Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الولادات والخصوبة... أرقام مقلقة تهدد بشيخوخة المجتمع الجزائري

ارتفاع ملحوظ في حالات العقم وتراجع نسبة الخصوبة لدى الزوجين خلال الـ20 عاماً الأخيرة

كشفت النسخة الثامنة من المؤتمر الدولي لطب أمراض النساء والتوليد عن ارتفاع ملحوظ في حالات العقم وتراجع نسبة الخصوبة لدى الزوجين بالجزائر خلال الـ20 عاماً الأخيرة (الإذاعة الجزائرية)

ملخص

قال باحثون إن "تراجع نسبة الشباب يفتح الأبواب أمام مشكلات عدة أهمها تهديد الشعب الجزائري بالتقلص والانكماش لمصلحة الأجانب الذين يتوافدون على البلاد بغرض العمل، الذي يصبح ضرورياً لاستمرار عجلة الحياة".

أثارت النسب التي قدمها الأطباء حول العقم في الجزائر نقاشات واسعة حول مستقبل الشعب الجزائري، غير أن البحث عن أسباب توسع دائرة نقص وضعف الخصوبة بعدما بلغت النسبة 25 في المئة، يبقى أهم ما يشغل بال المجتمع بكل فئاته ومستوياته.

مؤتمر يكشف المستور

وكشفت النسخة الثامنة من المؤتمر الدولي لطب أمراض النساء والتوليد التي انعقدت داخل مدينة قسنطينة في شرق الجزائر عن ارتفاع ملحوظ في حالات العقم وتراجع نسبة الخصوبة لدى الزوجين خلال الـ20 عاماً الأخيرة، وأن الظاهرة لم تعتد مقتصرة على المرأة فحسب، بل بات العقم لدى الرجال يأخذ منحنى تصاعدياً.
وانتقد الحضور من أطباء ومتخصصين وخبراء رفض كثيرين من الأزواج إجراء الفحوصات الطبية وحتى العلاج، لذا تبقى نسبة 25 في المئة تقديرية وغير حقيقية وقد تفوق حقيقة ذلك بكثير، وشددوا على ضرورة تغيير نظرة المجتمع الظاهرة من أجل تسهيل عملية تجاوز أسبابها.


أسباب وعوامل

وفي السياق أشار الطبيب المتخصص في أمراض النساء والتوليد جمال رماضنة إلى أن "التلوث ونوعية الأكل وكثرة استعمال الهواتف النقالة أثر كثيراً في الحال الصحية للفرد، ومن بينها الخصوبة لدى الرجل والمرأة، إذ يتم الوقوف عند حالات ضعف البويضة والحيوان المنوي بصورة كبيرة"، مبرزاً أن "السمنة والنحافة والتلوث والقلق والتوتر والسجائر والكحول والمخدرات والمهلوسات من بين العوامل التي تسبب اضطرابات ومشكلات في الخصوبة لدى الجنسين". وشدد رماضنة على أن "العقم وضعف الخصوبة باتا لافتين في المدن الكبرى والمناطق الحضرية عكس القرى الريفية التي لا تزال محافظة وقليلة التأثر بالعولمة والضغوط".
وتابع رماضنة أن "استمرار تصاعد نسب العقم قد يؤدي إلى شيخوخة المجتمع وما يتبع ذلك من متاعب قد يصعب حلها". وقال إن "تراجع نسبة الشباب يفتح الأبواب أمام مشكلات عدة أهمها تهديد الشعب الجزائري بالتقلص والانكماش لمصلحة الأجانب الذين يتوافدون على البلاد بغرض العمل الذي يصبح ضرورياً لاستمرار عجلة الحياة"، موضحاً أن "الهجرة إلى الجزائر في ظل هذه المعطيات تصبح هدف الجميع وبخاصة الأفارقة، من ثم تنتعش حالات الزواج بغرض الاستقرار، وينتج من ذلك أبناء من جنس مختلط". وختم بأن "معالجة تلك الظاهرة أمر عاجل للحفاظ على الفرد الجزائري وتجاوز شيخوخة المجتمع".
وبحسب تقديرات سابقة لوزارة الصحة فإن 10 في المئة من الجزائريين مصابون بالعقم وصعوبة الإنجاب أي ما يعادل 4 ملايين شخص، في حين أكد أطباء مشاركون في ملتقى عام 2020 أن أكثر من 40 في المئة من المصابين بمرض العقم في الجزائر من فئة الرجال.

أرقام رسمية

وأكد تقرير مكتب الإحصاء السكاني الحكومي الصادر خلال يوليو (تموز) الماضي أن عدد الولادات والزيجات شهد انخفاضاً خلال الأعوام الأخيرة، في مقابل ارتفاع متوسط العمر المتوقع بصورة لافتة، بعدما بلغ 78.2 سنة عند الرجال ولدى النساء 81 سنة، مبرزاً أن "عدد سكان الجزائر سيصل في بداية عام 2025 إلى 47.4 مليون نسمة، ومن المتوقع أن يصل إلى 60 مليوناً عام 2050، وهو حالياً في حدود 46.4 مليون".
ووفق الأرقام التي جاءت ضمن الوثيقة، انخفض معدل الولادات الخام من 23.80 في المئة لكل ألف عام 2019 إلى 19.32 في المئة عام 2023. وذكرت الوثيقة أن البلاد تشهد اتجاهاً نحو انخفاض عدد حالات الزواج منذ عام 2014، وأحصي 285 ألف عقد زواج عام 2023، بانخفاض 10 في المئة مقارنة بعام 2019.

الشيخوخة تزحف بصمت

وفي الجزء المتعلق بشيخوخة السكان أشار تقرير "الإحصاء" إلى تراجع عدد الأشخاص الذين هم دون سن الخامسة من 11.7 في المئة عام 2019 إلى 10.2 في المئة عام 2023، لمصلحة الفئة العمرية 14- 15 سنة التي تشكل 20.2 في المئة من السكان، بينما تتراجع نسبة الفئة النشطة 15- 59 سنة، من 60 في المئة إلى 59.2 في المئة بين عامي 2019 و2023، فيما تستمر نسبة من هم فوق 60 سنة في الارتفاع لتصل حالياً إلى 10.5 في المئة من السكان مقابل 9.5 في المئة عام 2019.
وكشفت الوثيقة عن إحصاء نحو 5 ملايين جزائري يبلغون من العمر أكثر من 60 سنة، بينهم 2.1 مليون يبلغون من العمر 70 سنة وأكثر، و707 آلاف يبلغون من العمر 80 سنة وأكثر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


إحصاءات أممية

إلى ذلك، ذكر تقرير أعدته مديرية الشؤون الاقتصادية والاجتماعية في الأمم المتحدة أن الفئة العمرية التي تراوح ما بين 15 و59 سنة، التي تشكل 65 في المئة من مجموع الجزائريين، ستنخفض إلى 59.3 في المئة عام 2050 ثم 54.8 في المئة عام 2100، في حين أن الفئة العمرية التي يراوح عمرها ما بين 60 و79 سنة ستشهد ارتفاعاً يصل إلى 20.5 عام 2050 مقابل 7.4 في المئة حالياً، قبل أن ترتفع مرة أخرى عام 2100 إلى 28.4 في المئة.
وتوقع التقرير الأممي أن ينخفض عدد الجزائريين الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة بصورة لافتة من 27.8 في المئة من عدد السكان عام 2013 إلى 20 في المئة عام 2050، ثم ينخفض مرة أخرى إلى 16.7 في المئة عام 2100. وأوضح التقرير أن نسبة الأمل في الحياة ستعرف ارتفاعاً، قد يكون لذلك علاقة بتطور مستوى المعيشة والمرافق الصحية إذ سترتفع نسبة الجزائريين الذين يبلغون 80 سنة إلى 2.2 في المئة من مجموع السكان في آفاق عام 2050 ثم إلى 7.4 في المئة في آفاق عام 2100.

تحذيرات

وحذر المتخصص في علم الاجتماع أحمد ضياف من شيخوخة المجتمع الجزائري بعد أن اتسعت دائرة كبار السن مقابل تراجع الخصوبة وانخفاض نسبة الولادات، وقال إنه "من منطلق أن كل فرد يكبر فإن نصف المجتمع معرض للشيخوخة بحلول 2050"، مضيفاً أن "تضاعف أعداد كبار السن يترتب عليه عديد من العواقب التي تنعكس بصورة مباشرة على جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وتؤثر في العملية التنموية بصورة حادة".
واستدرك ضياف أن "الشيخوخة ظاهرة عالمية لا تخص الجزائر وحدها، مما يفرض دراسة هذه الحال نظراً إلى التحديات التي تفرضها الظاهرة من حيث تأثيرها في المجتمع من مختلف الجوانب"، مشيراً إلى أن "المفارقة المطروحة تتمحور في كون البلدان الراقية وصلت إلى مرحلة التطور قبل زحف الشيخوخة عليها، في حين ستصاب الدول النامية ومنها الجزائر بالشيخوخة قبل تحقيقها برامجها التنموية، وهو أمر ينطوي على تحديات سياسية واجتماعية جديدة".


دعوات للتحرك

من جانبه، أوضح الطبيب المتخصص في أمراض وجراحة المسالك البولية حسين جرموني أن "الانخفاض الملحوظ في الولادات عند الجزائريين خلال الأعوام الأخيرة، يرجع إلى أسباب عدة منها تأخر سن الزواج الذي أصبح في حدود الثلاثينيات، وهي المرحلة التي تتناقص خلالها الخصوبة لدى النساء، مما انعكس سلباً على الأزواج وصار يمثل معاناة يومية لهم جعلتهم يترددون على عيادات أمراض النساء والتوليد ومراكز الإنجاب المدعم، إذ إن امرأة من أصل خمس سيدات تعالج من أعراض عدم الإنجاب"، مضيفاً أن "القلق والتدخين يمثلان أهم مسببان لمشكلة العقم". وأشار إلى أنه "من مجموع 100 من الأزواج لم يتمكن 20 منهم من إنجاب الأطفال خلال العامين الأولين من الحياة الزوجية".
وحذر جرموني من "استمرار الوضع على حاله دون التحرك من أجل وضع حد للعقم الذي يتفشى بسرعة"، مبرزاً أن "نسبة نجاح التلقيح عبر الأنابيب تقدر بـ30 في المئة وهو من بين العلاجات التي يمكن الرهان عليها بعد تعبئة وتوعية المجتمع الذي لا يزال ينظر إلى العقيم، سواء الذكر والأنثى، نظرة سلبية"، معتبراً أن "الجزائر خطت خطوات كبيرة في مجال طب النساء والتوليد، وبخاصة في علاج العقم عند الزوجين".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير