Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مبعوث أميركا لإيران.. وريث شيوعي أسقطته سياسته المثيرة

إخفاق روبرت مالي يأتي كجزء من فشل أكبر لإدارة بايدن في احتواء الطموحات النووية لطهران

طالما كان مالي مثيرا للجدل في واشنطن من خلال نهجه تجاه الخصوم والأعداء (أ ف ب/غيتي)

ملخص

ولد الدبلوماسي الأميركي لصحافي يهودي سوري ولد ونشأ في القاهرة وعمل عضواً في الحزب الشيوعي المصري، وارتبط بعلاقة وثيقة مع نظام الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر الذي عينه مراسلاً لـ "صحيفة الجمهورية" في نيويورك، في حين لم تكن العلاقة جيدة مع الرئيس الراحل أنور السادات الذي منع تجديد جواز سفره المصري.

منذ أن حلّ في البيت الأبيض كمبعوث خاص معني بالتفاوض مع إيران لإعادة إحياء الاتفاق النووي في يناير (كانون الثاني) 2021، أثار روبرت مالي الجدل بسبب موقفه من النظام الإيراني حتى إن المعارضين الإيرانيين اعتبروا تعيينه في المنصب آنذاك تناقضاً مع ما كانت تقوله إدارة جو بايدن في شأن ما ستسير عليه حيال سلوك النظام الإيراني. 

وبعد أن أخفق مالي في المهمة التي أسندها إليه بايدن له منذ أكثر من ثلاثة أعوام، تتجه مسيرة الدبلوماسي الأميركي نحو أزمة قانونية كبيرة إذ يخضع حالياً للتحقيق من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالية في شأن قيامه بإرسال وثائق سرية إلى بريده الإلكتروني الشخصي وتحميل الوثائق على هاتفه المحمول، مما أدى إلى وصول إيران إلى تلك الوثائق بعدما استطاعت اختراق هاتفه عبر رابط مزيف. 

تعليق التصريح الأمني

منذ أكثر من عام عُلق التصريح الأمني الخاص بمالي ووُضع في إجازة غير مدفوعة الأجر من الحكومة، فيما لا تزال وزارة الخارجية الأميركية تواجه أسئلة في شأن المبعوث الخاص، بما في ذلك من المفتش العام للوزارة الذي قال في تقرير صدر الشهر الجاري إنه ربما سُمح لمالي بالوصول إلى معلومات حساسة حتى بعد تعليق تصريحه الأمني.

ووفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر تحدثوا إلى صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، فقد نقر مالي على رابط تصيد مما أدى إلى اختراق حساب بريد إلكتروني شخصي يتعلق به، وبينما كان المحققون يفحصون الاختراق اكتشفوا أدلة على أن مالي ربما نقل مواد سرية، بما في ذلك ملاحظات تتعلق باجتماعات، إلى حساب شخصي.

 

وفي الـ 22 من أبريل (نيسان) 2023 سلّم مسؤولو إنفاذ القانون مالي خطاباً شخصياً يخطره بتعليق تصريحه الأمني، وفي تطور غير متوقع بعد بضعة أشهر نشرت صحيفة "طهران تايمز"، وهي صحيفة حكومية إيرانية، صورة للرسالة المكونة من صفحتين التي تلقاها مالي لإبلاغه بتعليق تصريحه من دون أن تشرح كيف حصلت على المادة، ورفضت المتحدثة باسم وزارة الخارجية التعليق على الأمر مستشهدة بسياسة السرية في ما يتعلق بالتصريحات الأمنية الفردية.

ووفق المطلعين فإن التحقيقات في سلوك مالي أدت إلى لقاء متوتر بين مسؤولي الخارجية وكبار مسؤولي مكتب التحقيقات الفيدرالية الذين اعتبروا أن تصرف مالي كان إهمالاً عواقبه خطرة، في حين دافع عنه مسؤولو وزارة الخارجية، ومع ذلك قال مسؤول رفيع من الخارجية الأميركية للمفتش العام بالوزارة إن الاتهامات الموجهة إلى مالي لا تعكس سلوكاً خطراً. 

مفاوضات فيينا من البداية حتى السقوط

ويأتي سقوط مالي كجزء من فشل أكبر لإدارة بايدن في احتواء الطموحات النووية لإيران، فعلى رغم أعوام من الجهود أصبحت طهران على بعد أسبوعين من إنتاج وقود كاف للحصول على سلاح نووي، وفق تصريحات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في يوليو (تموز) الماضي.

وفي حين أقدمت طهران على سلسلة من التجاوزات النووية خلال عام 2021، في وقت كان ممثلوها يجلسون مع المفاوضين الدوليين بصورة مباشرة والأميركيين بصورة غير مباشرة، لم تقدم واشنطن على فرض أية عقوبات على تلك التجاوزات بل واصلت سياسة "التفاوض فقط"، والتي يُعتقد أن من يقف وراءها هو مالي، الدبلوماسي البارز الذي حاك قبلاً اتفاق عام 2015.

وبدأت المفاوضات نفسها بعرض أميركي مذهل لإيران يتمثل في رفع العقوبات في مقابل امتثالها لبنود الاتفاق النووي، لكن في الوقت ذاته فشلت واشنطن في إرفاق العرض بإجراءات أخرى مثل الانسحاب من طاولة المفاوضات أو التلويح بعواقب حال الرفض أو المماطلة، ومن ثم واصل الإيرانيون المطالبة بمزيد من التنازلات، جنباً إلى جنب مع المضي قدماً في برنامجهم النووي، إذ تلاشى أي شعور حقيقي بالخطر أو الضغط، وفق قول مراقبين في واشنطن.

ويلقي مراقبون باللوم على مالي، وهو الرئيس السابق لمجموعة الأزمات الدولية، المؤسسة البحثية التي تتخذ من بروكسل مقراً لها، فعندما كان مالي يجلس في فندق الوفد الأميركي في فيينا حيث جرت المفاوضات غير المباشرة بوساطة أوروبية ومشاركة روسيا والصين، همّت إيران بإنتاج اليورانيوم ورفع درجة تخصيبه إلى درجة نقاء 60 في المئة، وخفضت تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في المواقع النووية المعلنة، فلم تعد تسمح بمراجعة البيانات من معدات المراقبة وغيرها من التقنيات المستخدمة لمراقبة البرنامج النووي، وليس ذلك وحسب بل زادت إنتاج أجزاء من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة منذ أغسطس (آب) 2021.

نشأة شيوعية 

وليس إخفاق مالي الأمر الوحيد المثير في القصة، فنشأته ومقابلاته السابقة كانت محل تدقيق من الديمقراطيين والجمهوريين على حد سواء، فالدبلوماسي الأميركي المولود لصحافي يهودي سوري ولد ونشأ في القاهرة وعمل عضواً في الحزب الشيوعي المصري، وارتبط بعلاقة وثيقة مع نظام الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر الذي عيّنه مراسلاً لـ "صحيفة الجمهورية" في نيويورك، في حين لم تكن العلاقة جيدة مع الرئيس الراحل أنور السادات الذي منع تجديد جواز سفره المصري. 

 

وكانت حرب الجزائر من أجل الاستقلال (1954 - 1962) أول محور رئيس لعمل سيمون مالي ونقطة تحول في حياته، فوفق "صحيفة غارديان" البريطانية كتب مالي (الأب) عشرات آلاف الكلمات، وأسهم بصورة رئيسة في وضع "جبهة التحرير الوطني" على خريطة العالم، والتقى زوجته باربرا، وهي أميركية عملت ضمن وفد "جبهة التحرير الوطني" في الأمم المتحدة، وفي عام 1952 عندما أطلقت "حركة الضباط الأحرار" بقيادة جمال عبدالناصر الثورة المصرية، كان مالي مستعداً للاستفادة من موجة الأفكار القومية المناهضة للإمبريالية التي جمعت بين زعماء مثل جواهر لال نهرو والمارشال تيتو وكوامي نكروما وموديبو كيتا وأحمد سيكو توريه وغيرهم في "حركة عدم الانحياز"، وحين عمل مراسلاً لـ "صحيفة الجمهورية المصرية" كانت مقالاته بمثابة وسيلة الحركة للتواصل مع العالم الأوسع.

في عام 1969 انتقل سيموت مالي مع عائلته إلى باريس وأطلق "مجلة أفريكاسيا" التي كانت صوتا للقضايا التي يهتم بها مالي، بينما لا تتناولها وسائل الإعلام الرئيسة بصورة جيدة، إذ رأى مالي نفسه والمجلة كمدافعين عن الدول المستقلة حديثاً مثل الجزائر ومصر، ونضالات التحرير في جميع أنحاء العالم، وأبرزها فلسطين، وكان قريباً من زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات ومعارضاً لاذعاً للأنشطة الأميركية في الخارج، وبحلول ذلك الوقت كانت عقيدة "العالم الثالث" التي تنتقد التأثير المستمر للاستعمار رائجة، وأصبح مالي صوتها الأكثر شهرة، بحسب وصف الكاتبة البريطانية فيكتوريا بريطان.

وتسببت الحملات الصحافية الهجومية التي شنها مالي في مجلته ضد الملك الحسن الثاني ملك المغرب، أو ضد موبوتو سيسي سيكو في زائير، في إحراج بعض أقرب حلفاء فرنسا الذين كانوا أيضاً من العناصر الأساس في إستراتيجية الحرب الباردة الأميركية في أفريقيا، وارتبط مالي بعلاقة متوتر مع الحكومة المحافظة في باريس بسبب كتاباته عن أنشطتها في أفريقيا قبل الانتخابات الرئاسية عام 1981. 

وفي خطوة غير مسبوقة أمر الرئيس فاليري جيسكار ديستان بطرده من فرنسا، وتذكُر "غارديان" أنه في ذلك الوقت بلغ الغضب منه حد أن قوات الشرطة الخاصة أخرجته من سيارة أجرة ووضعته على متن طائرة متجهة إلى نيويورك من دون جواز سفره الأميركي، بينما كان جوازه المصري منتهي الصلاحية، وقد أبقاه أحد أفراد الطاقم المتعاطفين في المنطقة الدولية حتى لا يصل إلى السلطات الأميركية التي كانت تنتظره، ووضعه على متن أول طائرة عائدة لأوروبا ليقضي ثمانية أشهر في تحرير مجلته من جنيف، ثم عاد لفرنسا بعد انتخاب فرانسوا ميتران.

ظل الأب

أما عن مالي الابن فقد عُرف منذ بداية حياته المهنية بأنه شخص ينظر إلى القضايا الجيوسياسية بظلال رمادية بدلاً من الأسود والأبيض، وارتبط مالي بعلاقة زمالة منذ الصغر مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عندما كانا يدرسان سوياً في المدرسة نفسها في باريس، وقضى عقوداً داخل وخارج الحكومة يذهب إلى أبعد من أي دبلوماسي أميركي بارز آخر في التعامل مع الخصوم والجماعات الإرهابية في الشرق الأوسط.

ولم يفلت مالي قط من ظل والده، بحسب قوله خلال محاضرة ألقاها في أكسفورد عام 2008 عن علاقته به، وقال خلالها إن والده كان يندد غالباً بالسياسة الخارجية الأميركية "بتلذذ وأحياناً بتهور"، وفيما عمل الابن داخل البيت الأبيض في التسعينيات حيث حصل على وظيفة في مجلس الأمن القومي في إدارة بيل كلينتون، قال في محاضرة أكسفورد "لقد اكتشفت عالماً لا يشبه إلى حد كبير الصورة الشريرة المليئة بالمؤامرة التي كان والدي متمسكاً بها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما خارج الحكومة فكان مالي يغازل جهات اتصال يتجنبها كثير من الناس داخل دوائر السياسة الخارجية في واشنطن، وأثناء عمله في "مجموعة الأزمات الدولية" التقى زعماء "حماس" و"حزب الله" بدعوى حل النزاعات، على رغم أنهما من الجماعات الإرهابية المصنفة لدى الولايات المتحدة، وهو ما كان سبباً في استبعاده من حملة الانتخابات الرئاسية لأوباما عام 2008. 

وخلال فترة ولاية الرئيس باراك أوباما الثانية أصبحت علاقات مالي الإيرانية ذات قيمة مع سعي الإدارة الأميركية إلى التفاوض مع طهران في شأن برنامجها النووي، فلعب مالي الدور الأساس ضمن التوسط في الاتفاق النووي عام 2015 مع إيران، والذي وُقع مع الاتحاد الأوروبي وفرنسا وبريطانيا وألمانيا، إضافة إلى روسيا والصين، والمعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة".

لكن الاتفاق لم يدم طويلاً، ففي عام 2018 انسحب الرئيس السابق دونالد ترمب منه ووصفه بأنه خطر وساذج، ووفق "وول ستريت جورنال" فإنه بعد فوز الرئيس بايدن في انتخابات 2020 اتصل بلينكن بمالي وسأله عما إذا كان على استعداد لمنح الاتفاق محاولة أخرى، ومع تأرجح السياسة الأميركية تجاه إيران بين المشاركة الدبلوماسية والضغوط الاقتصادية القصوى، بدأ بايدن وبلينكن ومالي رسم شروط العودة لبنود الاتفاق مع افتتاح المفاوضات مع إيران في فيينا خلال أبريل 2021، إذ أرادت الولايات المتحدة العودة للظروف التي من شأنها أن تحمي جوهر اتفاق عام 2015، مما يمنع إيران من إنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع سلاح نووي مدة عام في الأقل، ومع ذلك كانت هناك شكوك منذ البداية بأن إيران قد تجاوزت بالفعل هذه العتبة وأنها غير قادرة أو غير راغبة في العودة.

انشقاق فريق التفاوض الأميركي

اقترح مالي تخفيف العقوبات الأميركية المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني في محاولة لعكس شروط الاتفاق النووي الأصلي، لكن نهج مالي المباشر أثار قلق بعض أعضاء فريقه التفاوضي المكون من 10 أفراد فاعتقدوا أنه يكشف أوراقه قبل الأوان، وقال المفاوض الإسباني الذي شارك في المحادثات إنريكي مورا "كان الانتقاد الأساس يتعلق بكمية ما كشف عنه".

واعتبر بعض المفاوضين الغربيين أن نظراءهم الإيرانيين حذرون وانتهازيون ومستعدون للانقضاض على أي شيء تقترحه الولايات المتحدة أثناء المحادثات المعقدة وكأنه عرض رسمي، واعتقدوا أنهم يستخدمون المفاوضات لكسب الوقت والمضي قدماً في البرنامج النووي، وفي حين كان المسؤولون الأميركيون يتوقعون أن يسير هذا الجزء من المحادثات بسلاسة أكبر، لكن مع استمرارها، بدأت الشكوك تتسلل إلى نفوسهم.

واستولت إيران على المقترحات الأميركية وطالبت بمزيد من التنازلات، بما في ذلك حذف الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية لدى الولايات المتحدة.، فتوقفت المحادثات دون التوصل إلى اتفاق بعد بدئها بشهرين فقط عندما اُنتخب إبراهيم رئيسي رئيساً لإيران في يونيو (حزيران) 2021، وعندما التقى مفاوضو طهران نظراءهم الأميركيين في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، قالت إيران إنها تريد استئناف المفاوضات من الصفر.

لقد دافع مالي عن البقاء معتقداً أن ثمن إقناع طهران بالعودة للمحادثات لاحقاً سيكون مكلفاً للغاية، فبقيت الولايات المتحدة في قرار أدى إلى تفتيت فريق التفاوض الأميركي، واستقال ريتشارد نيفيو نائب مالي، مشيراً إلى "اختلاف في الرأي حول السياسة"، بحسب ما غرد عبر حسابه في منصة "إكس" وقتها.

وكيل كل شيء

في فبراير (شباط) 2021 نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالة تصف مالي بأنه "وكيل لكل شيء"، مستعينة بوصف نائب مستشار الأمن القومي السابق في إدارة أوباما، بنجامين جيه رودس، لمالي مازحاً "روب وكيل لكل شيء"، في إشارة إلى الجدل الخاص برؤيته للشرق الأوسط ودفاعه المعروف عن التعامل مع الجهات المختلفة، بما في ذلك حركة "حماس" و"حزب الله" ورئيس النظام السوري بشار الأسد، وأشارت إلى أنه بالنسبة إلى منتقديه فإن الدبلوماسي المخضرم يشك بصورة مفرطة في القوة الأميركية ويتعاطف مع الجهات الأجنبية، بما في ذلك إيران.

وليس المحافظون فقط من لم يثقوا في مالي، فحتى بعض الديمقراطيين الوسطيين لم يثقوا فيه منذ أن عمل كمفاوض سلام للشرق الأوسط في إدارة بيل كلينتون، وفقاً للصحيفة، وبعد انهيار محادثات السلام الإسرائيلية - الفلسطينية في نهاية إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون، فإن مالي الذي شارك في تلك المحادثات اعترض علناً على وجهة نظر كلينتون بأن المحادثات فشلت بسبب تصلب موقف الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وفشله في تقديم عرض.

وبعيداً من الاتهامات التي قوبلت بدفاع من البيت الأبيض وسياسيين ومتخصصين في السياسة الخارجية ومؤسسات بحثية، فإن نهج مالي حيال إيران ينطلق من عقيدة سياسية تتعارض مع تلك النظرة الأخلاقية لدور أميركا في العالم والتي تعود لحقبة الحرب الباردة التي يؤمن بها الرئيس بايدن نفسه، وهذه العقيدة السياسية هي ذاتها التي تأسست عليها "مجموعة الأزمات الدولية" التي نشأت بهدف تعزيز حل النزاعات عبر الحوار والدبلوماسية دون غيرها.

ويقول الزميل لدى "مركز التعاون الدولي التابع لجامعة نيويورك" جيمس تروب إن تقارير تلك المؤسسة التي ترأسها مالي وعمل فيها لأعوام طويلة، والتي تستند إلى التقارير الميدانية الدقيقة، عادة ما تخلص إلى أن الأفعال الجبرية من خلال القوة العسكرية أو العقوبات تزيد النزاعات بدلاً من حلها، بينما الدبلوماسية لديها القدرة على إنهائها. 

ويضيف أن تلك العقيدة تقف وراء موقف المؤسسة الرافض للتدخل الأميركي في أماكن عدة مثل سوريا، وكذلك رفض المواجهات مع الجهات الفاعلة السيئة مثل المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي إذا كان القيام بذلك سيؤثر في التسوية الدبلوماسية، وهي وجهة نظر تختلف عن أولئك الذين يصرون على أن الولايات المتحدة يجب ألا تتردد حيال المواجهة في سبيل تأكيد قيمها.

مبادرة خبراء إيران

ومن بين التسريبات المتعلقة بمالي والتي أدت إلى تعليق عمله تقرير يتضمن رسائل مسربة تظهر أن علي فايز، المتخصص في شؤون إيران لدى "مجموعة الأزمات الدولية" والذي كان يقدم المشورة لمالي أثناء المفاوضات، كان جزءاً مما يسمى بمبادرة خبراء إيران، وهي مجموعة من الباحثين والأكاديميين الغربيين حددتهم طهران عام 2014 لدعم أهداف سياستها، كما كانت أريان طباطبائي، أحد أعضاء فريق التفاوض، جزءاً من المبادرة التي كشف عن تفاصيلها "موقع سيمافور" الأميركي و"موقع إيران إنترناشونال" المعارض، وقد دفعت هذه الرسائل الإلكترونية التي اطلعت عليها صحيفة "وول ستريت جورنال" أيضاً منتقدي مالي إلى الإيحاء بأنه ملطخ بحملة نفوذ إيرانية.، فيما دافع نائب الرئيس التنفيذي لـ "مجموعة الأزمات الدولية" ريتشارد أتوود عن سلوك فايز قائلاً إن "مشاركته في مبادرة خبراء إيران كانت مجرد امتداد لعمله في إشراك جميع الأطراف في الدبلوماسية"، مضيفاً أن "عمل علي خلال تلك الفترة ومنذ ذلك الحين هو بالضبط العمل الذي قام به لأكثر من عقد من الزمن في مجموعة الأزمات الدولية".

المزيد من تقارير