Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جدل تونسي في شأن تعديل القانون الانتخابي وتوقيته

قرر مكتب البرلمان إحالة مقترح مقدم من 34 نائباً إلى لجنة التشريع العام مع طلب استعجال النظر

مكتب مجلس النواب يجتمع للنظر في مشروع التعديل ويحيله إلى لجنة التشريع العام في البرلمان التونسي (موقع مجلس النواب التونسي)

 

ملخص

تقدم عدد من نواب البرلمان في تونس بمقترح لتعديل القانون الانتخابي، يسحب صلاحية الفصل في النزاعات الانتخابية من المحكمة الإدارية ويحيلها إلى القضاء الإداري، وهو ما أثار حفيظة مكونات المشهد السياسي والمدني في تونس.

قبل أسبوعين من موعد الانتخابات الرئاسية التونسية تقدمت مجموعة من نواب البرلمان بمشروع قانون ينص على إدخال تغييرات لتعديل بعض فصول القانون الانتخابي، وتشمل هذه التنقيحات الفصل 46 على مستوى فقرة أولى جديدة، الذي نص على أن يكون "الطعن في قرارات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من قبل المرشحين المقبولين من قبل الهيئة أمام محكمة الاستئناف بتونس عوضاً عن المحكمة الإدارية".

وفجر هذا المقترح جدلاً واسعاً في الساحة السياسية والمدنية في تونس، لأنه يتزامن مع الحملة الانتخابية التي انطلقت منذ أكثر من أسبوع، ويتعارض مع المعايير الدولية للانتخابات التي تنص على عدم تعديل القانون الانتخابي في عام الانتخابات.

وتباينت المواقف بين مساند لهذا المقترح، بحجة توحيد الجهة القضائية المشرفة على الانتخابات، ومعارض له لأنه لا يتلاءم والمعايير الدولية المعتمدة التي تنص على عدم تنقيح قانون الانتخابات في العام نفسه الذي ينظم فيه الاستحقاق.

وستعقد لجنة التشريع العام بالبرلمان الإثنين الـ23 من سبتمبر (أيلول) الجاري جلسة بمقر مجلس نواب الشعب بباردو، ستستمع في مستهلها إلى ممثلين عن النواب الذين أودعوا مقترح القانون الأساس المتعلق بتنقيح بعض أحكام قانون الانتخابات والاستفتاء.

 

وكان مكتب البرلمان قرر إحالة هذا المقترح المقدم من 34 نائباً من مختلف الكتل ومن غير المنتمين إلى لجنة التشريع العام مع طلب استعجال النظر.

ويقترح النواب أن تختص محاكم الحق العام بالنظر في المخالفات المالية والانتخابية، مع الطعن في النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية أمام المحكمة الابتدائية بتونس.

ويهدف النواب من وراء هذا المقترح إلى "ضمان وحدة الإطار القضائي الذي يتعهد بالنظر في النزاعات الانتخابية، بما من شأنه أن يؤدي إلى تفادي سلبيات التوزيع الحالي على ثلاث جهات قضائية مختلفة، وهو توزيع يفتقر إلى الجدوى والنجاعة المطلوبتين"، بحسب ما ورد في وثيقة شرح أسباب مقترح القانون.

كما عبر النواب عن تخوفهم من "بوادر أزمات محتملة وخطر داهم يهدد المسار الانتخابي، وينذر بإرباكه، بعد الذي عاينوه من اختلافات وصراعات في القرارات المتخذة والمواقف المعلنة من طرف كل من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والمحكمة الإدارية".

توحيد جهة الفصل في النزاع الانتخابي

ويتقاسم مناصرو قيس سعيد هذه المقاربة، ويعدون أن تنقيح القانون الانتخابي فرضه الأمر الواقع، بخاصة بعد رفض هيئة الانتخابات تطبيق قرارات المحكمة الإدارية.

ويقول عضو المكتب السياسي في حزب "التيار الشعبي" جمال مارس، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إن "التناقضات بين كل من المحكمة الإدارية والقضاء العدلي وهيئة الانتخابات فرضت الالتجاء إلى هذا المقترح"، مشيراً إلى أن "المحكمة الإدارية قضت بإرجاع مرشح بعينه إلى السباق الرئاسي، بينما أدانه القضاء العدلي وأصدر في حقه حكماً بالسجن مع حرمانه من الترشح للانتخابات".

ويضيف القيادي في "التيار الشعبي" أن "هذا التناقض الذي رأت من خلاله هيئة الانتخابات استحالة تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية يتطلب تدخلاً تشريعياً عاجلاً من أجل فض هذا النزاع"، مشدداً على "ضرورة توحيد جهة الفصل في النزاعات الانتخابية، الموزعة اليوم بين ثلاث جهات قضائية وهي القضاء المالي (محكمة المحاسبات) والقضاء العدلي والقضاء الإداري"، مضيفاً أن "هذا التشتت القضائي دفع بالضرورة إلى إيجاد مرجع قضائي وحيد في النزاع الانتخابي، وهو القضاء العدلي الذي سيكون هو المرجع في النزاعات الانتخابية".

ويرى جمال مارس أن "من شأن هذا المقترح أن يجنب البلاد احتمال الدخول في الفوضى بعد الانتخابات الرئاسية في حال طعنت المحكمة الإدارية في نتائجها"، مستدركاً أن "تنقيح القانون الانتخابي في فترة الانتخابات غير مقبول إلا أن مصلحة العليا للبلاد تقتضي هذا التعديل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تشريعات على المقاس

في المقابل يعتبر أستاذ القانون الدستوري، شاكر الحوكي، في تصريح خاص أن "تغيير القانون الانتخابي الآن يدخل في إطار تغيير قواعد اللعبة، التي يفترض أنها موضوعة ومتفق عليها بصورة سابقة"، مشدداً على أنه "لا يجوز تنقيح القانون الانتخابي أثناء الفترة الانتخابية، وهي قاعدة ومعيار دولي معتمد في إجراء الانتخابات، كي لا يمكن تعديل القانون الانتخابي قبل عام من موعد إجراء الانتخابات".

ويصف أستاذ القانون هذا التعديل بأن فيه "مساساً بالمسار الانتخابي وبشفافية الانتخابات وبنزاهتها، ويؤشر إلى أن رئيس الدولة قيس سعيد مرتبك وخائف من نتائج الانتخابات، وغير واثق من فوزه، وهو يريد أن يحسم الأمر سابقاً"، وفق قوله.

 ويرى الحوكي أن "موقف المحكمة الإدارية كان واضحاً وقانونياً وجريئاً، عندما أصرت على حق المرشحين في الرجوع إلى السباق الانتخابي، مضيفاً أن "القضاء العدلي غير متخصص في الفصل بالنزاعات الانتخابية، التي هي اختصاص حصري للمحكمة الإدارية، وأن نقل صلاحيات المحكمة الإدارية في النزاعات الانتخابية إلى القضاء العدلي يؤكد أن القضاء الإداري يعمل باستقلالية تامة، بينما القضاء العدلي تحت سيطرة السلطة التنفيذية"، مقترحاً "توحيد جهة الفصل في القضايا الانتخابية لدى المحكمة الإدارية".

ويخلص أستاذ القانون بالقول إن "قيس سعيد يريد أن يجعل الطريق مفتوحة، بعد أن فقد الثقة في المؤسسات"، لافتاً إلى أن "استطلاعات الرأي غير مطمئنة بالنسبة إليه، لذلك هو يرسم قواعد اللعبة بحسب المقاس"، وفق تقديره.

استفاقة متأخرة للبرلمان

يذكر أن التعديل المقترح على القانون الانتخابي تزامن مع العطلة البرلمانية، لذلك يصف أستاذ التنظيم الإداري والمتخصص في الحوكمة المحلية محمد الضيفي في تصريح خاص المبادرة، بأنها "استفاقة متأخرة وغير موفقة لمجلس نواب الشعب"، متسائلاً "لماذا لم يبادر البرلمان وينتبه في الوقت المناسب إلى ضرورة تنقيح القانون الانتخابي؟".

ويؤكد الضيفي أن هذا "التعديل يأتي تحسباً من أي خطوة للطعن في نتائج الانتخابات الرئاسية، لذلك تسعى المبادرة إلى تحييد المحكمة الإدارية عن الشأن الانتخابي".

ويعتبر الضيفي أن "هذه الخطوة ستضرب مسار الاستحقاق برمته، وستعكر المناخ العام، وهي تهدف في الواقع إلى تجريد المحكمة الإدارية من دورها في الفصل في النزاعات الانتخابية".

وبينما لم تعلق الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على مشروع التعديل، عدَّ مكتبا الحملتين الانتخابيتين للمرشحين الرئاسيين العياشي زمال وزهير المغزاوي، في بيان مشترك، "مقترح تعديل القانون الانتخابي يشكل مساً بمؤسسات الدولة، وتجاوزاً للقضاء الإداري المسؤول تقليدياً عن النظر في النزاعات الانتخابية وزجاً بالقضاء العدلي في نزاعات خارج اختصاصه".

وجاء في البيان أن هذا "المشروع يكشف عن نية مبيتة للمس بنتائج الانتخابات وتغيير ما قد يفرزه صندوق الاقتراع".

المزيد من متابعات