Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

10 نظريات مؤامرة راسخة عن اغتيال الرئيس جون أف. كينيدي

توجه النظريات أصابع الاتهام إلى روسيا و"سي آي أي" و"أف بي آي"

موكب كينيدي قبل دقائق من اغتياله (دالاس مورنينغ نيوز/ملكية عامة)

ملخص

بعد مرور 60 عاماً على أشهر حادثة اغتيال على الإطلاق، التي سقط الرئيس الأميركي جون أف. كينيدي ضحيتها، نتذكر أشهر نظريات المؤامرة التي ارتبطت بالحادثة ولا تزال قائمة حتى اليوم

يبرز عنصر مرعب في اغتيال جون كينيدي خلال الـ22 من نوفمبر (تشرين الثاني) 1963، وهو أنه مثل أول خبر تلفزيوني كبير يبث على الهواء مباشرة، إذ تابع نحو نصف الشعب الأميركي تغطية الحدث خلال الساعتين التاليتين لإطلاق النار، وبعد يومين كان نصف الشعب يتابع في بث مباشر مشاهد إقدام جاك روبي على قتل لي هارفي أوزوالد المشتبه فيه بتنفيذ عملية الاغتيال.

ومن وجهة نظري الشخصية، كانت هذه من أكثر اللحظات إثارة ودهشة في التاريخ الحديث – وليس فقط بسبب الاغتيال بحد ذاته مع ما يحمله من طابع درامي بالغ، بل لما أصبحت تعنيه الحادثة في نهاية المطاف، ففي ذلك الوقت رأى الناس فيها نقطة فاصلة وعنيفة، ترمز إلى فقدان البراءة الأميركية إلى غير رجعة، ومنذ ذلك الحين باتت حادثة إطلاق النار في دالاس أسطورة أسهمت في تأسيس الشعبوية الأميركية وأمست ملتقى لجميع نظريات المؤامرة.

ونظريات المؤامرة ليست جديدة على الإطلاق، وكثيراً ما شكلت جزءاً من الحياة الأميركية، منذ نشأة الجمهورية. وحتى عندما كان الرئيس كينيدي يستعد لزيارته دالاس، كان بعض المهووسين يقومون بتوزيع منشورات تحمل رسائل مألوفة إلى حد مريب ظهرت عليها صورة الرئيس، وتحتها عبارة "مطلوب بتهمة الخيانة" إلى جانب اتهامات أخرى تفيد بأنه "يسلم سيادة الولايات المتحدة إلى منظمة الأمم المتحدة الخاضعة لسيطرة الشيوعيين...".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لذا في الأمر دلالة على أن نظريات المؤامرة الأكثر رواجاً –التي تتمحور حول وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أي) والمافيا والمجمع الصناعي العسكري– تسلط الضوء على العدو الداخلي بدلاً من الخارجي. وبنظر المؤمنين بنظريات المؤامرة سيكون من المحبط فعلاً لو تبين أن فيديل كاسترو أو الكرملين هو من دبر عملية اغتيال كينيدي، ومن ثمَّ، فإن المغزى الأساس يكمن في كشف النقاب عن الأسرار المظلمة للديمقراطية الأميركية، وفي فضح ما وصفه أحد واضعي نظريات المؤامرة بـ"التحالف الفاسد بين سلطة الدولة والشركات الذي بات يهدد بفرض إقطاعية مؤسسية من نوع جديد على بلادنا". لكن ماذا عن اسم واضع نظريات المؤامرة هذه؟ ليس سوى روبرت أف كينيدي جونيور ابن شقيق الرئيس المغدور.

واللافت أنه في غياب أي اعتراف رسمي أو محاكمة لا يزال الإنترنت يعج اليوم بنظريات مؤامرة كثيرة، وفي كتاب من 1632 صفحة صدر عام 2007 بعنوان "استعادة التاريخ: اغتيال الرئيس جون كينيدي" Reclaiming History: The Assassination of President John F Kennedy، يعدد المؤلف فنسنت بوليوسي 44 منظمة من بينها النازيون والجماعات شبه العسكرية الفرنسية، إلى جانب 214 شخصاً آخر بدءاً بريتشارد نيكسون ومروراً بجون إدغار هوفر ووصولاً إلى عازف الطبول في فرقة فرانك سيناترا، وجميعهم اتهموا بالتورط في عملية الاغتيال.

ومن بين أكثر النظريات غرابة التي تناولها بوليوسي الادعاء بأن الحاكم جون كونالي أطلق النار على نفسه وكذلك على الرئيس، وأن ضابط شرطة انتحل شخصية كينيدي، في حين أن هذا الأخير نجا وحضر لاحقاً حفلة عيد ميلاد الكاتب ترومان كابوت بعد عام من الحادثة، ووردت نظرية أخرى تقول إن كينيدي قتل على يد مجموعة تضم هنري كيسنجر وديفيد روكفيلير وجورج بوش الأب بعدما اكتشف الرئيس اتفاقاً سرياً عقدوه مع كائنات فضائية لبناء قاعدة على سطح القمر.

ويعلق بوليوسي ساخراً "مع وجود 82 مسلحاً [مزعوماً] في الأقل أطلقوا النار على كينيدي في ديلي بلازا في ذلك اليوم، من المدهش أن يكون جثمانه قد وصل إلى طاولة التشريح في حالة سليمة إلى هذا الحد".

أما النظريات الـ10 الأبرز التي حظيت بأوسع انتشار على مدار 60 عاماً مضت، فهي كالتالي:

الروس اغتالوا كينيدي

أدلة مساندة:

بعدما باغت الروس في موقفهم كينيدي خلال مؤتمر فيينا خلال يونيو (حزيران) 1961 وتبع ذلك بناء جدار برلين بعد شهرين، تمكن الرئيس الأميركي من استعادة كرامته خلال أزمة الصواريخ الكوبية خلال أكتوبر (تشرين الأول) من العام التالي، فبرز آنذاك (أقله في الإعلام الغربي) باعتباره رجل الدولة الأقوى الذي أجبر خروتشوف على التراجع عن مواجهة نووية كانت وشيكة وبناء على ذلك كان اغتيال كينيدي فرصة سانحة للروس للانتقام من الإهانة التي لحقت بهم.

وعدا عن هذا فإن لي هارفي أوزوالد بحد ذاته كان يعرف عن نفسه في سنين المراهقة قائلاً إنه اشتراكي، وقد زاد شغفه بهذا الفكر عندما وصل إلى سن النضوج فراح يقرأ القواميس الروسية خلال فترة خدمته في القوات البحرية الأميركية، وسافر إلى روسيا خلال أكتوبر 1959 في محاولة منه للتخلي عن جنسيته الأميركية والاستقرار في تلك البلاد.

أدلة مضادة:

من المعروف أن أكثر ما تاقت إليه القيادة السوفياتية كان تحقيق الاستقرار ضمن النظام العالمي ومن ثم جاء اغتيال الرئيس الأميركي ليشكل مغامرة غير مبررة ذات تداعيات جسيمة وبخاصة أن معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية المبرمة في أكتوبر 1963، أي قبل شهر واحد من مقتل كينيدي، كانت تشير إلى بداية فك الجمود في العلاقات خلال فترة الحرب الباردة.

وفي سياق متصل، تتيح الوقائع المتعلقة بإقامة أوزوالد في الاتحاد السوفياتي استبعاد فرضية أن يكون هذا الأخير قاتلاً مأجوراً من السوفيات، فبعد قضائه فترة في مستشفى للأمراض العقلية، أُرسل إلى مصنع للإلكترونيات في مينسك البيلاروسية، إذ أمضى بضعة أعوام بائسة كعامل تشغيل مخرطة، وفي مايو (أيار) 1962 وبعد زواجه (وإنجابه ابنة)، ترجى السفارة الأميركية لتسمح له بالعودة إلى الوطن. وبذلك، ما من دليل أبداً يربط بين السوفيات والاغتيال، أو بين أوزوالد والحكومة السوفياتية، كما أن المهووسين بنظريات المؤامرة يحاولون الابتعاد عن الفرضية الروسية، إذ إن هذه الفرضية لا تشبع رغباتهم ولا تلبي حاجتهم العميقة إلى فضح عصابة سرية تدير الشؤون السياسية الأميركية.

اغتاله كاسترو والكوبيون

أدلة مساندة:

في أبريل (نيسان) 1961 وبعد أشهر قليلة من توليه سدة الرئاسة، أطلق كينيدي عملية "خليج الخنازير" الكارثية التي قادتها "سي آي أي" بهدف الإطاحة بفيديل كاسترو، الرئيس الكوبي المدعوم من الاتحاد السوفياتي، وللتذكير، فقد جاء كاسترو إلى السلطة بعدما أسقط الطاغية الموالي للأميركيين فولغنسيو باتيستا عام 1959، ومع تزايد مخاوفه من غزو ثان أمكن أن يكون أكثر نجاحاً، طلب كاسترو من خروتشوف دعماً سوفياتياً أكبر للثورة الكوبية، مما تسبب بأزمة الصواريخ الكوبية في أكتوبر 1962.

وقد قامت "سي آي أي" بمئات المحاولات الفاشلة لاغتيال كاسترو مستخدمة مجموعة متنوعة من أساليب القتل، بدءاً بالسيجار السام ومروراً بالصدف المتفجر، لذا ما الذي كان سيمنع الكوبيين من تنظيم عملية اغتيال أكثر نجاحاً تستهدف قائداً أميركياً؟ نالت هذه النظرية صدقية أكبر، وبخاصة عندما ننظر إلى شغف لي هارفي أوزوالد بكوبا. فبعدما عجز هذا الأخير عن تحقيق طموحاته في روسيا، سافر إلى مدينة مكسيكو في سبتمبر (أيلول) 1963 وحاول الحصول على تأشيرة دخول إلى كوبا.

أدلة مضادة:

يتوافق مصدران موثوقان، هما صحافي فرنسي رافق كاسترو في الـ22 من نوفمبر 1963 وبيانات مأخوذة من اختراقات "سي آي أي"، على أن الكوبيين كانوا يخشون إمكانية توجيه اتهامات كاذبة لهم باغتيال الرئيس كينيدي، وأن يكون الرئيس الذي سيخلفه أكثر تشدداً منه حتى، وعلى رغم وجود مصلحة لدى الأميركيين في إلقاء المسؤولية على كوبا – حتى إن لجنة مجلس النواب المختارة المعنية بالاغتيالات استجوبت كاسترو شخصياً في سبعينيات القرن الـ20 – لم يتمكنوا يوماً من العثور على أي دليل يربط كاسترو باغتيال كينيدي.

اغتاله كوبيون في المنفى الأميركي

أدلة مساندة:

لام الكوبيون في المنفى الرئيس كينيدي على إخفاقه في عملية "خليج الخنازير"، واعتبروها فشلاً ألحق بهم لعنة المنفى لفترة مطولة، لذا، ما كان المانع من أن يكونوا قد قرروا استعادة كرامتهم من خلال اغتيال الرئيس الأميركي، متهمين كاسترو بذلك، عساهم يحققون هدفين هما التخلص من كينيدي وتوجيه أصابع الاتهام إلى كاسترو، فيطاولون بالتالي زعيمين يكرهون وجودهما، ويصيبون عصفورين بحجر واحد؟

أدلة مضادة:

كان معظم الكوبيين في المنفى من الأطباء والمفكرين ورجال الأعمال من الطبقة الوسطى، مما جعلهم غير قادرين على تكوين مجموعة يمكنها الاستعانة بقتلة لتنفيذ عمليات اغتيال. ومن ثم، ما الذي كان سيدفع أوزوالد، الذي يكن كراهية للكوبيين المنفيين ويعبر عن إعجابه بكاسترو، إلى العمل معهم في أي ظرف من الظروف؟

وصحيح أن كينيدي كان مصراً على التخلص من كاسترو، وعلاقته مع الجالية الكوبية في المنفى كانت إيجابية إلى حد كبير في أواخر حياته، ففي أعقاب أزمة الصواريخ شارك في حدث بمدينة ميامي، إذ استقبل سجناء محررين تم احتجازهم خلال عملية "خليج الخنازير". وقد تجمع عشرات الآلاف من المتحمسين في الشوارع لاستقباله، وقدم له علم كوبا. حتى إن كينيدي عبر عن أمله قائلاً "ذات يوم، سيعود هذا العلم إلى هافانا حرة"، مما أشعل الحشود التي راحت تهتف له بحماسة.

اغتالته "سي آي أي" بالتنسيق مع المجمع الصناعي العسكري

أدلة مساندة:

في أعقاب عملية "خليج الخنازير"، أعرب الرئيس كينيدي عن رغبته في "تفتيت وكالة ’سي آي أي‘ إلى جزيئات ونثرها في مهب الريح"، لكن حتى لو أنه لم يقل ذلك فعلاً (وأن المؤرخين يواجهون صعوبة في العثور على الاقتباس الدقيق)، فإن ذلك لا يهم ما دام عامة الناس يعتقدون أنه فعل.

وفي الواقع، تستند هذه النظرية إلى مبدأ يقوم إما على تصفية كينيدي أو على القضاء على وكالة الاستخبارات المركزية، ومن ثم فإن تقاعس كينيدي الواضح عن إرسال قوات إضافية إلى فيتنام قد هدد مصالح الحلفاء النافذين لوكالة "سي آي أي" داخل المجمع الصناعي العسكري. ومن ثم فقد تآمروا معاً ورموا به في الهاوية، وبالعودة إلى الموضوع فإن السردية أعلاه ليست سوى ملخص موجز لفيلم أخرجه أوليفر ستون عام 1991 بعنوان "جي إف كي" JFK. لكن السؤال يبقى، هل يمكن أن يكون لي هارفي أوزوالد عميلاً لـ"سي آي أي"؟ وما المانع من ذلك؟ ففي النهاية، السفارة الأميركية لدى موسكو نفسها قدمت له قرضاً بقيمة 435 دولاراً لتغطية كلف عودته إلى الوطن عام 1962.

أدلة مضادة:

لم يسع كينيدي قط إلى سحق وكالة "سي آي أي" بل عمد إلى تعيين مدير جديد لها، وكان يتناول معه غداءً ودياً مرة في الأسبوع، ومع أن الوكالة لديها سجل حافل من التواطؤ على اغتيال القادة الأجانب، لكنه لا تاريخ لديها في مجال اغتيال السياسيين الأميركيين على الأراضي الأميركية (في الأقل بصورة رسمية). ومن ثم فإن كينيدي الشغوف بالسياسة الدولية، الذي تبوأ مقاليد الحكم واعداً "بدفع أي ثمن، وتحمل أي عبء، والدفاع عن الحرية" كان يعد إضافة قيمة للوكالة، ولم يشكل تهديداً لها. وبصفته من دعاة التصعيد خلال الحرب الباردة، قام بزيادة عدد المستشارين العسكريين بصورة جذرية في فيتنام.

ولو أن "سي آي أي" والمجمع الصناعي العسكري كانا يريدان اغتيال كينيدي، أليس من المنطقي أن يحاولا الأمر ذاته مع جونسون الذي أقر إصلاحات جذرية في مجال الحقوق المدنية، ونيكسون الذي زار بكين؟ وماذا عن ترمب الذي لم يتوان عن التهجم على "سي آي أي" وحلف شمال الأطلسي (الناتو)؟

لقد كان أوزوالد من بين 2343 مواطناً أميركياً معدماً أعيدوا إلى الوطن بين عامي 1959 و1963، وذلك بفضل قرض قدمته وزارة الخارجية الأميركية، لذا لم يكن وصفه بالقاتل الذي يعمل لمصلحة "سي آي أي" مقنعاً إلى هذا الحد. والحال أن جهاز الاستخبارات السوفياتي "كي جي بي"، المعروف بكونه أكثر الأجهزة تشكيكاً في العالم، ظل يراقبه على الدوام خلال الفترة التي أمضاها في الاتحاد السوفياتي، وقد استنتج أنه شخص معزول ومنعدم الكفاءة وأنه لا يمتلك المهارات اللازمة [للقيام بعملية الاغتيال].

اغتاله مكتب التحقيقات الفيدرالية "أف بي آي"

أدلة مساندة:

كان جون إدغار هوفر مدير "أف بي آي" يتمتع بعلاقة غريبة مع عائلة كينيدي، فقد كان يرفض نفوذ روبرت شقيق الرئيس والمدعي العام، ويخشى أن يقوم الرئيس بإجباره على التقاعد عندما يبلغ الـ70 من العمر عام 1965 (لكن في الواقع، استمر هوفر في منصبه في ظل رئاسة رئيسين آخرين، إلى أن تنحى أخيراً عام 1972).

وفي الـ24 من نوفمبر 1963، أي بعد يومين من اغتيال الرئيس كينيدي، اتصل هوفر بأحد مساعدي جونسون مشدداً على أهمية إقناع الرأي العام بأن أوزوالد هو القاتل الحقيقي. وعلى نحو منفصل، كانت والدة أوزوالد قد صرحت للصحف عام 1961 بأن ابنها كان يعمل عميلاً لدى "أف بي آي" أثناء وجوده في الاتحاد السوفياتي.

أدلة مضادة:

يمكن تفسير المكالمة الهاتفية التي أجراها هوفر في الـ24 من نوفمبر على نحو أكثر تفصيلاً بأنها جاءت نتيجة قلقه المتزايد إزاء موجة الإشاعات والمزاعم التي ربطت بين مقتل كل من كينيدي وأوزوالد، والواقع أن هوفر كان يسعى إلى إحكام السيطرة على الرواية المتداولة، قبل أن يستولي عليها أصحاب نظريات المؤامرة الخبيثة [ويسيئوا توجيه الرأي العام]، غير أن مساعيه لم تكلل بالنجاح بطبيعة الحال.

في الواقع، كانت عناصر "أف بي آي"، وهي الوكالة الاستخباراتية المحلية، على دراية بتحركات أوزوالد نظراً إلى سلوكه المريب في روسيا، ومع ذلك لم يكن لديهم أي سجل في تعيين عملاء سريين في الخارج أو في تنفيذ اغتيالات تستهدف شخصيات سياسية أميركية، ومن ثم كانت المنافسة بين مؤسستي "أف بي آي" و"سي آي أي" حادة للغاية.

وفي هذا السياق، يثار تساؤل حول مدى احتمال تورط أي من "أف بي آي" أو "سي آي أي" – وهما مؤسستان حكوميتان يعمل فيهما عادة أفراد يتمتعون بالذكاء ويمتلكون حساً عالياً بالمسؤولية تجاه المجتمع – مع بقائهم قادرين على إبقاء الأمر طي الكتمان لهذا الوقت الطويل.

أما بالنسبة إلى مشاريع هوفر التقاعدية، فتشير الدلائل إلى أنه وبعدما عمل عن كثب مع الرئيس كينيدي لمدة ثلاثة أعوام، تمكن من إعداد ملف شامل حول الرئيس، يتضمن تفاصيل علاقاته العاطفية خارج إطار الزواج، ومن المؤكد أن الكشف عن هذه التفاصيل كان ليعد وسيلة أكثر فاعلية بكثير لضمان استمراره في مناصب إدارية عليا، مقارنة باغتيال كينيدي في وضح النهار.

أما والدة أوزوالد التي كانت تعاني أنانية واضحة وانشغالاً مفرطاً بنفسها، مما جعلها غير قادرة على تربية ابنها بالصورة المناسبة حتى كادت ترسل ابنها إلى دار رعاية في خمسينيات القرن الـ20، فلم تكن تعد أبداً من الشاهدين الموثوقين في تلك القضية.

اغتاله رجال أعمال يمينيون

أدلة مساندة:

في صباح يوم اغتياله عرض على كينيدي إعلان في صحيفة "دالاس مورنينغ نيوز"، التي تمولها مجموعة مناصرة سياسية يمينية، واشتمل الإعلان ترحيباً ساخراً بالرئيس، واتهاماً له بالشيوعية.

أدلة مضادة:

أشرف كينيدي على اقتصاد نام على امتداد ثلاثة أعوام أدار فيها البلاد، فقامت إدارته بخفوض ضريبية ناهزت نسبتها 20 في المئة. وفي قلب المركز العملي للحزب الديمقراطي، ضمت إدارته عدداً من الأشخاص الذين قضوا حياتهم المهنية في واشنطن وعملوا سابقاً في خدمة سلفه الجمهوري، دوايت أيزنهاور. والحال أنه [أي كينيدي] لم يكن يسارياً بقدر ما كان فرانكلين د. روزفلت مثلاً، الذي لم يتعرض [هو التالي] للاغتيال على يد رجال أعمال يمينيين. ومن ثم، لم يكن رجال الأعمال اليمينيون على صلة بـلي هارفي أوزوالد الذي كان اشتراكي الميول.

اغتاله نائب الرئيس ليندون ب جونسون

أدلة مساندة:

من هو المستفيد من اغتيال كينيدي، ومن يمتلك مصلحة في ذلك؟ لا شك أن المستفيد الأكبر هو نائب الرئيس، ليندون جونسون، الذي تولى المنصب الرئاسي مباشرة بعد الاغتيال، وأصبح الرئيس السادس والثلاثين للولايات المتحدة. فهل هي مجرد مصادفة أن يتم اغتيال كينيدي في ولاية تكساس، مسقط رأس جونسون، وأن يكون هذا الأخير قد سعى إلى تعميق تورط الولايات المتحدة في مستنقع فيتنام؟

أدلة مضادة:

نعم، هي فعلاً مصادفة. فما الذي قد يدفع جونسون المعروف بذكائه في الساحة السياسية إلى المجازفة باغتيال رئيسه في وضح النهار وداخل الولاية التي ولد فيها، إن كان بإمكانه القضاء عليه بسهولة أكبر في واشنطن؟

من الواضح أن جونسون كان في حالة من اليأس الشديد عقب اغتيال كينيدي وتجلت أولى مبادراته لدى دخوله إلى البيت الأبيض في صياغة رسائل مؤثرة إلى طفلي كينيدي. وقبل نهاية الشهر أسس "لجنة وارن" للتحقيق في اغتيال والدهما، وعين فيها عدداً من خصومه السياسيين. ومن يذكر أن جونسون لم يكن سمع عن لي هارفي أوزوالد على الإطلاق قبل يوم الـ22 من نوفمبر 1963.

اغتاله تنظيم "كو كلوكس كلان"

أدلة مساندة:

أثار دعم الرئيس كينيدي للحقوق المدنية خلال صيف عام 1963 حفيظة العنصريين في جنوب الولايات المتحدة. وفي هذا الإطار حملت وكالة أنباء "تاس" السوفياتية الأوساط الفاشية والعنصرية اليمينية المتطرفة مسؤولية اغتيال الرئيس.

أدلة مضادة:

لم تكن وكالة أنباء "تاس" مثالاً على المصدر الإخباري الأكثر موثوقية. ومن ثم، كان "كو كلوكس كلان" تنظيماً فظاً وفوضوياً ومنعدم الكفاءة، وكان محور تحريات مكثفة قامت بها السلطات.

ومن ثم، من غير المحتمل أن يكون التنظيم أعد مخططاً ونفذ عملية اغتيال مدروسة من دون أن تتمكن شرطة دالاس أو "أف بي آي" أو "لجنة وارن" من الكشف عن أية أدلة تدينهم.

وكذلك، من المستبعد أن يكون التنظيم قد عمل بالتعاون مع لي هارفي أوزوالد المعروف بميوله الشيوعية.

المافيا اغتالت كينيدي وبعد ذلك استخدمت جاك روبي لإسكات أوزوالد

أدلة مساندة:

كانت المافيا تكن كراهية شديدة لروبرت كينيدي الذي قاد حملة واسعة لمكافحة الابتزاز والفساد. وتظهر تسجيلات التنصت التابعة لـ"أف بي آي" أن أفراد العصابات أبدوا فرحهم العارم لمقتل جون كينيدي. ويعتقد البعض أن جون كينيدي الذي كان يشغل منصب السفير لدى بريطانيا وقت اندلاع الحرب العالمية الثانية أسهم في شراء انتخابات عام 1960 الرئاسية لمصلحة ابنه بالتعاون مع المافيا. وعندما لم يحقق كينيدي الأشياء المتوقعة منه أقدمت هذه الجماعات على اغتياله.

لكن هناك جانباً لا يمكن إنكاره في نظرية المافيا التي تثير حماسة المؤمنين بنظريات المؤامرة، وهو أن لي هارفي أوزوالد اغتيل خلال الـ24 من نوفمبر على يد جاك روبي مالك ناد ليلي محلي، بينما كان موقوفاً لدى الشرطة. وقد عرف روبي بشرائه المشروبات الروحية لأشخاص متورطين في الجريمة المنظمة. من ثم، تثار تساؤلات حول ما إذا كان روبي استخدم لإسكات أوزوالد ولمنعه من التحدث مجدداً وفضح المستور. وما لا شك فيه أن عناصر شرطة دالاس واجهوا إحراجاً شديداً، إذ إن السجين البارز المحتجز لديهم قتل بإطلاق الرصاص أمام أنظار 70 ضابطاً –وأنظار وسائل الإعلام العالمية– أثناء نقله إلى مكان أكثر أماناً.

أدلة مضادة:

تكاد كل نظريات المؤامرة تشتمل على عنصر المافيا التي اكتسبت نفوذاً خلال فترة حظر الكحول في الولايات المتحدة خلال عشرينيات القرن الـ20، وظلت تستقطب اهتمام العموم بفضل سلسلة أفلام "العراب" The Godfather التي صدرت خلال سبعينيات القرن الماضي، بيد أن المافيا الأميركية كانت شديدة الاختلاف عن نظيراتها في صقلية، بمعنى أنها سعت جاهدة إلى تجنب استهداف القضاة أو السياسيين. وصحيح أنها كانت تكن كراهية شديدة لروبرت كينيدي لكن هل يعني ذلك أنها كانت ستسعى إلى طمس تحقيقاته عبر استهداف شقيقه؟ تظهر تسجيلات التنصت لدى "أف بي آي"، التي طالت زعيم مافيا في فيلاديلفيا، أن عناصرها كانوا يخشون من أن يخلف كينيدي من قد يكون أكثر تشدداً. ومن ثم ما من أدلة أبداً تدعم فكرة وجود فساد منظم في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 1960.

بطريقة مماثلة، يصعب تحديد من كان أبعد من أن يكون قاتلاً من قبل المافيا: هل هو جاك روبي أم لي هارفي أوزوالد؟ فالحال أن أوزوالد كان يفتقر إلى الكفاءة، حتى أنه لم يكن يمتلك سيارة للهرب. أما روبي القاتل الذي يفترض أنه أرسل لتحييد أوزوالد فقد قضى اليومين اللذين أمضاهما أوزوالد قيد التحقيق في التنقل بين أرجاء المدينة باكياً، ومعبراً للجميع عن مدى حبه لعائلة كينيدي. وقبل أن يقتل أوزوالد بثلاث دقائق كان روبي ينتظر في صف أمام أحد المصارف لدفع أجر إحدى فتيات التعري العاملات عنده. وكان من قبيل المصادفة فعلاً أنه مر أمام مركز الشرطة في اللحظة ذاتها التي كان ينقل فيها أوزوالد إلى مكان احتجاز آخر.

ومع أن روبي غالباً ما اشترى المشروبات الروحية لعناصر من المافيا، لكنه قدم مشروبات (وكان المشروب المفضل لديه هو التونيك بالكرافس) لضباط شرطة دالاس. وفي الواقع، ما من دليل أبداً على أنه كان متورطاً في الجريمة المنظمة.

أوزوالد كان مهووساً يتصرف بمفرده

أدلة مساندة:

ولد هارفي أوزوالد في مدينة نيو أورلينز بولاية لويزيانا لأم تتمتع بطباع حادة وأب توفي قبل ولادته بشهرين. وعُرف أوزوالد كفتى انطوائي ووحيد ومضطرب. وبعد انتقاله إلى منطقة برونكس في نيويورك في سن الـ12 أُرسل إلى مركز إصلاحي إذ شخص طبيب نفسي حالته وقال إنه يعاني اضطرابات في الشخصية وأن لديه نزعة نحو انفصام الشخصية (شيزوفرينيا). وخلال عام 1956 انضم إلى القوات البحرية الأميركية في سن الـ17 إذ أظهر نتائج مذهلة في التصويب، مما جعله مؤهلاً ليصبح قناصاً ماهراً.

والحال أن الحياة العسكرية أثقلت كاهله، مما دفعه إلى ترك القوات البحرية بعد ثلاثة أعوام من الخدمة. وبعد ذلك أمضى فترة داخل روسيا قبل أن يعود إلى تكساس برفقة زوجته التي كان يعتدي عليها بالضرب بصورة متكررة، وبرفقة ابنته الصغيرة. وخلال مارس (آذار) 1963 قام بشراء بندقية عبر الطلب البريدي مستخدماً اسماً مستعاراً هو "أي جي هايدل". وخلال الشهر التالي استخدم هذه البندقية في محاولة اغتيال اللواء الانفصالي إدوين ووكر الذي كان يقيم في دالاس إلا أن الرصاصة أخطأت هدفها ففر هارباً في ظلمة الليل. وخلال أكتوبر حصل على وظيفة في مستودع تكساس للكتب المدرسية، وهو مستودع يقع في وسط مدينة دالاس. وخلال الـ19 من نوفمبر أعلن عن المسار الذي كان سيسلكه الرئيس.

وخلال الخميس الموافق الـ21 من نوفمبر، وهو اليوم الذي سبق اغتيال كينيدي قام أوزوالد بخطوة غير تقليدية، إذ زار زوجته على رغم أنهما كانا يعيشان منفصلين خلال الأسبوع. وقد ترك لها خاتم زواجه وأخذ معه طرداً وصفه بأنه قضبان للستائر. وفي صباح اليوم التالي قام أحد جيرانه بإيصاله إلى دالاس وكان يحمل طرداً طويلاً ملفوفاً بورق بني.

وفي منتصف النهار وقبل نصف ساعة من اغتيال كينيدي رصد بعض الزملاء أوزوالد داخل الطابق السادس، وقد رفض الانضمام إليهم للغداء وطلب منهم إغلاق باب المصعد. ويذكر أنه لم يكن هناك أحد سواه في ذلك الطابق وأن أي شخص غيره لم يغادر المبنى بعد وقوع إطلاق النار. وخلال الساعة 01:06 من بعد الظهر، أي بعد ست دقائق من إعلان وفاة كينيدي اكتشفت شرطة دالاس مخبأ القناص بجوار نافذة داخل الطابق السادس. وبعد 16 دقيقة عثر عناصر الشرطة على سلاح الجريمة الذي كان عبارة عن بندقية مشاة.

وفي تلك الأثناء كان أوزوالد استقل حافلة لكنها علقت في زحمة السير فانتقل إلى سيارة أجرة، وهو سلوك لم يكن معتاداً عليه. وبعد ذلك خرج في منطقة "أوك كليف" في دالاس، إذ تواصل معه الشرطي جي دي تيبيت الذي لاحظ تصرفاته المشبوهة. وخلال الساعة 01:11 من بعد الظهر وعند تقاطع "إيست تنث ستريت" و"ساوث باتون أفنيو" شاهد أحد المارة أوزوالد وهو يردي تيبيت قتيلاً برصاصة. واعتقل بعد نحو نصف ساعة داخل مسرح، إذ قال للشرطي الذي اعتقله "سمعت أنهم يحرقون من يرتكب جريمة قتل". وعثر الشرطي في محفظته على بطاقتي هوية، وكانت الأولى باسم لي هارفي أوزوالد والثانية باسم أي جي هايدل.

وبينما كان النقيب جي دبليو فريتز يخضعه للاستجواب، أنكر أوزوالد تورطه في نشاطين قانونيين تماماً بطبيعتهما، أولهما إحضار قضبان ستائر إلى مكان عمله، والثاني شراؤه بندقية عبر طلب بالبريد تحت الاسم المستعار "أي جي هايدل". ومع نهاية الـ23 من نوفمبر، تمكن عناصر "أف بي آي" من مطابقة البندقية مع البضائع المعروضة في أحد المتاجر التي تتعامل بالطلبات البريدية في شيكاغو، ومن مطابقة خط اليد على الحوالة البريدية مع خط أوزوالد، فضلاً عن العثور على صورة له وهو يحمل البندقية في الفناء الخلفي لمنزله.

وخلال اليوم التالي زارته والدته وزوجته برفقة شقيقه، وكانوا جميعاً على قناعة بأنه هو من اغتال كينيدي. وبعد مرور 10 أشهر، أصدرت "لجنة وارن" تقريراً من 888 صفحة خلصت فيه إلى أن لي هارفي أوزوالد تصرف بمفرده، نافيةً بذلك وجود أية مؤامرة.

أدلة مضادة:

أنكر لي هارفي أوزوالد تورطه في اغتيال الرئيس كينيدي مدعياً أنه كان مجرد "كبش فداء مخدوع". وخلال الـ24 من نوفمبر، وحين أطلق جاك روبي النار عليه حاول المحققون من دون جدوى إنقاذ حياته. وأثناء ذلك وقف أحدهم فوقه وسأله مراراً: "أليس لديك ما تقوله الآن؟"

لقد أخذ أوزوالد سره معه إلى القبر، وأعلنت وفاته في المستشفى نفسه الذي أعلن فيه عن وفاة كينيدي، وذلك بعد يومين وسبع دقائق من رحيل الرئيس.

مقتبس من كتاب بعنوان "أحداث لا تحتاج إلى لسرد: قاموس من الألف إلى الياء لحوادث تاريخية تثير الفضول" The Rest is History Returns: An A-Z of Historical Curiosities من تأليف توم هولاند ودومينيك ساندبروك، بالتعاون مع "غولهانغر بودكاست" Goalhanger Podcasts (صدر عن منشورات بلومزبيري، 20 جنيهاً استرلينياً)، متوافر الآن في الأسواق

© The Independent

المزيد من كتب