Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هزيمة أم مراجعة؟ المعارضة الخرساء في تونس

هناك من يرى صمتها اعترافاً بالفشل وآخر يعتبره هدنة وقتية لتنظيم الصفوف والعودة بثوب جديد انتظاراً لنبض الشارع

عبرت هذه المكونات في محطات عدة عن عدم اعترافها بكل المسار الانتخابي ولا بنتائجه (أ ف ب)

ملخص

آخر نشاط للشبكة التونسية للحقوق والحريات حول الوضع العام في البلاد كان قبل يومين من موعد الانتخابات الرئاسية، إذ نظمت خلاله تجمعاً احتجاجياً عن الوضع الحقوقي الذي "اتسم بانتهاك الحقوق المدنية والسياسية خلال المرحلة الانتخابية"، بحسب بلاغ صدر عن الشبكة.

على غير المتوقع وصل صمت المعارضة في تونس بكل أشكالها إلى عدم تقديم أي اعتراض على نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في السادس من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، والتي فاز خلالها الرئيس الحالي قيس سعيد بعهدة ثانية، وذلك بعد أن عبرت هذه المكونات في محطات عدة عن عدم اعترافها بكل المسار الانتخابي ولا بنتائجه. 

وهذا الصمت له تفسيرات عدة، فهناك من يعتبره لحظة إدراك بضرورة مراجعة الحسابات وآخر يراه اعترافاً بالهزيمة، وفريق ثالث يعده هدنة وقتية لتنظيم الصفوف وربما العودة بثوب جديد في انتظار لنبض الشارع الذي يترقب تحقيق عهود قيس سعيد.

وفي هذا الصدد يرى الكاتب الصحافي نزار مقني أن "معظم الأحزاب المعارضة في تونس لا تزال في مرحلة مراجعة أدائها خلال المرحلة الماضية، وبالتالي فهي تبحث عن بداية جديدة"، موضحاً أن "بعضها يمكن أن يستمر في إنكار لحظة 25 يوليو (تموز)، تاريخ حل قيس سعيد للبرلمان عام 2021، وبعضها الآخر ستكون معارضته في إطار لحظة السادس من أكتوبر، تاريخ الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وكلاهما لا يمكنه إيجاد أرضية مشتركة للعمل في إطار حلف واسع أو جبهة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير مقني إلى أن "جلّ هذه الأحزاب تنتظر خطاب الرئيس المنتخب في جلسة التنصيب للتعبير عن مواقفها، مما قد يسمح بتغيير في المشهدية السياسية للمعارضة، أو المشهدية السياسية التونسية بعامة، على رغم تعبير رئيس الحملة الانتخابية للرئيس عن تلميحات بضرورة التهدئة وفق قاعدة نتائج الانتخابات".

وبحسب مقني فإن "هناك من سيتجه للعمل في إطار المعارضة، لكن وفق نتائج انتخابات السادس من أكتوبر والعمل بواقعية، وهناك من سيتجه نحو مواصلة الإنكار والبحث عن مشهد ما قبل الـ 25 من يوليو، وهو مشهد غير ممكن في ظل الأطر القانونية والسياسية التي تأست وفق دستور 2025".

اعتراف بالهزيمة

من جانبه يرى المحلل السياسي  محمد ذويب أن "صمت الأحزاب يؤكد اعترافها بالهزيمة وضعف حجمها في الشارع التونسي"، داعياً إلى ضرورة مراجعة مواقفها وطرق عملها، أما بخصوص الجمعيات والمنظمات التي أعربت في كل المحطات عن انتقادها للمسار الانتخابي وشككت فيه منذ البداية، فيرى ذويب أنها "ربما خائفة من المحاسبة وقانون الجمعيات الجديد الذي يطبخ على مهل"، وهو يقصد هنا المنظمات التي تمول من خارج البلاد، وهذه "ضربة قاصمة لهم قد تنهي وجوداً طال لأكثر من 12 عاماً في البلاد من دون حسيب أو رقيب"، بحسب ذويب.

أما الناشط السياسي رمزي عطوي فيقول إن "صمت الجمعيات والمنظمات، وبخاصة الممولة من الخارج، لا يأتي في إطار مراجعة حساباتها ولا الخوف من الحساب، بل كان  لديهم أمل طفيف لإزاحة نظام قيس سعيد من الحكم، ولذلك شاركت هذه الجمعيات في الحملة ضد النظام خلال الحملة الانتخابية، وظهر ذلك في تشكيل ما يسمى بالشبكة الوطنية للحريات التي تقودها أكثر من 25 جمعية ممولة أجنبياً، وكان هدفها إسقاط نظام قيس سعيد بأي صورة كانت، وصعود أي مرشح آخر مهما كان اسمه".

 

 

ويعتقد عطوي أن "السبب الحقيقي في صمتهم الآن هو تطبيق لأوامر المانحين الغربيين لهم والذين يخشون أن يقع المساس بمصالحهم كرد فعل من النظام بعد العداء الذي أظهروه خلال الحملة الانتخابية، والآن يدخل صمتهم في خانة محاولة الخروج بأخف الأضرار والقبول بقانون الجمعيات الجديد الذي تمت صياغته داخل مجلس نواب الشعب".

ويشار إلى أن آخر نشاط للشبكة التونسية للحقوق والحريات حول الوضع العام في البلاد كان قبل يومين من موعد الانتخابات الرئاسية، إذ نظمت خلاله تجمعاً احتجاجياً عن الوضع الحقوقي الذي "اتسم بانتهاك الحقوق المدنية والسياسية خلال المرحلة الانتخابية"، بحسب بلاغ صدر عن الشبكة.

مراجعة الحسابات

من جهة أخرى يرى الصحافي صبري الزغيدي أنه "يجب التفريق بين موقف الأحزاب وموقف المنظمات"، مضيفاً أن "الأحزاب نفسها تختلف تقييماتها حول المسار الانتخابي، أي يمكن أن نتحدث عن أحزاب دعت منذ البداية إلى المقاطعة، وهي معظم الأحزاب الديمقراطية، وأحزاب أخرى شاركت بطريقة ما في المسار الانتخابي وهي أحزاب جبهة الخلاص، بما فيها حركة النهضة الإسلامية، حتى إن عدداً من قيادييها اختاروا الدخول في هذا السباق الانتخابي على غرار عبداللطيف المكي".

 

 

ويعتقد الزغيدي أن الصمت محاولة من هذه الأحزاب لمراجعة حساباتها الداخلية مباشرة بعد هذه الانتخابات، وأن هذه الأحزاب عبرت عن طعنها في الانتخابات بصورة سياسية لا قانونية، كما تراجعت بعض الشخصيات السياسية عن الطعن في الانتخابات ربما لحسابات شخصية".

أما بخصوص المنظمات الحقوقية فيقول الزغيدي إنه "ليس من صلاحياتها الغوص كثيراً في المسائل السياسية وبخاصة المتعلقة بالانتخابات، فسقفها محدود عكس الأحزاب السياسية، لكن منذ البداية نددت هذه المنظمات وبخاصة المعروفة في تونس بهذا المسار الانتخابي، وقالت إنه عرف تجاوزات قانونية وتعتبر أنه جاء في مناخ سياسي يتسم بانتهاك الحقوق والحريات".

ويعتقد الزغيدي أن "هذا الصمت له تفسير واحد وهو أن الأحزاب والمنظمات تراجع أولاً حساباتها الداخلية وثانياً علاقتها بالسلطة، كما أنها تنتظر الوعود الخاصة بتعديل المرسوم رقم (54)المتعلق بحرية التعبير، إضافة إلى انتظارات أكثر من مليوني ناخب لتنفيذ الرئيس وعوده الاجتماعية والاقتصادية".

ويتوقع أن "هذه المكونات السياسية والاجتماعية سترصد خلال الأشهر القليلة المقبلة، وبخاصة يناير (كانون الثاني) المعروف تاريخياً في تونس بشهر الحراك والاحتجاجات الاجتماعي، نبض الشارع لتقول كلمتها الأخيرة".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات