Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتحول مالي إلى مسرح للحرب بالوكالة بين روسيا وأوكرانيا؟

رئيس حزب "المؤتمر الوطني الأزوادي" لـ"اندبندنت عربية": موضوع تقديم السلاح لا يزال قيد الدراسة

رأى بعضهم أن الصراع بين موسكو وكييف خرج من نطاقه الجغرافي الذي بدأ فيه ووصل إلى الساحل الأفريقي (أ ف ب)

ملخص

"أفريقيا قد تتحول تدريجاً إلى منطقة صراع بين روسيا وحلفائها وأوكرانيا وحلفائها الغربيين، ومالي ستكون ميدان هذا الصراع لاعتبارات عدة، أولها أنها تشكل بوابة لدخول الساحل الأفريقي، وهو ما قامت به روسيا، وثانياً مالي هي الدولة التي انطلقت منها شرارة معاداة فرنسا والغرب".

في وقت تشهد فيه مالي وضعاً مركباً ومعقداً أمنياً كما سياسياً جراء تداخل وتعدد أطراف الصراع، عاد الجدل في شأن دور مزعوم لأوكرانيا في صب الزيت على النار في شمال البلاد من خلال دعم "الإطار الاستراتيجي الأزوادي الدائم" الذي يتألف من فصائل من المتمردين، بالطائرات المسيرة.

وبدأت القصة هذه المرة من تقرير لصحيفة "لوموند" الفرنسية ذكرت فيها أن الأزواد في مالي يفاخرون بحصولهم على المسيرات الأوكرانية، فيما أفادت مصادر بمقتل تسعة من عناصر مجموعة "فاغنر" شبه العسكرية الروسية في هجوم بطائرة مسيرة شنه "الإطار الإستراتيجي الدائم" على قاعدة للجيش المالي شمال البلاد تستضيف عدداً من المرتزقة الروس.

وكسرت أوكرانيا صمتها تجاه ذلك ليل الإثنين، إذ نفت أن تكون قامت بإمداد "الإطار الإستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الأزوادي" بالطائرات المسيرة، وهو نفي تحيط الشكوك حوله، خصوصاً أن مسؤولين استخباريين أوكران كشفوا في وقت سابق عن تقديم "ما يلزم" من معلومات وغير ذلك للانفصاليين الطوارق من أجل شن هجمات ضد الجيش المالي والمرتزقة الروس.

موضوع قيد الدراسة

وليل الإثنين قالت وزارة الخارجية الأوكرانية إن "كييف ترفض بشدة الاتهامات التي أطلقتها أخيراً وسائل إعلام دولية، في شأن تورط مزعوم لدولتنا في توريد طائرات مسيرة للمتمردين في مالي".

وتلمح الخارجية الأوكرانية بذلك إلى صحيفة "لوموند" ووسائل إعلام أجنبية، ويأتي بيانها بعد أسابيع من التعبئة العسكرية التي قام بها الجيش المالي في محاولة لشن هجوم خاطف على تينزاوتين.

ومحاولات الجيش المالي جاءت لرد اعتباره بعد الهزيمة القاسية التي تعرض لها في أغسطس (آب) الماضي، حين نصب "الإطار الاستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الأزوادي" كميناً لعناصر الجيش و"فاغنر" راح ضحيته عشرات من هؤلاء.

وقال رئيس حزب "المؤتمر الوطني الأزوادي" أبوبكر الأنصاري، "بالفعل لم تقم أوكرانيا بتزويد مقاتلي الطوارق أي ’الإطار الإستراتيجي الدائم للدفاع عن الشعب الازوادي‘ بأي طائرات أو معدات إلى حد الآن".

وتابع الأنصاري في حديث لـ"اندبندنت عربية" أن "الموضوع ما يزال قيد الدراسة والتقييم بين الطرفين الأوكراني والأزوادي، فكل طرف يريد أن يعرف مكاسبه والأعباء المترتبة على هذا النوع من التحالفات".

وشدد على أن "حالياً هناك إعجاباً من الطرفين بتصدي كل منهما لعدو الآخر، فالأوكران معجبون بالهزيمة التي ألحقها الطوارق بمرتزقة فاغنر وجيش مالي، وروج لها الإعلام الأوكراني ورفعت الروح المعنوية لهم حتى اجتازوا أراضي روسية، لكن موضوع تقديم السلاح ما يزال قيد الدراسة".

ولفت الأنصاري إلى أن "هناك معارضة جزائرية لقيام هذا النوع من التحالفات، لأنه قد يخرج أوراق اللعبة في منطقة الساحل من أيديها. فمنذ الدعم الروسي لمالي خسرت الجزائر نفوذها على مالي، وبالتالي تخشى أن يؤدي تحالف الجانب الأوكراني مع أزواد لفقدانها النفوذ على الجانب الأزوادي أيضاً".

مسرح للمواجهة

وتأتي هذه التطورات بعد أسابيع من قطع مالي علاقاتها مع أوكرانيا، عقب تصريحات لمسؤولين أمنيين في كييف عن حصول المتمردين عن "المعلومات اللازمة" لشن هجمات في تينزاوتين أدت إلى مقتل عشرات من مجموعة "فاغنر" والجيش المالي وأسر عدد من هؤلاء.

وتثير هذه التطورات المتسارعة في منطقة تشكو أصلاً اضطرابات أمنية جعلتها كالقنبلة الموقوتة في القارة الأفريقية، تساؤلات حول ما إذا كانت مالي ستتحول إلى مسرح للحرب بالوكالة بين روسيا وأوكرانيا؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويجيب الأنصاري عن ذلك بالقول إن "مالي في طريقها للتحول إلى مسرح للمواجهة بين روسيا وأوكرانيا، وبين روسيا وفرنسا، وبين روسيا وتركيا".

وتطرق إلى "سياسات النظام العسكري في مالي من إلغاء اتفاق السلام الذي رعته الجزائر عام 2015 والاستقواء بمرتزقة ’فاغنر‘ الروسية والطائرات التركية المسيرة، ورفضه التحاور مع الحركات الأزوادية ذات المطالب السياسية ومحاولته إلصاق تهم الإرهاب بكل الحركات والمنتقدين لسياساته".

ولفت إلى أن "روسيا تسعى إلى استخدام دول الساحل مثل مالي النيجر بوركينا فاسو وثرواتها لإضعاف دول أوروبا الداعمة لأوكرانيا، وخصوصاً فرنسا التي تعتمد على ذهب مالي وترعى العملة الأفريقية، والنيجر التي تعتمد الطاقة في فرنسا، وبعض دول الاتحاد الأوروبي على اليورانيوم المستخرج منها".

ورأى الأنصاري أن "تورط تركيا أيضاً في دعم الجيش المالي إلى جانب روسيا سيتسبب لها في خلافات عميقة مع حلفائها في حلف شمال الأطلسي ’الناتو‘، الذين يدعمون أوكرانيا، وينعش تحالف اليمين الأوروبي الرافض لأي تعاون أوروبي مع أنقرة، كما أن تركيا لن تتقبل حصول موسكو على مكاسب في صراعها مع الغرب في منطقة الساحل بينما لم تجن تركيا سوى الشرخ في علاقاتها الأوروبية وانتعاش شعبية أعدائها في الغرب".

انتقال الصراع

وميدانياً يسود هدوء في مالي، لكن الجيش يسعى إلى القيام بضربة خاطفة لرد اعتباره بعد الانتكاسة التي تعرض لها في تينزاوتين، حيث حشد في الأيام الماضية قوافل عسكرية في الشمال قبل أن يتراجع من دون حدوث اشتباكات.

وقال الباحث السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية سلطان ألبان، "من الواضح جداً أن الصراع الأوكراني - الروسي انتقل من موضعه إلى الساحل الأفريقي ويتمركز حالياً بصورة جلية في مالي"، مرجحاً تطور الأحداث الحالية والمؤشرات "لتصل إلى النيجر وبوركينا فاسو حيث هناك مجابهة شرسة بين موسكو وأضدادها الأوروبيين".

وأفاد ألبان في تصريح خاص بأن "ملامح ذلك ظهرت بعد معركة تينزاوتين أواخر يوليو (تموز) الماضي عندما ظهر المقاتلون الانفصاليون من الأزواديين يرفعون العلم الأوكراني رفقة علم المجموعات الأزوادية، أوكرانيا لا شك ستقوم بنفي دعمها بصورة علنية للقوات المسلحة الأزوادية خوفاً من أن يفرض عليها المجتمع الدولي عقوبات قد تكون في غنى عنها في المرحلة الحالية، لكنها لا تنفي وجود نوع من التعاون على غرار ما تفعله روسيا مع دول هذه المنطقة، لذلك الصراع بين موسكو وكييف خرج من نطاقه الجغرافي الذي بدأ فيه ووصل إلى الساحل الأفريقي".

دعم فرنسي غربي محتمل

وكانت دول مالي وبوركينا فاسو والنيجر شهدت انقلابات عسكرية في الأعوام الماضية أدت إلى استبدال الحليف الفرنسي بروسيا، وذلك بعد أعوام من الإخفاقات الأمنية والسياسية التي عرفتها هذه الدول التي تواجه حركات تمرد ونشاط لجماعات متشددة.

ومع تصاعد الاتهامات لأوكرانيا بالتدخل في مالي من خلال دعم الحركات الأزوادية بالطائرات المسيرة ومعلومات استخبارية، تتزايد التكهنات في شأن إمكان دخول لاعبين آخرين معركة الصراع على النفوذ في مالي وغيرها من دول الساحل الأفريقي.

واعتبر ألبان أنه "يمكن في مرحلة لاحقة أن تحظى أوكرانيا ووجودها الطفيف والسري، بدعم من فرنسا والغرب بصورة عامة، وذلك مناوءة لروسيا التي باتت تتمدد كل ما تركت لها فرنسا مساحة خصوصاً في دول تحكمها أنظمة عسكرية".

وأبرز أن "أفريقيا ستتحول ربما تدريجاً إلى منطقة صراع بين روسيا وحلفائها وأوكرانيا وحلفائها الغربيين، ومالي ستكون ميدان هذا الصراع لاعتبارات عدة، أولها أنها تشكل بوابة لدخول الساحل الأفريقي، وهو ما قامت به روسيا، وثانياً مالي هي الدولة التي انطلقت منها شرارة معاداة فرنسا والغرب".

ومضى ألبان قائلاً "ثالثاً مالي تواجه معركة وجودية ضد الأزواديين الذين فشلت في تسويقهم على أنهم إرهابيون، بالتالي إنشاء تحالف دولي ضد هؤلاء غير ناجع حتى الآن في الأقل".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات