ملخص
بحسب وزارة النقل العراقية سيُجرى افتتاح ثلاثة مطارات دولية جديدة داخل العراق خلال عام 2025 في جنوب ووسط وشمال البلاد.
يبدو أن العراق يسير بخطى متسارعة في تطوير مطاراته وخدمات النقل الجوي المدني، مستغلاً بذلك موقعه الجغرافي الذي يقع بين قارتي آسيا وأوروبا، ليكون بذلك ممراً جوياً مهماً لخطوط النقل العالمي، مما يتحتم عليه أن يستغل هذه الميزات لجلب واردات مالية لخزانة الدولة المعتمدة بصورة أساس على النفط.
وعلى رغم تعرض قطاع الطيران العراقي لنكسات كبيرة نتيجة الحروب التي خاضها العراق خلال العقود الماضية، والحصار الاقتصادي الذي فرض عليه إثر غزو الكويت عام 1991، مما أدى إلى تدمير عدد من مطاراته وإهمال أخرى، فإنه بات يفكر جدياً في إعادة تنشيط هذا القطاع الحيوي من خلال بناء مطارات جديدة وتأهيل أخرى.
ثلاثة مطارات جديدة
بحسب وزارة النقل العراقية، سيُجرى افتتاح ثلاثة مطارات دولية جديدة داخل العراق خلال عام 2025 في جنوب ووسط وشمال البلاد.
وقال المدير الإعلامي للوزارة ميثم الصافي في حديث للصحيفة الرسمية إن الأعمال الجارية في مطارات كربلاء والناصرية والموصل الدولية مستمرة بوتائر متصاعدة، ووفقاً للجدول الزمني المحدد سلفاً للإنجاز من خلال شركات محلية وعالمية.
وكشف الصافي عن التنسيق مع العتبة الحسينية لتنفيذ واستكمال مشروع مطار كربلاء الدولي الذي يعد من المشاريع الحيوية المهمة لتعزيز البنية التحتية للطيران في البلاد، لافتاً إلى أن شركة بريطانية تتولى مسؤولية إنشائه بكلفة إجمالية تبلغ 500 مليون دولار، ومن المتوقع أن يستقبل المطار 6 ملايين زائر سنوياً، مما يجعله الأكبر في البلاد.
وبيَّن الصافي أن العمل جار في مطار الناصرية داخل محافظة ذي قار، من قبل شركتين، الأولى صينية تتولى أعمال التشييد وفقاً لمعايير عالمية، والثانية تركية تشرف على التنفيذ.
خنادق "داعش"
وأضاف "أما بالنسبة إلى مطار الموصل فإن جهة استشارية تتولى إنجاز تصاميمه، مع استمرار أعمال التعاقد والتصنيع والفحوصات المصنعية والتدريب للمنظومات الملاحية والأجهزة والمعدات التخصصية الخاصة به تباعاً".
وأكد الصافي أن المطارات الثلاثة ستفتتح خلال العام المقبل، ومن المتوقع أن تسهم بصورة كبيرة في تحسين البنية التحتية للنقل الجوي في العراق، إضافة إلى تعزيز الروابط الاقتصادية والسياحية مع مختلف دول العالم وافتتاح وجهات دولية جديدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتقدر كلفة إنشاء المطارات الثلاثة تريلون دينار عراقي (757 مليون دولار)، إذ تقدر الكلفة الإجمالية لمشروع مطار الناصرية الدولي (375 كيلومتراً جنوب بغداد) والمنشآت الملحقة به بنحو 368 مليار دينار (278 مليون دولار)، بطاقة تشغيل نحو 750 ألف مسافر سنوياً، فيما بلغت الكلفة الكلية لتأهيل مطار الموصل الدولي (400 كيلومتر شمال بغداد) 268 مليار دينار (203 مليون دولار)، ومشروع مطار كربلاء الدولي (120 كيلومتراً جنوب بغداد) 500 مليون دولار، بطاقة تصل إلى 20 مليون مسافر سنوياً.
وكان تنظيم "داعش" دمر كل المباني في مطار الموصل الذي بناه سلاح الجو البريطاني عام 1925، بعد سيطرته على المدينة عام 2014، وأقام خنادق عسكرية في مدرجه مما أدى إلى تضرره بصورة كبيرة.
تأهيل مطار بغداد
ولا يقتصر الأمر على بناء المطارات المحلية، بل تعدى الأمر إلى تأهيل المطارات الحالية وبخاصة مطار العاصمة بغداد، أكبر مطارات العراق الذي أنشئ مطلع ثمانينيات القرن الماضي، إذ تعرض لأضرار إثر حرب "عاصفة الصحراء" عام 1991 والغزو الأميركي للعراق عام 2003، وشهد معارك عنيفة بين القوتين العراقية والأميركية.
ومنذ فرض العقوبات الاقتصادية على العراق عام 1991 وإيقاف الرحلات الجوية ومن ثم استئنافها عام 2005 وحتى الآن، لم يشهد المطار أية عملية تأهيل حقيقية باستثناء بعض الترميمات التي لم تغير من واقع الخدمات والبنى التحتية المتهالكة فيه.
ويبدو أن حكومة محمد شياع السوداني مهتمة بتوسعة المطار وتحديثه، خصوصاً بعد أن وقع العراق خلال شهر سبتمبر (أيلول) 2023 اتفاقاً رائداً مع مؤسسة التمويل الدولي لتطوير وتأهيل مطار بغداد الدولي.
وشدد السوداني خلال اجتماعه مع مؤسسة التمويل الدولي الأسبوع الماضي على "ضرورة أن تكون عمليات التأهيل والتطوير وفقاً لأحدث المواصفات والمعايير التي حددتها المنظمات الدولية المعنية بالمطارات"، مشيراً إلى أن المشروع سيحقق مبدأين أساسين، الأول مضاعفة الأرباح والإيرادات والآخر تحسين الخدمة المقدمة للمواطنين.
خدمة الترانزيت
ويؤكد الباحث في الشأن الاقتصادي صفوان قصي أن بناء بعض المطارات وتطوير أخرى هدفه تدعيم السياحة واستثمار موقع العراق لخدمة "الترانزيت". مضيفاً "العراق في حاجة إلى تطوير قطاع النقل البري والبحري والجوي، وإنشاء هذه المطارات يسهل مهمة أن يصبح البلد موقعاً للسياحة العالمية، وبخاصة أنه يمتلك أكثر من 15000 موقع سياحي وديني ومناخي وحضاري يمكنها استقطاب السياح من جميع دول العالم".
ويلفت إلى أن "إنشاء هذه المطارات يتطلب بناء سلسلة فنادق وخطوط نقل، إذ إن العراق ينمو سكانياً وهناك طلب على وسائل النقل المريحة، ومع وجود مراكز دينية وطريق التنمية الذي ينقل 13 مليون سائح من مختلف دول العالم وبخاصة أوروبا، فإن الأمر يتطلب زيادة عدد المطارات وتوسيع الحالية".
ويشير إلى أن مؤسسة التمويل الدولي تولت مهمة تطوير وتحديث مطار بغداد ليكون مطاراً عالمياً، وأن استرداد الكلفة سيكون من خلال زيادة عدد الطائرات القادمة إلى مطار بغداد، فضلاً عن خدمات تبادل المسافرين (الترانزيت).
وأكد قصي حاجة العراق إلى بناء مطارات أخرى، قائلاً "مثلاً نحتاج مطاراً في الأنبار فهناك مطارات عسكرية أنشئت خلال ثمانينيات القرن الماضي من الممكن أن تصبح مطارات محلية، لكن تحويلها إلى مطارات دولية في حاجة إلى نمو قطاع السياحة في تلك المناطق، إذ يجب البحث عن الجدوى الاقتصادية لإنشاء مثل هذه المطارات.