Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المشروع الوطني اللبناني في زحام المشاريع

أولوية القوى السياسية هي تغيير الوضع الراهن المأزوم من خلال وقف النار وما بعده

التحدي اليوم أمام القوى السياسية التي تمثل أكثرية اللبنانيين هو التوحد والتضامن في عمل جدي لمشروع الدولة (أ ف ب)

ملخص

حرب الإسناد التي تراها أكثرية اللبنانيين غلطة هي في نظر "محور المقاومة" الموقف الصحيح في مسار التاريخ، والمشروع الوطني اللبناني الذي لا نجاة للوطن الصغير من دونه هو عقبة أمام المشروع الإقليمي الإيراني في اللعبة الجيوسياسية مع المشروع الإسرائيلي.

اللعبة على حد السكين في لبنان، والسؤال ليس من يربح، فلا رابح، بل من يخسر أكثر، لا فقط بين لبنان وإسرائيل بالقياس على حجم الدمار، بل أيضاً بين إسرائيل وفوقها أميركا، وبين "حزب الله" وفوقه إيران بالنسبة إلى تسجيل هدف إستراتيجي له ترجمة سياسية، فضلاً عن صورة اليوم التالي في المشهد اللبناني وأدوار القوى السياسية.

أما الانتصار الكامل الذي يتحدث عنه بنيامين نتنياهو فإنه غرق في رمال غزة قبل جبال لبنان، وأما النصر الإلهي الذي يؤمن "حزب الله" بتحقيقه كما بعد حرب 2006، فإنه رهان على معجزة.

ليس صحيحاً قول الرئيس سابقاً للمخابرات العسكرية الإسرائيلية الجنرال عاموس يادلين "استعدنا الردع"، فلا ما سمي توازن الردع على مدى أعوام بعد حرب 2006 كان حقيقة عسكرية بمقدار ما قادت إليه حسابات سياسية، ولا حرب الإسناد لحركة "حماس" في حرب غزة والتي بدأها "حزب الله" من الجنوب اللبناني كان يمكن أن تبقى ضمن قواعد الاشتباك.

كل ما فعلته آلة القتل الإسرائيلية من قصف واغتيالات لم يمنع "حزب الله" من إمطار الكيان الصهيوني بالصواريخ يومياً، ولا أدى إلى حماية المستوطنين الذين غادروا المستوطنات في الجليل، وكل "فائض القوة" بالسلاح والرجال لدى "حزب الله" بدا عاجزاً عن حماية لبنان وشعبه وحماية البيئة الحاضنة له من النزوح أو حتى حماية قادته وعلى رأسهم الأمين العام السيد حسن نصرالله، وكل الأخطار والتحديات أمام لبنان المأزوم وطنياً وسياسياً ومالياً واقتصادياً واجتماعياً لم تفتح باب التفاهم على إنقاذ البلد وشعبه.

 ذلك أن العنوان العام الذي يتفق الجميع على كونه مفتاح الإنقاذ هو وقف النار وتطبيق القرار (1701) بكل مندرجاته، سواء الجميع في الداخل من قوى سياسية وبقايا السلطة التي فوضها "حزب الله" عبر "الأخ الأكبر"، أو الجميع في عواصم المنطقة والعالم.

الخلاف عميق تحت العنوان العام، وهناك من يريد وقف النار فقط وتطبيق القرار (1701) على الطريقة التي كان يقال إنه مطبّق بها، واتضح أن "حزب الله" أقام بنية تحتية عسكرية مهمة في منطقة عمليات "يونيفيل" جنوب الليطاني من حيث يجب أن تكون خالية من أي سلاح ومسلحين سوى الشرعية، وهناك من يريد التطبيق الحقيقي للقرار بما في ذلك القرار (1959) والقرار (1680) وانتخاب رئيس للجمهورية يستعيد الدولة المخطوفة.

