Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تنتهز اللحظة قبل انتخابات أميركا لفرض "أمر واقع"

تسارع إلى إلحاق أقصى ضرر بـ"حماس" وتحث الخطى لإبعاد "حزب الله" عن حدودها الشمالية ولا وقت لديها للدبلوماسية

قوات إسرائيلية في منطقة رفح بجنوب قطاع غزة (أ ف ب)

ملخص

يقول بعض الدبلوماسيين إن نتنياهو ربما ينظر أيضاً إلى مدى تأثير وقف إطلاق النار في الانتخابات، وأضافوا أن حدوث أي انفراج قد يساعد هاريس، بينما يفضل نتنياهو التعامل مع ترمب الذي يتسق معه أكثر في آرائه المتشددة في ما يتعلق بإسرائيل والفلسطينيين وإيران.

حققت إسرائيل انتصاراً كبيراً بمقتل يحيى السنوار، زعيم حركة "حماس" والعقل المدبر للهجوم الذي أشعل فتيل الحرب في قطاع غزة، لكن القادة الإسرائيليين يسعون أيضاً إلى اقتناص مكاسب إستراتيجية تتجاوز الانتصارات العسكرية لإعادة تشكيل الساحة الإقليمية لمصلحة إسرائيل وحماية حدودها من أية هجمات في المستقبل، وفقاً لمصادر مطلعة على طريقة تفكيرهم.

وقالت ثمانية مصادر لـ"رويترز" إنه مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية، تسارع إسرائيل إلى إلحاق أقصى ضرر بحركة "حماس" في غزة وجماعة "حزب الله" في لبنان وانتهاز اللحظة لإنشاء مناطق عازلة بحكم الأمر الواقع في محاولة لرسم واقع لا رجعة عنه قبل تولي رئيس أميركي جديد السلطة في يناير (كانون الثاني) المقبل.

وقال دبلوماسيون غربيون ومسؤولون لبنانيون وإسرائيليون ومصادر إقليمية أخرى إن إسرائيل تريد بتكثيف عملياتها العسكرية على "حزب الله" و"حماس" ألا يعيد أعداؤها، وراعيتهم الرئيسة إيران، تنظيم صفوفهم ليهددوا الإسرائيليين مرة أخرى.

ومن المتوقع أن يستغل الرئيس الأميركي جو بايدن مقتل السنوار للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإنهاء الحرب في غزة، لكن الأخير قد يفضل الانتظار حتى نهاية ولاية بايدن ويجرب حظه مع الرئيس المقبل، سواء كان المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس نائبة الرئيس، أو منافسها الجمهوري دونالد ترمب الذي تربطه علاقات وثيقة بنتنياهو.

وقبل النظر في أي اتفاقات لوقف إطلاق النار، تحث إسرائيل الخطا في حملتها العسكرية لإبعاد "حزب الله" عن حدودها الشمالية، كما تتوغل في مخيم جباليا للاجئين المكتظ بالسكان في غزة في مسعى يخشى الفلسطينيون ووكالات للأمم المتحدة أن يكون محاولة لعزل شمال غزة عن بقية القطاع.

وتعتزم إسرائيل أيضاً الرد على هجوم بوابل من الصواريخ البالستية نفذته إيران في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري وكان ثاني هجوم إيراني مباشر على إسرائيل في ستة أشهر.

وقال مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأدنى والزميل البارز حالياً في معهد واشنطن البحثي ديفيد شينكر،  "هناك مشهد جديد، وتغير جيوسياسي جديد في المنطقة".

وأضاف شينكر أنه قبل هجوم "حماس" في السابع من أكتوبر 2023، كانت إسرائيل "مستعدة للتهاون مع تهديد مرتفع"، وذلك بالرد بضربات محدودة على إطلاق صواريخ من "حماس" وأعداء آخرين، لكن "الأمر لم يعد كذلك".

وأضاف أن "إسرائيل تقاتل هذه المرة على جبهات كثيرة، هناك ’حماس‘ و’حزب الله‘ وإيران قادمة قريباً".

ووفقاً لإحصاءات إسرائيلية، قتلت "حماس" نحو 1200 شخص وأسرت أكثر من 250 رهينة في هجوم السابع من أكتوبر 2023، ووفقاً للسلطات الصحية في القطاع، أودى الهجوم الإسرائيلي اللاحق بحياة أكثر من 42 ألف فلسطيني في قطاع غزة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال نتنياهو في بيان أول من أمس الخميس إن مقتل السنوار "تصفية للحساب"، لكنه أكد أن حرب غزة ستستمر بكامل قوتها حتى عودة الأسرى الإسرائيليين.

وقال مكتب نتنياهو إنه ليس لديه ما يضيفه،

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري إن القضاء على السنوار يمثل "إنجازاً عظيماً" في جهود تدمير الجهاز العسكري لـ"حماس"، لكنه أضاف أن هناك قادة آخرين في غزة.

وأكد القيادي في "حماس" خليل الحية أمس الجمعة وفاة السنوار، وقال إن الرهائن الإسرائيليين لن يعودوا حتى ينتهي "العدوان" وتسحب إسرائيل قواتها.

ووجهت إسرائيل ضربات قوية أخرى لأعدائها.

فقد أدت سلسلة من الضربات الكبيرة إلى مقتل قيادات بارزة منهم إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي السابق لـ"حماس"، ومحمد الضيف القائد العسكري للحركة، وحسن نصرالله الأمين العام لجماعة "حزب الله"، وفؤاد شكر القائد العسكري البارز للجماعة اللبنانية.

وتقول إسرائيل أيضاً إنها قضت على آلاف من مقاتلي الجماعتين، واستولت على شبكات أنفاق عميقة وقلصت بشدة مخزونهما من الأسلحة.

وفي سبتمبر (أيلول) الماضي انفجرت آلاف من أجهزة الاتصالات المفخخة التي يستخدمها أعضاء "حزب الله" في هجوم لم تؤكد إسرائيل ولم تنف مسؤوليتها عنه.

وقالت المصادر التي تحدثت إلى "رويترز" إن طموحات إسرائيل تتخطى الانتصارات العسكرية القصيرة الأجل مهما بلغت أهميتها.

طموح أوسع

يستهدف التوغل البري في لبنان الذي بدأ سبتمبر الماضي إبعاد جماعة "حزب الله" نحو 30 كيلومتراً عن الحدود الشمالية إلى ما وراء نهر الليطاني، وضمان تجريد الجماعة اللبنانية تماماً من أسلحتها بعد 30 عاماً من الدعم العسكري من إيران.

وقال مسؤولون إسرائيليون إنهم بذلك ينفذون قراراً للأمم المتحدة يستهدف الحفاظ على السلام في المنطقة وحماية سكانها من الهجمات عبر الحدود.

واعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار (1701) بعد الحرب السابقة بين إسرائيل و"حزب الله" عام 2006 لكن كثيراً ما انتهكه الطرفان. وأجاز القرار إنشاء قوة الأمم المتحدة الموقتة لحفظ السلام في لبنان (اليونيفيل) بهدف مساعدة الجيش اللبناني في إبقاء المنطقة الواقعة جنوب النهر خالية من الأسلحة والمسلحين باستثناء ما يتبع الدولة اللبنانية.

وتشكو إسرائيل من أن القوتين، الجيش اللبناني واليونيفيل، لم تتمكنا قط من انتزاع السيطرة على المنطقة من "حزب الله" الذي ينظر إليه منذ زمن طويل على أنه القوة العسكرية الأشد بأساً في لبنان.

وقاوم "حزب الله" نزع سلاحه مستنداً إلى ضرورة الدفاع عن لبنان في مواجهة إسرائيل، ومنذ العام الماضي يستخدم مقاتلوه الشريط الحدودي كقاعدة لتبادل إطلاق النار بصورة يومية تقريباً مع إسرائيل تضامناً مع "حماس" في غزة.

ويقول المسؤولون الإسرائيليون إن الحل العسكري هو السبيل الوحيد لتطبيق القرار (1701) وضمان العودة الآمنة لنحو 60 ألفاً من السكان الذين نزحوا من شمال إسرائيل.

وقال مصدر دبلوماسي إسرائيلي لـ"رويترز"، "في الوقت الحالي الدبلوماسية ليست كافية".

وتقول السلطات اللبنانية إن الهجوم على "حزب الله" أدى إلى نزوح أكثر من 1.2 مليون شخص في لبنان، معظمهم من الشيعة الذين يستمد "حزب الله" الدعم منهم.

وواجهت إسرائيل أيضاً انتقادات دولية بسبب حوادث أطلقت فيها قواتها النار على مواقع لليونيفيل مما أدى إلى إصابة عدد من جنود القوة الدولية.

وقال مسؤول أمني لبناني ودبلوماسي مطلع على الوضع في جنوب لبنان إن إسرائيل تريد طرد اليونيفيل من المنطقة إلى جانب "حزب الله".

وقال المسؤول الأمني إن القوات الإسرائيلية قاتلت من أجل الوصول إلى نقاط المراقبة الإستراتيجية، وهي التي تتمركز عندها قواعد اليونيفيل.

وأضاف الدبلوماسي أن "هدفهم هو تطهير هذه المنطقة العازلة".

وقال إن هذا قد يستغرق بضعة أسابيع إذا كانت إسرائيل تستهدف تطهير مواقع "حزب الله" وإزالة بنيته التحتية من شريط ضيق من الأراضي اللبنانية على طول الحدود، لكن تطهير أية مساحة أعمق من ذلك سيستغرق وقتاً أطول بكثير بالوتيرة الحالية.

ورفض نتنياهو الإثنين الماضي اتهام القوات الإسرائيلية بتعمد استهداف قوات اليونيفيل، لكنه قال إن أفضل طريقة لضمان سلامتهم هي تلبية المطالبة بالانسحاب الموقت من مناطق القتال. ويقول الجيش الإسرائيلي إن "حزب الله" يعمل من نقاط داخل مواقع اليونيفيل أو قربها منذ أعوام.

وقالت الأمم المتحدة إن قوات حفظ السلام التابعة لها لن تترك مواقعها في جنوب لبنان.

وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام جان بيير لاكروا، للصحافيين الإثنين الماضي أيضاً "يتعين علينا الوقوف ضد كل ما يوحي بأن عدم تنفيذ القرار (1701) يرجع إلى عدم تنفيذ اليونيفيل له، وهو شيء لم تكن مخولة به قط". وأكد لاكروا أن اليونيفيل تلعب دوراً داعماً.

ويتفق مبعوثون دبلوماسيون من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وغيرهم من الدبلوماسيين على أن إحياء القرار قد يوفر الأساس لوقف أعمال القتال، لكن يتعين وضع آليات أفضل للتطبيق والتنفيذ.

وقال سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون لـ"رويترز" الإثنين الماضي إنه يريد أن يرى "تفويضاً أكثر فاعلية لقوات اليونيفيل لردع ’حزب الله‘".

ولا بد من موافقة مجلس الأمن المؤلف من 15 عضواً على أي تعديل في التفويض، وقال دبلوماسيون إنه لا توجد محادثات من هذا النوع حالياً.

وقال رئيس حكومة تسيير الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي إن الحكومة مستعدة لنشر قوات لتنفيذ القرار (1701) بمجرد سريان الهدنة، وقالت الولايات المتحدة وفرنسا إن تعزيز قوة الجيش اللبناني سيكون أمراً بالغ الأهمية لتحقيق هذا المسعى.

وقال الدبلوماسي المطلع على الوضع في جنوب لبنان إن الأمر سيحتاج أيضاً إلى دعم إيراني، لكنه قال إن إسرائيل غير مستعدة لبدء التفاوض على أية هدنة في ما يبدو.

وأضاف الدبلوماسي "أنهم يريدون تعزيز الميزة التي يتمتعون بها ’حالياً‘ ليكونوا في موقف تفاوضي أقوى".

تطهير الحدود

قالت إسرائيل العام الماضي لعدد من الدول العربية إنها تريد أيضاً إقامة منطقة عازلة على الجانب الفلسطيني من حدود غزة، لكن لم يتضح بعد مدى العمق الذي ترغب إسرائيل في أن تكون عليه هذه المنطقة أو كيفية تنفيذها بعد انتهاء الحرب.

وأثار الهجوم الإسرائيلي المستمر على مخيم جباليا الذي تعرض لقصف عنيف في بداية الحرب مخاوف بين الفلسطينيين ووكالات الأمم المتحدة من أن إسرائيل تريد إخلاء شمال غزة من السكان. وينفي الجيش الإسرائيلي هذا ويقول إنه يحاول منع مقاتلي "حماس" من إعادة تجميع صفوفهم لشن هجمات أخرى.

وفي مايو (أيار) الماضي توغلت القوات الإسرائيلية في محور فيلادلفي (صلاح الدين)، وهو شريط ضيق يمتد على طول الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر، لتتمتع إسرائيل بسيطرة فعلية على جميع الحدود البرية للأراضي الفلسطينية.

وقالت إسرائيل إنها لن توافق على وقف دائم لإطلاق النار دون ضمانات بأن من سيحكم غزة بعد الحرب سيكون قادراً على منع استخدام المحور لتهريب الأسلحة والإمدادات إلى "حماس".

وأصبحت إيران أيضاً تحت عدسة الاستهداف بنيران إسرائيل في أعقاب الهجوم الصاروخي في الأوان الأخيرة الذي شنته طهران رداً على ضربات إسرائيلية استهدفت طهران ووكلاءها.

ويترقب الشرق الأوسط بقلق رد فعل إسرائيل خشية أن يؤدي ردها إلى تعطل أسواق النفط وإشعال حرب شاملة بين العدوين اللدودين.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الأسبوع الماضي إن الرد سيكون "فتاكاً ودقيقاً، وقبل كل شيء غير متوقع"، على رغم أنه قال أيضاً إن إسرائيل لا تتطلع إلى فتح جبهات جديدة، وحذرت إيران مراراً من أنها لن تتردد في اتخاذ إجراء عسكري مرة أخرى إذا ردت إسرائيل.

وتدعم الولايات المتحدة وهي المورد الرئيس للأسلحة لإسرائيل، الحملات على الأهداف المدعومة من إيران مثل جماعة "حزب الله" وحركة "حماس" اللتين تصنفهما الولايات المتحدة منظمتين إرهابيتين أجنبيتين، لكن التوترات تصاعدت بينهما مع محاولة المسؤولين الأميركيين إقناع إسرائيل بتحسين الظروف الإنسانية في غزة وتقليص الضربات الجوية على المناطق السكنية والتفاوض على وقف إطلاق النار.

وهناك أسباب أخرى للتوتر مثل محاولات بايدن التواصل مع إيران عبر محادثات غير مباشرة لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، ومعارضته لأية ضربات على المنشآت النووية الإيرانية. وتعتبر إسرائيل البرنامج النووي الإيراني تهديداً وجودياً لها.

ويقول بعض الدبلوماسيين إن نتنياهو ربما ينظر أيضاً إلى مدى تأثير وقف إطلاق النار في الانتخابات، وأضافوا أن حدوث أي انفراج قد يساعد هاريس، بينما يفضل نتنياهو التعامل مع ترمب الذي يتسق معه أكثر في آرائه المتشددة في ما يتعلق بإسرائيل والفلسطينيين وإيران.

وقال وزير الخارجية الأردني السابق ونائب رئيس قسم الدراسات في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي ومقرها الولايات المتحدة، مروان المعشر "لا يوجد سبب يدعو نتنياهو إلى وقف حروبه قبل الانتخابات الأميركية... لن يمنح هاريس أي فضل أو هدية قبل الانتخابات".

وحتى الآن، يمضي نتنياهو في عزمه في ما يبدو على إعادة رسم الخريطة حول إسرائيل لمصلحته من خلال تطهير الحدود من أعدائها.

وقال المسؤول السياسي اللبناني "وضع فوزه في جيبه ويواصل حروبه ويفرض وضعاً ’إقليمياً‘ جديداً بحكم واقع الحال".

المزيد من تحلیل