Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"معركة المناصب الإنسانية" بين مشاهير "السوشيال" في الجزائر

منظمات خيرية تعينهم سفراء للاستفادة من شعبيتهم ومراقبون يرفضون مؤكدين أنه تأثيرهم "زائف"

رئيسة الهلال الأحمر تتوسط المؤثرتين (مواقع التواصل)

ملخص

لم تهدئ توضيحات الهلال الأحمر الجزائري حال السجال منذ إعلان هذه المؤسسة الإنسانية تعيين "المؤثرة" إيناس عبدلي إلى جانب الصحافية سمية سماش كسفيرتين للنيات الحسنة في العمل الخيري، بل أثار حذف منشوره التكهنات حول إمكانية التراجع عن القرار.

تعيين صناع المحتوى أو ما يعرف بـ"المؤثرين" في مناصب ريادية داخل الجزائر قسَّم رواد منصات التواصل الاجتماعي بين مؤيد للخطوة ومتحفظ جملة وتفصيلاً، بداعي إقصاء نشطاء فاعلين تركوا بصماتهم في ميدان العمل الإنساني، وآخرين فضلوا تعيين كفاءات على مشاهير "السوشيال ميديا".

ولم تهدئ توضيحات الهلال الأحمر الجزائري حال السجال منذ إعلان هذه المؤسسة الإنسانية تعيين "المؤثرة" إيناس عبدلي إلى جانب الصحافية سمية سماش كسفيرتين للنيات الحسنة في العمل الخيري، بل أثار حذف منشوره التكهنات حول إمكانية التراجع عن القرار.

ونالت عبدلي التي بدأت مشوارها الفني خلال سن مبكرة النصيب الأكبر من الانتقادات، على رغم أنها تتمتع بشعبية واسعة في العالم الافتراضي داخل الجزائر، إذ تجاوز عدد متابعيها على منصة "إنستغرام" 5 ملايين شخص، وكانت في قلب جدل قبل نحو عامين عندما اتهمت بالتورط في قضية نصب تتعلق بالطلبة الجزائريين في الخارج لتتم تبرئتها بعدها.

وردت في منشور نشرته عبر حسابها الخاص باستغراب من موجة الغضب بسبب رغبتها في التطوع لخدمة إنسانية، معتبرة خلال الوقت ذاته أن سبب هذه الانتقادات هو الحسد والبغض، وقالت باللغة العامية "من متطوع بقلبك ومجهودك في سبيل الله من أجل عمل توعوي خيري إنساني تصبح في دوامة من الانتقاد والبغض والحسد"، وفق تعبيرها.

 

ولعقد مقارنة تداول جزائريون على نطاق واسع صور صانعتي المحتوى وأخرى لشخصيات منخرطة في العمل الميداني منذ أعوام لم تحظَ بالقدر نفسه من الاهتمام مطالبين بإنصافهم، أمثال فؤاد معلي صاحب حملة الجزائر الخضراء الذي يقوم بالتوعية لتشجيع التشجير في أنحاء البلاد.

رئيس المنظمة الوطنية لمكافحة الفساد والآفات الاجتماعية توفيق حربي وجه رسالة إلى رئيسة الهلال الأحمر ابتسام حملاوي حول المعايير التي يتم على أساسها تعيين ممثلي وسفراء المنظمة، واعتبر حسب منشور له على "فيسبوك" أن "السفير الحقيقي للجزائريين والإغاثة والمساعدات الإنسانية هما فؤاد معلي و(وليد) الناشط في العمل الإنساني".

أما الروائي الجزائري بشير مفتي فعبر عن اعتراضه بقوله "كنا نتوقع مؤثرين يصنعون الوعي ويرتقون بالذوق العام".

وذهب آخرون إلى دعوة تعيين الملاكمة الجزائرية إيمان خليف كسفيرة للنيات الحسنة في منظمات حكومية، بالنظر إلى ما قدمته في مجالها وقدرتها على التأثير الجماهيري.

 

وكتب حساب "هبا" على منصة "إكس" مرفقة منشورها بفيديو بالدعوة لمقاطعة "متابعة التافهين، وأسهم في الترويج للمؤثرين الحقيقين وهم أفراد متطوعون بالمجال البيئي لتنظيف المساحات الخضراء والشواطئ والشوارع والبالوعات، ويستحقون التكريم والتنصيب كسفراء لمؤسسات الدولة الجزائرية".

وفي المقابل، خرج مدافعون على قرار المنظمة الجزائرية بتأكيد عدم تقاضي عبدلي أي أجر من هذا العمل، وأن التعاون معها بسبب عدد متابعيها الكبير على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا ما يشجع الشباب على الانخراط أيضاً في الأعمال الخيرية ومساعدة الهلال الأحمر الجزائري في نشاطه.

وتحركت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري ابتسام حملاوي لتعلق على الضجة التي أثيرت في شأن اختيارها، وقالت في تدوينة نشرتها عبر حسابها على "فيسبوك" إن المنظمة هي غير حكومية دولية إنسانية ذات طابع إغاثي تطوعي، وليست مؤسسة ثقافية أو فكرية أو علمية.

وأضافت أن "الأبواب مفتوحة للجميع للمساهمة في العمل التطوعي والحملات التحسيسية، ولم ولن نرد أياً من المفكرين أو العلماء أو الشخصيات المرموقة التي لم يعرض أي واحد منهم خدماته علينا للمساهمة في أعمالنا الخيرية"، ونفت مسألة الامتيازات الممنوحة لهم موضحة أنه "لا يوجد أي متطوع يستفيد من مزايا أو أجر أو غير ذلك، بل هم من يقدمون جهدهم ووقتهم لمساعدة المحتاجين ولن نغلق الباب في وجه أي شخصية تقدم لنا يد العون".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونشر الهلال الأحمر الجزائري أيضاً بياناً توضيحياً جاء فيه "نظراً للغط الكبير الذي أثير بعد اختيار، الفنانة الصاعدة إيناس عبدلي والإعلامية سمية سماش كسفيرتين للعمل الخيري، تجدر الإشارة إلى أنهما متطوعتان تسعيان للمساهمة في العمل الإنساني والحملات التحسيسية خصوصاً في ما يتعلق بشهر أكتوبر (تشرين الأول) الوردي لمكافحة السرطان".

وأضاف "يجدر بنا التوضيح أن الاستعانة بهما كان في إطار توسيع حاضنة الهلال الأحمر الجزائري، ونشر ثقافة التبرع لدى محبيهما، إضافة إلى مساعدة الهلال الأحمر في حملاته الإنسانية".

وتذكر هذه القضية المثيرة للجدل بأخرى شهدتها الجزائر قبل أسابيع قليلة، حين أعلن محمد عبيدات مغني راب سابق والملقب بـ"ميستر أبي" تراجعه عن تولي منصب مكلف الإعلام بمطار الجزائر الدولي، بعد موجة التهكم التي طاولت شخصه من طرف الرأي العام المحلي، وتذرع كثر بالتهجم عليه بأنه لا يملك شهادات دراسية لهذا المنصب الحساس، لكنه رد بأنه صانع محتوى على مواقع التواصل ومقدم برامج تلفزيونية قدم كثيراً للفئات الكادحة في المجتمع.

ودافع المتخصص الجزائري في التكنولوجيا الحديثة لوشاني نسيم عن توظيف المؤثرين في المنظمات الإنسانية، معدداً الأسباب كونها تعد استراتيجية فعالة لتعزيز الوصول وزيادة التفاعل الجماهيري، وقال لوشاني في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، إنه في "العالم الرقمي الآن أصبحوا قادة للرأي يتمتعون بمتابعين مخلصين على منصات التواصل، وهذا الأمر يمنحهم القدرة على التأثير في الجماهير".

ويرى أن الفوائد التي يجنيها الهلال الأحمر تكمن في "توسيع نطاق الوصول، إذ لا يخفى على أحد امتلاك صناع المحتوى قاعدة شعبية واسعة ومتنوعة، وعندما يدعمون حدثاً خيرياً يمكنهم إيصال الرسالة إلى أكبر عدد من الأشخاص الذين لا تكون لهم دراية بأنشطة المؤسسة الخيرية، وأحياناً لا يعرفون هذه المؤسسة أصلاً".

ومن أسرار اعتماد أسلوب تعيين المؤثرين في المجال الاتصالي والإنساني حسب لوشاني "زيادة التفاعل والتبرعات ورفع نسبة المتطوعين ونشر الوعي بالقضايا الإنسانية، من طريق توجيه الاهتمام بالرعاية والإغاثة في الكوارث وتسليط الضوء على التحديات التي تواجه المجتمعات".

ويخالف الباحث والأستاذ بكلية الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر الدكتور العيد زغلامي اعتماد هذا النهج في التوظيف، بسبب ما يطبعه مما وصفه بـ"الرداءة"، ولا مراعاة للقيم التي يكون لها تأثير في الجمهور الشبابي في سلوكاته.

وأفاد زغلامي في حديث إلى "اندبندنت عربية" بأن دوافع وخلفيات تعيين "المؤثرين والمؤثرات" في المشهد الإعلامي والتجاري جاء على خلفية بروز "صحافة المواطن"، إذ أصبح المواطن يقوم بدور صحافي ومراسل ومعلق أو مدون، مرجعاً السبب إلى عدم رضاه على ما يقدم في هذه الصحافة.

والأمر الأساس الذي تم استقطاب الجماهير على أساسه هو اللغة البسيطة المستخدمة ورداءة المحتوى، وأحياناً يتعرضون لمسائل تمس القيم الوطنية والتركيز على الفضائح، وهي قضايا لا يتناولها الإعلام التقليدي حسب الباحث الجزائري.

وانتقد زغلامي استخدامهم من طرف جهات بداعي أن لهم متابعين بالملايين، قائلاً إنهم "يريدون الاستفادة من شعبيتهم المزيفة لأن من يعتقد بتأثيرهم من خلال عدد المتابعين مخطئ وهي مجرد أوهام ومقاربة سطحية شعبوية".

وختم بأن صناع المحتوى في العالم من المشاهير يوظفون كمسوقين لمنتج ما لا أكثر ولا أقل، وليس لهم صلة بالترويج للعمل الاجتماعي والسياسي.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات