Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الماجل" يعود من الماضي ليواجه شح المياه في تونس

عبارة عن حوض لتخزين الأمطار بهدف استخدامها في الأغراض المنزلية باستثناء الشرب

يعرف سكان الجنوب التونسي أكثر من غيرهم في بناء "المواجل" بمنازلهم بسبب قلة الأمطار  (مواقع التواصل)

ملخص

حثت وزارة الإسكان التونسية على تسهيل قرض لإعادة بناء "المواجل" لتشجيع المواطنين للاستفادة من مياه الأمطار، في ظل شح المياه وتواتر انقطاعات مياه الشرب.

أدى الشح المائي الذي تعيشه تونس جراء نقص الأمطار إلى عودة بعض العادات التي خلنا أنها لم تعد ضرورية.

 "الماجل" أو "الفسقية" عادة قديمة لتخزين ماء المطر عادت ولو بنسق ضعيف للتخفيف من مشكلات نقص المياه وبخاصة مع كثرة قطع مياه الشرب، وهو عبارة عن حوض تخزين مياه الأمطار في صورة حفرة تأخذ صورة معينة ويتراوح عمقها ما بين أربعة وستة أمتار وفي بعض الأحيان أكثر من ذلك، تكون داخل المنزل أو في مكان محاذ له. ويكون سطح المنزل بمثابة حوض أول لتجميع المياه التي تُحول بواسطة "المزراب" إلى الماجل الذي يتكون بدوره من مسقى يدخل منها الماء و"خراجة" تخرج منها المياه الزائدة عن طاقة استيعاب الماجل. ويمكن استخدام ماء الماجل في عديد الاستخدامات المنزلية باستثناء الشرب إلا بعد عملية غليان.

عادة من الماضي

ولتشجيع المواطنين على تشييد "مواجل" في منازلهم حثت وزارة الإسكان على تقديم طلب للحصول على قرض بنائه والتي يتيحها برنامج خاص لتخزين مياه الأمطار الموجهة للاستهلاك المنزلي في ظل شح المياه وتواتر انقطاعات مياه الشرب.

وتبلغ قيمة القرض القصوى 7 آلاف دولار دون فائدة مع مدة سداد تبلغ سبعة أعوام فيما يشترط للحصول على القرض ألا يتجاوز الدخل الشهري للمنتفع 2000 دولار مع توافر مسكن فردي قابل لإنجاز "ماجل".

ويقوم المنتفع بدراسة فنية من طريق مهندس معماري يودعها لدى الإدارة الجهوية للتجهيز وإذا حظيت بالموافقة يتقدم بمطلب قرض مالي.

ويعرف سكان الجنوب أكثر من غيرهم في بناء "المواجل" بمنازلهم بسبب قلة الأمطار، وأيضاً بسبب ملوحة ماء الحنفيات مما يجعل السكان هناك يستخدمون ماء المطر في الطهي أو الشرب لكن بعد الغليان والتصفية.

وتقول سيدة خمسينية تدعى هادية من محافظة قابس جنوب شرقي تونس "هنا أول شيء يفكر فيه من يريد بناء منزل هو حفر الماجل أولاً، إذ إنه شيء أساس في المنازل ولنا تقاليد للمحافظة عليه وتنظيفه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 وتوضح "مع بداية موسم الأمطار أي في الخريف ينظف السكان هنا أسطح المنازل لتخزين ماء المطر الذي ينزل بدوره عبر مزراب إلى الماجل، ونستعمل ماء المطر عادة في الطهي لأن ماء الحنفية مالح ولا يصلح عكس ماء المطر العذب".

وتشير أيضاً إلى "استعماله في كل الأغراض المنزلية الأخرى وبخاصة عند انقطاع المياه". وعن كيفية التنظيف تفيد هادية "قبل موسم الأمطار يقع تنظيف الماجل جيداً ودهنه حتى أننا نقوم بوضع البخور كنوع من التبرك وبعد نزول الأمطار نضع نسبة معينة من الكلور لقتل الجراثيم".

يُذكر أن تونس لا تعتمد على السدود في تخزين المياه بالجنوب والوسط بسبب تضاريسها الممتدة عكس شمال تونس، وبخاصة من جهة الغرب التي تعرف بكثرة السدود التي تُجمع فيها المياه واستغلالها من طرف شركة المياه بهدف التوزيع على المواطنين بكل المنطقة.

 ومن جهة أخرى تقول سعاد التي تقطن داخل العاصمة تونس "في العاصمة انقرضت تقريباً عادة بناء المواجل والفسقيات وأصبحت من الماضي لأسباب عدة، منها الكثافة السكانية وطريقة بناء المساكن التي عادة تكون عمودية أو المساحات تكون صغيرة إضافة إلى عامل المناخ، ففي العاصمة لم نكن نعيش هذا الجفاف إذ كانت الأمطار تهبط على مدار العام، ولم نكن نشعر أن يوماً ما قد نعيش هذا الوضع في قطع الماء وبخاصة خلال فصل الصيف".

وتوضح "عند قطع الماء أتمنى لو يكون لدينا ماجل في المنزل من ثم أعتقد أن التفكير في بنائه أصبح ضرورياً وبخاصة من يملك منزلاً خاصاً أو يريد تشييد منزل جديد".

ويقول سفيان رجل أربعيني إن أول شيء فكر فيه عند بناء منزله الجديد بأحد أحياء العاصمة تشييد ماجل "أعتقد ان هذه الخطوة أصبحت ضرورية لتأمين الاكتفاء الذاتي من المياه للاستعمال المنزلي أيضاً من أجل الضغط على كلفة الماء التي أصبحت باهظة جداً بعد الزيادات المتواترة".

التخفيف من مشكلات الشح المائي

في السياق أكدت مديرة المحافظة على الطبيعة بالصندوق العالمي للطبيعة بشمال أفريقيا سبأ قلوز أهمية بناء المواجل كحلول لتجميع مياه الأمطار، التي أصبحت شحيحة وغير منتظمة خصوصاً مع تغير خريطة الأمطار في تونس.

ونوهت قلوز عبر تصريح إعلامي عقب تنظيم الصندوق لأسبوع التأقلم مع التغيرات المناخية إلى "تجربة المواجل في جزيرة جربة جنوب شرقي تونس التي هي من العادات القديمة، وتساعد على التخفيف من مشكلات شح المياه في البلاد".

وأضافت "نحن في الصندوق العالمي للطبيعة بشمال أفريقيا نسعى إلى التعرف إلى مختلف الوسائل المستعملة للتأقلم مع التغيرات المناخية والمبادرات الرائدة على المستوى المحلي".

عزوف المواطنين

على رغم تشجيع الدولة لتشييد المواجل المائية كشف مدير عام الإسكان بوزارة التجهيز والإسكان نجيب السنوسي أن "التونسيين لم يقبلوا بالصورة المطلوبة لبنائها داخل منازلهم إذ تحصل 30 مواطناً فقط على التمويل لبناء ماجل".

ومن جهته يقول المهندس في المياه محمد صالح قليد في تصريح خاص إن "عادة بناء المواجل نحتاج إليها اليوم أكثر من أي وقت مضى لتفادي الشح المائي في الأقل بالاستعمال المنزلي"، إلا أن قليد يعد أن "هذا الحل غير كاف للتصدي للتغيرات المناخية وما تسببه من جفاف، وأن على الدولة إيجاد حلول أشمل ووضع مخططات كبرى تتماشى والتغيرات الحالية".

وأضاف أن "المواطن يجب أن يكون شريكاً في الأزمة الحالية التي تعيشها تونس"، معتبراً أن "التفكير في إنشاء المراجل أحد الحلول التي على المواطن أن يفكر فيها بجدية باعتبارها عادة جيدة يجب إحياؤها بكثافة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير