Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تصمد قوات الـ"أندوف" أمام التوغل الإسرائيلي؟

تلتزم القيادة السورية الصمت في وقت تتجه فيه الأنظار إلى دور قوة حفظ السلام الدولية ومستقبلها

القوة الدولية لحفظ السلام الـ"أندوف" في معسكرها في منطقة فض الاشتباك (موقع الـ"أندوف" الرسمي)

ملخص

زاد التوتر بين سوريا وإسرائيل في أوائل شهر مارس (آذار) من عام 1974 ليفرض مجلس الأمن قراراً يحمل الرقم 350 في العام نفسه، كما شهدت المنطقة خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، وتصاعد النشاط العسكري في المنطقة العازلة.

تتسع دائرة الحرب الإسرائيلية من قطاع غزة إلى جنوب لبنان، وصولاً إلى الجنوب السوري وسط مخاوف من فتح جبهة الجولان، والحديث عن توغل بري وشيك، مما يطرح سؤالاً عن واقع الجبهة الجنوبية، لا سيما دور قوة حفظ السلام الدولية الـ"أندوف" التي تسعى إلى فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل.

 

توغل واستقرار

تتضارب الأنباء عن انتهاك جديد لقوة عسكرية إسرائيلية مدعومة بالجرافات والآليات إلى داخل الأراضي السورية متجاوزة خط فصل الاشتباك قرب قرية كودنة، بريف القنيطرة الجنوبي.

وبحسب المعلومات المتوافرة، يعد هذا التوغل (بطول 500 متر وعرض كيلومتر واحد تقريباً)، الثاني من نوعه خلال 48 ساعة بعد توغل حصل الخميس في الـ10 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، ويهدف هذا التوغل إلى إنشاء طريق ترابي وسياج أمني يمتد من قرية حضر (مرتفعات الجولان) شمال القنيطرة، وحتى القطاع الجنوبي.

 

وتحدث مصدر ميداني عن استنفار قوات النظام السورية على الحدود المتاخمة، وزيادة تحصين النقاط العسكرية، لا سيما اللواء 90 تحسباً لهجوم مرتقب تشنه القوات الإسرائيلية بأي وقت.

وفي السياق نفى محافظ القنيطرة معتز أبو النصر جمران حدوث أي خروق أمنية أو توغل إسرائيلي في المنطقة، أو توغل دبابات وجرافات في الأراضي السورية وفق وكالة الأنباء الرسمية "سانا". وأضاف، "نحن في حرب إعلامية، وتقوم بعض صفحات التواصل الاجتماعي المعادية بنشر معلومات مغلوطة حول الأمن والأمان في محافظة القنيطرة".

 

قوة السلام

وتلتزم القيادة السورية الصمت والاكتفاء بتصريح محافظ القنيطرة في وقت تتجه فيه الأنظار إلى قوة حفظ السلام الدولية الـ"أندوف" United Nations Disengagement observe force (قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك) ومستقبلها ودورها في حال اتساع الصراع، وتزايد الانتهاكات الإسرائيلية على طول خط التماس بين البلدين.

وفي السياق قال السفير الدولي للسلام في سوريا فراس رجوح "من المعروف أن دور قوة فض الاشتباك وقف إطلاق النار، ولعل تعرضها للأذى بسبب الاشتباكات بالمنطقة العازلة خلال الحرب السورية أجبر عديد من الدول على إعادة النظر بالمهام الموكلة إليها، ومشاركة جنودها وسلامتهم". وتابع، "خلال عقد من الزمن، وأثناء الاقتتال الذي دار بين المعارضة وجيش النظام في فترة الصراع المسلح المندلع منذ عام 2013، احتجزت الجماعات المسلحة خلال سنوات الصراع 21 فرداً من مراقبي فض الاشتباك، وفك أسرهم بعد وساطة دولية"، مما ترك تداعياته على القوة الدولية الـ"أندوف"، لا سيما أنها تتألف فقط من 1033 عسكرياً و37 موظفاً دولياً و107 موظفين مدنيين محليين.

 

أضاف رجوح "الـ'أندوف' دورها رقابي وتكتفي برصد ما يحصل من انتهاكات وتعديات بالمنطقة العازلة، وهي ليست قوة قتالية، كما أن المراقبين يطبقون مهامهم بكل دقة"، بالتالي هي تقف عاجزة عندما ينتهك الإسرائيليون الأراضي، ومهمتها التوجه بتقارير إلى هيئة الأمم المتحدة، وهو دور رقابي وليس قتالياً "ولا يستطيعون ردع الطرف المعتدي، كما أنه ليس مطلوباً منهم القيام بأي عمل هجومي أو دفاعي رادع".

وأنشئت قوة الـ"أندوف" في الـ31 من مايو (أيار) من عام 1974 وهي قوات مراقبة فض الاشتباك تتبع للأمم المتحدة، ظهر عملها ضرورياً عندما ازدادت حال عدم الاستقرار بين سوريا وإسرائيل.

وزاد التوتر بين سوريا وإسرائيل في أوائل شهر مارس (آذار) من عام 1974 ليفرض مجلس الأمن قراراً يحمل الرقم 350 في العام نفسه، كما شهدت المنطقة خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، وتصاعد النشاط العسكري في المنطقة العازلة.

ومعلوم أن مجلس الأمن يعتمد بالإجماع تجديد تفويض القوات الدولية، وفي عام 1981 أصدر الكنيست الإسرائيلي قراراً بضم الجولان من دون موافقة المجتمع الدولي.

الحرب

ويرى مراقبون أنه لا نية لدى دمشق بالانخراط بالحرب الدائرة، كما انكفأت الفصائل الموالية لإيران و"حزب الله" اللبناني عن القيام بأي تحركات عسكرية على الحدود من جهة الجولان بعد إطلاق صواريخ وطائرات مسيرة من محافظات حدودية عدة بالقنيطرة ودرعا، جنوب سوريا، بغية عدم إحراج النظام السوري، وتدخلت الشرطة العسكرية الروسية بإحداث مزيد من نقاط المراقبة الحدودية لتتجاوز 15 نقطة مراقبة منعاً لأي اصطدام.

في الأثناء تصدت الدفاعات الجوية، في الأيام القليلة الماضية، لطائرتين مسيرتين أطلقتهما "المقاومة الإسلامية في العراق" في أجواء قريتي الشجرة والقصير بمنطقة حوض اليرموك قرب الجولان بعد دخولهما الأجواء السورية، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، من دون أن تتمكن قوات التحالف الدولي في قاعدة "التنف" من التصدي لهما، وسبق أن استهدف الفصيل العراقي بطائرة مسيرة موقعاً للجيش الإسرائيلي انطلق من البادية السورية.

يأتي ذلك في وقت تشهد فيه قاعدة "التنف" أو ما تسمى المنطقة "55 كيلومتراً" الواقعة عند المثلث الحدودي (السوري والأردني والعراقي) استنفاراً عسكرياً لقوات التحالف الدولي، ورفع الجاهزية بعد رصد الطائرات المسيرة في الآونة الأخيرة.

وقال قائد قوة الـ"أندوف" ورئيس البعثة الأممية لمراقبة فض الاشتباك نيرمال ثابا "في حين يستمر الصراع الإقليمي الحالي، وديناميكيات الأمن المتغيرة في التأثير في الوضع في منطقة مسؤولية قوة الأمم المتحدة، فإن وجود القوة لها أهمية كبرى في السياق الحالي". وأضاف في حديث صحافي في الذكرى الـ50 لإنشاء الـ"أندوف" (1974 - 2024)، "نسعى إلى إقامة تنسيق أكثر جدوى ووثيق مع أطراف الاتفاق من أجل دعم وقف إطلاق النار في مرتفعات الجولان، ويتطلب الأمر من أطراف الاتفاق الالتزام بضبط النفس، والنهج الحساس لمنع التصعيد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحذرت لجنة الأمم المتحدة في شأن سوريا من تصاعد حدة القتال، وذكر تقريرها أن الغارات الجوية الإسرائيلية في جميع أنحاء سوريا، على وقع حرب غزة، تسببت ثلاث مرات في الأقل، في سقوط ضحايا مدنيين، فيما قامت مجموعات تابعة لإيران بدورها باستهداف قواعد أميركية في شرق البلاد أكثر من 100 مرة، وتلتها هجمات مضادة من الجانب الأميركي، وفق ما جاء في التقرير الأممي.

وتسيطر قوات الـ"أندوف" على منطقة منزوعة السلاح بين الجيشين السوري والإسرائيلي بعرض يصل إلى سبعة كيلومترات في أوسع المناطق وإلى 200 متر في "أ"، وتبلغ مساحتها 250 كيلومتراً مربعاً مقسمة إلى ثلاث مناطق إلى الشرق والشمال الشرقي من بحيرة طبرية. كما تعكف القوات الدولية، التي تتخذ من قرية الفوار المنزوعة السلاح معسكراً لها، على تسيير دوريات لمراقبة تطبيق وقف إطلاق النار بين الطرفين، وفض الاشتباك، وتسيير دوريات أيضاً تشمل مناطق الفصل التي تعد مناطق منزوعة السلاح.

أخطار الحرب

ويقول السفير الدولي للسلام رجوح، "احتمال عملية عسكرية إسرائيلية قائم بكل لحظة، ولا بد من النظر إلى المعطيات الجيوسياسية والعسكرية واللوجيستية، فتل أبيب تفتح الجبهات كافة، وتنتهك كل المحرمات، وباختصار تريد مهاجمة دول محور المقاومة، والسؤال هل يمكن أن تتعمق بالهجوم؟ وهذا بالطبع ممكن، لكن الرد سيكون ساحقاً، فالجندي السوري عقبة كبرى لهم منذ حرب 'تشرين' عام 1973 وسيفشلون بالتقدم البري في حال حدوثه".

وفي لقاء ضم وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، قبل تسلمه منصب نائب الرئيس السوري، وقائد قوة الـ"أندوف" اللواء نيرمال ثابا، أواخر شهر يناير (كانون الثاني) من العام الحالي 2024، شرح المقداد "الأعمال العدائية التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكه القانون الدولي، مما يشكل خطراً على أمن المنطقة".

كارثة في حق الخط الأزرق

وحذر ناشطون حقوقيون مع تفاقم الأحداث وتسارع التطورات الميدانية من تقدم وشيك للجيش الإسرائيلي، أو الذهاب لسيناريو اشتباك مع الفصائل المسلحة التابعة لإيران على الحدود، بالتالي من المتوقع أن تحدث كارثة تشبه ما وصفته منظمة الأمم المتحدة بـ"الهجوم المتعمد" على مقر قوة حفظ السلام "يونيفيل" في لبنان في الـ13 من أكتوبر الجاري.

وقال المتخصص الأكاديمي بالقانون الدولي الإنساني نعيم عبدالرحمن "مقار الأمم المتحدة تخضع للحماية الدولية والقوات الدولية أصحاب القبعات الزرق، طرف محايد"، مشيراً إلى أنها لا تستطيع استخدام القوة باستثناء حالات الدفاع عن النفس والدفاع عن الولاية. وأضاف، "لقد منح مجلس الأمن الدولي عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ولايات رادعة تفوضها استخدام الوسائل اللازمة لردع المحاولات القوية التي تعوق العملية السياسية، وحماية المدنيين المعرضين لخطر الاعتداء البدني، ومساعدة الهيئات الوطنية في الحفاظ على القانون".

بقعة الفصل والانتقال

ومنذ عام 2013 وحتى 2018 تعرضت قوات حفظ السلام الدولية لاعتداءات متواصلة أدت إلى انسحاب قسم من هذه القوة من المنطقة نهائياً. وأجبر في المقابل قسم آخر على إخلاء معظم مراكزه من الجانب السوري في بقعة "الفصل والانتقال" إلى الجانب الإسرائيلي، وبلغت ذروة هذه الاعتداءات، خلال يونيو (حزيران) من عام 2013، باختطاف جنود دوليين من قبل "جبهة النصرة".

وفي دراسة أعدها الباحث والضابط المتقاعد أحمد سيف الدين شرح فيها كيف استهدف الإسرائيليون مراكز الـ"أندوف"، وقصفوها بالطيران والمدفعية الثقيلة، وغيرها من الأسلحة في أثناء الرمي على مراكز الجيش السوري القريب منها. وعزا سيف الدين سعي إسرائيل إلى إفراغ قوة الـ"أندوف" لعوامل عدة منها إفراغ المنطقة من الوجود الدولي، والتخلص من المراقبة الدولية حيال التصرفات الإسرائيلية، "والسعي إلى إيجاد حزام أمني تحت سيطرة قوات موالية لها"، وهذه الممارسات دفعت في السابق بعض الدول المساهمة بقوة الـ"أندوف" إلى سحب جنودها العاملين بصورة نهائية من المنطقة، ولا سيما النمسا وكرواتيا، وكانت إيرلندا أعلنت في أبريل (نيسان) من العام الحالي 2024 عن تحضيرها لسحب قواتها ومعداتها من الـ"أندوف"، لكن هذا الأمر لم يحدث بعد تمديد الحكومة الإيرلندية لمهمة بعثتها مجدداً.

تهريب أسلحة

في المقابل أفادت وسائل إعلام إسرائيلية في تل أبيب عن معلومات حول تهريب أسلحة من سوريا إلى الأردن، ومن ثم إلى إسرائيل، وبأن هناك حديثاً عن مهمة إيرانية واضحة تشي بوجود مقاتلين حوثيين، ووصولهم من العراق إلى جنوب سوريا لمهاجمة إسرائيل من الجولان باستخدام مسيرات.

طريق "سوفا 53"

وتسعى القوات الإسرائيلية منذ عام 2022 إلى إنشاء شريط أمني من جهة القنيطرة داخل الأراضي السورية شرق خط فك الاشتباك، وعمدت إلى حفر خندق وأنشأت طريقاً سمته طريق "سوفا 53" يخترق الأراضي السورية بعمق كيلومترين اثنين، بينما الخندق يصل عمقه بين خمسة وسبعة أمتار.

واللافت أن القوات الإسرائيلية منذ ذلك العام تحاول تحصين حدودها، ولا سيما مع اندلاع حرب غزة في السابع من أكتوبر من العام الماضي 2023.

المزيد من الشرق الأوسط