Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طلبات التوصيل تربك الشوارع السعودية بالدراجات النارية

الجهات الرسمية تسجل تنفيذ 200 مليون عملية خلال 2023 والنصيب الأكبر في الرياض

سجلت الهيئة العامة للنقل نحو 4 آلاف مخالفة خلال سبتمبر الماضي على تطبيقات توصيل الطلبات (اندبندنت عربية)

ملخص

هيئة النقل السعودية تؤكد إيقاف منح التراخيص للدراجات النارية لتوصيل الطلبات عبر التطبيقات بصورة موقتة لحين صدور لائحة جديدة.

في خضم التحول الرقمي المتسارع أصبحت خدمات توصيل الطلبات جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية في السعودية، إذ تلبي احتياجات المستهلكين بسرعة وكفاءة، ومع هدير المحركات وضجيج الشوارع باتت الدراجات النارية رمزاً لتوصيل الطلبات بسرعة فائقة، لكن وراء هذه السرعة تكمن سلوكيات قد تتحول إلى كوارث على الطرقات.

بمجرد بضع نقرات على شاشة الهاتف، ينطلق مندوبو التوصيل بدراجاتهم النارية في سباق مع الوقت لتلبية طلبات العملاء، ومع سرعة إنجاز المهمات وتزايد الإقبال على هذه الخدمات، ظهرت بعض السلوكيات الخاطئة التي لاحظها المجتمع السعودي، إذ يتجاهل بعض سائقي الدراجات قواعد المرور، ويخترقون المسارات من دون حذر، ويراوغون بين السيارات، بل يصل الأمر إلى القفز على الأرصفة، مما يتسبب في فوضى كبيرة على الطرقات وحوادث قد تكون مميتة.

ومع الاعتماد المتزايد على خدمات التوصيل، أصبح من الضروري التصدي لهذه التجاوزات وإعادة النظر في سلوكيات القيادة، بهدف إيجاد حلول تضمن استمرار الخدمة بكفاءة وسلامة، من دون أن تكون السرعة على حساب الأرواح.

بحسب آراء المحللين لـ"اندبندنت عربية" فإن انتشار الدراجات النارية بهذه الصورة الواسعة يعد ظاهرة لافتة في السعودية، ومع تزايد انتشارها على الطرقات في السنوات الأخيرة، باتت تشكل تهديداً كبيراً على السلامة المرورية، ولا يقتصر هذا الخطر على سائقي الدراجات أنفسهم فقط، بل يمتد ليشمل السائقين الآخرين والمشاة، مما يستدعي معالجة عاجلة لضمان استدامة هذه الخدمة وتحسين تأثيرها في المجتمع.

وفي هذا السياق كشف المتحدث باسم الهيئة العامة للنقل صالح الزويد عن أن أكثر من 200 مليون عملية توصيل تمت في مختلف أنحاء السعودية خلال عام 2023، موضحاً في مقابلة له مع "الشرق للأخبار" أن العاصمة الرياض سجلت النصيب الأكبر من طلبات التوصيل، تلتها جدة ثم بقية المدن السعودية.

معايير التوصيل

وأفاد المدير التنفيذي لجمعية النقل والمركبات سامي السعيد "اندبندنت عربية" بأن تزايد حوادث الدراجات النارية في الفترة الأخيرة يعود للتجاوزات وقلة خبرة العاملين في هذا المجال، مضيفاً أن هذه الحوادث لا تؤثر فقط في الأفراد، بل تؤدي أيضاً إلى خسائر اقتصادية مباشرة وغير مباشرة، ومشيراً إلى أن غياب المسارات المخصصة للدراجات النارية يدفع بعض السائقين إلى استخدام مسارات المشاة، مما يعرض حياة الناس للخطر.

وأوضح السعيد أن قلة التدريب الكافي على القيادة الآمنة لسائقي الدراجات النارية، إلى جانب وجودهم بين السيارات وعلى الطرق السريعة، خلق فوضى خطرة زادت بصورة ملاحظة من احتمالية وقوع الحوادث.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى المدير التنفيذي لجمعية النقل والمركبات أنه من الضروري إعادة النظر في معايير التوصيل التي تعتمدها تطبيقات التوصيل، مثل زيادة مدة التوصيل من 15 دقيقة إلى ساعة أو أكثر، وتقليل عدد السائقين عن طريق زيادة عدد الطلبات لكل رحلة، مما سيسهم في تحسين السلامة المرورية، ودعا إلى استخدام وسائل نقل بديلة مثل الدراجات الكهربائية أو طائرات الدرون لتوصيل الطلبات في المناطق القريبة، بهدف تقليل الانبعاثات الكربونية والضوضاء.

وأضاف السعيد أن "تعزيز الرقابة على العاملين في خدمات التوصيل وفرض غرامات مالية عند مخالفتهم الأنظمة، إلى جانب إقامة محاضرات توعوية حول أهمية السلامة المرورية، يعد أمراً ضرورياً"، مؤكداً أن معالجة المشكلات المرتبطة بخدمات توصيل الطلبات تتطلب تعاوناً بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك المجتمع والمستثمرون، لضمان سلامة الجميع.

رأي الشارع

حاولت "اندبندنت عربية" استقصاء آراء المواطنين حول تزايد أعداد الدراجات النارية، وهي ظاهرة جديدة نسبياً في العاصمة، إذ أعربت نورة خالد عن تفضيلها السابق لتوصيل الطعام عبر السيارات، إذ كان الطعام يصل بحالة جيدة، إلا أن الوضع تغير مع انتشار الدراجات النارية، إذ وصفت سائقيها بالمراوغين، مما أدى إلى وصول الطلبات في حالة سيئة، كما أعربت عن انزعاجها من أسلوب قيادتهم المتهور في الشوارع الفرعية.

في المقابل ترى سارة صالح أن الدراجات النارية هي الحل الأمثل للتوصيل، لما توفره من سرعة ومرونة، خصوصاً في أوقات الزحام، وأشارت إلى أن استخدامها يضمن وصول الطلبات بصورة أسرع.

من جانبه عبر رائد محمد عن استيائه من سلوك سائقي الدراجات، واصفاً إياهم بالخطورة على الطرق السريعة بسبب المناورات المميتة التي يقومون بها، إضافة إلى عدم التزامهم بالقواعد المرورية وعدم ارتدائهم الزي الرسمي الذي يعكس الاحترافية.

الوعي بالأنظمة المرورية

صرح رئيس شعبة تخطيط النقل والسلامة المرورية بالجمعية السعودية لعلوم العمران علي مليباري لـ"اندبندنت عربية" أن عدداً من المخالفات ترصد بين سائقي الدراجات النارية على الطرقات، مثل السرعة الزائدة والتجاوزات الخطرة والمرور غير الآمن بين المركبات.

وأشار مليباري إلى أن هذه السلوكيات تزيد بصورة كبيرة من احتمالية وقوع الحوادث، مشيراً إلى أن "ذلك يعكس إما أن السائقين يدركون الأخطار لكنهم يتجاهلون الالتزام بقوانين السلامة، أو أنهم يفتقرون للوعي الكامل، وهي مسؤولية الجهات المشغلة التي لم تتخذ خطوات كافية لرفع مستوى الوعي لدى سائقيها".

وأوضح مليباري أن "على سائقي الدراجات النارية الالتزام بقوانين المرور، مع التأكد من أن الدراجات مؤهلة للسير بأمان من خلال إجراء الفحوصات الدورية وتزويدها بوسائل السلامة اللازمة"، كما شدد على أهمية اتباع السائقين لمتطلبات السلامة الشخصية، مثل ارتداء الخوذة الواقية ووسائل الحماية الخاصة بالمفاصل كاليدين والركبتين.

المخالفات على تطبيقات التوصيل

تواصلت "اندبندنت عربية" مع مصادر في الهيئة العامة للنقل وأكدت إيقاف منح التراخيص للدراجات النارية لتوصيل الطلبات عبر التطبيقات بصورة موقتة لحين صدور اللائحة الجديدة، وأوضحت أن العمل يقتصر حالياً على مقدمي الخدمات من الشركات التي حصلت سابقاً على الترخيص ضمن مرحلة البيئة التنظيمية التجريبية، جاء هذا القرار بعد أيام قليلة من انطلاق عمليات التطبيق الصيني "كيتا"، كأحدث تطبيقات التوصيل دخولاً إلى السوق السعودية.

 

 

وأصدرت الهيئة العامة للنقل في يناير (كانون الثاني) الماضي ست قرارات تنظيمية لقطاع توصيل الطلبات، بدأ تطبيقها بصورة تدريجية في أبريل (نيسان) 2024، وتضمنت إلزام غير السعوديين العاملين في تطبيقات التوصيل بالانضمام إلى إحدى الشركات المرخصة في نشاط النقل الخفيف، وتفعيل خاصية التحقق من الوجه للتأكد من هوية السائقين، إضافة إلى اعتماد زي موحد للعاملين غير السعوديين في هذا القطاع. ومع ذلك لا تزال الفوضى والسلوكيات العشوائية التي رصدت على أرض الواقع مستمرة، مما أثار تساؤلات المحللين حول جدية تطبيقات التوصيل في تنفيذ القرارات ومدى فاعلية الرقابة من الجهات المعنية.

أعلنت الهيئة العامة للنقل تسجيل نحو 4 آلاف مخالفة خلال سبتمبر (أيلول) الماضي على تطبيقات توصيل الطلبات، بمتوسط 143 مخالفة يومياً في البلاد، وذلك في إطار حملات مكثفة أجرتها الفرق الرقابية لمتابعة امتثال المرخصين للأنظمة واللوائح، موضحة أن المخالفات المرصودة شملت عدم التزام السائق بالزي المعتمد، أو تعاقد تطبيق التوصيل مع ناقل من الفئات غير المصرح بالتعاقد معها، إضافة إلى مخالفات تتعلق بالمركبة أو السائق لعدم استيفاء الاشتراطات المطلوبة، مثل عدم توفر الأدوات والمستلزمات اللازمة لضمان سلامة البضائع المنقولة.

وأصدرت الهيئة، بالتنسيق مع الإدارة العامة للمرور، ضوابط تنظيمية لاستخدام الدراجات الآلية، تضمنت معايير عامة واشتراطات للتسجيل والمواصفات الفنية للدراجة، إضافة إلى واجبات المندوب والنطاق الجغرافي المسموح بممارسة النشاط فيه، وأشارت إلى أن هذه الضوابط تتطلب الحصول على بطاقة تشغيل سارية، وألا تحمل الدراجة بطلبات ذات أوزان أو أبعاد تؤثر في سلامة مستخدمي الطرق، كما أكدت منع ممارسة النشاط في الطرق التي تحظرها الإدارة العامة للمرور والهيئة العامة للنقل.

وفي سياق متصل بدأ المرور السعودي أخيراً حملة ميدانية في العاصمة الرياض، لرصد وضبط المخالفات المرورية المتعلقة بالدراجات النارية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير