Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل استخدمت إسرائيل اليورانيوم المنضب في حربي غزة ولبنان؟

استعانت تل أبيب مراراً بالأسلحة المحرمة دولياً وستتقدم بيروت بشكوى أمام مجلس الأمن ما إن تتأمن الأدلة

ثمة شكوك بأن تكون إسرائيل قد استخدمت اليورانيوم المنضب في مواقع الاغتيالات في بيروت (أ ب)

ملخص

أثير جدل حول استخدام إسرائيل اليورانيوم المنضب في حربي غزة ولبنان، مما أكدته جهات ونفته أخرى. فمن يحسم الجدل؟

تستخدم إسرائيل بصورة متكرر الأسلحة المحرمة دولياً، سواء في الحروب على غزة أو على لبنان. أخيراً، وبعد استخدام الفوسفور الأبيض في قصف جنوب لبنان، مع التوسع في الحرب، عادت وقصفت الضاحية الجنوبية في بيروت بالقنابل الفوسفورية على رغم تداعياته الخطرة وما يسببه من أضرار جسيمة على الإنسان والبيئة، وعلى رغم أن استخدامه بهذه الصورة يشكل انتهاكاً للمعايير الدولية. وحالياً، يجرى الحديث عن استخدام إسرائيل اليورانيوم المنضب الذي تحظره القوانين الدولية، في قصفها الضاحية الجنوبية. وقد أصدرت نقابة الكيماويين في لبنان بياناً تحذر فيه المواطنين من تنشق الغبار الناتج من القصف، وتؤكد استخدام إسرائيل القنابل التي تحوي اليورانيوم المنضب، مما أثار موجة من القلق في المجتمع اللبناني.

 

تحذير وهلع

في بيانها أكدت نقابة الكيماويين في لبنان أن حجم الدمار واختراق المباني والأرض عشرات الأمتار يؤكد أن إسرائيل استخدمت قنابل تحوي اليورانيوم المنضب المحرم دولياً. وحذرت من خطر الإصابة بعديد من الأمراض جراء استنشاق غبار هذا القصف. وشددت، في يبانها التحذيري، على أن استخدام هذا النوع من الأسلحة المحرمة دولياً، خصوصاً في العاصمة بيروت المكتظة بالسكان، يؤدي إلى دمار هائل، ويسبب غبارها عديداً من الأمراض، بخاصة عند استنشاقه. وطالب مجلس النقابة المجتمع الدولي "بوقف العدوان على لبنان، ووقف استخدام القنابل المحرمة دولياً". وطلبت النقابة التقدم بشكوى أمام مجلس الأمن الدولي ضد إسرائيل على الانتهاكات المتكررة التي تمارسها على أرض لبنان، وعلى محاولة القتل الجماعية للمدنيين الأبرياء، وحذرت النقابة المواطنين من الاقتراب من المناطق التي تتعرض "لهذا العدوان على مسافة معينة"، أو في الأقل دعت إلى استخدام اللباس الواقي للغبار، ووضع الكمامات المخصصة بالمواد الكيماوية.

 

وأثارت هذه التحذيرات حالة قلق بين المواطنين خصوصاً أولئك الذين يقطنون في محيط المواقع المستهدفة في القصف، لما يشكله ذلك من خطر عليهم. وبعدما أشارت تقارير صحافية عديدة إلى استخدام إسرائيل القنابل التي تحوي اليورانيوم المنضب في قصف الضاحية الجنوبية، أثير جدل حول ما إذا كان قد استخدم فعلاً في القصف، وكثر الحديث عن الأخطار الناتجة من ذلك، إلا أن وزارة الصحة العامة أصدرت بياناً أكدت فيه أنه إثر التواصل مع الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية المعنية التي تعد صاحبة الاختصاص والصلاحية في هذا الشأن، تبين أنه ما من أدلة على استخدام اليورانيوم المنضب في الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان حتى الساعة، وأشارت الوزارة في بيانها إلى أنه سيصدر بيان علمي في وقت لاحق لتأكيد أو نفي هذه المعلومة، ودعت إلى توخي الدقة في نشر المعلومات، خصوصاً أن لبنان بصدد التقدم بشكوى ضد إسرائيل لاستخدامها الأسلحة المحرمة دولياً، على أن يحصل ذلك بناءً على معلومات موثقة ومؤكدة.

وأكد مدير الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية بلال نصولي لـ"اندبندنت عربية" أن ما هو محسوم استخدام إسرائيل الفوسفور الأبيض في الحرب على لبنان، أما بالنسبة إلى اليورانيوم المنضب، "فليست هناك أدلة تؤكد ذلك بعد. وعندما يتقدم لبنان بشكوى أمام الأمم المتحدة حول استخدام الأسلحة المحظورة دولياً في الحرب على أرضه، يجب أن يكون ذلك موثقاً ومقترناً بإثباتات دقيقة وعلمية. حالياً، هناك شكوك بأن اليورانيوم المنضب قد استخدم بالفعل في القصف"، بحسب نصولي، "وتحديداً في موقعين أو ثلاثة في الضاحية الجنوبية، حيث حصلت الاغتيالات، "لكن حتى اللحظة، لم يثبت ذلك بعد وهي مجرد شكوك، وتعد قيادة الجيش الجهة المعنية بهذا الموضوع لإجراء مزيد من التحقيق. في حرب العام 2006، حصل التنسيق بيننا وبين قيادة الجيش التي قادتنا إلى الأماكن التي من الممكن أن تكون إسرائيل قد استخدمت فيها أسلحة غير اعتيادية، لكن ذلك حصل عند وقف إطلاق النار حتى يكون من الممكن الكشف على الأماكن المعنية. وكان ذلك متاحاً، وعندها، يحصل مسح إشعاعي ميداني في مواقع ثمة علامات استفهام عليها، ويتخذ قرار بأخذ عينات من التراب، ولطخات من مواقع القصف أو لا بحسب نتيجة المسح، على أن تصدر النتائج في المختبر بعد ثلاثة أو خمسة أيام".

 

وتابع نصولي، "تعد هذه العملية بغاية الدقة والحساسية ولا يمكن الاستهانة بها، ونحن متخصصون في أخذ العينات بطرق ووسائل دقيقة. وفي حرب العام 2006 أخذنا 350 عينة من 150 موقعاً بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وبالتنسيق مع قيادة الجيش، والخطأ غير مسموح لدى التقدم بشكوى أمام الأمم المتحدة. أما في المرحلة الحالية، فتوجه إلينا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من بداية الحرب على الجنوب، طالباً الحصول على نتائج بأسرع وقت ممكن، بالتنسيق مع الجيش اللبناني. وكان من المفترض إجراء المسح الميداني، لكن ذلك يجب أن يحصل على البارد ولدى وقف إطلاق النار لأخذ العينات وإجراء الفحص".

وتنتظر الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية الآن الفرصة المناسبة لأخذ العينات وإجراء الفحص المخبري على التربة، علماً أن لليورانيوم المنضب قدرة اختراق عالية جداً، وفيما قد يسبب أي صاروخ احتراقاً في المواد العضوية فتميل إلى الأسود أو الرمادي، بوجود اليورانيوم المنضب يمكن رؤية اللونين الأخضر أو البرتقالي، وإن كانت هناك مواد كيماوية أخرى يمكن أن تعطي مثل هذه الألوان.

إجراءات الوقاية ضرورية

أما الأضرار الناتجة من اليورانيوم المنضب فترتبط بخطر تنشقه بما أنه يدخل إلى الرئتين ويسبب أضراراً كثيرة فيها منها سرطان الرئة للمدى البعيد، "فضرره كمعدن ثقيل أهم من الإشعاع"، بحسب نصولي، "ويؤثر في الجسم فسيولوجياً كالمعادن التي يمكن أن تصبح سامة عندما تتكدس فيه".

من جهتها أوضحت الاختصاصية في الكيمياء التحليلية ومديرة مركز حفظ البيئة في "الجامعة الأميركية" في بيروت نجاة عون صليبا أن اليورانيوم المنضب ليست له قدرة نووية مثل اليورانيوم المخصب، وهذا ما لا يعرفه الجميع، "بالتالي لا تدخل الإشعاعات الصادرة عنه إلى الجسم، بل يتم تنشقها من خلال الغبار الناتج من القصف". بالتالي، تحسباً لاحتمال أن تكون إسرائيل قد استخدمت اليورانيوم المنضب في قصف الضاحية الجنوبية، تنصح كل من يقترب إلى المنطقة التي يكثر فيها الرماد الناتج من القصف استخدام كمامة من نوع N95 لتأمين حماية قصوى. "أيضاً بوجود القنابل الفوسفورية التي تسبب حروقاً في الجلد وتؤدي إلى ذوبان الجلد حتى، من الضروري الحرص على ارتداء ملابس بأكمام طويلة وأحذية مغلقة لدى الاقتراب من مواقع تعرضت للقصف، بما أن للفوسفور الأبيض خطورة كبرى على الجلد، والمطلوب أيضاً حماية العينين بالنظارات الشمسية تجنباً لتعرضهما لأي أذى". وتحذر صليبا من استخدام المكنسة للتخلص من الرماد الذي يخلفه القصف بالفوسفور الأبيض، "ففي هذه الحالة يجب التخلص منه بالماء، مع ضرورة غسل الملابس التي يتم ارتداؤها في هذه المواقع، مباشرة بالماء البارد للتخلص من رواسب الفوسفور الأبيض فيها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

شكوى ومحاسبة

في حال ثبت أن إسرائيل قد استخدمت اليورانيوم المنضب، وبعد جمع كل الأدلة اللازمة لإثبات ذلك، وإثبات استخدامها الفوسفور الأبيض، يمكن أن ينتقل لبنان للتقدم بشكوى بناءً على معلومات دقيقة وموثقة لاعتبارها من الأسلحة المحرمة دولياً.

وبحسب المحامي عميد "الجامعة الدولية" للأعمال في ستراسبورغ بول مرقص، "يمكن أن يصنف استخدام الفوسفور الأبيض كجريمة حرب متى حدث ذلك بصورة مغايرة للمعايير الدولية ضد المدنيين وبصورة مفرطة. ويترتب على الاستخدام المخالف مسؤولية جنائية على العسكريين والأفراد المشاركين، إذ يؤدي ذلك إلى أضرار جسيمة على المدنيين والبيئة. وقانوناً، يعد استخدامه المفرط المنافي للضوابط الناظمة والحدود المرسومة له، انتهاكاً للمعايير الدولية مثل اتفاقات جنيف واتفاق منع انتشار الأسلحة الكيماوية".

"أما القوانين الرئيسة التي تنظم استخدام الفوسفور الأبيض فهي اتفاقات جنيف الأربعة لعام 1949، والبروتوكولان الإضافيان لعام 1977، فهي تحظر استخدام وسائل قتالية تسبب أضراراً مفرطة وعشوائية ضد المدنيين، إضافة إلى اتفاق الأسلحة الكيماوية لعام 1993 الذي يحظر استخدام وتطوير الأسلحة الكيماوية، واتفاق الأسلحة التقليدية لعام 1980 والبروتوكولات الملحقة به، والتي تحظر استخدام الأسلحة الحارقة ضد المدنيين"، بحسب مرقص "وينص نظام روما الأساس للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 على الهجمات التي تسبب معاناة غير ضرورية، ويعدها جرائم حرب. وصحيح أن إسرائيل لم تصادق على بروتوكولات جنيف ولم تنضم إلى اتفاق روما التي أنشأت المحكمة الجنائية الدائمة، إلا أن هذه الأحكام عرفية وباتت تعتمدها دول العالم كافة وتلتزمها".

وتابع مرقص، "أما في ما يتعلق باليورانيوم المنضب فيتسم بقوة تدمير واختراق هائلة، وهو محظور دولياً ويمنع استخدامه بصورة خاصة بين المدنيين بسبب ما يخلفه من غبار وتلوث وأذى نتيجة الدمار الذي يحدثه، بالتالي يمكن أن يكون ذلك سبباً إضافياً للتقدم بشكوى في حال أثبت بالأدلة".

المزيد من تحقيقات ومطولات