ملخص
بعد فرز نحو 99 في المئة من أصوات الناخبين في مولدوفا، تتقدم الموافقة على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 50,28 في المئة إثر هذا الاقتراع الذي طغت عليه اتهامات بالتدخل الروسي وهو ما نفاه الكرملين "بصورة قاطعة".
أظهرت نتائج شبه نهائية للاستفتاء الذي جرى أمس الأحد في مولدوفا تقدماً طفيفاً لمؤيدي الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بعدما كان المعارضون في الصدارة لفترة طويلة، في تقارب شديد يشكل نكسة للرئيسة مايا ساندو المؤيدة لأوروبا.
وندد الاتحاد الأوروبي بأجواء "تدخل غير مسبوق" من جانب موسكو في التصويت، فيما تحدث الكرملين عن "مخالفات" في فرز الأصوات في معرض تفسيره تقدم معسكر مؤيدي أوروبا.
في موازاة ذلك تصدرت المرشحة البالغة من العمر 52 سنة الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي أقيمت في الوقت ذاته، لكنها تستعد لدورة ثانية صعبة بعد نحو أسبوعين.
وبعد فرز نحو 99 في المئة من الأصوات، تتقدم الموافقة على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 50,28 في المئة إثر هذا الاقتراع الذي طغت عليه اتهامات بالتدخل الروسي، وهو ما نفاه الكرملين "بصورة قاطعة".
خلافاً للتوقعات، كانت شريحة الرافضين تتقدم على مدى ساعات، لكن تصويت المغتربين أتاح قلب المعادلة.
وفي أول رد فعل ليلاً، نددت الرئيسة المنتهية ولايتها "بهجوم غير مسبوق على الديمقراطية"، ووعدت "بعدم الرضوخ لذلك".
وألقت باللوم على "مجموعات إجرامية تعمل مع قوى أجنبية معادية لمصالحنا الوطنية، هاجمت بلادنا بدفع ملايين اليوروهات ونشر أكاذيب ودعاية"، بهدف "إغراق بلادنا بعدم اليقين وعدم الاستقرار".
وندد الكرملين اليوم الإثنين بحصول "مخالفات" في فرز الأصوات، وطالب المتحدث باسمه ديمتري بيسكوف بـ"أدلة" في شأن "الاتهامات الخطرة" التي وجهتها ساندو حول تدخل قوى أجنبية.
وقال بيسكوف "من الصعب تفسير ارتفاع عدد الأصوات المؤيدة لساندو والانضمام إلى الاتحاد الأوروبي" صباح اليوم الإثنين، مضيفاً "كل من يعرف العمليات الانتخابية يمكنه رصد مخالفات في ارتفاع هذه الأصوات".
من جهتها اعتبرت المفوضية الأوروبية اليوم الإثنين أن الاستفتاء والدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية حصلا في جو "تدخل غير مسبوق" من جانب روسيا.
وقال بيتر ستانو المتحدث باسم المفوضية خلال مؤتمر صحافي في بروكسل "لاحظنا أن التصويت جرى في جو تدخل وترهيب غير مسبوق من جانب روسيا، بهدف زعزعة استقرار العملية الديمقراطية في جمهورية مولدوفا".
من جهته أشاد رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك بـ"أمة شجاعة" بعد تصويت مولدوفا.
وسئل الناخبون في الاستفتاء عما إذا كانوا يوافقون على تعديل الدستور لجعل عضوية الاتحاد الأوروبي هدفاً لمولدوفا التي بدأت في يونيو (حزيران) الماضي مفاوضات الانضمام إلى التكتل القاري.
وأجري الاستفتاء بمبادرة من ساندو التي قطعت العلاقات مع موسكو وتقدمت بطلب انضمام إلى الاتحاد الأوروبي عقب الحرب الروسية في أوكرانيا عام 2022، وهي تريد تحديد "مصير" هذه الجمهورية السوفياتية السابقة التي تعد 2,6 مليون نسمة، لكن رهانها جاء بنتائج عكسية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وحتى في حال فوز الـ"نعم" في نهاية المطاف، فإن الفارق الضئيل، وعلى رغم أنه لن يضع مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي موضع شك، لكنه "يضعف نوعاً ما الصورة المؤيدة لأوروبا بين السكان وقيادة مايا ساندو"، بحسب ما قال الخبير السياسي الفرنسي فلوران بارمنتييه المتخصص في شؤون المنطقة.
وأصبحت ساندو عام 2020 أول امرأة تتولى المنصب الأعلى في الدولة، وخلال أربع سنوات أصبحت هذه الخبيرة الاقتصادية السابقة في البنك الدولي التي عرفت بأنها مناهضة للفساد، شخصية أوروبية من الصف الأول.
في بيئة جيوسياسية معقدة، وبينما تتواصل حرب أوكرانيا وتواجه جورجيا اتهامات بسلوك منحى سلطوي مؤيد لروسيا، أعطت مولدوفا بعض الأمل لبروكسل، كما يؤكد الخبير بارمنتييه.
وبعد نكسة الدورة الأولى، فإن فوز ساندو في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل غير مضمون.
بحصولها على نحو 42 في المئة من الأصوات، هي تتقدم بصورة كبيرة على الكسندر ستويانوغلو، المدعي العام السابق البالغ 57 سنة والمدعوم من الاشتراكيين المؤيدين للروس، الذي سجل نتيجة أفضل من المتوقع بحصوله على 26 في المئة من الأصوات.
لكن بإمكان هذا المرشح أن يعتمد على الناخبين الذين صوتوا في الدورة الأولى لصالح المرشحين الصغار، إضافة إلى "الفخ الرهيب المتمثل بشعار (الجميع ضد ساندو) الذي قد يلعب ضدها"، بحسب بارمنتييه.
وكان ستويانوغلو دعا خلال حملته إلى "استعادة العدالة" في مواجهة سلطة مستعدة، بحسب المعارضة، لانتهاك الحقوق، وطالب بسياسة خارجية "متوازنة" للاتحاد الاوروبي حيال روسيا.
وأقبل سكان مولدوفا على المشاركة في التصويت أمس الأحد، وبينهم المتحدرون من منطقة ترانسدنيستريا الانفصالية، التي تضم حامية للجنود الروس.
وقالت أولغا سيرنيغا، الخبيرة الاقتصادية البالغة 60 سنة، التي التقتها وكالة الصحافة الفرنسية في كيشيناو "جئت لأصوت للازدهار والسلام ورفاه البلاد".
بالمقابل تخوف آخرون على غرار الخبير القانوني الستيني غينادي الذي رفض كشفاً كاملاً عن هويته، من تحول مولدوفا نحو "الغرب"، معتبراً أن الحكومة الحالية "فاقمت الوضع" في حين يغرق التضخم الذي بلغ مستويات قياسية قسماً من الشعب في الفقر.
بين عمليات الفساد والتضليل، نفذت الشرطة 350 مداهمة في الأشهر الماضية وأوقفت مئات المشتبه بهم على خلفية اتهام متهمين بالسعي إلى تعطيل العملية الانتخابية لحساب موسكو.
تم الكشف عن نظام ضخم لشراء أصوات استهدف نحو ربع الناخبين.
بحسب مجموعة الأبحاث "ووتش دوغ"، أنفقت روسيا نحو 100 مليون دولار للتأثير في الاقتراع، ويقف وراء ذلك رجل الأعمال والسياسي السابق إيلان شور الفار من وجه العدالة والمقيم في موسكو بعد إدانته بالاحتيال.
وسخر شور عبر شبكات التواصل الاجتماعي من "هزيمة" ساندو و"فشلها".