ولا جدوى من النقاش بين الطرفين لأنه سيبقى سجالاً عقيماً، فحتى الدعوة إلى ملء الشغور والعودة للدولة التي تحمي الجميع فإن محور المقاومة يصفها بأنها مؤامرة ومحاولة توظيف سياسي للعدوان الإسرائيلي، واستقواء على القوة التي استقوت على الجميع قبل أن تتلقى ضربة قوية.

 لا مجال لاستغراب هذا الأمر الغريب فنحن في صراع بين رؤيتين، رؤية محور المقاومة بقيادة إيران، وخلاصتها أن المقاومة الإسلامية هي مستقبل لبنان والمنطقة، ورؤية القوى السياسية وأكثرية اللبنانيين والعواصم العربية والدولية التي موجزها أن المهم هو مستقبل لبنان والحفاظ على هويته ودوره الحضاري ومستقبل العالم العربي ومشروع التنمية، لا مشروع الاضطراب والحروب وزعزعة الاستقرار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حرب الإسناد التي تراها أكثرية اللبنانيين غلطة هي في نظر محور المقاومة الموقف الصحيح في مسار التاريخ، والمشروع الوطني اللبناني الذي لا نجاة للوطن الصغير من دونه هو عقبة أمام المشروع الإقليمي الإيراني في اللعبة الجيوسياسية مع المشروع الإسرائيلي، لا بل إن من يطالب "حزب الله" بتسليم سلاحه إلى الجيش والاكتفاء بدور حزب سياسي مثل سواه يوصف بأنه ساذج، لأن سلاح المقاومة الإسلامية هو سلاح جيش المهدي ولا يجوز التخلي عنه إلا بعد ظهور المهدي المنتظر وإقامة حكومته العالمية، أما تحرير مزارع شبعا وفلسطين بعد طرد الاحتلال من لبنان فإنه محطات على الطريق، وأما انفراد طرف واحد بتحويل لبنان إلى ساحة لحرب طويلة من دون التطلع إلى ما وراءه على الجبهة الداخلية فإنه تكليف شرعي، ولا قيمة للشرعية اللبنانية الرسمية أمام المشروعية الإلهية.

 والسؤال هو ما العمل في مثل هذه الحال؟ والجواب يبدأ من التعبير الصيني القائل "ابحث عن الحقيقة في الوقائع"، وفي الوقائع فإن النجاح الجزئي والموقت لمشروع إيران الكبرى ومشروع إسرائيل الكبرى محكوم بالتعثر في التضاريس السياسية والتاريخية للشرق الأوسط، فلا إسرائيل تستطيع الهرب إلى النهاية من 14 مليون فلسطيني نصفهم في الضفة والقطاع وداخل الخط الأخضر، أي في فلسطين التاريخية، ولا إيران قادرة في النهاية على غلبة الأكثرية العربية، ولا قوة منذ عصر الفتوحات في التاريخ حتى اليوم تمكنت من البقاء في لبنان، ولا قوة سياسية طائفية لبنانية تمكنت من الحفاظ على هيمنتها طويلاً، من المارونية السياسية إلى السنّة السياسية وصولاً إلى الشيعة السياسية.

التحدي اليوم أمام القوى السياسية التي تمثل أكثرية اللبنانيين هو التوحد والتضامن في عمل جدي لمشروع الدولة الذي هو الحقيقة النهائية في الوطن الصغير، والوقت حان للتوقف عن انتظار العالم لكي يحل مشكلاتنا ويفتح لنا باب الدولة، وإذا كانت الأولوية لدى محور المقاومة هي الحفاظ على الوضع الراهن عبر وقف النار، فإن الأولوية لدى القوى السياسية اللبنانية هي تغيير الوضع الراهن المأزوم من خلال وقف النار وما بعده.

 يحذر القائد البروسي كارل فون كلاوزفيتز في كتابه "عن الحرب" من تجاهل أهمية نقطة الذروة عندما يفقد التقدم قوة الدفع ويصبح الوضع سلبياً، ومشاريع الحرب فقدت قوة الدفع، فيما مشروع الدولة على الطريق إلى الذروة وقوة الدفع.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء