Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العملية البرية جنوب لبنان: 3 محاور واقتحام "الضفادع البشرية"

إسرائيل بدأت أولى عملياتها عبر الفرقة 98 قبل أن تعلن لاحقاً ضم فرق ووحدات أخرى

يعتبر خبراء أن القيادة الإسرائيلية لن تكتفي بتوغل بري محدود بل ستتمادى في الداخل اللبناني براً (ا ف ب)

ملخص

زادت إسرائيل عدد فرقها المشاركة في العملية البرية جنوب لبنان لتصل إلى أربعة، بما في ذلك فرقة الاحتياط 146، بهدف كشف بنى تحتية لـ "حزب الله" وتدميرها، حيث يتوغل الجيش الإسرائيلي عبر ثلاثة محاور رئيسية. وعلى رغم تكتم الجانبين على تفاصيل المعارك، فإن الجيش الإسرائيلي يهدف إلى إقامة حزام أمني بعمق 30 كلم داخل لبنان، فيما يسجل حتى الساعة عدم دخوله بشكل ملحوظ براً إلى لبنان، واقتصرت عملياته على عشرات الأمتار.

منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية البرية في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، يدفع الجيش الإسرائيلي بمزيد من القوات إلى جنوب لبنان، على رغم إعلانه أنّ العملية ستكون "محدودة وقصيرة"، حيث تواصل تل أبيب زيادة عدد الفرق المشاركة، لتبلغ أربع فرق حتى الآن، بعد ضمّ أول فرقة احتياط إلى الفرق والألوية المقاتلة، وهي الفرقة 146 والتي تضم 11 لواء في الجيش، منها ستة ألوية احتياط، تعمل برفقة قوات مدفعية وقوات إضافية، وذلك بهدف كشف بنى تحتية لـ "حزب الله" وتدميرها.

وبانخراط الفرقة 146 يصبح عدد الفرق الإسرائيلية المقاتلة في جنوب لبنان أربعاً وهي الفرق 98 و36 و91، وأخيراً الفرقة 146.

حتى الساعة لم يعلن الجيش الإسرائيلي عدد جنوده المشاركين في محاولات التوغل البري جنوب لبنان، لكن تقديرات تشير إلى أنه لا يقل عن 40 ألفاً على اعتبار أن الفرقة الواحدة بالتعريف العسكري تضم 10 آلاف عسكري على الأقل، هذا فضلاً عن سلاح الجو، والبوارج التابعة للبحرية الإسرائيلية.

ويأتي انضمام الفرقة 146، بعد أيام من دفع الجيش الإسرائيلي بفرقة من قوات "الكوماندوس" مع إسناد جوي، وسط تصريحات متكررة على أن "انضمام هذه الفرق يأتي في إطار عملية برية محددة ضد تمركزات "حزب الله".

وكانت إسرائيل بدأت أولى عملياتها البرية جنوب لبنان عبر الفرقة 98، قبل أن تعلن لاحقاً ضم فرق ووحدات أخرى.

ثلاثة محاور برية

وفي وقت يتكتم طرفا الصراع عن تفاصل المعارك الدائرة في القرى الحدودية، وكذلك عن عدد القتلى والجرحى الذين يسقطون يومياً من الطرفين، إلا أن المعلومات والتقارير الصحافية تؤكد حصول التوغل الإسرائيلي عبر ثلاثة محاور رئيسية.

المحور الأول باتجاه قرية مرجعيون حيث توغلت بالفعل آليات الجيش الإسرائيلي في قرى عمرة وكفركلا وعديسة مرجعيون، أما المحور الثاني فهو باتجاه قرية بنت جبيل، حيث توغلت قوات برية إسرائيلية في قريتي مارون الراس ويارون.

أما المحور الثالث فقد بدأت العمليات به قبل ساعات مع إعلان الجيش الإسرائيلي فتح هذه الجبهة، وسط تسجيل تحركات قرب رأس الناقورة وعلما الشعب.

وفي وقت تتضارب الأنباء حول التوغل البري في القرى الحدودية بين من يؤكد فشل إسرائيل بالدخول لمسافة ملحوظة ومن يعتبر أن الجيش الإسرائيلي يدرس الأرض جيداً باعتبار أن المعارك المباشرة تختلف تماماً عن الجو والاغتيالات، نشرت هيئة البث الإسرائيلية، لقطات فيديو تظهر جنوداً إسرائيليين وهم يرفعون العلم الإسرائيلي في حديقة بلدة مارون الراس الحدودية، بعد توغل بري يهدف إلى تفكيك أنفاق تحت الأرض وتدمير مواقع لـ "حزب الله"، حيث نفذت الفرقة 98، بما في ذلك لواء المظليين ولواء "الكوماندوس" واللواء السابع وجنود من وحدة ياهالوم، عمليات محددة على طول الحدود في جنوب لبنان.

لكن عادت وأكدت قوات حفظ السلام الدائمة جنوب لبنان "يونيفيل" أن هؤلاء الجنود خرجوا بعد وقت قصير من رفع العلم، ولم يبقوا في الأراضي اللبنانية.

