Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ضحايا التعدي بـ"المواد الحارقة" في الهند... قصص اليأس والمعاناة

1000 امرأة سنوياً في الأقل تتعرض للعنف بالتشويه وسط زيادة أعدادهن لـ300 في المئة

تعاني المرأة مستويات مرتفعة من العنف في الهند   (مواقع التواصل)

ملخص

تعد السيدة "شاهين مالك" أملاً للضحايا حيث تدير ملجأً خاصاً لهم. هو دار لرعاية الناجين تحت اسم "أبنا غار"، التي أسست في عام 2021 لتكون ملاذاً آمناً للناجيات اللاتي تخلت عنهن عائلاتهن.

في الهند، تعد المرأة رمزاً للقوة وتقدس كآلهة في عديد من الطقوس والمعتقدات التي تعكس مكانتها الرفيعة دينياً واعتقادياً في المجتمع، ومع ذلك تواجه النساء هناك واقعاً مختلفاً تماماً، إذ يعانين مستويات مرتفعة من العنف والانتهاكات، تشمل الاغتصاب والتعذيب والهجمات بالأحماض.

على مدى العقود الماضية شهدت الهند تصاعداً مقلقاً في حوادث الهجمات بالأحماض، التي تستهدف بصورة رئيسة النساء. تعد هذه الهجمات من أسوأ أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، إذ تهدف إلى تشويه الضحايا أو قتلهم.

تروي ريشما قريشي، إحدى الناجيات من اعتداءات الحمض، قصتها المؤلمة بالقول "في الـ19 من مايو (أيار) 2014، تعرضت لهجوم بالحمض من قبل زوج أختي، الذي كان سبباً في تفاقم معاناتي بسبب اعتداءاته المستمرة على أختي".

تقول ريشما "بينما كنت أسير مع أختي قرب محطة القطار في مدينتي، رأيناه يحمل زجاجة حمض. عندما لاحظت أختي أنه يتبعني، صرخت ريشما، اركضي!"، لكنه هاجمني من الخلف وسكب الحمض على وجهي. تضيف "بالنسبة إلى الفتيات، الجمال مهم. إذا فقدته، ماذا سيحدث؟" تعاني قريشي الآن فقدان البصر حيث فقدت إحدى عينيها.

تحاول ريشما نسيان المأساة التي مرت بها، ولكن ذكراها تلاحقها كلما نظرت في المرآة. كل ندبة على وجهها تحمل معها ذكرى الألم الذي عانته. وتوضح ريشما أن هدف الجاني لم يكن هي، بل أختها، ومع ذلك، كان القاتل يسعى إلى إيذاء الأسرة بأكملها، لذا اختار مهاجمتها. إن تأثير هذه الحادثة المؤلمة لا يزال يرافقها، ويؤثر في حياتها اليومية.

لا تكون النساء دائماً هدفاً للهجمات على وجوههن، ففي بعض الأحيان يتعرضن لعقوبات مروعة على يد المعتدين. ومن بين القصص المؤلمة، تبرز حالة رومان سيفي، التي لا تحمل أي ندوب مرئية نتيجة الحمض، لكنها تعرضت لأضرار خطرة في أعضائها الداخلية بعدما أجبرها زوجها على شرب الحمض. تعكس هذه القصة جانباً مظلماً من العنف الأسري، وتروي أن المعاناة قد تتجلى في أشكال غير مرئية.

 

بعد نجاتها من اعتداء رش الحمض الذي تسبب فيه زوجها السابق عام 2019 "عادت رومان سيفي إلى منزل والدها، إذ نقلتها عائلتها إلى مستشفيات عدة، وبعد أشهر من الألم، تمكنت أخيراً من الحصول على العلاج".

تصف سيفي معاناتها بعد زواجها من مدمن خمر، الذي أصبح يسيء إليها ويعذبها. تحكي سيفي عن الهجوم الذي تعرضت له في الخامس من مارس (آذار) 2019 بالقول "بدأ يضربني بشدة، ثم ألقى بي على الأرض وسحب شعري. وعندما طلبت الماء أعطاني حمضاً للشرب بدلاً من الماء".

وأضافت أنها فقدت الوعي واستفاقت لاحقاً في المستشفى، وأن حالتها الصحية تدهورت بصورة كبيرة، مما جعلها غير قادرة على العمل أو السفر لفترات طويلة.

ذكرت رومان "لا أستطيع العمل حتى ولو قليلاً، وأشعر بضيق في التنفس. يصبح حلقي جافاً، وتضررت أمعائي بصورة كاملة. لقد اضطررت إلى تغيير مجرى الطعام الخاص بي. كل شيء تضرر، لذا أتناول الطعام ببطء ولا أستطيع تناول كميات كبيرة. لا أسافر لمسافات طويلة، وأشعر بضيق في التنفس أثناء صعود السلالم".

تعد شاهين مالك أملاً للضحايا، إذ تدير ملجأً خاصاً لهن. هو دار لرعاية الناجين تحت اسم "أبنا غار"، التي أسست في عام 2021 لتكون ملاذاً آمناً للناجيات اللاتي تخلت عنهن عائلاتهن، من خلال عملها المستمر منذ عام 2013.

 تضمن شاهين تقديم دعم شامل يشمل الرعاية الطبية، وتغطية كلف العمليات الجراحية لإعادة بناء وجوه الناجين، إضافة إلى العلاج النفسي وتنمية المهارات والمساعدة القانونية، مع توفير الطعام والمأوى.

 تعامل شاهين مالك جميع الضحايا من دون تمييز بين دياناتهن، سواء كن هندوساً أو مسلمات، معتمدة نهجاً إنسانياً خالصاً. تقول شاهين "نتولى تغطية كلف العمليات الجراحية وتوفير الدعم النفسي والمساعدة في التعليم. حتى الآن دعمنا أكثر من 300 ناجية من مختلف الولايات الهندية، وقدمنا المأوى لأكثر من 100 ناجية في دار الإيواء الخاصة بنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تشير الدراسات إلى أن 78 في المئة من حالات الهجمات بالأحماض التي يتم الإبلاغ عنها تنجم عن رفض عروض الزواج أو التقدم الرومانسي. تزداد هذه الظاهرة بصورة مستمرة، إذ أصبحت الأخبار المتعلقة بـ"هجمات أحماض على الشابات" أكثر تكراراً في الصحف.

وعلى رغم أن الهجمات بالأحماض نادراً ما تؤدي إلى الوفاة، فإنها تتسبب في صدمات جسدية ونفسية واجتماعية عميقة. وعلى رغم الجهود المبذولة عبر القوانين ولوائح المحكمة العليا في الهند، فإنها لم تنجح حتى الآن في مواجهة هذه الأزمة بصورة فعالة، بل كشفت الدراسات الأخيرة عن زيادة بنسبة 300 في المئة في حالات الهجمات بالأحماض، مما يسلط الضوء على ضعف فعالية الأنظمة القانونية والطبية في معالجة هذه الجرائم.

في تصريحاته لـ"اندبندنت عربية"، أكد الناشط في مجال حقوق ضحايا الهجمات بالأحماض المحامي شودري علي ضياء كبير، أن "1000 امرأة سنوياً في الأقل تتعرض للعنف بالتشويه عبر الهجمات الحمضية على يد الرجال في الهند، وذلك عندما يرفضن الزواج منهم أو لا يقبلن معاكساتهم وتحرشاتهم". وأضاف ضياء أن "عدد الضحايا يعد منخفضاً نسبياً ولا يشكل (قوة تصويتية) مؤثرة، مما يؤدي إلى تجاهلهن من قبل الحكومة وعدم حصولهن على العدالة التي يستحققنها. كما أن معظم الضحايا ينتمين إلى فئات الدخل المنخفض، مما يتركهن في حالة من اليأس".

وأشار ضياء إلى أن المطالب بحظر بيع الأحماض في الهند لم تنفذ بصورة فعالة، وتبقى القوانين المنظمة لبيع الأحماض ضعيفة. فعلى سبيل المثال، في حالات الحوادث المرورية التي تؤدي إلى فقدان جزء من الجسم، قد يصل التعويض إلى 5 ملايين روبية، بينما لا يتجاوز الحد الأقصى للتعويض في حالات هجمات الأحماض 700 ألف روبية حتى في أفضل الولايات مثل دلهي.

كما تناول ضياء تقاعس الشرطة في التعامل مع ضحايا الهجمات بالأحماض، قائلاً، "عندما تصل ضحية هجوم بالأحماض إلى محطة الشرطة، يتوقع أن تتخذ الشرطة إجراءات فورية. ومع ذلك، غالباً ما يعد الوضع غير ذي صلة، كما يتضح من مقاطع الفيديو التي تظهر ضباط الشرطة في ماديا براديش وهم يتجاهلون جريمة القتل".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير