Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تأثير الفوضى المنزلية في العلاقات العاطفية

بعد حياة من عدم الترتيب، اكتشفت الكاتبة أن الفوضى هي السبب الجذري وراء معظم خلافاتها الزوجية، لذلك استعانت بخبراء لمساعدتها في ترتيب منزلها

"لقد اعتقدت أن الفوضى تجعلني أشعر بالأمان. في الواقع، جعلتني أشعر بالحزن والإرهاق" (أيستوك)

ملخص

تؤثر الفوضى المنزلية بصورة كبيرة في العلاقات العاطفية، إذ يمكن أن تزيد من التوتر والخلافات بين الشركاء، لكن هناك خبراء قادرين على المساعدة في التخلص من الفوضى واعتماد نظام ترتيب يساعد في تحسين الأعمال اليومية

كنت دوماً غير منظمة، عندما كنت طفلة، كان الأمر لطيفاً إلى حد ما، وعندما ذهبت إلى الجامعة لم يكن الأمر مهماً إذ إن زملائي في السكن كانوا أيضاً غير منظمين وتركوا علب وجبات الطعام الجاهز وأكوام الملابس مبعثرة في كل مكان. عندما انتقلت للعيش بمفردي للمرة الأولى لم يؤثر عدم التنظيم في أحد سواي. لكنني الآن في الثلاثينيات من عمري وأعيش مع زوجي وابنتي، والفوضى التي أتسبب بها تقف وراء معظم خلافاتنا.

لسنا العائلة الوحيدة التي تشعر بالانزعاج من الفوضى، فوفقاً لبحث حديث أجرته شركة "أوليو" Olio، فإن واحداً من كل ستة أشخاص بالغين فكر في الانفصال عن شريكه العاطفي بسبب الفوضى التي يتسبب بها. وكشفت دراسة أجريت على ألفي شخص بالغ مرتبط عاطفياً أن 47 في المئة منهم يتجادلون بسبب الفوضى في منازلهم بصورة أسبوعية، في حين صرّح 23 في المئة من المشاركين بالدراسة أن نهج شريكهم في الترتيب قد وضع عائقاً بوجه علاقتهم. زوجي يرى نفسه ضمن هاتين المجموعتين، وأنا أعرف أنني بحاجة إلى التغيير، ولكن السؤال هو كيف؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لحسن الحظ، نحن نعيش في عصر المنظمين المحترفين، وهم خبراء في إيجاد طرق للحفاظ على مكان مرتب ومنظم، وبارعون في مساعدة أكثر الأشخاص الفوضويين للتخلص من الفوضى. وعدد من هؤلاء الخبراء لديهم عشرات الآلاف من المتابعين على "إنستغرام" ويحصدون ملايين المشاهدات على "تيك توك" أيضاً. على سبيل المثال المنظمة الحائزة على جائزة لوسي مانسي التي لديها ما يقارب 40 ألف متابع، أو شارلوت سيلفر المعروفة باسم organisedbycharlotte@ على "إنستغرام" التي يستمتع متابعوها البالغ عددهم 21 ألفاً بصور "قبل وبعد" لخزائن مطابخ عملائها وحماماتهم وخزائن ملابسهم.

نانسي وسوزانا، الثنائي الذي يدير "دوماً مرتب" Ever So Organised، عضوتان عاملتان [مدفوعتا الأجر] في جمعية "المحترفين لإزالة الفوضى والمنظمين" Association of Professional Declutterers & Organisers (APDO)، وهي مجموعة تقوم بتدريب ومنح شهادات للمنظمين المحترفين، وتستضيف مؤتمرات سنوية، كما أن نانسي وسوزانا هما المنظمتان المفضلتان لدى المشاهير والأشخاص العاديين غير المنظمين على حد سواء، لذا عندما قام صديق مشترك بتعريفنا، عرفت أنهما من سيساعدانني في محاولة فتح صفحة جديدة من حياتي. وقبل زيارتهما لي أرسلت إلي نانسي رسالة على "واتساب" قائلة "لا ترتبي أي شيء. نحتاج إلى رؤية منزلك بشكله الحقيقي".

لكن عليّ الاعتراف أنه عندما رن جرس الباب وقت زيارتهما في يوم السبت الممطر، فجأة بدت أكوام ألعاب طفلتي ورزم الملابس التي ملأت منزلي أكثر إحراجاً مما كنت أتوقع، وتمنيت في نفسي لو كنت رتبت قليلاً.

ولم يظهر عليهما إن كانتا قد صدمتا في حال منزلنا. جلسنا حول طاولة المطبخ وتحدثنا عن تأثير عاداتي الفوضوية في حياتنا وعلاقتنا. اعترفت وقتها بالقول "أعلم أن زوجي يشعر بعدم التقدير عندما يرتب المنزل ويجده فوضوياً مجدداً بعد بضع ساعات فقط، ولكنني أقدر ما يفعله، أنا فقط أكابد العناء لإيجاد نظام للترتيب وأجد صعوبة في معرفة من أين أبدأ".

أما زوجي فقال "لم أكن أمانع القيام بكل أعمال الترتيب والتنظيم في المنزل، لكنني لا أعتقد أنك تهتمين حقاً إذا كان المنزل مرتباً، لذلك فإني لم أعد أهتم كثيراً".

لكنني أهتم، أشعر أحياناً أنني مضطرة إلى الإسراع للقيام بـ"ترتيب عاجل" قبل قدوم أحد الأصدقاء، وأفرح عندما يكون المنزل مرتباً، وهناك باقة كبيرة من الورود على طاولة المطبخ وعلامات التنظيف الأنيقة على السجاد، أنا فقط أواجه صعوبة بالقيام بذلك.

ومع اقتراب جلسة العلاج من نهايتها ("غالباً ما تكون مثل العلاج النفسي بالنسبة إلى معظم الناس، لأن منازلنا تعكس كثيراً من مشاعرنا" بحسب ما أكدته نانسي وسوزانا)، تركنا أكواب الشاي على الطاولة (ولكني تركت ملاحظة لنفسي لوضعهم في غسالة الأطباق لاحقاً) وبدأنا.

وبحسب نصيحة نانسي وسوزانا فإن "أول شيء يجب القيام به لتغيير المكان هو تغيير عاداتك"، إضافة إلى "مراجعة صارمة لجميع الأشياء الموجودة حالياً في تلك المنطقة، غالباً ما نجد أن الناس لديهم أغراض في الخزائن لم يخرجوها حقاً منذ ثلاثة أو أربعة أعوام. إن لم يكن لها أية قيمة عاطفية ولا تستخدمينها، فهل تحتاجين إلى الاحتفاظ بها؟"

وأوضحتا أنه يجب أن تكون هناك غاية لكل منطقة في المنزل، حتى لو كان ذلك يعني وضع مزهرية بسيطة من الورود، وإلا، فقد تصبح مساحة لتجميع الفوضى. وبحسب وصفهم فإن "الفوضى تجلب مزيداً من الفوضى"، لذلك عليك التقليل من الأغراض إذا استطعت، "تجنب الفخ الذي يقع فيه الناس عندما يقررون التنظيم، وهو الذهاب وشراء حلول التخزين قبل مراجعة ممتلكاتهم. غالباً يؤدي ذلك إلى امتلاك حلول تخزين غير مناسبة للغرض وغير موائمة".

حتى أنهما اقترحتا إشراك طفلتي البالغة من العمر 15 شهراً بالعملية. وقالتا "علماها الترتيب كجزء من روتينها اليومي"، وأوصياها بتشغيل "أغنية الترتيب" Tidy Up Song (التي اتضح أنها جميلة وسهلة الحفظ) ونرى مقدار ما يمكننا تجميعه معاً خلال ذلك الوقت، لجعل العملية نشاطاً مشتركاً ممتعاً. لقد بدأنا في القيام بذلك بصورة يومية ولا أزال مدهوشة من الإحساس بالسلام الذي تولده معرفة أنني أساعد ابنتي في تنمية عادات منزلية صحية وآمل أنني أساعدها في الابتعاد عن التوتر والخلافات التي يمكن أن تسببها الفوضى المزمنة.

لحظة إدراك الحقيقة الفعلية حصلت عندما كنت في غرفة النوم مع نانسي وسوزانا، في الطابق العلوي من المنزل، كانت خزانة ملابسي مليئة بملابس بخمسة مقاسات مختلفة في الأقل. فسألتني نانسي "كيف تشعرين عندما تنظرين إليها؟" أجبتها بهدوء "أشعر بالحزن، هذا يعني أنني دائماً أفتقد نسخة من نفسي لم تعد موجودة".

وكان هذا السؤال الذي لم أتوقعه أقرب شيء مررت به على الإطلاق للتيقظ والاستدراك في ما يتعلق بموضوع مراكمة الأغراض. فقد افترضت أنها [الأغراض] تجعلني أشعر بالأمان، وأنها تعني التمسك بالذكريات، وأنني أخزّن أغراضاً قد تكون مفيدة يوماً ما، ولكن في الواقع جعلتني أشعر بالحزن والإرهاق.

ولكن التمسك بالأشياء التي لم أعد أستطيع ارتداءها ليس "شيئاً مقتصراً عليّ" فقط، فبحسب الإحصاءات الوطنية فإن الأشخاص بصورة وسطية يرتدون أقل من 30 في المئة من ملابسهم. وأوضحت نانسي أننا "نحتفظ بملابسنا لأسباب عدة، غالباً ولكن ليس حصراً بسبب الشعور بالذنب بسبب المشتريات الباهظة الثمن، أو اضطراب تشوه صورة شكل الجسم [اضطراب تشوه صورة شكل الجسم أو اضطراب التشوه الجسمي هو اضطراب نفسي يشعر به المصاب بقلق مفرط بسبب عيب في شكل جسمه أو معالمه] أو الرغبة في إنقاص الوزن وارتداء الملابس مرة أخرى". وأعقبت بالقول "ابحثي عن مؤسسة خيرية محلية [ذات قضية] تهمك وتعني لك الكثير. معرفة أن مقتنياتك ستذهب إلى مكان مهم بالنسبة إليك، غالباً ما تساعدك على التخلص من الأغراض التي لم تعد تفيدك".

وهذا ما فعلته، لم أعد مالكة لمجموعة من قمصان الإصدارات المحدودة من ماركة "غاني" Ganni، لكنني أملك خزانة ملابس تبدو أوسع لا تجعلني أشعر بالإرهاق للمحافظة على ترتيبها، هل لا تزال الملابس ترمى على الأرض؟ نعم، ولكنها ترجع إلى الشماعة المخصصة لها بصورة أسرع بكثير.

بعد أيام سألني زوجي "هل تعتقدين أن هذا كان الحل؟ هل تعتقدين أنك امرأة مختلفة؟" لم يكن لدي جواب في ذلك الوقت (على رغم أنني كنت أستمتع بمساحة معيشتنا الهادئة أكثر مما كنت أرغب الاعتراف به)، ولكن الآن لدي إجابة، بعدما كان لدي الوقت للتفكير في الأمر قليلاً.

لا أعتقد أنني تغيرت، أعتقد أني لا أزال المرأة نفسها، المرأة التي لا تستطيع دائماً ترتيب الأشياء في لحظتها، ولا تستطيع إنشاء نظام تخزين كامل بنفسها ولا تلاحظ كل الوقت الفوضى التي تخلفها وراءها. لكن ما تغير هو أنه صار لدي إستراتيجية، إستراتيجية أعلم أنها فعالة، لأنها أتت من الخبراء. معرفة قناعة المحترفين بأن بعض التعديلات الصغيرة يمكن أن تكون الدافع للتغيير الكبير كانت بالضبط نوع التحفيز الذي احتجت إليه.

تشير نظرية أثر الفراشة إلى أن التغييرات الصغيرة يمكن أن تؤدي إلى نتائج كبيرة. وفي سياق التخلص من الفوضى، يصبح هذا المبدأ معبراً حقاً. قد يبدو تنظيم خزانة الملابس بصورة جيدة وكأنه تحسن تافه، ولكن في الواقع يمكنه أن يقلل التوتر اليومي بصورة كبيرة، ويوفر الوقت، بل وحتى يحسن الوضوح العقلي. مع وجود كل شيء في مكانه، المعاطف معلقة بصورة أنيقة وإمكانية الوصول لعلب التوابل أسهل، هناك تخبط أقل وإحباط أقل. والنتيجة التراكمية لذلك هي حياة يومية أكثر هدوءاً وسلاسة، وهذا ما أشجعه.

© The Independent

المزيد من منوعات