ملخص
فتح مكتب النائب العام للدولة الليبية تحقيقاً في مسألة "الإتاوات" منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، على خلفية احتجاج سائقي الشاحنات، بسبب تعرضهم المتواصل إلى فرض إتاوات وضرائب من منتسبين لمجموعات مسلحة غير قانونية.
ألقت أزمة مصرف ليبيا المركزي وتواصل الإغلاقات النفطية بظلالها على اقتصاديات المواطن الليبي، إذ أكد تقرير صادر عن برنامج الأغذية العالمي في بداية الأسبوع الجاري ارتفاع كلفة سلة الحد الأدنى للإنفاق في ليبيا بنسبة 2.8 في المئة بين شهري يوليو (تموز) وأغسطس (آب) الماضيين، لتصل إلى 954.11 دينار ليبي (200 دولار أميركي).
وأوضح برنامج الأغذية العالمي في تقريره أن القفزة في الأسعار بليبيا متواصلة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، مضيفاً أن الأسعار ارتفعت حالياً بنسبة 17.8 في المئة مقارنة ببداية العام الحالي، وأشار التقرير إلى أن كل المناطق شهدت ارتفاعاً حاداً في الأسعار خلال أغسطس، غير أن المنطقة الغربية جاءت في المقدمة، إذ ارتفعت الأسعار فيها بنسبة 4.2 في المئة إلى 956.39 دينار (201.64 دولار)، تليها المنطقة الشرقية بنسبة 2.5 في المئة لتصل إلى 924.87 دينار (194.99 دولار)، وأخيراً المنطقة الجنوبية بزيادة 1.3 في المئة إلى 975.42 دينار (205.65 دولار).
النازحون
ونوه التقرير بأن الجنوب الليبي لا يزال المنطقة الأعلى كلفة، إذ ارتفعت الأسعار بمنطقة مرزق في أغسطس الماضي بنسبة خمسة في المئة، لتصل "سلة الأسعار" فيها إلى 1.128 دينار، مؤكداً أن "هذا الارتفاع سببه وجود 97 ألف لاجئ سوداني".
وفند الباحث الحقوقي بالمنظمة الليبية لحقوق الإنسان جابر أبو عجيلة ما سبق، قائلاً إنه "لا علاقة للنازحين من السودان بهذا الأمر، إذ إن جميع المدن الليبية تعج بالمهاجرين غير النظاميين الذين تصل أعدائهم إلى مئات الآلاف الذين يتحينون الفرصة للهجرة". وأقر الحقوقي بارتفاع أسعار السلع الغذائية خصوصاً بالجنوب الليبي، مرجعاً ذلك إلى تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية وأخيراً الاقتصادية، في إشارة منه إلى أزمة مصرف ليبيا المركزي وتواصل الإغلاقات النفطية، إضافة إلى ارتفاع أسعار كل العملات، وأهمها الدولار أمام الدينار الليبي في السوق الموازية (7.5 دينار ليبي للدولار الواحد) وانعكاس ذلك على السوق الغذائية في ليبيا باعتبارها دولة تستورد جميع حاجاتها الغذائية من الخارج، خصوصاً في ظل انعدام وجود سياسات اقتصادية وخطط وبرامج تنسيق بين التصدير والاستيراد، مما جعل الأسعار مرتبطة بالعرض والطلب خصوصاً في ظل غياب الرقابة على تحديد الأسعار وضبطها منذ زمن طويل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
الإتاوات
وعلى رغم فتح مكتب النائب العام للدولة الليبية تحقيق في مسألة "الإتاوات" منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، على خلفية احتجاج سائقي الشاحنات بسبب تعرضهم المتواصل إلى فرض إتاوات وضرائب من منتسبين لمجموعات مسلحة غير قانونية، إلا أن الباحث السياسي موسي تيهو أكد أن "الإتاوات ما زالت مستمرة وهي السبب الرئيس في ارتفاع سلة الغذاء في الجنوب الليبي تحديداً"، وأوضح أن "الشاحنة الواحدة ترغم أحياناً على دفع نحو 8 آلاف دينار ليبي (1600 دولار) حتى تصل المواد الغذائية إلى الجنوب، على اعتبار أن الشاحنة تمر تقريباً بثماني بوابات أمنية، فيضطر التاجر إلى رفع سعر المواد الأساسية إلى ثلاثة أضعاف ما هي عليه بالعاصمة طرابلس على سبيل المثال". ولفت إلى أن "استمرار هذا الوضع يعود لغياب الدولة الليبية، وعدم تحكم وزارة الاقتصاد في السوق الليبي الذي تسيطر عليه بارونات ليبية وأجنبية بخاصة سوق الخضار والفواكه، إذ تعد الجنسية المصرية هي المتحكم الرئيس".
وتابع موسي تيهو أن "سعر السلة الغذائية في ليبيا يرتفع كلما قفز سعر الدولار في السوق الموازية، إذ وصل إلى نحو 7.5 دينار ليبي للدولار الواحد، على رغم حصول تجار المواد الأساسية على العملة الأجنبية بسعر مصرف ليبيا المركزي والمقدرة بـ4.85 دينار ليبي للدولار الواحد، وتباع المواد الأساسية في الأسواق الليبية بسعر السوق الموازية، وسط غياب الجهات الرقابية لضبط الأسواق".
وأشار المتحدث ذاته إلى أن "المشكلة تكمن في غياب دور وزارة الاقتصاد، خصوصاً أنها لا تسطيع فرض شروطها على السوق باعتبارها لا تمتلك مخزوناً من السلع على المدى الطويل، إذ أشارت الوزارة أخيراً إلى توفر سلع تكفي فقط لمدة ثلاثة أشهر، بينما تجد مخزوناً من السلع يكفي لأكثر من سنة لدى بارونات السلع الغذائية، الذين انتعشوا بفضل غياب الجهات الرقابية، فحتى حملات الحرس البلدي غالباً ما تكون وقتية".
الحلول
وللسيطرة على غلاء أسعار السلة الغذائية في ليبيا، أوصى المستشار السياسي إبراهيم لاصيفر بضرورة "لجوء مصرف ليبيا المركزي إلى فتح الاعتمادات اللازمة لتوفير حاجات الشعب الليبي من الغذاء والدواء، وعمل وزارة الاقتصاد على بناء مخزون من السلع الأساسية بكميات أكبر تحسباً لأي طارئ، خصوصاً أن ليبيا تستورد حاجاتها الغذائية من الخارج بنسبة 90 في المئة، ولعل تبعات الأزمة الروسية - الأوكرانية خير دليل على ذلك".
وتابع لاصيفر أن "العسر السياسي ألقى بظلاله على جميع الجوانب الأمنية منها والاقتصادية، وطالب الدولة الليبية بضرورة الانصراف نحو دعم المنتوج الوطني، وذلك بإحياء بقية الدوائر الزراعية والتركيز على تنويع مصادر دخل الاقتصاد الليبي الذي يتعطل كلما توقف إنتاج النفط ولعل الإغلاقات النفطية الأخيرة خير دافع للبحث عن إيرادات جديدة لتغذية وإنعاش الخزانة العامة للدولة الليبية"، مؤكداً أن الأسعار ستواصل الارتفاع أكثر "إذا لم تذهب ليبيا نحو حل للأزمة السياسية والأمنية الدائرة في البلد منذ عام 2011".