Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خامنئي بحاجة إلى تهديد وجودي حتى يضع حدا للإمبريالية الإيرانية

يقترح الكاتب الأميركي توماس فريدمان لقاء بين مدير الـ“سي آي أي” ونظيره الإيراني ينطوي على طرح خيارين أمام الإيرانيين: “إما أن تغيروا سلوككم أو تخاطروا بالانهيار تحت وطأة تهوركم”

  يقول فريدمان إنه يتعين أن يواجه خامنئي شعوراً عميقاً بالقلق الوجودي لإقناعه بأن المسار الحالي يهدد بانهيار نظامه (أ ف ب)

ملخص

 يمضي مدير وكالة الاستخبارات بالقول، "لذا إليكم ما نقترحه، وضع حد للإمبريالية الإيرانية في لبنان والعراق وسوريا واليمن وغزة مقابل التزامنا عدم إسقاط نظامكم، بل بدلاً من ذلك الانخراط معكم في بناء ترتيبات أمنية جماعية على مستوى المنطقة. أنتم تتراجعون ونحن نتراجع وإسرائيل تتراجع. لكن هذا الهراء المتمثل في رعاية الدول الفاشلة في لبنان واليمن وسوريا والعراق حتى تتمكن شعوبها من القتال والموت بينما أنتم تبتهجون بأمان في طهران يجب أن يتوقف الآن". 

وفق الوثائق السرية التي كشفت عنها صحف أميركية مطلع الأسبوع الجاري فإن حركة "حماس" عندما خططت لهجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، كانت تستهدف عملية أكثر طموحاً وتدميراً، وفي سعيها هذا طلبت الدعم من إيران و"حزب الله" قبل أكثر من عام من الهجمات. وفي حين نفت إيران تورطها في الهجمات لكن رغبة قادة "حماس" في حرب أوسع ربما تحققت وورطت طهران وغيرها من الوكلاء في هذه الحرب. 

أصبح المشهد في المنطقة يزداد غلياناً إذ فتحت إسرائيل جبهة حرب ضد "حزب الله" أسفرت عن تصفية قياداته بما في ذلك الأمين العام حسن نصرالله، وتبادلت طهران وتل أبيب الهجمات المباشرة للمرة الأولى بعد عقود من حرب الظل، وسط مخاوف إقليمية ودولية من حرب لا تحمد عقباها. ولغلق الباب سريعاً أمام مثل هذه الحرب يقترح الكاتب الأميركي المخضرم توماس فريدمان في مقاله بصحيفة "نيويورك تايمز"، أن يلتقي مدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز ونظيره الإيراني في سلطنة عمان في عملية مواجهة دبلوماسية تستهدف تغيير سلوك النظام الإيراني ووضع حد "للإمبريالية الإيرانية في لبنان والعراق وسوريا واليمن وغزة" في مقابل التزام أميركي بعدم إسقاط النظام. 

نقاط الضعف

يقترح فريدمان سيناريو للقاء يستند إلى استغلال نقاط الضعف التي يعانيها النظام الإيراني في الوقت الحالي، فيقول بيرنز لنظيره الإيراني، "دعني أبلغك كيف تبدو بلدك من وجهة نظر وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية: أنتم مخترقون ومكشوفون ومعزولون". ويمضي الكاتب الأميركي في تصوره للحوار الذي ينبغي أن يدور بين الرجلين. فيقول الأميركي، "مخترقون؟ لقد سمعنا أن آخر النكات المتداولة في طهران هي أن زعيمكم الأعلى مختبئ وأن الإسرائيليين هم الوحيدون الذين يعرفون مكانه. إن الاستخبارات الإسرائيلية جيدة للغاية، ولكن السبب الوحيد الذي جعلها تخترق قيادتكم وقيادة حزب الله بعمق هو أن عديداً من الشيعة الإيرانيين واللبنانيين يكرهون كلا النظامين ومستعدون للتجسس لمصلحة إسرائيل، لذا فأنت لا تعرف اليوم عندما يتحدث بعضكم مع بعض أو مع حزب الله ما إذا كان الشخص الذي تتحدث معه يعمل لمصلحة إسرائيل أم لمصلحتك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما ينبغي أن يبلغ بيرنز نظيره الإيراني بأن بلده أصبح مكشوفاً أمام الهجمات الإسرائيلية، فحتى عندما "أطلقتم ما يقارب 500 صاروخ على إسرائيل منذ أبريل (نيسان) الماضي، لم تدمروا هدفاً عسكرياً واحداً أو تقتلوا جندياً إسرائيلياً واحداً. ولست في حاجة إلى أن أخبركم أنه في 19 أبريل الماضي أدت غارة جوية إسرائيلية على إيران إلى إتلاف نظام دفاع جوي من طراز أس-300 في قاعدة شكاري الجوية الثامنة في أصفهان، وقيل إن إسرائيل نشرت مسيرات وأطلقت صاروخاً واحداً في الأقل من طائرة حربية مزودة بتكنولوجيا التخفي ولم تروها قط. إنكم عارون". 

وأخيراً، يتحدث عن عزلة إيران بعد أن ألحقت إسرائيل أضراراً بالغة بـ"حزب الله" الذي استثمرت فيه طهران مليارات الدولارات، "لذا لم يعد يحميكم ضد الضربة الإسرائيلية على منشآتكم النووية. لقد ألحقنا أضراراً جسيمة بميليشيات الحوثي في ​​اليمن. لقد سئم الرئيس السوري بشار الأسد منكم ويريدكم خارج بلاده، وتبذل دول الخليج العربي الآن كل ما في وسعها لإبعاد الأسد عن إيران. يكرهكم الحزب الشيعي العراقي السائد بقيادة مقتدى الصدر بسبب الطريقة التي سرق بها نظامكم وميليشياتكم كثيراً من عائدات النفط من العراق وجر وكلاءكم العراقيين إلى معركتكم مع إسرائيل. تظهر استطلاعات الرأي مدى عدم شعبية نظامكم في جميع أنحاء العالم العربي. حتى (الرئيس الروسي) فلاديمير بوتين لا يريد أن يراكم تحصلون على قنبلة نووية. إيران مسلحة نووياً إلى الجنوب منه؟ إنه ليس مجنوناً إلى هذا الحد".

السلوك الإيراني

عند هذه النقطة يبدأ الجزء الثاني من الحوار الذي أعده فريدمان، إذ ينبغي هنا أن يقدم بيرنز لنظيره الإيراني الخيارات التي تنحصر في طريقين، "إما أن تغيروا سلوككم أو تخاطروا بالانهيار تحت وطأة تهوركم". والسلوك المقصود هنا يختلف عن ذلك الذي كانت تتحدث عنه واشنطن عندما تفاوضت مع إيران في شأن الاتفاق النووي خلال إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما قبل نحو عقد، إذ يرى الكاتب الأميركي أن الخطأ الذي ارتكبه الأميركيون في ذلك الوقت هو الهوس بكبح البرنامج النووي الإيراني بينما تجاهلوا الميليشيات المسلحة التي دعمتها إيران بصواريخ أكثر دقة وأطول مدى في لبنان وغزة وسوريا واليمن والعراق، تلك الميليشيات التي استخدمتها طهران لتقويض المصالح الأميركية ومصالح الحلفاء في المنطقة. 

ينتقل الحوار الذي يتصوره فريدمان إلى لهجة حاسمة من التهديد إذ يقول بيرنز، "نحن لم نعد نلعب هذه اللعبة. إذا واصلتم استخدام ميليشياتكم الإقليمية لمهاجمة إسرائيل ودخلتم في مواجهة صاروخية لا تعرف الحدود مع تل أبيب، فإننا سنحمي الإسرائيليين وسوف تتلقون ضربة موجعة. وإذا نفذتم تهديدكم بمهاجمة حقول النفط السعودية أو الإماراتية لردعنا أو إغلاق مضيق هرمز، فستسحق صناعتكم النفطية، ولن يغفر لكم شعبكم. فلا عجب أن تخبرنا معلوماتنا الاستخباراتية أنكم مذعورون من ضربة إسرائيلية".

الإمبريالية الإيرانية

ويمضي مدير وكالة الاستخبارات بالقول، "لذا إليكم ما نقترحه، وضع حد للإمبريالية الإيرانية في لبنان والعراق وسوريا واليمن وغزة مقابل التزامنا عدم إسقاط نظامكم، بل بدلاً من ذلك الانخراط معكم في بناء ترتيبات أمنية جماعية على مستوى المنطقة. أنتم تتراجعون ونحن نتراجع وإسرائيل تتراجع، لكن هذا الهراء المتمثل في رعاية الدول الفاشلة في لبنان واليمن وسوريا والعراق حتى تتمكن شعوبها من القتال والموت بينما أنتم تبتهجون بأمان في طهران يجب أن يتوقف الآن". 

وفي مقابل التهديد بتسليح إسرائيل بكل الأسلحة في الترسانة الأميركية بما في ذلك القنابل الخارقة للتحصينات التي يبلغ وزنها 30 ألف رطل والمصممة لتدمير المنشآت النووية على عمق كبير والقاذفات "بي-2" لنقلها، يمكن تقديم وعد بإجبار الإسرائيليين على الانسحاب من جنوب لبنان وغزة.

 ويستدل الكاتب على منطقية هذا السيناريو بتصريحات رئيس القيادة المركزية الأميركية السابق الجنرال كينيث إف ماكنزي جونيور الذي أشرف على مقتل قاسم سليماني عام 2020، لمجلة "ذا أتلانتيك"، "قد تبدو إيران غير متوقعة، لكنها تحترم القوة الأميركية وتستجيب للردع. عندما ننسحب تتقدم إيران وعندما نؤكد أنفسنا، بعد أن نزن الأخطار ونستعد لكل الاحتمالات، تتراجع إيران".

ويخلص إلى القول، إن الأزمة الحالية في الشرق الأوسط لن تنتهي حتى تحدد إيران حدودها الغربية وتعلن أن كل ما وراء ذلك يتعلق باللبنانيين والسوريين واليمنيين والعراقيين والإسرائيليين والفلسطينيين ليقرروه، إذ احترموا الحاجات الأمنية المشروعة لإيران. ويؤكد حتمية أن تتوقف إيران عن أعمال الإمبريالية الإسلامية، وفي سبيل ذلك يتعين على خامنئي (المرشد الأعلى في إيران) أن يواجه شعوراً عميقاً بالقلق الوجودي، لإقناعه بأن المسار الحالي يهدد بانهيار نظامه.

لكن ثمة دوراً شبيهاً تحتاج إسرائيل أن تقوم به إذ يحتاج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يطهر حكومته من "المستوطنين المجانين" في إشارة لوزراء الأحزاب اليمينية المتطرفة، وفتح محادثات مع "سلطة فلسطينية جديدة تتشكل من حكومة تكنوقراط جديدة بقيادة زعماء جديرين بالثقة مثل رئيس الوزراء السابق سلام فياض". ويؤكد فريدمان حتمية أن تحدد إسرائيل حدودها الشرقية بوضوح و"تعلن أن كل ما وراءها مخصص لدولة فلسطينية في الضفة الغربية، بمجرد أن يلبي الفلسطينيون المتطلبات الأمنية المشروعة التي تحتاج إليها إسرائيل لقبول حل الدولتين". 

المزيد من متابعات