دلالات رفع العلم بين لبنان وإسرائيل

وأوضح مدير مؤسسة "الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري" رياض قهوجي أن رفع العلم الإسرائيلي في منطقة مارون الراس في جنوب لبنان يحمل دلالات إيجابية للداخل الإسرائيلي، بينما يعكس أثراً سلبياً على "حزب الله"، وقال إن هذه الخطوة تحمل في طياتها دلالات معنوية أكثر من كونها ميدانية، كما تشير إلى بداية العملية البرية التي يُتوقع أن تستمر لعدة أسابيع. وشدد على ضرورة متابعة التطورات يومياً لتحليل مسار الأحداث بدقة أكبر، كون العملية البرية لا تزال في أيامها الأولى.

محور البحر.. "الضفادع البشرية"

الخبير العسكري بسام ياسين رأى، بدوره، أن التوغل قد لا يقتصر على المحاور البرية، وقد تتجه إسرائيل نحو تنفيذ عمليات إنزال بحرية لدعم الهجوم البري الذي تشنه عند الحدود في جنوب لبنان، موضحاً أن الهجوم البحري قد يشمل إنزالاً جوياً على الشواطئ لقوات تؤمّن دخولاً عسكرياً إسرائيلياً للآليات والمدرعات، مشيراً إلى أن هذا الأمر، إن حصل، سيكون بمثابة إنزال خلف خطوط الدفاع التابعة للحزب في جنوب لبنان.

وكان الجيش الإسرائيلي وجه قبل أيام قليلة تحذيرات بضرورة الإخلاء على الشواطئ والبحر يبدأ من نهر الأولي جنوباً، والمقصود هنا الخط الممتد من النهر الذي يفصل صيدا عن منطقة إقليم الخروب في جبل لبنان، وصولاً إلى آخر نقطة بحرية في جنوب البلاد وهي رأس الناقورة.

وتابع الخبير العسكري أن هذا الأمر إن تم يكون يهدف لعزل المنطقة الممتدة بين نهري الأولي والليطاني وصولاً للحدود، وجعل التحرك على طريق الجنوب أمراً صعباً، في حين يمكن أن تقوم القوات الإسرائيلية بتنفيذ عمليات إنزال عسكري ودفع آليات ومدرعات من البحر، عبر عناصر "الضفادع البشرية"، والمقصود بذلك هو دخول زوارق إسرائيلية مطاطية صغيرة إلى الشواطئ اللبنانية انطلاقاً من بوارج حربية تكون في عرض البحر.

استراتيجية التوغل البري

وتوقف العميد المتقاعد في الجيش اللبناني جوني خلف عند محدودية التوغل البري الإسرائيلي، ويقول إن التوغل البري الإسرائيلي في الجنوب اللبناني، والذي أُطلق عليه تسمية "عمليات محدودة"، هدفه طمأنة المجتمع الدولي بأن الهدف ليس اجتياحاً أو احتلالاً. وأوضح أن الهدف الرئيسي المعلن من هذه العمليات هو السيطرة على مراكز "حزب الله" القتالية، إذ اعتبرت الحكومة الإسرائيلية أن العمليات العسكرية لن تتوقف طالما أن الجيش في حالة تقدم ونجاح، لكن في الوقت نفسه يتوجس كل اللبنانيين بأن إسرائيل قد لا تقف عند حدود معينة بعد الدخول إلى جنوب لبنان، ويتذكرون ما حصل خلال اجتياح عام 1982 عندما قالت تل أبيب إنها ستدخل لإبعاد منظمة التحرير الفلسطينية نحو حدود الليطاني، لكن القوات الإسرائيلية وصلت إلى بيروت وبقيت هناك لأشهر عدة.

وكشف خلف أن الحكومة الإسرائيلية تسعى إلى فرض حزام أمني بعمق 30 كيلومتراً من الخط الأزرق باتجاه جنوب الليطاني، وهو ما يدخل ضمن إطار القرار الدولي 1701، إضافة إلى الهدف الرئيسي غير المعلن بجعل لبنان خالياً من السلاح الذي يمتلكه المحور الإيراني عبر "حزب الله"، لا سيما أن الوصول إلى الليطاني لم يعد كافياً لحماية إسرائيل، نظراً لامتلاك الحزب صواريخ بعيدة المدى تتجاوز 200 كلم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أضاف أن إسرائيل قامت بسحب الألوية التي كانت تقاتل في غزة، ومن بينها الفرقة 98 التي تعتبر من أهم الفرق القتالية في الجيش الإسرائيلي، والتي تمتلك خبرة قتالية كبيرة، وتمت إعادة تشكيلها إدارياً وتنظيمياً، إضافة إلى تعزيز عتادها وتجهيزاتها لتكون جاهزة للقتال في المنطقة الشمالية، وهي تتكون من خمسة ألوية، ثلاثة منها مظليون، وأخرى "كوماندوس"، ووحدة مدرعات. وأكد خلف أن الاختصاص الرئيسي لهذه الألوية يتمثل في القيام بعمليات إنزال وتدمير الأهداف والأنفاق، وليس في الاحتلال، موضحاً أن القتال في هذه المنطقة هو قتال غير تقليدي قد يحدث في كل مكان، سواء داخل المنازل أو في الأنفاق، مما يجعل من الصعب التكهن بمكان خروج المقاتلين أو تقدير أعدادهم، وشدد على أنه من الصعب الحديث عن الخسائر البشرية، حيث يتجنب "حزب الله" الإعلان عن حصيلة قتلاه، ولا يقوم بنعيهم، بالمقابل، تعد حصيلة القتلى لدى الجانب الإسرائيلي أكثر دقة، حيث يقوم الجيش بإبلاغ أهالي الضحايا بفقدان أبنائهم.

واستبعد خلف احتمال وصول الجيش الإسرائيلي إلى العاصمة بيروت، معتبراً أن إسرائيل تتوخى راهناً الحذر الشديد من أية خطوة ناقصة قد تطيح بكل الإنجازات التي حققتها ضد الحزب، وأن أميركا تمارس ضغطاً على حليفتها بشأن الدخول البري، وقال إن "الجيش الإسرائيلي تمكن من تحقيق معظم أهدافه الكبيرة، والتي لم يكن قادراً على تحقيقها خلال العقدين الماضيين، من دون الحاجة إلى التدخل البري".

تهجير سكاني

من ناحيته، لفت المحلل في العلاقات الدولية والسياسية الخارجية خالد العزي إلى أن الجيش الإسرائيلي يتبع في هذه الحرب أسلوباً مختلفاً، حيث قام بتقسيم الخريطة بطرق تساعده على تنفيذ أهدافه. وأطلق على خطته اسم "سهام الشمال"، بهدف إعادة سكان المستوطنات الشمالية إلى بيوتهم.

إلا أنه رأى أن أهداف إسرائيل تتخطى إعادة سكان الشمال وتطبيق القرار 1701، حيث يبدو أن هناك مشروعاً لتهجير الجنوبيين وإفراغ المناطق الجنوبية من أهلها، مما يشكل "حزاماً نارياً" لعزل المدن والمناطق داخلياً وقطع طرق الإمداد بين سوريا ولبنان.

وأوضح أن الجيش الإسرائيلي يسعى من خلال عملياته البرية في جنوب لبنان إلى إيصال ثلاث رسائل لمواطنيه، وهي استعداد إسرائيل لدفع تكاليف باهظة لتحقيق أمن المواطنين، الثانية تتعلق باختبار طبيعة الأماكن التي يتحصن فيها "حزب الله"، وما تحتويه من أسلحة، مما يسمح لإسرائيل بالتحكم فيها لاحقاً من خلال الطيران والسلاح الجوي، أما الرسالة الثالثة، فهي محاولة الجيش الإسرائيلي عرض أشرطة مصورة لأنفاق يزعم أنها تابعة للحزب، للترويج بأن هذه المناطق تشكل خطراً على الوجود الإسرائيلي، مما يستدعي "تنظيفها".

الاحتلال الاستراتيجي

واعتبر العزي أن القيادة الإسرائيلية لن تكتفي بتوغل بري محدود بل ستتمادى في الداخل اللبناني براً، وقال "تل أبيب تعتمد أيضاً على البوارج والقوات البحرية في عملياتها، مهددة الشاطئ اللبناني من مارون الراس إلى صيدا. وبهذا، تسعى إسرائيل إلى قطع الإمداد العسكري وفصل المدن الجنوبية، مع القيام بتوغلات بسيطة في المناطق الساحلية مثل مارون الراس وطيرحرفا".

وتتجه الأنظار إلى منطقة العديسة، حيث تهدف العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى كشف وتحديد الممرات الاستراتيجية التي تربط عدداً من القرى، بما في ذلك الطيبة ومركبا وبني حيان ورب الثلاثين وصولاً إلى وادي الحجير، ومن جهة بلدة كفركلا، التي تبعد 200 متر فقط عن الحدود، تعد نقطة دخول وخروج سهلة، حيث تشير التقديرات إلى أن السيطرة عليها ستمكن القوات الإسرائيلية من السيطرة على سهل الخيام ومرجعيون ووادي نهر الليطاني.

ولفت العزي إلى أن السيطرة على معبر الغجر ستفتح الطريق نحو الخيام، بينما ستمكن التحركات من كفرشوبا باتجاه رويسات من ربطها مع نهر الحاصباني. ومن المتوقع أن تشهد هذه المسارات معارك ومناوشات كبيرة في الأيام المقبلة، بهدف إنشاء منطقة آمنة خالية من السلاح تمتد من شمال وجنوب الليطاني، ومن نبع الطاسة إلى نهر الزهراني، لكن الإسرائيلي غير مستعد لتحمل تكاليف احتلالها على المدى الطويل.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير