Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حكايات باهرة عن إسبان قاتلوا في القوات الجوية الخاصة البريطانية

تحدثت "اندبندنت" مع الضابط في الجيش البريطاني شون سكاليون عن كتابه الجديد الذي يروي فيه بالتفصيل شجاعة الجنود الإسبان الذين قاتلوا مع البريطانيين ضد ألمانيا النازية

رافايل راموس، إلى اليمين، قبيل الهجوم على المقر الرئيس لفيلق الجبال الألماني الـ51 (مجموعة د. غريزي)

ملخص

يروي كتاب "إسبان تشرتشل"، قصصاً مثيرة لجنود إسبان قاتلوا مع "القوات الجوية الخاصة" البريطانية ضد النازيين في الحرب العالمية الثانية

في الأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، نفذ مظليون من "القوات الجوية الخاصة" البريطانية مهمة إنزال خلف خطوط العدو لمهاجمة إحدى وحدات فيلق الجبال الألماني في عملية تبدو أشبه بفصل من رواية.

وتمكن رافايل راموس ماسينس من قتل ستة جنود نازيين وحمل قائد كتيبته الجريح إلى الأمان. أفعاله تلك أكسبته وساماً عسكرياً "للشجاعة الاستثنائية خلال الهجوم وبعده" خلف خطوط العدو. وكان راموس قبل وصوله إلى موقع الهجوم في إيطاليا، مشى قرابة 125 ميلاً (200 كيلومتر) وقاتل ضمن معركتين أخريين وقعتا في وقت سابق.

وهذه فقط واحدة من قصص استثنائية عدة عن مئات الإسبان الذين قاتلوا في أنحاء أوروبا وخارجها في صفوف الجيش البريطاني، بغية إلحاق الهزيمة بالفاشية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقاتل الجنود الإسبان في كل مسرح من مسارح الحرب، مثل طبرق وكريت وساليرنو والنورماندي وآرنهيم والأردين. لكن حين تحقق النصر أخيراً على ألمانيا، فإن أولئك الإسبان الذين ضحوا بحياتهم أصيبوا بخيبة أمل لأن الحلفاء لم يحاولوا إسقاط الديكتاتور الإسباني الجنرال فرانسيسكو فرانكو.

قصتهم تلك تروى اليوم بأسلوب دراماتيكي في كتاب "إسبان تشرتشل" Churchill’s Spaniards الذي صدر في سبتمبر (أيلول) الماضي والذي يتناول بطولة أولئك الرجال فقط عندما التحقوا بالجيش البريطاني، علماً أنهم قاتلوا قبل ذلك في الحرب الأهلية الإسبانية.

شون سكاليون، العقيد في الجيش البريطاني، الموجود في هولندا ضمن قواعد "الناتو"، قضى ثمانية أعوام باحثاً في قصص 1200 إسبانياً قاتلوا بقيادة ونستون تشرتشل. وقد جندت "القوات الجوية البريطانية الخاصة" في أقل تقدير، تسع فرق إسبانية.

اثنان من رفاق راموس، هما خوستو باليردي وفرانسيسكو جيرونيمو، شاركا في عملية أخرى بصفوف الوحدة العسكرية السرية. وقتل باليردي نتيجة إصابة تلقاها في رأسه، ودفن تحت اسمه الحركي، "أر بروس" R Bruce، تيمناً بروبرت ذا بروس [ملك اسكتلندا بين عامي 1306 و1329 حررهم من حكم الإنجليز]. وهو اختار ذاك الاسم تجنباً لتسليمه إلى إسبانيا إن وقع في الأسر أو لتلافي إجراءات الإعدام السريعة التي أمر بها هتلر في إطار "أمر الكوماندوس" عام 1942 الذي قضى بإعدام كل جندي من وحدات الكوماندوس التابعة للحلفاء يقع في الأسر.

أما جيرونيمو الذي عرف باسم فرانك ويليامز، فأراد أن يسمي نفسه "فرانسيس درايك"، لكن الجيش البريطاني لم يسمح له باستخدام اسم هذا البطل القومي الإنجليزي.

الشخصية المتميزة الأخرى في هذه القصة هو آنخيل كامارينا. قبل الحرب الأهلية الإسبانية كان ذلك الشاب ذو الشخصية المتحررة وكاتب الأشعار، عمل سائقاً للجنرال فرانكو وأقام علاقة عابثة مع ابنة الديكتاتور العتيد. لكن وعلى أثر اندلاع الحرب الأهلية، حكم عليه بالإعدام لانتمائه إلى الجمهوريين. وفيما كان كامارينا يساق لتنفيذ الحكم رمياً برصاص فرقة إعدام، قفز من سفينة السجن التي كانت تقله مع سجناء آخرين، وجرى انتشاله من قبل سفينة بريطانية صودف عبورها في قطاع بحري قريب من حيث رمى نفسه، واشترط تسليمه إلى السلطات الإسبانية بعدم إعدامه.

وبعد خمسة أعوام قضاها في السجن بالمغرب، أفرج عنه والتحق بالحلفاء وجند في "القوات الجوية الخاصة" (البريطانية). على أن "كامارينا غدا صديقاً مقرباً لجيرونيمو، وبعد الحرب اختارا العيش في الشارع نفسه بـسوانسي، كما يقول سكاليون.

ويكمل "شارك كامارينا في العملية الأشهر والأخطر التي قامت بها القوات الجوية الخاصة البريطانية، أي عملية لويتون. كان عدد كبير من فرق القوات الجوية الخاصة البريطانية تعرض للخيانة من قبل جواسيس اخترقوا صفوفهم فيما كانت تلك الفرق قريبة من الحدود الألمانية. أعتقد بأن هناك أكثر من 30 عضواً في تلك القوات قتلوا على يد الألمان. (كامارينا) نجا من ذلك. فهو كان من أولئك الشبان الصلبين كالمعدن".

أما راموس الذي ولد في برشلونة، فقاتل في صفوف "الجمهوريين" خلال الحرب الأهلية، تحديداً في معركة نهر إبرو عام 1938. وبعد أسره، هرب إلى فرنسا. قصته تشبه تماماً قصص آخرين من أبناء بلده أجبروا على ترك إسبانيا بعد انتصار قوات فرانكو في الحرب الأهلية عام 1939. وبعض أولئك الفارين من بلدهم انتهوا في مخيمات لاجئين بجنوب فرنسا، ثم جندوا في ما بعد في صفوف "الفيلق الأجنبي الفرنسي" لقتال الألمان بعد الاجتياح النازي عام 1940. لكن عندما سقطت فرنسا، أظهر كثر منهم حرصاً على تبديل تطوعهم والانتقال إلى جيش آخر والقتال لمصلحة بريطانيا لأنهم كانوا يقدرون الانضباط البريطاني.

لذا فإن موجة ثانية من الجنود الإسبان انضمت إلى الجيش البريطاني عام 1942 إثر تحرير شمال أفريقيا على يد جنود الحلفاء. وبعض أولئك المتطوعين انضموا إلى "القوات الجوية الخاصة" وشاركوا في الغارات الصحراوية بعيدة المدى ضمن صفوف وحدات النخبة تلك.

والفرقة الإسبانية الأولى في "فيلق الرواد العسكريين الرديف" Auxiliary Military Pioneer Corps مثلت الفرقة الوحيدة المكونة حصراً من أفراد ينحدرون من إيبيريا. وعدّ البريطانييون بعض أولئك الأفراد "متهورين" يزدرون عدم الانضباط عند قلة من الجنود الإسبان. لكن، وفق ما يذكر سكاليون، فإن نقص الانضباط عند بعض الإسبان عُوِّض بالشجاعة التي أظهروها وتحلوا بها. فهم "لم يكونوا عموماً رماة عظيمين"، يكتب سكاليون، "إلا أنهم عشقوا صقيع المعدن في أيديهم: السكاكين والحراب".

بعد الحرب شكل عدد من أولئك الجنود مجموعات منفى تعيش في برلين. "بعضهم استقر هناك، وتزوج فتيات ألمانيات أو إسبانيات أو استقدم عائلته من إسبانيا. وهم شكلوا أيضاً جمعيات وروابط تضم جنوداً سابقين وتابعوا (من برلين) القتال ضد فرانكو"، يقول سكاليون الذي يتحدث الإسبانية بطلاقة لأنه قضى جزءاً من شبابه في مدريد.

البحث الدقيق والغني الذي أنجزه سكاليون تضمن مقابلات أجراها مع عائلات 70 جندياً – وهم جنود ماتوا جميعاً للأسف قبل أن يتمكن من الوصول إليهم. لذا كان عليه أن يفصل ويميز بين الوقائع الحقيقية في هذه القصة والأساطير العائلية. بالنسبة إلى سكاليون فإنها ببساطة حكاية ينبغي أن تُروى: "وهي حكاية باهرة".

"إسبان تشرتشل" صدر عن دار "هيليون أند كومباني"

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من كتب