Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

القطاع العقاري التونسي في مواجهة "ضربة موجعة" بحلول 2025

الحكومة تجدد رغبتها الترفيع في الأداء على القيمة المضافة عند شراء المنازل من 13 إلى 19 في المئة

يؤكد المقاولون أن أسعار المنازل في تونس ستشهد غلاءً كبيراً بداية من العام المقبل (أ ف ب)

ملخص

مخاوف من عزوف التونسيين عن شراء المنازل وإمكانية فقدان 5 آلاف موطن شغل

ينتظر قطاع التطوير العقاري والمقاولون في تونس بفارغ الصبر قرار البرلمان النظر في إجراء ما يعدونه حال تمريره "ضربة قاصمة" لقطاع ما انفك يواجه عديداً من الصعوبات المالية.

واقترحت الحكومة التونسية ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2025 الترفيع في نسبة الأداء على القيمة المضافة عند اقتناء المنازل المشيدة حديثاً من 13 في المئة حالياً إلى 19 في المئة بداية من عام 2025.

ويعول المقاولون والمواطنون على دور البرلمان التونسي في عدم تمرير إجراء كهذا، لأنه سيضر بقطاع التطوير العقاري في البلاد، خصوصاً إحداثه ارتفاعاً لافتاً في أثمان المنازل، في ظل عدم قدرة عدد مهم من التونسيين الولوج إلى التمويل المصرفي للشراء.

ضربة قاصمة

ويعتقد المتخصصون أن إضافة ست نقاط كاملة على المنازل المقتناة والمشيدة حديثاً لها تداعيات وخيمة على قطاع التطوير العقاري في البلاد، الذي يؤدي دوراً مهماً في المشهد الاقتصادي.

قد يشكل هذا الإجراء "الموجع" وفق المهنيين "ضربة قاصمة" للمقاولين خصوصاً التونسيين المقدمين على شراء المنازل أو الشقق، وإحداث مزيد من الانهيار للقطاع الذي كان في ماض غير بعيد أهم محركات النشاط الاقتصادي في البلاد.

وتأثر قطاع السكن في تونس بالأزمة الاقتصادية والمالية التي تعرفها البلاد منذ أكثر من عقد، مما جعل قطاع المقاولات على وشك الانهيار، بسبب تراجع مبيعات الشقق والمنازل، في ظل تراجع القدرة الشرائية للتونسيين، وصعوبة ولوجهم إلى القروض البنكية للحصول على قرض سكني في ظل ارتفاع نسبة الفائدة البنكية.

وعرف مسار الترفيع في نسبة الأداء على القيمة المضافة على المنازل مداً وجزراً بين المقاولين ووزارة المالية منذ 2018، لما سعت الوزارة في تلك الفترة إلى الترفيع في هذه النسبة من 13 إلى 19 في المئة، لكن المقاولين أقنعوا أعضاء البرلمان بالتخلي أو إرجاء تطبيق القرار.

أضرار مضاعفة

وقال جلال مزيو وهو صاحب شركة مقاولات إنه يرفض هذا الإجراء الذي قال إنه سيضر بقطاع التطوير العقاري في تونس، وسيسهم في "موت" عشرات شركات المقاولات التي لن تعود بمقدورها مجابهة كلفة ارتفاع مواد البناء.

ولفت في تصريح لـ"اندبندنت عربية" إلى أن الترفيع بست نقاط كاملة في الأداء على القيمة المضافة على المنازل والشقق المشيدة حديثاً من 13 إلى 19 في المئة ربما سيحل بعض الإشكالات المالية لموازنة الدولة، لكن أضراره ستكون مضاعفة على المقاولين وعلى سلسلة إنتاج كاملة مرتبطة بالقطاع، إلى جانب نفور المواطن من شراء المنازل واللجوء إلى الكراء.

وتابع "الغرفة الوطنية النقابية للباعثين العقاريين ترفض هذا الإجراء، بل إنها تطالب بالنزول بنسبة القيمة المضافة إلى مستوى سبعة في المئة من أجل أن يسهم قطاع المقاولات في تنشيط الاقتصاد التونسي". وعبر مزيو عن أسفه من أنه بداية من مطلع يناير (كانون الثاني) 2025 وفي حال تمرير هذا الإجراء والمصادقة عليه سترتفع أسعار الشقق في تونس، إذ إن المنزل البالغ ثمنه 100 ألف دولار سيصبح بنحو 120 ألف دولار.

تراجع المعاملات

وتظهر بيانات المعهد الوطني للإحصاء ارتفاع مؤشر أسعار العقارات في البلاد بنسبة 3.5 في المئة بحساب الانزلاق الثلاثي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024، وفي مقابل ذلك سجل تراجع المعاملات إلى أواخر مارس (آذار) من هذا العام بنسبة 13.6 في المئة للأراضي السكنية، و6.9 في المئة للمنازل و23.3 في المئة للشقق مقارنة بالربع الأخير من عام 2023.

وبحسب بيانات الغرفة الوطنية للباعثين العقاريين التونسيين شهد قطاع التطوير العقاري أزمة حادة بسبب ارتفاع كلفة بناء المساكن وتراجع القدرة الشرائية للمواطن، مقابل غلاء أسعار المنازل مما خفض في عدد الوحدات السكنية الجديدة من معدل 20 ألف مسكن في 2010 إلى أقل من 3 آلاف وحدة جديدة في السنوات القليلة الماضية.

إقرار حكومي

وتقرّ وزيرة التجهيز والإسكان التونسية سارة الزعفراني، في تصريحات سابقة، بتقلص الأراضي المخصصة للبناء وارتفاع أثمانها وارتفاع كلفة السكن وتراجع الإنتاج وعدم ملاءمة آليات التمويل مع حاجات الفئات الضعيفة والمتوسطة الدخل.

وتعترف وزيرة التجهيز والإسكان أيضاً بالظروف الصعبة التي يمر بها المقاولون سواء العموميون أو الخواص من جهة ارتفاع كلفة البناء والأراضي، والارتفاع المسجل في نسب فائدة القروض السكنية نتيجة ارتفاع نسبة السوق النقدية التي بلغت نسبة ثمانية في المئة حالياً، مما أثر سلباً في موازنات شركات البعث العقاري الخاصة منها.

إمكانية فقدان 5 آلاف موطن شغل

وتحدث أمين مال الغرفة الوطنية للباعثين العقاريين، الهاشمي الملياني، عن إمكانية فقدان خمسة آلاف موطن شغل و50 في المئة من رقم معاملات قطاع البعث العقاري بسبب الإجراء المقترح في مشروع قانون المالية للعام المقبل.

وأكد في تصريحات حديثة أن "فرض نسبة أداء على القيمة المضافة بـ19 في المئة على اقتناء المنازل أو الشقق المعدة للسكن لدى شركات التطوير العقاري، سيؤثر بصفة مباشرة في المواطن التونسي، لأنه هو المستهلك النهائي للمساكن التي يوفرها الباعث العقاري"، مشيراً إلى أن "19 في المئة تمثل خمس كلفة المنزل"، ولفت إلى أن "القطاع يشغل بصفة مباشرة وغير مباشرة نحو 800 ألف شخص في تونس، وأن رقم المعاملات في قطاع البعث العقاري سيكون مهدداً بالانخفاض قرابة 50 في المئة في حال تطبيق هذا الإجراء"، ووفق نتائج دراسة أنجزت في هذا الغرض، واستطرد بالقول "هذا الإجراء سيؤثر في مبيعات قطاع البعث العقاري وعلى رقم معاملاته، لذا ستكون المداخيل المتأتية من الأداء على القيمة المضافة أقل"، مشدداً على أن "الإدارة التونسية مطالبة بالنظر إلى البعد الاجتماعي لقطاع البعث العقاري وامتلاك التونسيين المساكن، إذ إنه مؤشر يسهم في دعم السلم الاجتماعي".

وبين الملياني أن "تراجع مبيعات قطاع البعث العقاري وارتفاع الأسعار سيتسبب مباشرة في ارتفاع أسعار الكراء من جديد، خصوصاً في ظل الارتفاع على الطلب على الكراء وتراجع اقتناء العقارات المعدة للسكن"، وتابع "نحتاج في تونس إلى ما بين 100 و120 ألف مسكن جديد كل سنة، لكن قطاع البعث العقاري لا يصل إلى تحقيق هذا الرقم سنوياً لأسباب عديدة، على رغم أن الحلم الأول للمواطن التونسي هو امتلاك مسكن".

البرلمان قد يرفض

وأكد المتخصص في الشأن الضريبي في تونس، عضو المجلس الوطني للجباية، محمد صالح العياري، أنه ضد هذا الإجراء الذي قال إنه سيضر كثيراً قطاع التطوير العقاري والمقاولون والمواطنين على حد سواء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح أن قطاع التطوير العقاري في البلاد يشهد لسنوات صعوبات كبيرة أثرت في نسق بناء المنازل الجديدة وارتفاع أثمانها، فلم تعد في متناول قطاع كبير من التونسيين. وتقدم المتخصص في الشأن الضريبي بمقترحين من أجل إيجاد صيغة توافقية ترضي وزارة المالية المتمسكة بهذا القرار وتساعد المقاولين على تجاوز صعوباتهم. ويتمثل الحل الأول في تمكين المواطنين الراغبين في شراء مسكن لا يتجاوز ثمنه 500 ألف دينار (161.9 ألف دولار) بتخفيض بنسبة 30 في المئة من 19 في المئة المقترحة لمساعدة الطبقة الوسطى لاقتناء مساكن من دون الترفيع في كلفتها إلى جانب إقرار معاليم تسجيل للعقود. ويتمثل الحل الثاني والجذري في نظره في النزول بهذه النسبة من 19 في المئة إلى مستوى سبعة في المئة من أجل إعطاء دفع كبير لقطاع التطوير العقاري في البلاد، ومساعدة المقاولين على بناء أكثر منازل في البلاد بما يمكن لاحقاً في توفير إيرادات مالية مهمة لموازنة الدولة.

وكشف في ختام تصريحه أن أعضاء البرلمان التونسي عبروا عن رفضهم الإجراء الوارد في مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، وأنهم متمسكون بتنقيحه أو ربما تأجيله إلى موعد لاحق.

اقرأ المزيد