ملخص
معطيات وزارة الأمن والجيش تشير إلى إطلاق أكثر من 20 ألف صاروخ وقذيفة على إسرائيل خلال سنة من غزة ولبنان وحدهما وأكثر من 1200 مسيرة معظمها من لبنان. في وقت تعمل شركات الصناعات العسكرية الإسرائيلية على مدار 24 ساعة من أجل تزويد منظومة الدفاع بالنقص الكبير لها.
على رغم أجواء التفاؤل الإسرائيلي بقدرة سلاح الجو على التصدي لأي هجوم باليستي من إيران ومختلف الجبهات مع وصول منظومة "ثاد" الأميركية لمواجهة الصواريخ الباليستية برفقة نحو 100 جندي أميركي للإشراف على تفعيلها، فإن ما كشفه تقرير حول النقص الكبير لمنظومات الدفاع الإسرائيلي، وضعت تل أبيب أمام تحدٍ خطير على مختلف الجبهات، في الوقت الذي صعدت فيه القيادة تهديداتها لتكثيف القتال في لبنان ولتوجيه ضربة قاسية ومؤلمة تجاه إيران، في مقابل استعداد إسرائيل لاحتمال رد إيراني على الضربة الإسرائيلية.
وأكد أكثر من مسؤول أمني أن السيناريو الذي يقلق إسرائيل، حتى بعد حصولها على منظومة "ثاد"، رد إيران على الهجوم بصواريخ باليستية ينضم إليه "حزب الله" من لبنان والحوثيون من اليمن، في ظل عدم توفير كمية كافية من صواريخ "حيتس" ومنظومات أخرى، تضمن تغطية جميع المناطق الإسرائيلية. في وقت تضاعف القلق في أعقاب سقوط المسيرة على قاعدة "لواء غولاني"، من النقص في منظومات مواجهة المسيرات.
وبحسب تقرير للجيش حول عملية "لواء غولاني"، فقد نفذ "حزب الله" عملية مشتركة لمسيرتين وقذائف صاروخية وثلاثة صواريخ، نجحت المسيرة في تمويه دفاعات الجو حيث اختفت عن الشاشة وأكملت طريقها إلى القاعدة العسكرية، التي تبعد ما لا يقل عن 60 كيلومتراً عن الحدود اللبنانية، على رغم توجيه عدد من صواريخ الدفاع باتجاهها في محاولة لإسقاطها من دون نجاح ذلك، بحسب الجيش الإسرائيلي.
وأكد أكثر من مسؤول أمني وخبير في شؤون نظام الدفاع الجوي، أن منظومة "ثاد" وحدها غير قادرة على حماية أجواء إسرائيل، فما تبقى في مخزون منظومات الدفاع غير كاف لاستمرار تعرض إسرائيل لصواريخ من مختلف أنواعها ومداها أو مسيرات لفترة طويلة.
فبعد أكثر من سنة على حرب "طوفان الأقصى"، على جبهتي غزة ولبنان وإزاء هجومين من إيران وهجمات الحوثيين من اليمن والعراق، استخدمت إسرائيل كميات كبيرة من مختلف منظومات دفاعها سواء القبة الحديدية، ومقلاع داود، ومنظومة الليزر، و"حيتس-2" و"حيتس -3"، إضافة إلى منظومة "ندى السماء" التي قامت بتطويرها بعد أشهر من المواجهات مع لبنان وفي أعقاب فشل مواجهة المسيرات.
وبحسب القائد السابق لنظام الدفاع الجوي عميد احتياط تسفيكا حايموفيتش، فإن منظومة "ثاد" عنصر قوة مهم إلى جانب منظومة "حيتس" وطلبها من واشنطن في أعقاب الهجوم الإيراني الأخير على إسرائيل وتعرض إسرائيل لأكثر من 200 صاروخ باليستي، ووجودها سيساعد على التصدي لعشرات الصواريخ التي قد تتعرض لها إسرائيل.
وقال حايموفيتش، إن "سيناريوهات الـ200 صاروخ باليستي من إيران خطيرة وواسعة وأمام عدم التأكد من عدم استمرار المواجهة مع إيران في أعقاب الهجوم الإسرائيلي، فيمكننا أن نشاهد أجواء إسرائيل من جديد مليئة بالصواريخ الباليستية".
ويرى حايموفيتش أن "الولايات المتحدة قوة عظمى وعندما تنظر بجدية إلى أهمية القدرات الدفاعية فهذه ليست لعبة أرقام. في النهاية هذا مزيج من الدفاع والهجوم. أما بالنسبة لاقتصاد التسلح، فهو نتيجة للسياسة. لا أعتقد، على حد علمي، أن عنصر اقتصاد التسلح هو من يقود الولايات المتحدة ويحسم قراراتها".
وإزاء التهديدات المتصاعدة للقادة السياسيين والعسكريين بتكثيف القتال تجاه لبنان وتصريحات وزير الدفاع يوآف غالانت بأن "حزب الله" لم يعد يملك أكثر من ثلث سلاحه حذر حايموفيتش، قائلاً "على رغم الأضرار التي لحقت بـ(حزب الله) فلا يزال يمتلك المزيد من القدرات، ومن السابق لأوانه تأبينه. (حزب الله) في مرحلة التعافي وخرج من الصدمة. إنه تنظيم لا مركزي، يركز نشاطه بشكل استراتيجي للغاية".
وشدد حايموفيتش على ضرورة ضمان حيازة إسرائيل على منظومات متعددة الأهداف بعد استخدام كمية كبيرة منها منذ اندلاع الحرب. أما بالنسبة لخطر المسيرات، التي لا يمكن لمنظومة "ثاد" أو "حيتس" أو حتى القبة الحديدية مواجهتها. قال، "قبل أشهر حذرت من خطر المسيرات بعد أن تعرضت إسرائيل لأكثر من 1200 مسيرة أطلقت معظمها علينا من (حزب الله)، وهذا تحدٍ متعدد الجبهات ومن طرف (حزب الله) التحدي مضاعف بسبب إشكالية كشف المسيرة في الوقت المناسب".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف، "بعد مسيرة قاعدة غولاني نحن أمام مشكلة في كشف وصول المسيرة لأنها تخترق العمق ومن فوق البحر، ولكونها على ارتفاع منخفض فلا تتمكن أجهزة الرصد من السيطرة عليها في مقابل النقص في منظومات مواجهة المسيرات، وهذا ما يجب علينا بحثه وتجاوزه".
"حيتس" للاحتياط
واجهت إسرائيل بحسب خبراء وأمنيين مشكلة كبيرة بل معضلة في كل ما يتعلق باستخدامها لمنظومة "حيتس-2" و"حيتس-3" بسبب تكاليفها الباهظة جداً، والذي يشير تقرير لوزارة الأمن أنها تتجاوز بين مليون وثلاثة ملايين دولار.
وإلى جانب التكلفة لا تتوافر لدى إسرائيل الكمية الكافية القادرة على مواجهة جميع الصواريخ التي تطلق نحونا، وبحسب معايير خاصة فكل صاروخ تتوقع وحدة إطلاق المنظومات الدفاعية أنه سيسقط بمنطقة مفتوحة في البحر أو البر فلا تطلق تجاهه صاروخ "حيتس"، ولكن هذا أيضاً يبقي نسبة غير قليلة من ارتكاب خطأ وهذا ما حصل قبل أشهر عند سقوط صاروخ في تل أبيب وأدى إلى مقتل شخص وإصابة العديد بعد أن ادعت قيادة منظومة الدفاع أن غرفة المراقبة توقعت سقوطه في منطقة مفتوحة ولم تحاول إسقاطه.
وبحسب الباحث السابق في وزارة الأمن الإسرائيلية إيهود عيلام، فإنه "في هجوم إيران الأخير ساد شعور بأن الجيش الإسرائيلي احتفظ بمنظومة الدفاع الجوي (حيتس) لاحتمال إطلاق رشقة صاروخية أخرى باتجاه تل أبيب بعد الرشقة التي أطلقتها مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، مما أدى إلى سقوط العديد من الصواريخ وأحدثت دماراً في البنى التحتية والمباني وفي مختلف القواعد العسكرية، تحديداً قواعد سلاح الجو".
وإزاء هذا النقص في منظومات الدفاع، أعلن الجيش أنه رفع من مستوى الضباط المخولين بالموافقة على استخدام ذخائر ثقيلة في الحرب على لبنان وغزة، وذلك في ظل تراجع مخزون الذخيرة وفرض عدد من الدول حظراً على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل.
وفي جلسة تقييم للوضع بعد موافقة واشنطن الأولية على تزويد إسرائيل بمنظومة "ثاد" جاء في تقرير حول الجلسة أن الاتفاق الذي تمت صياغته مع الولايات المتحدة لنشر نظام "ثاد" في إسرائيل ينبع من قيود أميركية لا تقل عن كونها نابعة من حاجة الجيش لصواريخ أميركية إضافية وقاذفات اعتراضية للتعامل مع مئات الصواريخ التي قد يطلقها الإيرانيون.
في هذه الحالة، يضيف التقرير "تتحدث الكميات والأرقام عن حقيقة الوضع، فكلما تم إطلاق المزيد من الصواريخ في واحدة أو اثنتين من الوابل الصغير من أجل ضمان إسقاط أنظمة الدفاع، زادت الحاجة إلى المزيد من القاذفات والصواريخ الاعتراضية والرادارات.
وفي تقرير عرض أمام وزير الأمن يوآف غالانت ورئيس مديرية الاستراتيجية في الجيش إليعازر توليدانو حول نقص الذخائر ومنظومات الدفاع رد غالانت بالقول إنه "عندما دخل إلى الوزارة كانت هناك فجوة كبيرة بين الحاجة وما هو متوافر لدى الجيش، وقد أصدرت أمراً بضرورة عمل كل شيء لسد هذه الفجوة قبل الحرب، لكن ذلك لم ينفذ". وكشف غالانت، "هناك حقيقة أننا ما زلنا نعتمد على الذخائر الجوية والطائرات الأميركية، لكننا نعمل بكل قوتنا لتعزيز الإنتاج الإسرائيلي والمحلي وتطوير كافة الوسائل لضمان ذخائر وأسلحة صناعة إسرائيلية".
يشار إلى أن معطيات وزارة الأمن والجيش تشير إلى إطلاق أكثر من 20 ألف صاروخ وقذيفة على إسرائيل خلال سنة من غزة ولبنان وحدهما وأكثر من 1200 مسيرة معظمها من لبنان. في وقت تعمل شركات الصناعات العسكرية الإسرائيلية على مدار 24 ساعة من أجل تزويد منظومة الدفاع بالنقص الكبير لها.
ونقل عن المسؤولة السابقة في وزارة الأمن دانا سترول، بأن "مشكلة الذخيرة الإسرائيلية خطيرة، وإذا ردت إيران على هجوم إسرائيلي وانضم (حزب الله) أيضاً، فإن أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلية ستنفد تماماً".
يشار إلى أن إسرائيل تمتلك عدة طبقات من بطاريات الصواريخ الاعتراضية. في الطابق العلوي هناك "حيتس -3"، الذي يضرب الصواريخ المهاجمة على بعد مئات الكيلومترات خارج الغلاف الجوي. على الأرض أدناه يوجد "حيتس-2"، الذي يضرب الصواريخ بالقرب من حافة الغلاف الجوي، على مسافة تزيد على 100 كيلومتر.
ويوجد أدناه منظومة "مقلاع داود"، وهي منظومة الدفاع ضد الصواريخ من مسافة كبيرة داخل الغلاف الجوي. أما الطابق السفلي فهو القبة الحديدية، التي تحمي المواقع وتعترض الصواريخ في نطاقات قصيرة، وهذه بحسب تقارير إسرائيلية تكاد تنفد بعد استخدامها في مواجهة معظم الصواريخ التي أطلقت على إسرائيل من غزة.
تجارب اللحظة الأخيرة
إزاء الخطر المحدق من مسيرات "حزب الله" أجرت وزارة الأمن الإسرائيلية تجارب على أكثر من منظومة من مختلف الشركات الإسرائيلية لاعتراض المسيرات. وبحسب بيان لوزارة الأمن فإن ثماني شركات عرضت مختلف المقترحات وأجريت تجارب على بعضها بمشاركة غالانت، وتم الإعلان عن أن الحلول التي تنجح في اعتراض مسيرات سيتم دفعها إلى مرحلة تطوير سريع واختبارها عملياتياً.
وجرى خلال التجارب نشر نماذج أنظمة الاعتراض، واستعرضت قدرات اعتراض مسيرات في أمدية وارتفاعات مختلفة. وأنظمة الاعتراض التي سيتم تطويرها ستنشر في غضون أشهر، بحسب البيان.
وقال غالانت إن "تهديد الطائرات المسيرة هو تهديد متعدد الجبهات ومصدره في إيران، التي تزود مسيرات إلى لبنان واليمن والعراق، كما أنها تطلقها بنفسها".