Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

في اليوم العالمي للقطن... مصر تبحث عن عرشها المفقود

محمد علي باشا أشعل ثورة الذهب الأبيض قبل أن تخمدها الخصخصة وتقرير أميركي يحذر من انخفاض 4 في المئة في الحصاد و"الزراعة": زيادة في المحصول 23 في المئة عام 2024

خصصت "فاو" السابع من أكتوبر من كل عام يوماً عالمياً للاحتفال بالقطن (أ ف ب)

يحتفل العالم اليوم الإثنين باليوم العالمي للقطن الذي يوافق السابع من أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام، ولكن احتفال هذا العام يأتي بصبغة مختلفة إذ يقام الاحتفال للمرة الأولى خارج مقر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو"، وتحديداً في مدينة كوتونو عاصمة دولة بنين الأفريقية.

لا شك أن القطن يلامسنا يومياً وهو مصدر عيش بالنسبة إلى الملايين من أصحاب الحيازات الصغيرة والعمال بمن فيهم النساء وأسرهن، أضف إلى ذلك أن القطن يسهم إسهاماً عظيماً في اقتصادات كثير من البلدان النامية، هكذا تصف "فاو" أهمية الذهب الأبيض وتضيف أن "القطن ثقافة وأسلوب حياة وتقليد من التقاليد الضاربة جذورها في صميم الحضارة الإنسانية. فخلال أغسطس (آب) 2021 أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالمنافع الفريدة التي يتحلى بها القطن من خلال إعلان السابع من أكتوبر من كل عام اليوم العالمي للقطن".

وأعلنت المنظمة العالمية آنذاك أن الهدف من وراء هذه الاحتفالية العالمية يمكن في إبراز قطاع القطن بصورة أكبر، ورفع مستوى الوعي بالدور الجوهري الذي يلعبه على مستوى التنمية الاقتصادية والتجارة الدولية والحد من وطأة الفقر.

صادرات القطن مصدر مهم لجلب النقد الأجنبي

لما لا، فالقطن مصدر مهم من مصادر العيش بالنسبة إلى الملايين من أصحاب الحيازات الصغيرة والعمال وأسرهم، فهو يوفر الوظائف والدخل على حد سواء، أما بالنسبة إلى الدول فتمثل صادرات القطن مصدراً مهماً لجلب النقد الأجنبي لدى عديد من الدول منخفضة الدخل مما يساعدها علي تغطية فواتير استيرادها للأغذية ولعل مصر من بين تلك الدول، إذ كان محصول الذهب الأبيض يشكل مساحة كبيرة من حياة الفلاحين والمزارعين المصريين، الذين كانوا يستقبلون موسم جني المحصول بتلك الكلمات التي حفظوها عن ظهر قلب، فيهتفون "نورت يا قطن النيل، يا حلاوة عليك يا جميل، اجمعوا يا بنات النيل يلا، دا قطن جميل ألف ماشالله".

موسم جمع القطن في مصر يبدأ منتصف شهر سبتمبر (أيلول) من كل عام فيخرج له الكبير والصغير في فرحة وحفاوة واضحتين ويشارك فيه الجميع، لتكليل تعب أشهر طويلة من المعاناة في الأرض والزراعة.

محمد على باشا

وعلى رغم أن مصر حالياً ليست من بين الدول الخمس الكبرى في إنتاج القطن كالصين والهند وأميركا والبرازيل وباكستان، فإنها من الدول صاحبة الباع الكبير في زراعة وتصدير القطن منذ آلاف السنين، فكانت مصر قبل عهد محمد علي بك الذي تولى حكم مصر منذ عام 1805 وحتى منتصف القرن الـ19 تزرع القطن، ولكنه كان قصير التيلة خشن الملمس وأقل مرتبة من قطن البنغال بالهند ويعرف باسم "القطن البلدي".

ووفقاً لما ذكره المؤرخ أحمد الحتة في كتابه (تاريخ الزراعة المصرية في عهد محمد علي بك - 1950)، فإن "مصر استمرت في زراعة القطن البلدي إلى أن اكتشف المتخصص الفرنسي غوميل أحد الذين جلبهم محمد علي إلى القاهرة ومدير مصانع محمد علي ببولاق، نوعاً من الأقطان الهندية أطلق عليه قطن "محو" فأمر محمد علي بزراعته عام 1821 فجاء بمحصول وافر وجلب بذور القطن من الهند، وأطلق عليه قطن "محو"، وبلغت صادراته من 944 قنطاراً (94400 كيلوغرام) عام 1821 إلى 35108 قناطير (3510800 كيلوغرام) عام 1822، ثم إلى 159246 قنطاراً (15924600 كيلوغرام) عام 1824 .

 

وتابع "زادت مساحة الأطيان والأراضي من 3.5407 مليون فدان (14700 كيلومتر مربع) في عام 1813 إلى 3.856 مليون فدان (16195 كيلومتراً مربعاً) في عام 1840، ثم إلى 4.1601 مليون فدان (17220 كيلومتراً مربعاً) في عام 1952". وأشار الحتة إلى أن "الحكومة في عصر محمد علي كانت تتدخل في زراعة القطن وقررت في عام 1846 تعيين معاونين زراعيين يمرون ليل نهار، يسأل المعاون شيوخ البلد في كل قرية عن عدد الأطيان المحجوزة لزراعة القطن، ثم يتوجه لمعاينة تلك الأطيان برفقة أحد مشايخ الناحية، ويمر عليها غيطاً غيطاً ويقيس المساحات المخصصة للقطن بالقصبة".

وأوضح "محمد علي لم يكتف بذلك، بل جلب عدداً من الخبراء الزراعيين لتعليم الفلاحين المصريين أساليب صحيحة لزراعة القطن من آسيا الصغرى ومن سوريا وأميركا لتعليم الفلاحين زراعة القطن الجديد، وعلاوة على ذلك أرسل أيضاً البعثات إلى أوروبا، إذ أرسل فريقاً من الشبان إلى أوروبا للوقوف على ما وصل إليه العلم الزراعي بمدرسة (روفيل) بفرنسا وتمرنوا على فروع الاقتصاد الزراعي، ثم أنشا مدرسة الزراعة (الدرسخانة) بحي شبرا بالعاصمة القاهرة في أكتوبر 1833، وبعدما أدخل محمد على نوعاً آخر من القطن الأميركي يسمى "سي آيلاند" ونجحت التجربة وأصبح للقطن المصري سمعة دولية، إذ صدرت مصر بالات من القطن وبيعت في فرنسا بسعر عال جداً، مما شجع حاكم مصر على توسعة زراعته، موكلاً أمر الإشراف عليها للفرنسي جوميل وبدأت الأموال تتدفق على الخزانة المصرية بصورة لم يسبق لها مثيل".

احتكار الحكومة للقطن

ولفت إلى أن "الوالي محمد علي أصدر فرماناً يقضي باحتكار الوالي لعدد من المحاصيل والغلال المزروعة في بر مصر، وشمل الفرمان محصول القطن والكتان والسمسم والفول والنيلة والقرطم والقمح والشعير".

وبعد عهد محمد علي باشا بنحو 30 عاماً تقريباً كانت الحرب الأهلية الأميركية فرصة سانحة أمام القطن المصري، ففي الفترة ما بين عامي 1861 و1865 عاشت الولايات المتحدة الأميركية على وقع الحرب الأهلية التي تسببت في سقوط نحو 700 ألف قتيل، فشهد الاقتصاد الأميركي انهياراً أثناء فترة الحرب، خصوصاً مع الحصار البحري المفروض على الموانئ مما أسهم في تقهقر التجارة وحرم الاقتصاد الأميركي من عائدات تجارة القطن نحو القارة الأوروبية، فخلال تلك الفترة التي تزامنت مع ازدهار صناعة النسيج بعديد من الدول الأوروبية خصوصاً في إنجلترا، عانت الأسواق من نقص فادح في الذهب الأبيض مما أسفر عن ارتفاع سعره بأكثر من 150 في المئة، وأمام هذا الوضع لجأ عديد من الفلاحين بكل من مصر وأستراليا والهند لزراعة القطن بغية تصديره نحو أوروبا لما في ذلك من أرباح.

"بورصة القطن" بالإسكندرية

وأصبح القطن المصري من بين أفضل خمسة أصناف عالمية، إذ صنفت أربعة أنواع رئيسة كان من بينها القطن المصري لما تميز به من طول تيلته وجودة خيوطه وأليافه، وهي "قطن المناطق المرتفعة الأميركي" و"القطن المصري" و"قطن السي آيلاند"، و"القطن الآسيوي".

ثم تأسست بورصة القطن في محافظة الإسكندرية شمال البلاد في عهد عباس حلمي الثاني عام 1899 كأقدم بورصة في الشرق الأوسط وثالث أقدم بورصة في العالم، قبل أن تتحول لمقر الاتحاد الاشتراكي في الإسكندرية، ولكنها احترقت أثناء أعمال الشغب خلال تظاهرات 1977 ثم هُدم ما بقى منها وتحولت إلى جراج.

وبلغ القطن المصري ذروة أهميته في خمسينيات القرن الماضي محتلاً آنذاك نحو 21 في المئة من المساحة الزراعية، وممثلاً 40 في المئة من قيمة الإنتاج الزراعي ونحو 70 في المئة من مجموع الصادرات المصرية، إلا أن مساحة زراعة القطن بدأت في التناقص وانخفضت من 21 في المئة عام 1952 إلى 18 في المئة عام 1960، ثم إلى 11 في المئة عام 1980 وأخيراً إلى 3.7 في المئة فحسب من إجمال المساحة الزراعية داخل مصر عام 2000.

الفكر الاشتراكي والتخطيط المركزي

يشار إلى أن تلك المكانة التي وصل إليها القطن المصري عالمياً بدأت في التراجع، فبعد ثورة الـ23 من يوليو (تموز) 1952 أصدر الرئيس المصري السابق جمال عبدالناصر القانون رقم تسعة لسنة 1966 بتصفية وإلغاء بورصة عقود القطن بالإسكندرية عقب تأميم الشركات والقضاء على الملكيات الكبيرة، مع تبني الدولة المصرية الفكر الاشتراكي والتخطيط المركزي.

وعقب ثورة 1952 استمر فرمان محمد على سارياً واستمرت الدولة في احتكار محصول القطن عبر شرائه من الفلاحين، وإعادة بيعه عبر سعر توريد يتغير سنوياً وفقاً للإنتاجية والجودة والأسعار العالمية للقطن، لكن هذا الوضع انتهى بعد أن أفسحت الحكومة المجال لشركات القطاع الخاص لشراء القطن وتوريده للحكومة ومصانع الغزل العامة والخاصة لتتراجع أسعار القطن وإنتاجيته. وظل القطن المصري يقاوم حتى عام 1994 واختلف الحال بعد هذا العام، إذ خصخصت الحكومة المصرية شركات المنسوجات وحررت تجارة الأقطان وبدأت الشركات في استيراد أقطان أقل من حيث الجودة والسعر، لتحقيق أكبر ربح ممكن على حساب الزراعة.

عانى القطن المصري خلال الموسم الماضي 2023-2024 من مشكلات إنتاجية وتسويقية تعلقت بنقص الدولار وارتفاع كلفة الإنتاج وتراجع الجدوى الإنتاجية من زراعة المحصول، مما دفع المنافسين العالميين في قطاع الغزل والنسيج، خصوصاً في باكستان والهند والصين، إلى توسيع حصتهم في السوق العالمية على حساب المنتجين المصريين، بحسب ما خلص إليه تقرير أميركي حديث.

وتوقع تقرير وزارة الزراعة الأميركية أن يصل إنتاج القطن المصري خلال العام التسويقي 2024-2025، في الفترة من أغسطس 2024 إلى يوليو 2025 إلى 310 آلاف بالة (البالة تعادل 227 كيلوغراماً) بانخفاض 40 ألف بالة عن العام التسويقي الحالي مدفوعاً بانخفاض نسبته أربعة في المئة داخل المساحة المحصودة، مما يؤثر في الغلة المتوقعة.

ويشير التقرير إلى أنه من المتوقع أن تبلغ الواردات 450 ألف بالة بانخفاض قدره 50 ألف بالة بسبب انخفاض الإمدادات القابلة للتصدير من السودان وتراجع الصادرات 66 ألف بالة لتسجل 184 ألف بالة خلال الموسم المقبل وانخفاض في المخزونات النهائية 24 ألف بالة لتسجل 416 ألفاً، وسط تقديرات بتعاف في الطلب العالمي على المنسوجات والملابس وتوسع قدرات الغزل والنسيج في مصر.

1.8 مليون قنطار قطناً

وتقدر وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي المصرية إجمال المساحة المنزرعة بالقطن في الوجهين القبلي والبحري بنحو 255 ألف فدان (1071 كيلومتر) بإنتاج كلي متوقع أن يصل إلى نحو 1.8 مليون قنطار (180 مليون كيلوغرام)، وتستحوذ محافظات الوجه البحري على النسبة الكبرى من إجمال المساحة المزروعة بنحو 228.488 ألف فدان (957 كيلومتراً مربعاً) مقابل 26.445 ألف فدان (109 كيلومتر مربع) داخل الوجه القبلي، وتتصدر محافظة كفر الشيخ النسبة الكبرى لمساحة القطن المزروعة بإجمال 84.283 ألف فدان.

وبحسب تقرير وزارة الزراعة الأميركية تظل مصر سوقاً تنافسية لصناعة الغزل والنسيج، إذ تسعى الحكومة المصرية إلى زيادة دخل ملايين العاملين في قطاع المنسوجات والملابس من خلال تطوير القطاع رأسياً وتوسيعه وتحديثه، وتوسيع أنشطة الإنتاج ذات القيمة المضافة بما في ذلك المعالجة والغزل والحياكة وصناعة المنسوجات والملابس، مع جذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى القطاع.

وأمام ارتفاع كلفة الإنتاج وتدني سعر توريد المحصول يتوقع التقرير أن تنخفض المساحة المحصودة للقطن خلال الموسم المقبل إلى 100 ألف هكتار (1000 كيلومتر مربع) بانخفاض تسعة في المئة، إذ أدت أسعار المزاد الأقل من المتوقع إلى خسائر واسعة النطاق.

وفي فبراير (شباط) الماضي أعلنت الحكومة المصرية تحديد سعر ضمان لتوريد القطن بالموسم المقبل 2024-2025 عند 10 آلاف جنيه (210 دولارات) للقنطار متوسط التيلة، و12 ألفاً (250 دولاراً) للقنطار طويل التيلة، إذ قالت رئاسة مجلس الوزراء في بيان إن المجلس وافق على مقترح الأسعار المقدم من وزيري الزراعة واستصلاح الأراضي وقطاع الأعمال العام.

الظروف الجوية الأكثر حرارة وجفافاً عامل الخطر

ويلفت تقرير وزارة الزراعة الأميركية إلى أن الظروف الجوية الأكثر حرارة وجفافاً عامل الخطر الرئيس الذي يؤثر في نمو القطن وإنتاجيته، وبخاصة عندما ترتفع درجات الحرارة في المساء وتتجاوز درجات الحرارة في النهار 30 درجة مئوية (86 درجة فهرنهايت)، إذ يعد القطن أكثر حساسية للتغيرات في درجة الحرارة والرطوبة.

وخلال السنوات الأخيرة شكا المزارعون المصريون من ارتفاع كلفة المدخلات وتحديات أكبر لتحقيق عوائد ثابتة بسبب الطقس الدافئ وندرة موارد المياه، وفي عامي 2023 و2024، بلغ متوسط كلفة المزارع نحو 2.32 دولار للكيلوغرام الواحد أو نحو 1608 دولاراً للهكتار الواحد، وتمثل كلفة العمالة نحو 60 في المئة من إجمال كلفة الزراعة، وفق التقرير.

وبحسب بيانات اتحاد مصدري الأقطان في مصر فإن تعاقدات تصدير القطن المصري منذ بداية الموسم التصديري الحالي تراجعت بنحو 51 في المئة، لتهبط إلى مستوى 22.8 ألف طن مقارنة بنحو 46.7 ألف طن خلال الفترة نفسها من الموسم الماضي.

التوقعات لا تزال إيجابية نسبياً

وترى الوزارة الأميركية أن توقعات قطاع الغزل والنسيج في مصر لا تزال إيجابية نسبياً، إذ ارتفعت الأسعار العالمية المرجعية أوائل عام 2024 بفضل التعافي المتواضع للأسعار مقارنة بالسوق الضعيفة عام 2023، وحقق المنتجون عوائد دولارية جيدة من صادرات القطن والمنتجات ذات القيمة المضافة، على رغم ما قد يواجهه منتجو المنسوجات والملابس المصرية الذين يستوردون منتجات وسيطة تحوي القطن من تباين في أسعار صرف العملات الأجنبية في السوق المحلية والأسواق الخارجية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي المقابل تشير بيانات وزارة الزراعة المصرية إلى أن الدولة تسعى إلى استعادة جزء من مكانة القطن المصري عالمياً. فقال المتحدث باسم معهد بحوث القطن مصطفى عمارة إن "هناك زيادة في زراعة محصول القطن في جميع المحافظات بنسبة 23 في المئة خلال العام الحالي 2024 مقارنة بالعام السابق، إذ بلغت المساحة المنزرعة 311.700 ألف فدان (130 كيلومتراً مربعاً) على مستوى الجمهورية، منها أكثر من 70 ألف فدان (294 كيلومتراً مربعاً) للأقطان الإكثار المخصصة لإنتاج التقاوي اللازمة لزراعة كل المساحات المستهدفة العام المقبل"، مضيفاً أن "أعلى المحافظات في الوجه القبلي هي الفيوم بمساحة 21.380 ألف فدان (92 كيلومتراً مربعاً) وفي المركز الثاني بنى سويف 12.430 ألف فدان (50 كيلومتراً مربعاً)، يليها أسيوط 5.996 ألف فدان، أما في الوجه البحري احتلت كفر الشيخ المركز الأول بـ89.732 ألف فدان (378 كيلومتراً مربعاً) والمركز الثاني الشرقية بـ48.238 ألف فدان (201 كيلومتر مربع) ثم الدقهلية 44.406 ألف فدان (184 كيلومتراً مربعاً)".
وأوضح عمارة، أن المساحة موزعة ما بين أصناف الإكثار (القطن الذي تستخدم بذرته في الزراعة خلال الموسم التالي) واعتيد خلال الأعوام الماضية أن يكون سعره أعلى من الأصناف التجارية ومساحته 70.818 ألف فدان (294.8 كيلومتر مربع)، وأصناف التجاري 227.363 ألف فدان (953.4 كيلومتر مربع)، مشيراً إلى أنه جار الاستعداد لموسم التسويق الجديد وفتح الحلقات لاستقبال الأقطان والانتهاء من الخطوات التنفيذية لموسم تسويق القطن 2024-2025 والذي من المتوقع فيه الحصول على نحو مليوني قنطار قطن زهر، وسيتم البدء في التسويق خلال أكتوبر الجاري، تتبعه عمليات الجني والتسويق في الوجه البحري.

وأضاف عمارة، أنه سيُعمل بالأسعار التي أعلنتها الحكومة بـ10000 جنيه (207 دولارات) للقنطار في الوجه القبلي وبـ12000 جنيه (248 دولاراً) للقنطار في الوجه البحري، وأن ذلك فرصة للمزارعين لتحقيق أرباح، وتشجيع على زيادة المساحة من الأقطان نتيجة لتطبيق سعر الضمان الذي أعلنته الحكومة بصورة فعالة.

 خطط التوسع المستقبلية

إلى ذلك، تسعى القاهرة إلى مضاعفة المساحات المنزرعة بـمحصول القطن وصولاً إلى 750 ألف فدان (315 كيلومتراً مربعاً) بحلول عام 2030، للتحصيل على معدلات إنتاجية تراوح ما بين 10 و12 مليون طن زهر، بما يلبى التوجهات التصنيعية التي تتبناها الدولة والتي شهدت زخماً واضحاً، بعد إطلاق حزمة من المشروعات القومية العملاقة كمصنع المحلة 1 و4 و6، علاوة على مشروع المدن النسجية.

وأشار عمارة إلى فرص التوسع في زراعة محصول القطن، موضحاً أن الأراضي السوداء تمثل أفضل الخيارات وذلك لا ينفي إمكانية التوسع في بعض أنواع التربة الأخرى، ضارباً المثل بالمناطق المستصلحة حديثاً في المشروعات القومية العملاقة الموجودة بـ"شرق العوينات وتوشكي ومستقبل مصر، وطريق الضبعة والوادي الجديد وبورسعيد والإسماعيلية والمناطق الشرقية بمنطقة سيناء".

وأوضح عمارة أن الأسعار التي أعلن عنها مطلع هذا الموسم تحقق طموحات المزارعين وتتيح الوصول لأعلى معدلات الربحية الممكنة، من خلال أسعار الضمان العادلة التي أقرتها الدولة، بما يتناسب مع مدخلات وكلف الإنتاج وسعر الصرف المتاح في هذا التوقيت. وأكد رئيس بحوث المعاملات الزراعية أن الدولة أولت ملف زراعة محصول القطن كامل اهتمامها، وهي المسألة التي تجلت على مستوى الاجتماعات الموسعة التي عقدت خلال الأيام الأخيرة، بالتنسيق بين وزيري الزراعة وقطاع الأعمال لدعم وتطوير المغازل والمحالج المحلية لتوفير المادة الخام ومضاعفة المساحات المنزرعة. وأضاف عمارة أن تحديد سعر ضمان عادل كان على رأس جدول أعمال الاجتماع الموسع بين وزيري الزراعة وقطاع الأعمال، بما يؤمن أفضل عائد ممكن للمزارع حال انخفاض أسعار التداول في البورصات العالمية، والذي تتصدى له الدولة من خلال الشركة القابضة للغزل والنسيج والقطن (شركة حكومية) التي تقوم بشراء كامل الإنتاج بسعر الضمان المعلن قبل بداية الموسم.

من جهته، قال المتخصص في الشأن الاقتصادي الزراعي أشرف كمال إن "مساحة الأراضي المنزرعة قطناً شهدت زيادة ملحوظة هذا العام"، مشيراً إلى أن "الدولة تعمل على توسعة رقعة الأراضي المخصصة لزراعة محصول القطن في المستقبل". وأضاف في تصريحات إعلامية أن "تداول القطن سابقاً كانت تتم بصورة عشوائية"، لافتاً إلى أنه لحل تلك الأزمة صدر قانون يقصر تداول القطن على وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، التي تعمل على زيادة جودة القطن المصري ودرجة نقائه".

وأوضح أن "مصر تشتهر بالقطن فائق الطول بصورة كبيرة، لكن زراعة القطن الآن تركز بصورة أكبر على القطن القصير والمتوسط التيلة لتلبية حاجات الصناعة المحلية"، مؤكداً "أسعار القطن ارتفعت بصورة كبيرة أثناء الأعوام السابقة من خلال أسعار ضمان المزارع، مما يعود بالنفع على الفلاح في المقام الأول ويشجعه على الاستمرار في زراعة القطن، مشيراً إلى أن كارت الفلاح الذكي يزود المزارع بالبذور والأسمدة اللازمة.

من جانبه قال وكيل معهد بحوث القطن بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي الدكتور وليد يحيى "إن هناك تطوراً كبيراً في زراعة القطن خلال الأعوام الأخيرة"، مشيراً إلى أن "القطن المصري يحتل التصنيف الأول على مستوى العالم من حيث الجودة"، قائلاً "أنتجنا أصنافاً جديدة من أنواع القطن القصيرة التيلة والأقل استهلاكاً للمياه، مما ساعد على عودة القطن المصري إلى الأسواق العالمية".

اقرأ المزيد