Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجيش السوداني يعزز هجومه ومقتل31  في غارة على "الجزيرة"

"الدعم السريع" تشن حملات انتقامية بعد انشقاق كيكل وانفجار الأوضاع بات قريباً

احتفالات شعبية بتقدم الجيش السوداني في المعارك   (أ ف ب)

ملخص

 قالت لجنة المقاومة في ود مدني إن هجوم الجيش السوداني وقع بعد صلاة العشاء واستهدف مسجد الشيخ الجيلي ومحيطه في عاصمة ولاية الجزيرة جنوب الخرطوم، متهمة الجيش باستخدام "البراميل المتفجرة" خلال القصف، ومتحدثة عن عشرات الأشلاء والجثامين لم يتعرف عليها حتى الآن.

قالت لجنة من الناشطين المحليين اليوم الثلاثاء إن 31 شخصاً قتلوا خلال غارة جوية للجيش السوداني على مسجد في مدينة ود مدني وسط البلاد، أول من أمس الأحد.

وقالت لجنة المقاومة في ود مدني، وهي واحدة من مئات المجموعات التطوعية التي تنسق المساعدات في جميع أنحاء البلاد التي مزقتها الحرب، في بيان تلقته وكالة الصحافة الفرنسية، إن الهجوم وقع بعد صلاة العشاء واستهدف مسجد الشيخ الجيلي ومحيطه في حي الامتداد الغربي بعاصمة ولاية الجزيرة جنوب الخرطوم.

واتهمت لجنة المقاومة الجيش باستخدام البراميل المتفجرة خلال القصف، متحدثة عن "عشرات الأشلاء والجثامين لم يتعرف عليها حتى الآن".

ومع تواصل المواجهات بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" داخل العاصمة الخرطوم، وبينما تأهب الجيش لملء الفراغ وبسط سيطرته على مناطق سهل البطانة التي كانت في قبضة قائد "الدعم السريع" بولاية الجزيرة المنشق أبوعاقلة كيكل، شنت قوات "الدعم السريع" حملات اعتقالات واسعة وسط منسوبيها وهجمات انتقامية على سكان قرى ومدن شرق الولاية، لعرقلة تقدم الجيش عبر المحور الشرقي صوب وسط البلاد.

تحركات من الطرفين تحمل سؤالاً مهماً، هل يجعل الوضع الميداني الجديد ولايتي الجزيرة وسنار في متناول يد الجيش السوداني أم تنجح قوات "الدعم السريع" في امتصاص الصدمة والمحافظة على جغرافيا سيطرتها؟

مصادر ميدانية، قالت إن قوات الجيش شرعت فعلاً في خطط بسط سيطرتها على مدينتي رفاعة وتمبول والقرى التي في محيطها، تزامناً مع غارات جوية عنيفة يشنها الطيران الحربي على مواقع ومتحركات قوات "الدعم السريع" في شرق الجزيرة.

وبعد ثمانية أشهر من اندلاع القتال بين الجيش وقوات "الدعم السريع" في ولاية الخرطوم منتصف أبريل (نيسان) 2023، سيطرت "الدعم السريع" بقيادة أبوعاقلة كيكل على مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2023، باستثناء محليتي المناقل والقرشي غربي الولاية، قبل أن تتمدد بعدها في ولاية سنار المجاورة لها.

انتقام واستباحة

استباقاً للجيش نفذت قوات "الدعم السريع" حملة اعتقالات واسعة ضد منسوبيها من أبناء الوسط والجزيرة والبطانة وسط أنباء عن تصفية قيادات ميدانية عسكرية ومدنية تحت تهمة الخيانة والغدر، معظمهم كانوا من المقربين للمنشق (كيكل).

وهاجمت قوات "الدعم السريع" واستباحت مدن وقرى شرق وجنوب ولاية الجزيرة بصورة انتقامية، تسببت في سقوط عدد من القتلى والجرحى، إلى جانب عمليات النهب والاعتقال لكل من يشتبه في صلته بالقائد المنشق.

ووجه منبر نداء الوسط، نداءً عاجلاً إلى الجيش للتحرك الفوري لحماية أرواح المدنيين الأبرياء وتأمين مناطق شرق وغرب الجزيرة، والعمل بأقصى سرعة لاحتواء هذا الوضع وإنهاء حالة الفوضى التي تسببت فيها تصرفات ميليشيات "الدعم السريع".

 

 

وقال المنبر في بيان له، إنه إزاء التطورات الخطرة التي تشهدها مناطق شرق وغرب الجزيرة، في أعقاب تسليم (كيكل) نفسه للجيش، تصاعدت الهجمات الانتقامية وتفاقم معها الوضع الإنساني وتعريض حياة المدنيين العزل للخطر.

توثيق وحصار

من جانبهم، بثت عناصر من "الدعم السريع" مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي يؤكدون فيها وجودهم داخل مدينة تمبول ثاني أكبر مدن شرق الجزيرة، توثق بعضها لعمليات استجواب لعدد من زملائهم ممن وصفوهم باتباع القائد المنشق كيكل، وتكشف مقاطع أخرى عن تصفيات ميدانية شملت كل من طاولته تهمة الغدر والخيانة.

وفي تطور جديد بالمحور الغربي أعلن عمران عبدالله، عضو المجلس الاستشاري لقوات "الدعم السريع"، عن سيطرة قواتهم على منطقة كلبس بولاية غرب دارفور بعد مقتل العشرات من وصفهم بمرتزقة الحركات المسلحة (القوات المشتركة).

تقدم بري

على الصعيد نفسه، كشف مرصد (أم القرى) المهتم برصد الانتهاكات والتطورات الميدانية بالجزيرة، عن تشديد قوات "الدعم السريع" حصارها على قرى شرق الجزيرة، في أعقاب تحركات برية للجيش بغطاء من القوات الجوية على محور الفاو الشرقي للتقدم نحو عمق ولاية الجزيرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد المرصد، أن الجيش لا يزال يسيطر على قرى الشريط الحدودي بين ولايتي الجزيرة والقضارف، بعد أن تمكن الطيران الحربي من تدمير عدد من المخازن الأسلحة التابعة لقوات "الدعم السريع" وقتل بعض من قادتها الميدانيين في المحور الشرقي.

على صعيد متصل أوضح الصادق علي النور المتحدث باسم حركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، أن الجيش والقوات المشتركة يتقدمان بثبات على المحور الشرقي نحو تحرير مدينة مدني عاصمة ولاية الجزيرة. وقال النور، في منشور على منصة "إكس"، "ترقبوا خلال الساعات المقبلة مزيداً من الانتصارات وتنظيف ولاية الجزيرة وقراها".

مكاسب ميدانية

في السياق توقع الناطق السابق باسم الجيش السوداني والشريك المؤسس لفصيل درع السودان (سابقاً) الصوارمي خالد سعد، أن يحقق الجيش عدة مكاسب ميدانية من عملية انسلاخ أبوعاقلة كيكل قائد قوات "الدعم السريع" بولاية الجزيرة، أهمها كسب أراض كبيرة كانت تحت سيطرته التي يسودها النزاع والتوتر في الفترة السابقة، لكنها باتت الآن خارج سيطرته تماماً.

وأضاف سعد، أن كل الأراضي على امتداد سهل البطانة ابتداء من جنوب مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وحتى مدينة الدمازين عاصمة إقليم النيل الأزرق على الحدود الإثيوبية، بما فيها مناطق ومدن سنار وسنجة وأبو نعامة والدندر بولاية سنار، باتت كلها في متناول يد الجيش بعد خروجها من قبضة سيطرة قوات "الدعم السريع" وأقرب إلى العودة لحضن الوطن قريباً جداً.

تابع، "كل المساحات الجغرافية التي كانت متأثرة بالأعمال القتالية لقطاع قوات الدعم السريع بالجزيرة التابع لـ(كيكل)، تحولت الآن لمكسب استراتيجي للجيش، إلى جانب توفير كثير من عمليات الإمداد اللوجيستي التي كانت تذهب إلى قوات الجيش في تلك المناطق عندما كانت تحت سيطرة الدعم السريع".

وصف الناطق السابق للجيش، انسلاخ قائد "الدعم السريع" بولاية الجزيرة وانضمامه للجيش بأنها خطوة جريئة، باعتبار أنه عندما أقدم على ذلك كانت قواته لا تزال تقاتل الجيش في الميدان، مما يوحي بأنه قرر الانتقال من الطرف الأضعف إلى الجانب الأقوى بحسب تقديره للأوضاع الميدانية.

غدر وخيانة

على الجانب الآخر قلل الباشا طبيق مستشار "الدعم السريع" من تأثير انسلاخ كيكل، معتبراً أنه ليس إلا واحداً من الذين ركبوا بإرادتهم قطار التحرر وشارك مع أشاوس "الدعم السريع" في كثير من المواقع، لكنه اختار طريق الغدر والخيانة وغادر أيضاً بإرادته مثلما فعل قبله 480 ضابطاً ممن عادوا إلى الجيش والأجهزة الأمنية من دون أن تتأثر مسيرة "الدعم السريع" نحو تحرير البلاد من قوى الظلام والاستبداد ودك معاقل الإرهاب والتطرف وتجفيف منابعه في السودان.

‏وأوضح المتخصص في مجال العلوم السياسية عماد يوسف بابكر، أنه إذا لم ينعكس انسلاخ كيكل على واقع العمليات الميدانية في ولايتي الجزيرة وسنار، بتمكين الجيش من استكمال انفتاحه الميداني على طول سهل البطانة وكل شرق وجنوب الجزيرة خلال الأيام القليلة المقبلة، فسيعني ذلك أن هذا الانسلاخ كان بلا قيمة أو مردود بخلاف تأثيره وصداه التعبوي والإعلامي.

وأشار بابكر، إلى أن أهمية القائد كيكل تنبع من كونه فعالاً في العمليات العسكرية في محوري الجزيرة وسنار والفاو بحكم كونه من أبناء المنطقة وله معرفة جيدة بتضاريس المنطقة وخفايا مسرح العمليات، ويمتلك أيضاً تفاصيل القوات والعتاد ومفاتيح وأسرار توزيعاتها وتحركاتها.

الصفقة الغامضة

وتوقع الأكاديمي أن يشعل إسناد أي دور عسكري مباشر للقائد المنشق "كيكل" في العملية الجارية لتحرير ولاية الجزيرة، الخلاف مع مجموعات كبيرة وناشطة بالولاية تطالب بالتحقيق في الجرائم والانتهاكات المروعة التي ترتبت على اجتياح قواته للولاية بعيداً من فكرة العفو أو التسامح، من ثم فإن الطريقة التي سيتعامل بها الجيش مع كيكل قد تثير غضباً شعبياً حال تم تجاهل تلك الانتهاكات والجرائم.

ويعتقد المتخصص في مجال العلوم السياسية، أن بنود صفقة انسلاخ كيكل وانضمامه إلى الجيش لا تزال غامضة، ولم تتضح بعد الأهداف والالتزامات التي يرتبها الاتفاق على كل طرف، فضلاً عن أن الصفقة لم تشر إلى الحجم والوزن العسكري من حيث عدد القوات والآليات التابعة للقائد المسلح، ودوره في العملية الجارية لتحرير ولاية الجزيرة.

 

 

بدوره ناشد اللواء ركن معاش عبدالله علي الطريفي رئيس اللجنة العليا للمقاومة الشعبية بولاية الجزيرة المتمردين والمتعاونين مع الميليشيات المتمردة العودة والانضمام إلى الجيش والاستفادة من قرار العفو العام من أجل إعمار ما دمرته الحرب. أكد الطريفي أن المقاومة والمستنفرين يعملان تحت إمرة الجيش من أجل سودان خال من التمرد ينعم بالأمن والاستقرار.

لغز "اليوشن"

في الأثناء لا يزال الغموض يكتنف حقيقة طائرة الشحن الروسية (اليوشن أي أل- 76) التي كان أحد كبار القادة الميدانيين بـ"الدعم السريع" قد أكد إسقاطها باستخدام صاروخ موجه في منطقة المالحة 210 كيلومترات شمال مدينة الفاشر بشمال دارفور، واستعرض القائد مقطع فيديو لموقع وحطام الطائرة تضمن عرض جواز سفر روسي وأرواق أخرى من متعلقات الطاقم.

وعلى رغم عدم صدور بيان رسمي من الجيش السوداني في شأن الواقعة فإن وسائل إعلامية مقربة منه أو السلطة الحالية، قالت إن متمردي الميليشيات أسقطوا بالخطأ طائرة شحن موالية كانت تنقل لهم إمدادات من خارج البلاد، لكن مستشار "الدعم السريع" عمران عبدالله، ذكر أن الطائرة كانت تعمل لمصلحة الجيش، مؤكداً وصولهم إلى الصندوق الأسود للطائرة إلى جانب وثائق ومعلومات مهمة تتعلق بها وطبيعة المهام الموكلة إليها.

تعقيباً على ذلك أعلنت السفارة الروسية لدى السودان تواصلها مع السلطات لاتخاذ كل الإجراءات اللازمة للكشف عن ملابسات سقوط الطائرة المعنية التي يحتمل أن يكون مواطنون روس ضمن طاقمها. وقالت السفارة على حسابها في "تيليغرام"، أفاد ممثلو قوات "الدعم السريع" عبر شبكاتهم الاجتماعية أنه أسقط طائرة شحن في غرب السودان، وكان طاقمها، بحسب قولهم، يضم مواطنين روساً.

الجبهة المدنية

سياسياً جدد رئيس الوزراء السوداني السابق، رئيس تنسيقية (تقدم) عبدالله حمدوك، الدعوة لتأسيس جبهة مدنية موحدة تهدف إلى تنفيذ برنامج شامل يتضمن عدة مسارات، وذلك من أجل إنهاء العدائيات وتحقيق خطة إسعافيه تدعم عملية التحول الديمقراطي في البلاد.

ودعا حمدوك، المجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بما سماه حكومة الأمر الواقع كحكومة شرعية، مشيراً إلى أن البلاد تعاني فراغاً دستورياً منذ 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وهو ما يعوق جهود إنهاء النزاع وإحلال السلام.

وشدد على ضرورة محاسبة المتورطين في الجرائم التي ارتكبت في السودان، منوهاً بأن الإفلات من العقاب هو مما أدى إلى التمادي في ارتكاب الجرائم، مشيراً إلى أن الحرب الحالية لا تحقق انتصاراً لأي طرف، في وقت يسعى فيه الشعب السوداني وراء الحرية والسلام والعدالة.

المزيد من متابعات