ملخص
تلقت "شرطة العاصمة البريطانية" خلال الأسابيع الأربعة التي تزامنت مع بطولة أمم أوروبا لكرة القدم رقماً قياسياً من الاتصالات الواردة من مختلف أنحاء لندن، مع تسجيل ما بلغ مجموعه 5114 بلاغاً عن حالات من العنف الأسري
خلال بطولات كبرى مثل "بطولة أمم أوروبا لكرة القدم 2024"، لا مهرب لأي كان من مشاهد كرة القدم حين يتسابق الأولاد لملء دفاترهم بالملصقات، وتُعرض المباريات بصورة دائمة على شاشات التلفزيون، وتقام حفلات في مكاتب الشركات في أجواء خاصة مع شاشات عملاقة تعرض أهم مستجدات الدوري، ومع ذلك يرى كثيرون في مختلف أنحاء البلاد أن بطولة كرة القدم بعيدة كل البعد من المناسبة التي تستحق الاحتفال.
وفي التفاصيل حصلت "اندبندنت" على بيانات جديدة من أكثر من 30 مركز شرطة في إنجلترا بعد تقديمها طلباً بموجب قانون حرية المعلومات، وهذه البيانات كشفت عن أرقام مذهلة تتعلق بالاتصال برقم الطوارئ 999 المرتبطة بحالات العنف المنزلي بين الـ 16 من يونيو (حزيران) والـ 14 من يوليو (تموز) هذا العام، خلال فعاليات "البطولة الأوروبية لكرة القدم 2024".
واللافت أنه في أيام مباريات منتخب إنجلترا سُجل ارتفاع ملحوظ في عدد البلاغات المقدمة للشرطة في شأن حالات العنف الأسري، فسجلت قفزة بـ 13 في المئة مقارنة بالأيام العادية، وتلقت مراكز الشرطة في مختلف أنحاء البلاد ما يقارب 3256 اتصالاً.
واللافت أن هذه المعطيات تتجاوز ما كانت قد أظهرته بيانات سابقة أشارت إلى أن الشرطة تتلقى في المتوسط اتصالاً واحداً كل 30 ثانية للإبلاغ عن حالات العنف الأسري، ليصل العدد اليومي لهذه الاتصالات إلى 2880، بحسب ما أفادت منظمة "ريفيوج" Refuge الخيرية التي تعنى بدعم النساء، بيد أن الجمعية حذرت من أن الأرقام الحقيقية اليوم تفوق ما أُعلن عنه في البيانات.
وتأتي هذه الإحصاءات الجديدة في وقت تواصل فيه حملة "حجر على حجر" Brick by Brick التي أطلقتها "اندبندنت" بالشراكة مع جمعية "ريفيوج" جهودهما لجمع 600 ألف جنيه إسترليني لبناء منزلين آمنين للناجين من العنف المنزلي، وقد تدفقت التبرعات من القراء والسياسيين والنشطاء والمشاهير وعالم الأعمال، ووصلت إلى أكثر من 350 ألفاً حتى الآن.
من جانبها، تعتبر إميلي، الناجية من العنف الأسري، أن ثقافة كرة القدم تعكس بصورة مقلقة الرابط القائم بين الرياضة وهذا السلوك، وقالت في حديثها مع "اندبندنت" إن "ما يثير القلق بصورة خاصة هو الطابع الذكوري الطاغي على هذه الرياضة، فعند الذهاب إلى حضور المباريات تسود بين عشاق اللعبة ومشجعيها تعليقات مسيئة وغير لائقة بحق النساء"، مضيفة "سمعتُ أشخاصاً يتحدثون عن زوجات اللاعبين وصديقاتهم، وأعتقد أن الموضوع أصبح مبرراً في ثقافة كرة القدم".
بدورها عبرت إيما أرمسترونغ، الناجية من جحيم العنف الأسري، والتي تدير اليوم 12 مأوى لضحاياه في مقاطعة "ساري"، عن أسفها قائلة "يؤلمني أن أرى إنجلترا بأكملها واقعة تحت تأثير كرة القدم، وأن أرى إنجلترا برمتها غير معنية جدياً بمسألة العنف الأسري".
وفي سياق متصل أعلنت مقاطعة نورثامبتنشير أنها سجلت أعلى معدل للتبليغات الهاتفية عن حالات العنف الأسري، إذ بلغ متوسط التبليغات 5.2 لكل 1000 شخص، علماً بأن مراكز شرطة إنجلترا تلقت في المجموع 3875 مكالمة خلال أيام الـ16 والـ20 والـ25 والـ30 من يونيو، وفي السادس والـ10 والـ14 من يوليو.
أما "شرطة العاصمة البريطانية" فكانت تلقت خلال الأسابيع الأربعة التي تزامنت مع البطولة رقماً قياسياً من الاتصالات الواردة من مختلف أنحاء لندن، مع تسجيل ما بلغ مجموعه 5114 بلاغاً عن حالات من العنف الأسري.
وقال متحدث باسم شرطة نورثامبتنشير إنه "خلال فترة البطولة كثف عناصر الشرطة جهودهم وقاموا بزيارات ميدانية للأفراد الأكثر عرضة لخطر العنف الأسري، كما استعانوا بمنصات التواصل الاجتماعي لربط الناس بوكالات شريكة تقدم لهم ما يلزمهم من دعم وإرشاد".
وأشار إلى أن "العنف ضد النساء والفتيات الذي يعتبر تجسيداً لظاهرة العنف الأسري، لا يزال يشكل أولوية في نظر أجهزة الشرطة، وعلى مدى العام نستمر في نشر رسائل توعية ووقاية هدفها ربط الأفراد بالمؤسسات القادرة على تقديم الدعم والمساعدة".
أما المقاطعات التي تلقت العدد الأقل من المكالمات خلال "بطولة أوروبا لكرة القدم" فتشمل لينكولنشير وويلتشير وكومبريا وغلوسترشير وديفون وكورنوال.
وفي سياق مواز تلقت "اندبندنت" ردوداً من 31 مركز شرطة في إنجلترا، بينما لم تتمكن أو رفضت سبعة مراكز أخرى تقديم بياناتها.
من جهتها شددت مراكز الشرطة التي جرى الاتصال بها على أن مكالمات التبليغ عن حالات العنف الأسري لا يمكن أن تعزى بصورة قاطعة إلى فعاليات "بطولة أوروبا لكرة القدم".
وأشار المجلس الوطني لقادة الشرطة البريطانية National Police Chiefs’ Council (NPCC) إلى أنه في آب (أغسطس) الماضي سُجلت 351 حادثة عنف أسري على صلة بكرة القدم خلال "بطولة أوروبا لكرة القدم"، وكان هذا زيادة مقارنة بـ 193 حادثة عنف أسري مرتبطة بكرة القدم سُجلت خلال بطولة اليورو عام 2021، بحسب ما أُفيد.
أما منظمة "ريفيوج" فشددت أنه على رغم أن هذه الأرقام تظهر زيادة في المكالمات خلال بطولة كبرى لكرة القدم فإن العنف الأسري "يحدث على مدى العام"، ولا ينبغي الاستناد إلى كرة القدم كذريعة لتبريره، وأشارت تقديرات المنظمة أيضاً إلى أن أقل من 24 في المئة من جرائم العنف الأسري تبلغ بها الشرطة.
وفي هذا السياق أشارت إكرام دهمان، المديرة بالإنابة لجمع التبرعات والسياسة والاتصالات في مؤسسة "ريفيوج"، إلى أن "العنف الأسري ليس مرتبطاً بفعاليات كرة القدم، فمع أن هذه البطولات قد تعزز بعض أنماط السلوك العنيفة السائدة إلا أن هذه الظاهرة مسجلة على مدى العام، وهو أمر مرتبط بخيار واعٍ يقوم به مرتكبو العنف، وينميه شعورهم بالسلطة والقدرة على التحكم، ويعكس انعدام المساواة القائم بين الرجل والمرأة، بينما تسهم ثقافة كراهية النساء والمجتمعات الذكورية في استمراره".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب المفوضة المساعدة لويزا رولف، المسؤولة عن حالات العنف الأسري في المجلس الوطني لقادة الشرطة البريطانية، والمفتش العام للشرطة مارك روبرتس، المتخصص في أعمال الشرطة في مجال كرة القدم في المجلس المذكور، فإن "جمع البيانات في هذا المجال يعتبر مهمة صعبة كوننا نعتمد بصورة كبيرة على شهادات الضحايا الذين يكشفون عن حالات العنف، إضافة إلى ضرورة الإبلاغ عن الروابط المتعلقة بكرة القدم متى وجدت، ناهيك عن توخي الدقة في المعلومات المسجلة في 43 مركزاً للشرطة."
وأضافوا أنه "بالطبع ندرك أن عدداً كبيراً من الضحايا قد يتجنبون الإبلاغ عن حالات العنف للشرطة، مما يعني أننا لا نملك الصورة الكاملة عن الانتهاكات الحاصلة".
وفي الختام صرح متحدث باسم "جمعية كرة القدم" قائلاً "ندين بشدة أشكال العنف كافة، ونشجع كل من كان ضحية أو شاهداً على أي نمط سلوك عنيف أو إجرامي على إبلاغ الشرطة لتُحقق فيه بالشكل المناسب".
قدم هبة الآن لحملة "حجر على حجر" التي أطلقتها "اندبندنت" بالتعاون مع منظمة "ريفيوج" الخيرية للمساعدة على جمع 300,000 جنيه إسترليني، بهدف بناء ملاذ آمن للنساء يهربن إليه من العنف الأسري، ويعاودن بناء حياتهن ويبنين مستقبلاً جديداً، أرسل BRICK على الرقم 70560 لتقديم 15 جنيهاً.
© The Independent