Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرب السودان تهدد موسم الحصاد الزراعي

"عقبات ومصاعب تهدد بتفاقم الفجوة الغذائية والفقر إلى جانب أزمة الجوع التي قد تكون أشد وطأة مما تتوقعه الأمم المتحدة"

تزايد الاعتداءات على المزارعين وسرقة منتجاتهم بسبب غياب رجال الأمن في مناطق السودان النائية (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

- يعتمد السودانيون على المنتجات الزراعية في توفير الغذاء بخاصة في ظل توقف المساعدات الإنسانية وتمدد المجاعة، وكذلك إطالة أمد الحرب.

- انتشار المجموعات المسلحة في المناطق الزراعية والأرياف يهدد عمليات حصد منتجات الذرة والدخن والفول السوداني، خصوصاً بعد تزايد حوادث الاعتداء على المزارعين ونهب المحاصيل بسيارات الدفع الرباعي وعربات الكارو.

مع بداية موسم حصاد المحاصيل في السودان يستبشر المزارعون بهذا الحدث الذي يتوج سنة فلاحية مضنية ومرهقة للحصول على المنتجات الجديدة، علها توازي جهودهم من أجل تأمين الأمن الغذائي وتسويق بقية المحاصيل لشراء حاجاتهم الضرورية.

وعلى رغم عجز آلاف عن ممارسة النشاط خلال فصل الخريف الحالي وخروج مساحات كبيرة من دائرة الإنتاج، إلا أن المزارعين في الولايات التي تشهد نزاعات مسلحة نجحوا في زراعة ملايين الأفدنة، لكنهم يواجهون عقبات ومصاعب تهدد عمليات الحصاد بخاصة الوضع الأمني وتزايد عمليات السلب والنهب، مما يضع ملايين على حافة الجوع في ظل اعتماد البلاد على أقاليم الجزيرة وكردفان ودارفور في تأمين الأمن الغذائي، إذ تسهم هذه المناطق في نحو 90 في المئة من الدخن و48 في المئة من الفول السوداني و28 في المئة من السمسم، وكذلك 11 في المئة من الذرة الرفيعة.

قلق وخوف

وفي ظل سيطرة قوات "الدعم السريع" على ولاية الجزيرة التي يوجد فيها مشروع الجزيرة، أكبر المشاريع المروية في أفريقيا المقدرة مساحته بنحو مليوني فدان، يسيطر القلق والخوف على المزارعين الموجودين في الإقليم في حال التحرك والشروع في التحضيرات للحصاد خشية التعرض للموت أو نهب معداتهم، علاوة على التوقيف والاعتقال.

ومنذ مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، بدأت عمليات الحصاد في السودان، لكن مزارعين كثراً فشلوا في الوصول إلى وجهات عملهم بسبب أخطار القصف وانفراط الأمن وتزايد عمليات السرقة والسلب.

المزارع أيوب السليك الذي يملك نحو 50 فداناً في مشروع الجزيرة، تحدث عن تلك المعاناة بقوله "زرعت هذا الموسم في مساحة 20 فداناً بتمويل ذاتي، وأخطط للحصاد في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل حتى أستطيع تأمين الغذاء لأسرتي".

ويخشى السليك من الأخطار الأمنية وصعوبة التنقل حين تبدأ عمليات الحصاد، خصوصاً في ظل انتشار المجموعات المسلحة بولاية الجزيرة.

وأضح أن "الحرب أثرت في القطاع بصورة كبيرة ومباشرة، إذ لا تتعدى المساحة المزروعة في المشروع 20 في المئة، وكانت هناك مجهودات ذاتية متواضعة لمزارعين معسرين مثقلين بالديون المتراكمة من الموسم الماضي الذي يعد فاشلاً أيضاً لتدني إنتاجيته".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار المزارع السوداني إلى أن "هناك مناطق آمنة في الإقليم ويمكن للمزارعين الشروع في الحصاد، لكن تمدد قوات ’الدعم السريع‘ غير مأمون العواقب"، لافتاً إلى أن "كثيراً من سكان الإقليم يخشون التعرض للقتل والاعتقال ونهب المحاصيل الزراعية".

تزايد الانتهاكات

وفي ولايات كردفان الثلاث يتخوف المزارعون من انتشار المجموعات المسلحة، لا سيما في ظل الأوضاع الأمنية المعقدة، فضلاً عن تنامي ظاهرة حوادث القتل في الطرقات والمناطق النائية.

واعتبر المزارع محمد حسين الطيب أن "تزايد معدلات الانتهاكات في محليات ولاية جنوب كردفان خلال الأسابيع الماضية، أسهم في توقف المزارعين عن الذهاب إلى وجهات عملهم، على رغم مرور 15 يوماً على انطلاق عمليات الحصاد".

وأضاف أن "هناك عمليات سلب ونهب لمزارعين كثر تمت تحت تهديد السلاح وفي مشاريع القرى والفرقان، مع تعرضهم لإصابات عدة نتيجة الضرب المبرح، وكذلك السرقة بالكامل مع التركيز على الذرة والدخن والفول السوداني، مما أثار مخاوف غالبية المواطنين نظراً إلى أخطار التنقل".

وأوضح الطيب أن "عمليات الحصاد تتطلب بقاء المزارع وأسرته في المشروع لفترة تستمر مدة شهر من أجل حصد المنتجات كافة وترحيلها إلى المنازل لضمان تأمين حاجاتهم من الغذاء وتسويق بقية المحاصيل".

ويتابع "عقبات ومصاعب حصاد المحاصيل الزراعية تهدد بتفاقم الفجوة الغذائية والفقر، إلى جانب أزمة الجوع التي قد تكون أشد وطأة مما تتوقعه الأمم المتحدة".

كارثة جوع

إلى ذلك أحالت أشهر الحرب الـ18 إقليم دارفور إلى أسوأ كارثة إنسانية، إذ شهدت المدن معارك عسكرية ضارية بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، وارتكبت جرائم ضد الإنسانية، مما أسفر عن نزوح آلاف المواطنين من مناطقهم وقراهم إلى العراء وملاذ المعسكرات طلباً للأمن والحياة. وتملك ولايات دارفور الخمس 55 مليون فدان صالحة للزراعة، أي ما يعادل ثلث الأراضي الزراعية في السودان، لكن تداعيات الصراع المسلح أسهمت في خروج مساحات شاسعة من دائرة الإنتاج، في وقت يواجه فيه مزارعون كثر أخطاراً أمنية تحول دون تمكنهم من حصاد المحاصيل.

وفي هذا الصدد يقول المزارع إبراهيم جبر الدار إن "انتشار المجموعات المسلحة في المناطق الزراعية والأرياف يهدد عمليات حصد منتجات الذرة والدخن والفول السوداني، خصوصاً بعد تزايد حوادث الاعتداء على المزارعين ونهب المحاصيل بسيارات الدفع الرباعي وعربات الكارو".

وأضاف أن "السكان يعتمدون على المنتجات الزراعية في توفير الغذاء بخاصة في ظل توقف المساعدات الإنسانية وتمدد المجاعة، وكذلك إطالة أمد الحرب، بالتالي فإن عدم تمكن المزارعين من حصد المحاصيل ينذر بكارثة جوع تفوق تقديرات الأمم المتحدة بمعدلات كبيرة".

وأوضح جبر الدار أن "عدم كفاية التدابير الأمنية وغياب الشرطة ورجال الأمن خلال أشهر الصراع المسلح مكنت هذه الجهات، وبعضها مزود بأسلحة نارية وبيضاء، من الاعتداء على المزارعين وسرقة منتجاتهم حتى من داخل المنازل".

صعوبات وتحديات

على صعيد متصل أوضح المتخصص في الشأن الاقتصادي أواب محمد الزين أن "موسم حصاد المحاصيل في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة يواجه صعوبات عدة، منها أزمة آلات الحصاد نتيجة غياب التمويل الحكومي، فضلاً عن ندرة وارتفاع أجور اليد العاملة، والأخطار الأمنية في أقاليم الصراع السوداني".

وتوقع محمد الزين أن "تتأثر عمليات الحصاد في مشاريع الزراعة التقليدية في دارفور وكردفان، وكذلك مشروع الجزيرة بسبب انفراط الأمن وانتشار المجموعات المسلحة وتزايد الانتهاكات ومعدلات النهب والسلب".

ولفت المتخصص في الشأن الاقتصادي إلى أن "مؤشرات فشل موسم حصاد المحاصيل الزراعية تتبع تحذيرات دولية من خطر نقص الغذاء في السودان، الذي فاقمته الحرب المشتعلة في البلاد، لكن من الصعب الحكم الآن بالفشل، لا سيما أن عمليات الحصاد لا تزال في بداياتها".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير