Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دراما الحرب "اجتياح خاطف"... تحفة في السينما البريطانية

يعود المخرج ستيف ماكوين الذي أبدع في فيلمي "12 عاماً من العبودية" و"عار" بتحفة فنية جديدة تحمل طابعاً تعبيرياً من بطولة سيرشا رونان والنجم الصاعد إليوت هيفيرنان.

سيرشا رونان وإليوت هيفرنان في فيلم "بليتز" للمخرج ستيف ماكوين (آبل)

ملخص

إنه فيلم عن الحرب بأسلوب تقليدي إلى حد ما، لكنه يبدو جديداً وحاملاً لوجهات نظر جديدة بفضل رؤيته، إذ يستعرض الأحداث بعيني مخرجه الفريد، الذي يتبع النهج التعبيري لكنه نادراً ما يكون عاطفياً، وينقل لنا أجواء الرعب لكنه رقيق ويحمل في طياته أملاً، ويظهر اهتماماً عميقاً بالحياة العادية للآخرين.

خلال وقت سابق من هذا العام، أطلق المخرج البريطاني ستيف ماكوين فيلمه الوثائقي "المدينة المحتلة" Occupied City الممتد لأربع ساعات، والذي يرافق إصدار شريكته بيانكا ستيغتر كتاب "أطلس مدينة محتلة، أمستردام 1940-1945" Atlas of an Occupied City, Amsterdam 1940-1945.

من خلال استعراض المباني واحداً تلو الآخر والشوارع شارعاً بشارع، رسم الفيلم قصصاً عن الفظائع الفاشية والمقاومة الشجاعة، مقدماً هذه الأماكن كما تظهر لنا اليوم. وكانت رسالته بسيطة لكنها ذات تأثير عميق: نحن محاطون بالتاريخ الذي يستهلكنا، وبصائرنا عمياء تجاهه بسبب غبائنا الخاص. ويعود التاريخ مرة تلو الأخرى ليحدق بنا في عيوننا.

فيلم "بليتز" Blitz [اجتياح خاطف] هو العمل الروائي الخامس لستيف ماكوين بعد "جوع" Hunger و"عار" Shame و"12 عاماً من العبودية" 12 Years a Slave و"أرامل" Widows، وينطلق من أفكار تلك الأعمال السابقة حتى تتحول إلى سيمفونية مدهشة. إنه فيلم حرب بأسلوب تقليدي إلى حد ما، لكنه يبدو جديداً وحاملاً لوجهات نظر جديدة بفضل رؤيته، إذ يستعرض الأحداث بعيني مخرجه الفريد، الذي يتبع النهج التعبيري لكنه نادراً ما يكون عاطفياً، وينقل لنا أجواء الرعب لكنه رقيق ويحمل في طياته أملاً، ويظهر اهتماماً عميقاً بالحياة العادية للآخرين.

يستند الفيلم إلى نوع القصص التي كانت شائعة في أدب الأطفال، إذ يقوم أبطال "أسد، ساحرة وخزانة ملابس" The Lion, the Witch and the Wardrobe و"تصبح على خير يا سيد توم" Goodnight Mister Tom بحزم حقائبهم والهرب من لندن إلى الريف البريطاني بحثاً عن الأمان. هذا هو ما تفعله ريتا (سيرشا رونان) خلال عام 1940 مع ابنها جورج (إليوت هيفيرنان)، الذي نكتشف أنه يمتلك روح المغامرة نفسها التي لدى أبطال القصص أولئك. ويقفز من القطار أثناء سيره ويبدأ رحلته عبر المدينة ليجد طريقه للعودة إلى أحضان والدته.

وهناك، سيجد الشفقة والتعصب، ورجال الدفاع المدني (مثل الذي يجسده الممثل بنجامين كليمنتاين) وقطاع الطرق (مثل كاثي بيرك وستيفن غراهام الرائعين دائماً). ومن خلال جغرافية مدينته سيبدأ في فهم نفسه كصبي أسود صغير، في كشف هادئ يتم التعبير عنه بأناقة عبر أداء هيفيرنان. إنه صبي رزين، بطريقة تجعلنا نتأمل كمشاهدين لكنه لا ينفصل أبداً عن كل الخوف والوحدة والمشاغبة التي يعيشها طفل في زمن الحرب. كما أن رونان تظهر نفس الديناميكية إذ تصور كل جزئية من حب الأم.

 

ستدور مناقشات كثيرة (وقد بدأ بعضها بالفعل) عن الطريقة التي يصور بها "بليتز" التنوع العرقي في مدينة لندن، وهو لا يزال موضوعاً نادراً نسبياً في السينما. إنه عمل دقيق تاريخياً، ولا حاجة لقول مزيد، لكن قوة الفيلم التصحيحية لا تأتي فقط من الشخصيات التي يختار ماكوين تصويرها، بل من الطريقة التي يختار هو ومدير التصوير يوريك لو سو تصوير فضاءات المدينة بها.

ويتميز "بليتز" بانجذابه نحو التفاصيل الصغيرة. وفي أحد المشاهد كانت الكاميرا تتجول داخل ناد مزدحم لموسيقى الجاز مستوحى من نادي "كافيه دو باري" بوسط لندن الذي بدأت شهرته خلال عشرينيات القرن الماضي، لتتجه فجأة إلى المطبخ لتقدم اعترافاً صامتاً بالجهود الخفية الكامنة وراء المتعة. بينما يحتمي رواد النادي من القنابل، غير متأكدين مما إذا كانوا سيعيشون ليروا ضوء الصباح التالي، تتجه الكاميرا بفضول إلى الطرف الآخر من المكان لتكشف عن زوجين يتشاركان لحظات حب سرية ولكن محمومة.

وعلى مدار أفلامه الأربعة السابقة وخماسيته الأنتولوجية التلفزيونية "سمول آكس" Small Axe ومسيرته الكاملة كفنان بصري، كان ماكوين يعود بصورة متكررة إلى فكرة السلطة. إلا أنه نادراً ما يتم عرض هذه الفكرة كفجوة بسيطة بين الظالم والمظلوم. بل يتم تصويرها على أنها بنية كاملة تحركها الرأسمالية، وتبدو مملة باستثناء تلك اللحظات التي تلامس فيها الضعف البشري. وفي "بليتز" تتحول الموسيقى التصويرية الهادرة، والتي لا تكل ووضعها هانز زيمر، إلى آلة الحرب مشابهة لصوت اصطكاك المعدن ببعضه أو صفير الموت الذي يهبط من السماء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذا فيلم يمتلك الوضوح الأخلاقي الذي يتحدى السرد الشعبوي حول "روح الصمود في الغارات" وفكرة أن التضامن في زمن الحرب كان فورياً وشاملاً، بينما يحتفي في الوقت نفسه بالأمل الذي ينبعث من المجتمع. يستمر التعصب في الوجود، في حين ترفض السلطات تلبية احتياجات الناس الذين يطالبون بفتح محطات المترو كملاذات ضد القصف. تحت الشوارع، تقوم الشخصية الحقيقية ميكي ديفيز (لي غيل) بإدارة ملجأ يقدم خدمات طبية مجانية، وذلك قبل سنوات من تأسيس هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS).

ويدرك ماكوين الذي كتب سيناريو الفيلم أيضاً تماماً الإرث السينمائي الذي يشكله. إنها فترة تم توثيقها وتكريمها وإعادة تفسيرها مئات المرات على الشاشة من قبل، ومع ذلك فإن ما يراه والطريقة التي يراه بها، كواحد من أكثر المخرجين الاستثنائيين في بريطانيا، هما ما يجعلان فيلم "بليتز" يبدو إنجازاً ضخماً.

إخراج: ستيف ماكوين. بطولة: إليوت هيفرنان وسيرشا رونان وهاريس ديكنسون وبنجامين كليمنتاين وكاثي بيرك وبول ويلر وستيفن غراهام وإيرين كيليمان، ولي جيل. التصنيف الرقابي: 12 عاماً فما فوق. المدة: 120 دقيقة.

سيعرض فيلم "بليتز" ضمن فعاليات مهرجان لندن السينمائي الذي يقيمه معهد الفيلم البريطاني، وسيصدر في دور السينما المختارة خلال الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، قبل بثه على منصة "آبل تي في بلس" اعتباراً من الـ22 من نوفمبر.

© The Independent

المزيد من سينما