Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عائلة من كل 200 في المملكة المتحدة مهددة بالتشرد

117 ألف أسرة تعيش في أماكن موقتة داخل إنجلترا ونحو 12 ألفاً يفترشون شوارع لندن

خلال عام واحد أكثر من 358 ألف أسرة في إنجلترا طلبت دعما من السلطات المحلية خشية التشرد أو فقدان منزلها (غيتي) 

ملخص

تتحدث إحصاءات مختلفة عن عشرات آلاف العائلات المهددة بالتشرد في المملكة المتحدة، ناهيك بآلاف الأفراد الذين يفترشون الأرض في المدن وأطفال يخشى عليهم من مشكلات صحية ونفسية في مساكن موقتة، يحذر متخصصون من تحولها إلى واقع مستدام إذا لم تستجب الحكومات المحلية والمركزية إلى حال الطوارئ الإنسانية التي خلقتها هذه الظاهرة.

التشرد ظاهرة اتسعت رقعتها داخل المملكة المتحدة خلال الأعوام الماضية، وتضم هؤلاء الذين يفترشون شوارع المدن وآخرين يعيشون في سكن موقت بعد أن عجزوا عن شراء أو استئجار منزلهم الخاص، ورداً على هذا تتزايد الوعود الحكومية ببناء مزيد من البيوت ذات الأسعار المعقولة وتحاول الجهات المتخصصة بالتعاون مع الجمعيات الخيرية مساعدة عشرات الآلاف من العائلات والأفراد المشردين.

جرت العادة أن تحصى أعداد المشرين في كل إقليم للمملكة المتحدة على حدة، ولكن صحيفة "فايننشال تايمز" أجرت أخيراً تحليلاً إحصائياً لمكونات الدولة الأربع إنجلترا وويلز واسكتلندا وإيرلندا الشمالية، ليظهر أن عائلة من كل مئتين تعجز عن توفير إقامة دائمة لها، وهذا برأي مدير الدعم في جمعية "ريفرسايد" للإسكان جون جلينتون يعد "أعلى معدل للتشرد في العالم المتقدم وفضيحة تسبب الإحراج دولياً".

استمرار ارتفاع كلف المعيشة يعني احتمال تصاعد أعداد المشردين داخل المملكة المتحدة، والتعويل اليوم على وعود حزب العمال ببناء 1.5 مليون منزل جديد في البلاد ونجاح حملة وزيرة الإسكان أنجيلا راينر لمعالجة مشكلة التشرد، إضافة إلى إعلان الحكومة الاسكتلندية حال طوارئ في مجال الإسكان وإطلاق الحكومة الويلزية خطة لتوفير مزيد من المساكن الاجتماعية وتخفيف أزمة التشرد لديها.

العائلات والأفراد

تظهر الإحصاءات الرسمية أن أكثر من 358 ألف أسرة في إنجلترا تقدمت للسلطات المحلية من أجل الحصول على الدعم خشية التشرد أو فقدان منزلها بين عامي 2023 و2024، بزيادة 10 في المئة مقارنة بالعام الذي سبقه، وبلغ إجمال عدد الأسر في المساكن الموقتة أكثر من 117 ألفاً بحلول نهاية مارس (آذار) الماضي، وهو أعلى معدل منذ إطلاق نظام التسجيل عام 1998 وبزيادة سنوية 12.3 في المئة.

ومن إجمال الأسر المعرضة لافتراش العراء هناك نحو 75 ألف أسرة يعيش في كنفها نحو 152 ألف طفل، ومن وجهة نظر رئيس جمعية "كرايسس" لمساعدة المشردين مات داوني فإن "الحاجة إلى معالجة مشكلة التشرد باتت ملحة أكثر من أي وقت مضى، منوهاً بأن المساكن الموقتة لا تنطوي على شروط صحية ومجتمعية ملائمة ولا يجب أن يتحول الأمر إلى واقع معاش لا مفر للأجيال القادمة".

وعلى مستوى الأفراد أحصي نحو 4 آلاف شخص يفترشون شوارع إنجلترا خلال ليلة واحدة في خريف 2023 مقارنة مع 3069 شخصاً خلال العام الذي سبقه و1768 شخصاً عام 2010، أما على مستوى سنوي فتظهر الإحصاءات نحو 12 ألف مشرد في شوارع لندن وحدها بين أبريل (نيسان) 2023 ومارس الماضي، بنسبة زيادة 19 في المئة على أعداد العام السابق وأعلى بنسبة 58 في المئة عن العقد الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تكرار التشرد

وفي ويلز أظهرت أحدث الإحصاءات أن أكثر من 13 ألف أسرة صنفت على أنها بلا مأوى خلال العام الماضي من قبل المجالس المحلية، وهو ما يمثل زيادة قدرها ثمانية في المئة على العام السابق، ووصل عدد الأسر التي تعيش في مساكن موقتة إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 6447 أسرة بحلول نهاية مارس الماضي، أما على مستوى الأفراد فبلغ العدد 192 شخصاً حتى شهر يوليو (تموز) الماضي.

وفي اسكتلندا أظهرت أحدث الإحصاءات أن نحو 34 ألف أسرة قُيمت على أنها بلا مأوى أو مهددة بفقدان منازلها، وبلغ إجمال عدد الأسر التي تعيش داخل مساكن موقتة حتى نهاية الربع الأول من العام الحالي أكثر من 16 ألفاً، وهو أعلى رقم سجلته سلطات إدنبره ويزيد بنسبة تسعة في المئة مقارنة بالعام المنتهي خلال مارس 2023، كما قالت نحو 3 آلاف أسرة إنها نامت في العراء خلال الأشهر الثلاثة السابقة.

ووضعت كل من الحكومتين الويلزية والاسكتلندية خطة لمواجهة ظاهرة التشرد، ولكن مدير السياسات في جمعية متخصصة بمساعدة المشردين أندرو كونيل يقول إن "الجهود الحكومية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار منع تكرار التشرد، ويشمل ذلك مساعدة الأفراد والعائلات على إيجاد عمل وسكن وفتح حساب مصرفي بعنوان قانوني، لأن غياب الاستقرار المالي يحد من قدرة الناس على إعادة بناء حياتهم".

وتلفت الأكاديمية والباحثة في الشؤون الاجتماعية لورين ماكجراث إلى أن الأماكن الآمنة التي يمكن للناس الذهاب إليها أصبحت أقل وشوارع المدن البريطانية لم تعد آمنة، لذا يجب "أن تتعامل حكومات المملكة المتحدة مع التشرد كحال طوارئ إنسانية تحتاج إلى حلول واقعية ومستدامة، تراعي أن إطالة أمد الأزمة يؤثر في الصحة العقلية والنفسية للمشردين وبخاصة الأطفال منهم".

وخلال عام 2014 أفاد ثلاثة أرباع المشردين بأنهم باتوا يعانون مشكلات صحية جسدية، كما أن 80 في المئة من المستطلعة آراؤهم عانوا أزمات عقلية ونحو 45 في المئة منهم شخصوا رسمياً بحال نفسية ما، فيما قال نحو 40 في المئة إنهم يتعاطون المخدرات أو يتعافون منها في حين أن 27 في المئة يعانون مشكلة إدمان الكحول، إضافة إلى أن 35 في المئة احتجزتهم الشرطة وأدخل 26 في المئة إلى المستشفى خلال ستة أشهر قبل إجراء المسح.

 

نقاط غامضة

ولا تبرز النساء في إحصاءات المشردين لأنهن أكثر ميلاً للبحث عن مأوى في المقاهي أو مراكز النقل أو أماكن أخرى بدلاً من النوم في الشوارع، ونهاية عام 2022 أجري مسح دقيق للمشردين داخل 41 منطقة في العاصمة لندن، وعثرت الفرق الميدانية على نحو 816 امرأة من دون مأوى مقارنة بـ189 فقط في التعداد الرسمي، فيما يعتقد متخصصون أن عدد المشردات قد يصل إلى 5 آلاف امرأة في عموم إنجلترا.

ووفقاً لاستطلاع رأي أجرته شركة "إيبسوس" العام الماضي، يعد معظم الناس التشرد مشكلة خطرة في المملكة المتحدة ومن بين 2152 مشاركاً في الاستطلاع يرى أكثر من 75 في المئة أن المشكلة ستتفاقم خلال الأعوام المقبلة، وهم يستندون في هذا إلى مفاهيم خاطئة إذ يتوقعون أن المشردين عبارة عن أشخاص مدمنين للكحول أو المخدرات، بالتالي تحيط بهم وصمة عار مجتمعية تلاحقهم أينما كانوا.

ومن النقاط المظلمة في رصد ظاهرة التشرد أيضاً يأتي تجاهل ما يسمى "التشرد الخفي" الذي يشمل من ليس لديهم منزل ولكنهم يقيمون مع الأصدقاء أو العائلة، وبينما تقدر منظمة "كرايسس" أن 62 في المئة من "المشردين العازبين" لا يظهرون في الأرقام الرسمية، يقول مكتب الإحصاء الوطني إن المعلومات المتاحة عن "التشرد الخفي" ليست كافية من أجل تقدير حجم هذه الظاهرة تماماً في عموم المملكة المتحدة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير