الحال.

معنويات المستثمرين

من جهته، أوضح المدير التجاري الدولي لمجموعة "إكس أس" العالمية، وائل حماد، أن الآثار الإيجابية لخفض الفائدة الأميركية بعد عامين من الرفع السريع أكثر من السلبيات المحتملة الناتجة منه. 

وأكد حماد أنه مع الخفض الحالي والتوقعات بالخفض المقبل لأسعار الفائدة سيكون له أثر إيجابي على معنويات المستثمرين، وسيوضح لهم بصورة أكثر تفاؤلاً إمكانية استعادة النمو المستدام وتجنب الركود إثر بقاء المعدلات مرتفعة مطولاً وإمكانية تحقيق الهبوط الناعم للتضخم.

وأضاف، "في الوقت ذاته قد يعكس هذا جانباً آخر وهو المخاوف حول أن وتيرة الخفض تلك من شأنها أن تبقي الأخطار الصعودية للتضخم مرتفعة".

وبين أنه "على رغم العلامات السلبية من سوق العمل، فإن مبيعات التجزئة تفوقت على التوقعات في القراءات الثلاث الأخيرة، التي كان آخرها الثلاثاء الماضي قبل إعلان القرارـ كما أن متوسط أجر الساعة شهد تسارعاً في أغسطس الماضي". 

وأكد حماد أن ميل أسعار الفائدة إلى الانخفاض دافعاً معها عوائد السندات للتراجع أيضاً من شأنه تعزيز السلامة المالية لصناديق التقاعد والمؤسسات المالية الكبرى عموماً، إذ إن السندات جزء رئيس من محافظ تلك المؤسسات، وبالأخص صناديق التقاعد التي تنجذب إلى الأصول الآمنة لضمان التدفقات المستقرة. 

فئة المقترضين 

من جهته قال المتخصص في القطاع المصرفي ومستشار التمويل الإسلامي أمجد نصر، إن القرار سيفيد بالأساس فئة المقترضين سواء الأفراد والحكومات، إذ إن فوائد الأقساط ستنخفض، مؤكداً أن القرار سيسهم في تنشيط قطاعات تعتمد بصورة رئيسة على القروض أيضاً أبرزها العقارات والأسواق المالية.

ولفت إلى أن القرار سيحفز الشركات ومن ثم سيسهم في زيادة توسعها ومن ثم ارتفاع وتيرة تعيين موظفين جدد وخفض الطلب على طلبات الإعانة.

 وأوضح نصر أن قطاع البنوك سيكون من أكبر الخاسرين لأنه يعتمد بالأساس على ارتفاع أسعار الفائدة ولا سيما في ظل الاتجاه المتوقع من قبل المودعين لسحب ودعائهم والاتجاه إلى أوعية استثمارية أخرى. وأشار إلى أن القرار سيسهم أيضاً في انخفاض قيمة الدولار، ومن ثم ستعزز بعض الدول من صادراتها لأن العملة الأميركية ستكون أقل قيمة من اليورو وغيرها من العملات الرئيسة عالمياً. 

مستفيد ومتضرر

من جانبه، قال المدير التنفيذي لمركز "كوروم"، طارق الرفاعي، إن من بين القطاعات الأكثر تأثراً في خفض الفائدة ستكون القطاعات التي شهدت ارتفاعات قياسية خلال العامين الماضيين، والتي يأتي على رأسها قطاع التكنولوجيا. 

وأضاف الرفاعي أن من بين القطاعات التي ستستفيد من خفض الفائدة القطاع العقاري، إذ إن التأثير قد لا يكون فورياً، لكن خلال العام أو العامين المقبلين، سيشهد هذا القطاع أداءً قوياً، مؤكداً أنه في ظل هذا القرار ستظهر الشركات العاملة في مجالي النفط والطاقة أداءً جيداً أيضاً. 

وأشار الرفاعي إلى أن خفض الفائدة غالباً ما يكون له تأثير سلبي في الاقتصاد، مستشهداً بالتاريخ، ففي كل مرة يخفض "الفيدرالي" الفائدة على مدار الـ20 أو الـ30 عاماً الماضية، تلتها أزمات مالية وهذه المؤشرات تدل على ضعف الاقتصاد، لافتاً إلى أن ارتفاع الفائدة يعد دليلاً على قوة الاقتصاد وأداء الشركات بصورة إيجابية.

نمو وتحفيز

من جانبه، توقع المدير التنفيذي لشركة "ڤي آي ماركتس"، أحمد معطي، أن يسهم خفض "الفيدرالي" الفائدة خلال العامين المقبلين، في زيادة النمو وتقليل البطالة وتحفيز التوظيف. وأوضح أن تراجع الفائدة ستستفيد منه قطاعات التكنولوجيا والعقارات والسيارات بصورة ملحوظة، إذ يزداد الإنفاق الاستهلاكي، مما يعزز من نمو الشركات وزيادة الطلب، كما أن القطاعات المرتبطة بالعقارات مثل الحديد والإسمنت تنتعش بفضل زيادة الاستهلاك.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 وأشار إلى أن البنوك ستواجه ضغوطاً سلبية على المدى القصير نتيجة سحب بعض المستثمرين لأموالهم، مما يقلل من السيولة المتاحة، أما على المدى الطويل، فأوضح معطي أن البنوك ستستفيد من انخفاض الفائدة، إذ تشجع الشركات على الاقتراض بفائدة منخفضة، مما يعزز النمو الاقتصادي بصورة عامة.

أعباء الديون

من جهته، يرى المستشار المالي محمود عطا، أن انخفاض أسعار الفائدة سيكون إيجابياً بصورة لافتة للشركات الصغيرة، إذ سيخفف من أعباء الديون التي وصلت إلى مستويات أعلى من نظيراتها من الشركات الكبيرة، مبيناً أن قرار الخفض للفائدة سيسمح لهذه الشركات الصغيرة أيضاً بخصخصة رأس المال لحاجات العمل بدلاً من خدمة الديون. 

وتوقع أن تميل الشركات الصغيرة إلى الاستفادة من هذا الأمر والقيادة في المراحل المبكرة من التعافي الاقتصادي والتسارع الاقتصادي المتوقع الناجم عن خفض الفائدة. 

ورجح أن يسهم خفض أسعار الفائدة في تعزيز مكاسب أسهم شركات السلع الاستهلاكية، ويجعلها من بين الأسهم البارزة للصعود بالأسواق المالية الفترة المقبلة، موضحاً أن خفض الأسعار سيؤدي إلى تعزيز إنفاق المستهلكين في هذه الشركات. 

عوائد متناقصة

بدوره، أوضح مستشار الأسواق العالمية، محمد مهدي عبدالنبي، أن من أبرز المستفيدين الكبار من خفض أسعار الفائدة أسهم التكنولوجيا ذات القيمة السوقية المتوسطة وأسهم التكنولوجيا ذات أرصدة الديون المرتفعة، موضحاً أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تحتفظ باحتياطات نقدية ضخمة مثل "ألفابت"، تشهد عوائد متناقصة على تلك الأموال مع انخفاض أسعار الفائدة.

اقرأ المزيد

المزيد من أسهم وبورصة