Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عبدالهادي الوشاحي يفتح عيني طه حسين على المجهول

منحوتات تعاند الجاذبية وتخاطب الفضاء في حضور عالمي

تمثال طه حسين للنحات الوشاحي (خدمة المعرض)

ملخص

 يستضيف "غاليري آزاد" للفنون بالقاهرة معرضاً لأعمال الفنان المصري الراحل عبدالهادي الوشاحي الذي يُعد أحد أبرز النحاتين المصريين المعاصرين، ويستمر حتى منتصف هذا الشهر.

يضم معرض عبدالهادي الوشاحي مجموعة منوعة من أعماله النحتية إلى جانب عدد من الدراسات المرسومة لبعض هذه الأعمال. ويشمل المعرض أيضاً عرض جانب من محترف الفنان الراحل الذي يحوي مجموعة كبيرة من الأدوات التي كان يستخدمها في عمله النحتي. في الساحة الصغيرة الملحقة بالمبنى حيث يوجد الغاليري، يستوقف الزائر تمثال بحجم كبير يرتفع لأكثر من أربعة أمتار لعميد الأدب العربي طه حسين، وهو أحد الأعمال المهمة التي نفذها الفنان الراحل، ويعد علامة بارزة في مسيرته الفنية.

يستقر التمثال جالساً في هيئة متأهبة منحنياً إلى الأمام قليلاً ومحدقاً بعينيه الغائرتين إلى المجهول، وهو عمل نحتي يليق بمكانة عميد الأدب العربي طه حسين ويعبر عن طبيعة شخصيته، واللافت في هذا التمثال كما في تماثيل الوشاحي الأخرى هو ذلك الإيقاع الفريد الذي يربط ما بين الكتلة والفراغ، وهو إيقاع سحري يخاطب البصيرة قبل أن يأسر البصر والحواس.  في قاعة العرض الداخلية تتوزع عشرات الأعمال الأخرى الأقل حجماً، وبين تمثال طه حسين المنصوب خارج القاعة وهذه المنحوتات الصغيرة يجمع رابط من الصدق والحماسة المتوهجة إلى جانب الهيئة الصرحية التي تميز معظم أعماله.

تفرد الوشاحي بين أقرانه بأسلوبه الفريد، ففي حين كانت أعمال معظم الذين سبقوه أسيرة لطغيان الكتلة الفرعونية إلا أن الوشاحي تحرر تماماً من ذلك الأسر، فبدت أعماله في حال تحليق دائم ويطغى عليها نوع من الحركة الدائرية، وكان الوشاحي فريداً في أسلوبه واختياراته لمواضيع أعماله. وتميزت أعمال الفنان الراحل أيضاً ببنائها الصرحي على اختلاف أحجامها، فكل عمل من أعماله هو في الحقيقة مشروع لعمل ميداني، وقد يعود هذا الميل إلى الهيئة الصرحية في منحوتات الفنان إلى اعتماده على منطق الدوران في الفراغ، فالكتل التي كان ينحتها الوشاحي لا بد لها من أن تنشئ حواراً مع ما يحيط بها من فراغ، قد تتواءم معه حيناً وتتحداه حيناً آخر فارضة عليه منطقها الخاص.

يعد الوشاحي أستاذ كثير من النحاتين المجيدين على ساحة العمل الفنى الآن فى مصر، فكثير منهم يدينون له بالفضل والأستاذية حتى وإن لم يتتلمذوا على يديه مباشرة، فقد كان محترفه مفتوحاً للجميع حتى في أيامه الأخيرة التي عانى فيها كثيراً تداعيات المرض.  ومثلت فترة الستينيات فترة خصبة في حياة الفنان الراحل بما تحمله من مشاعر قومية ووطنية وإحساس عميق بالنهضة والرغبة في التحرر، فأنهى الوشاحي دراسته في الفنون الجميلة، وفيها أيضاً كانت أول أسفاره، ذلك الحلم الذي طالما راوده كثيراً قبل تخرجه.

وكان سفره للمرة الأولى إلى أوروبا عام 1965 لتمثيل مصر فى بينالي باريس الدولي، وبعدها بثلاثة أعوام تقريباً سافر مرة أخرى لقضاء سبعة أعوام كاملة ما بين إسبانيا وإيطاليا، فذهب أولاً إلى إسبانيا لتسلم جائزة عن أحد الأعمال التي شارك بها في بينالى "أبيثا" الدولي، وهناك سمع عن مسابقة لعمل تمثال ميداني في أحد شوارع مدريد فتقدم إليها، وكانت المفاجأة أن يفوز تصميمه من بين مئات التصاميم الأخرى ويحظى بإعجاب الجميع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أقام الفنان في إسبانيا أكثر من خمسة أعوام ثم سافر بعدها إلى إيطاليا ليقضي فيها عامين متواصلين متجولاً بين متاحفها ومحترفات فنانيها، ثم عاد للقاهرة بعد سبعة أعوام من الغياب محملاً برصيده البصري الذي امتزجت فيه أساليب النحت القديم والمعاصر، فأبدع من وحي هذا المزيج معظم أعماله النحتية.

وقد رحل الوشاحي في أغسطس (آب) 2013 عن 76 سنة قبل أن يشاهد أياً من تماثيله منصوبة في مكانها الطبيعي تحت ضوء الشمس.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة