Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل حققت "حماس" أهداف هجوم 7 أكتوبر؟

ما حصل فعلاً أن إسرائيل أعادت احتلال غزة وقتلت عشرات آلاف الفلسطينيين ونزح معظم أهالي القطاع

تخلت إسرائيل عن مبدأ الحروب الخاطفة الذي كان سائداً منذ تأسيسها بعد هجوم 7 أكتوبر (رويترز)

ملخص

هل حققت حركة "حماس" أهدافها بعد مرور عام على هجومها أم أنها أخطأت في حساباتها، وهل ما تحقق يستحق الخسائر البشرية الباهظة والنكبة الثانية التي لحقت بالشعب الفلسطيني؟

كما أن هجوم حركة "حماس" على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) "طوفان الأقصى" كان غير مسبوق في تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي، فإن رد تل أبيب عليه جاء أيضاً غير مسبوق عبر شنها أطول حرب في تاريخ إسرائيل.

فالهجوم الذي أطلقته الحركة "لمواجهة تصفية القضية الفلسطينية والسيطرة على الأرض وتهويد المسجد الأقصى"، تعاملت إسرائيل معه بوصفه تهديداً وجودياً لها، واستدعى منها تغيير عقديتها الأمنية والعسكرية.

وبعد استفاقتها من مفاجأة الهجوم الذي "كسر هيبة الجيش الإسرائيلي"، بدأت إسرائيل حرباً أشبه بـ"إبادة جماعية" على قطاع غزة تسببت في قتل أكثر من 41 ألف فلسطيني وتدمير معظم منازل الفلسطينيين ونزوحهم منها.

حركة "حماس" قالت، إنها أرادت بعمليتها "وضع حد لكل جرائم الاحتلال، وإنهاء زمن الاحتلال الإسرائيلي من دون محاسب"، وفق القائد العام لـ"كتائب القسام" محمد الضيف في كلمة له بعد ساعات على بدء الهجوم.

فإسرائيل "دنست المسجد الأقصى وارتكبت مئات المجازر بحق المدنيين، وهذا يومكم لتفهموا العدو أنه قد انتهى زمنه"، بحسب الضيف.

ذرائع ومبررات

رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" والعقل المدبر للهجوم يحيى السنوار عد أن "طوفان الأقصى" "وجه ضربة قوية للمشروع الصهيوني كسرت إرادته العسكرية".

وأشار السنوار إلى أن ما يجري حالياً في قطاع غزة "معركة استنزاف طويلة لكسر إرادة العدو السياسية، وإلحاق الهزيمة به بالتعاون مع محور المقاومة في لبنان والعراق واليمن".

ووصف رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل "طوفان الأقصى" بأنه "أعظم معركة في تاريخنا المعاصر وجولة مهمة في طريق تحرير فلسطين وهزيمة للمشروع الصهيوني، سجلت الانحدار الأشد في زوال الكيان الصهيوني".

لكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس هاجم عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حركة "’حماس’ بشكل منفرد وغير مسؤول"، وذلك لأنها "وفرت لإسرائيل مزيداً من الذرائع والمبررات كي تهاجم قطاع غزة، وتمعن فيه قتلاً وتدميراً وتهجيراً".

لكن ما أرادته "حماس" من هجومها قبل عام "من وقف تهويد المسجد الأقصى والاستيطان وقتل الفلسطينيين وإنهاء حصار قطاع غزة وتبادل للأسرى لم يتحقق حتى الآن".

فإسرائيل أعادت احتلال غزة بعد 18 عاماً على الانسحاب منه، وتتفاوض مع "حماس" على التوصل إلى صفقة ترفض تل أبيب فيها الانسحاب الكامل من القطاع أو بقاء سيطرة "حماس" عليه.

وفي وثيقة لحركة "حماس" بعد أسابيع على الهجوم، أشارت إلى أن الهجوم كان "خطوة ضرورية واستجابة طبيعية لمواجهة ما يحاك من مخططات إسرائيلية تستهدف تصفية القضية الفلسطينية والسيطرة على الأرض وتهويدها وحسم السيادة على المسجد الأقصى وإنهاء الحصار الجائر على القطاع".

نكبة ثانية

ويهدف الهجوم وفق الوثيقة إلى "التخلص من الاحتلال واستعادة الحقوق الوطنية وحق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس".

لكن هل حققت حركة "حماس" تلك الأهداف بعد مرور عام على هجومها، وهل أخطأت في حساباتها، وهل ما تحقق يستحق الخسائر البشرية الباهظة والنكبة الثانية التي لحقت بالشعب الفلسطيني؟

يجمع مراقبون وباحثون سياسيون على أن هجوم الـسابع من أكتوبر، و"حرب الإبادة الجماعية" على قطاع غزة، فرضا القضية الفلسطينية على جدول أعمال دول العالم، بعد أن كادت تنسى، وخلقا رأياً عاماً عالمياً مناصراً للقضية الفلسطينية.

وعد الباحث السياسي أكرم عطا الله أن "‘حماس‘ فشلت في تحقيق أي من أهدافها من الهجوم، لا بل إن إسرائيل أعادت احتلال قطاع غزة، وقتلت عشرات آلاف الفلسطينيين، ونزح معظم أهالي القطاع عن منازلهم التي دمرتها".

وبحسب عطا الله، فإن الحركة "أخطأت في حساباتها وأن حجم الخسارة الفادحة وغير المسبوقة لم تكن تتوقعه، فهي كانت تعتقد أن هجومها سيكون مثل الحروب السابقة، جولة قتال لأيام أو لأسابيع ثم مفاوضات فتبادل أسرى".

"فحسابات المقاومة" يجب أن تخضع وفق عطا الله إلى "ميزان من ذهب"، مشيراً إلى أن "حماس" "غاب عنها طبيعة وحجم الرد الإسرائيلي على هجومها".

وقال عطا الله، إن ذلك يعكس "قصر نظر مخططي (طوفان الأقصى)، وعدم استطاعتهم قراءة إسرائيل، والظروف الدولية والإقليمية المعادية للحركة".

وأضاف عطا الله، أن إسرائيل "لا تنهزم بالضربة القاضية، لكن بالنقاط، فهي مشروع يقوم على إحلال شعب مكان شعب آخر، وتختلف عن الاستعمار الذي ما إن تبلغ خسارته حداً كبيراً يرحل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"القراءة العقلانية"

وأشار إلى أن "حماس" تعاملت مع هجوم الـسابع من أكتوبر بمنطق الغزوة، وغابت عنها القراءة العقلانية والذكية والدقيقة لتداعيات هجومها وطبيعية الصراع والتعاطي بذكاء مع الشأن الإسرائيلي.

وتابع عطا الله، أن الحركة الوطنية الفلسطينية "استنتجت أن التحرير لن يكون بهزيمة إسرائيل عسكرياً، فهي استخدمت السلاح للترويج للقضية الفلسطينية وتحريكها".

ويتفق المتخصص في مجال العلوم السياسية في جامعة بيرزيت إبراهيم ربايعة مع عطا الله بعدم تحقيق حركة "حماس" أهدافها من هجوم السابع من أكتوبر.

وأشار ربايعة إلى أن "المقاربة التي اعتمدتها تل أبيب رداً على الهجوم كانت مختلفة عن مقارباتها العسكرية والسياسية خلال العقود الماضية، إذ أسقطت، أي تل أبيب، مبادئ عدة كانت تحكم علاقتها مع المحيط العربي.

وبحسب ربايعة، فإن إسرائيل تخلت عن مبدأ الحروب الخاطفة الذي كان سائداً منذ تأسيسها، وتركت الحساسية في التعامل مع الأسرى الإسرائيليين، وهما المبدآن اللذان راهنت عليهما حركة "حماس" في هجومها.

وأضاف ربايعة أن "’حماس’ لم تلتقط الإشارات التي خرجت من تل أبيب في الأيام الأولى بعد الهجوم، بأن إسرائيل تخوض معركة استقلال ثانية، وأن المواجهة ستكون بين التحضر والهمجية".

وعد أن "الخلاف الفلسطيني الداخلي حول الهجوم، والأثمان التي دفعها الفلسطينيون، وغياب الرؤية السياسية الموحدة ستمنعهم من استثمار التضحيات وتحويلها إلى مكاسب سياسية للقضية الفلسطينية".

ويرى الباحث الأردني في الدراسات الأمنية والاستراتيجية عامر سبايلة أن "حماس" لم "تحقق أياً من أهدافها في الهجوم، فمسار الأمور تجاوز سيناريوهات الحرب المتعارف عليها سابقاً، بالوقت المحدد ثم المفاوضات".

هل أخطأت الحساب؟

وبحسب سبايلة، فإن الحركة لم تكن تريد "حرباً تدمر قطاع غزة وبنيته التحتية، وتعيد رسم الجغرافيا والديموغرافيا في القطاع. الحركة لم تتوقع رد فعل إسرائيلياً يؤدي إلى تدمير قدراتها العسكرية".

ووفق سبايلة، فإن "الحركة تحاول تعويض خسارتها الهائلة، بالقول إن هجومها أعاد الزخم الدولي للقضية الفلسطينية على رغم مقتل وجرح أكثر من 100 ألف فلسطيني".

وأوضح أن أعلى سقف لـ"حماس" حالياً هو "العودة إلى ما قبل يوم السابع من أكتوبر، وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة".

وأشار سبايلة إلى الخطأ في حسابات "حماس" "لم يؤد إلى دمار غزة فقط بل إلى توريط حزب الله".

ويرى المتخصص في مجال العلوم السياسية في جامعة قطر أحمد جميل عز أن هجوم السابع من أكتوبر "يجب أن يتم تفسيره ضمن سياقه حينها، فغزة كانت تتعرض لحصار خانق، وكان إسرائيل تسعى لتهويد الأقصى، والاستيطان يتسارع والأسرى منسيون وإسرائيل ترفض أي عملية سياسية لإنهاء احتلالها".

وأشار عزم إلى أن كل ذلك "كان يحصل في ظل تعاظم القوة العسكرية لـ’حماس’ من دون أن تستغلها، إذ أصبح وجودها موضع إحراج للحركة بسبب عدم استخدامها".

ووفق عزم، فإن الرد الفلسطيني على إسرائيل "كان حتمياً، لكن حجمه وطبيعته كما حصل في هجوم السابع من أكتوبر كان مفاجئاً للجميع".

وعن تحقيق الأهداف التي رفعتها "حماس" من هجومها، أشار عزم إلى أن "الحصار على غزة لم يفك والمسجد الأقصى لا يزال يتعرض للتهويد".

وأوضح أن "حماس" أرادت بهجومها "إعلان رفض استسلام الشعب الفلسطيني للمشاريع التهويدية وتنفيذها بصمت، ودفع العالم للتدخل لفرض إنهاء الاحتلال الإسرائيلي".

زخم القضية الفلسطينية

وشدد عزم على ضرورة "التعقل في إدارة الصراع مع إسرائيل، وفي أن يكون هناك كيان وطني فلسطيني موحد"، مضيفاً أن الفراغ القيادي وغياب الوحدة الوطنية الفلسطينية وعدم فعالية "منظمة التحرير" الفلسطينية، كلها أدت إلى هذه النتائج.

وأقر عزم بأن الحركة أخطأت في حساباتها "حول وحدة الساحات وتسرعت في ذلك"، لكنه أشار إلى أن "ما قدمه حزب الله متقدم مقارنة بالآخرين".

وأشار الباحث السياسي محمد قواص إلى أن حركة "حماس" لم تحقق أياً من أهدافها من هجوم السابع من أكتوبر، مضيفاً أن الزخم الدولي الذي أعاد القضية الفلسطينية إلى أجندة الدول وضمائر الرأي العام العالمي، "كان يمكن تحقيقه بثمن أقل بكثير مما دفعه الفلسطينيون".

وبحسب قواص فإن "انتفاضة الحجارة في أواخر ثمانينيات وبداية تسعينيات القرن الماضي حققت تحركاً دولياً لافتاً أقوى مما حققته حماس حالياً".

وعن فكرة وحدة الساحات والهجوم المتزامن أوضح قواص أن "إيران تريده لكن بتوقيتها وبحسب أجندتها هي وخدمة لمصالحها، وليس بحسب توقيت القسام في غزة".

وأضاف أن طهران و"حزب الله" نفيا معرفتهما المسبقة بهجوم السابع من أكتوبر منذ الأيام الأولى للهجوم، لكن "طهران تسعى إلى استخدامه كورقة لصالحها إن أمكن".

وكشف عن أن حركة "حماس" منقسمة بين الولاء لإيران أو "الإخوان المسلمين"، مشيراً إلى أن السنوار ولاؤه لطهران التي تسعى لكسب الحركة واسعة الانتشار في فلسطين لمصلحتها.

لكن المتخصص في العلاقات الدولية في جامعة لندن فواز جرجس رأي آخر، إذ عد أن الحركة "حققت أهدافاً عدة على رغم الخسائر الباهظة التي تكبدها الفلسطينيون في غزة والحركة".

خلط الأوراق

ووفق جرجس فإن هجوم "’حماس’ شبه الانتحاري تمكن من تغيير قواعد الاشتباك مع إسرائيل، وخلط الأوراق ليس في فلسطين وإسرائيل فقط، لكن في الإقليم كله".

 وأضاف جرجس، "أنه للمرة الأولى تقوم حركة مقاومة بالهجوم وليس الدفاع"، مشيراً إلى أن الهجوم غير من طبيعية النظام الجيوسياسي والجيواستراتيجي في المنطقة، وقطع الطريق على المضي بمشروع السلام مع إسرائيل.

ووفق جرجس فإن الهجوم وضع فلسطين "على الخريطة العالمية والدولية، وما نشهده في العالم من تضامن مع الفلسطينيين حركة عابرة للقارات، وإسرائيل هزمت بين الرأي العالمي".

فـ"حماس" بحسب جرجس "تمكنت من تحقيق أهداف استراتيجية بعيدة المدى".

في المقابل يرى المتخصص في مجال العلوم السياسية في جامعة النجاح في نابس رائد الدبعي أنه من المبكر وضع "أحكام نهائية على نتائج الهجوم قبل انتهاء الحرب"، لكنه دعا إلى "ضرورة خضوعه للتقييم والدراسة".

وأشار الدبعي إلى أن الهجوم لم ينجح حتى الآن في تحقيق أهداف "حماس" المعلنة في وقف العدوان على المسجد الأقصى أو تحرير الأسرى في السجون الإسرائيلية.

ووصف الدبعي الهجوم بأنه "محطة مهمة في النضال الفلسطيني، وهناك بين الفلسطينيين من يراه عملاً بطولياً، وآخرون يعدونه قفزة في الهواء ومغامرة كبرى".

وأشار إلى أن الحركة "لم تتوقع أن ترد إسرائيل بشن حرب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، وأساليب لم نسمع عنها إلا في الحرب العالمية الثانية".

وأوضح أن ما يحصل "يجب أن يكون درساً لـحماس بأن القضايا الوطنية الكبرى يجب ألا تكون محصورة بقرار حزبي، وإنما يجب أن تحظى بإجماع وطني".

وبحسب الدبعي فإن إيران "ليست حليفة للفلسطينيين، لكنها مع مصالحها التي قد تتوافق أحياناً وتكتيكياً مع الفلسطينيين، لكنها استراتيجياً ضد الفلسطينيين".

فإيران وفق الدبعي "تحاول أن تكون لها أدوات في الدول العربية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير