ملخص
بدأت التمارين العسكرية التي أُطلقت عليها تسمية "فونيكس إكسبريس 24" إذ تُشارك فيها الجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا والسنغال وتركيا وإيطاليا ومالطا وبلجيكا وجورجيا والولايات المتحدة، وتونس البلد المضيف.
تثير استضافة تونس تمريناً عسكرياً بحرياً بالتعاون مع القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) يومي الـ 14 والـ 15 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، تساؤلات حول ما إذا كانت العلاقات بين هذا البلد وحلفائه الغربيين التقليديين بدأت تستعيد عافيتها من جديد.
وعاد الحديث في تونس مجدداً حول ضغوط تمارس ضد الرئيس قيس سعيد من خلال الموالين له، وقبل أيام قال الأمين العام لحركة "تونس إلى الأمام" عبيد البريكي إن "القوى الكبرى، أي الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، تعبّر عن غضبها من رئيس الجمهورية وتطالبه باحترام قواعد الديمقراطية بسبب مواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية".
وبالتوازي بدأت أمس الإثنين التمارين العسكرية التي سميت "فونيكس إكسبريس 24" وتشارك فيها 12 دولة وهي الجزائر وليبيا والمغرب وموريتانيا والسنغال وتركيا وإيطاليا ومالطا وبلجيكا وجورجيا والولايات المتحدة، وتونس البلد المضيف.
تعاون بعيد من السياسة
وكانت وزارة الدفاع التونسية كشفت عن أن "سواحل البلاد ستشهد وجود تسع بواخر عسكرية ستشارك في هذا التمرين، بهدف تدعيم التعاون والتنسيق بين الطواقم البحرية وتدريب الأفراد وتعزيز قدراتهم على حسن استعمال المنظومات والمعدات والوسائل البحرية، وتطوير مهاراتهم في التصدي للأعمال غير المشروعة داخل البحر، ولكل أشكال التهديدات والجرائم المنظمة مثل التهريب والاتجار بالبشر، حفاظاً على أمن المتوسط واستقراره".
ومنحت الولايات المتحدة الأميركية عام 2015 تونس صفة العضو الأساس غير الحليف في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، مما فتح الباب أمام شراكة طويلة الأمد بين البلدين من غير الواضح ما إذا كانت قد تأثرت بحال البرود التي عرفتها العلاقات بينهما منذ عام 2021.
وتواترت في وقت سابق البيانات الأميركية التي تعرب عن قلق واشنطن من التوقيفات التي طاولت سياسيين في تونس ومعارضين للرئيس سعيد، وهو أمر رد عليه الأخير بـ "رفض التدخل في شؤون بلاده" ضمن خطوات عكست الفتور الذي يخيم على علاقات البلدين.
وقال الباحث السياسي التونسي المقيم في فرنسا نزار الجليدي إنه "من باب العرف الدبلوماسي والسياسي الإبقاء على كل الشراكات بالنسبة إلى تونس، وتدريبات 'أفريكوم' مسجلة وستنفذ بصرف النظر عما يحدث سياسياً في تونس"، وتابع أن "هذه التدريبات ليست أمراً خارقاً للعادة بل في إطار اتفاقات قديمة متجددة، وهو تعاون في إطار دولي بعيداً من الحسابات السياسية".
واستدرك قائلاً "لكن بعض النشطاء السياسيين في تونس يزعمون وجود برودة دبلوماسية أو ضغوط، وهو أمر غير موجود، فالأميركيون لديهم مصالح في تونس وهي تتحدد بحسب رؤية تونس مصالحها، لأن اللاءات التونسية واضحة وعلنية في ما خص العلاقة بسيادتها الوطنية وغير ذلك".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فائدة على تونس
وكان عام 2020 أيضاً شاهداً على خطوة جديدة لتعزيز التعاون العسكري بين تونس والولايات المتحدة إذ اُتفق على التوقيع على خريطة طريق لآفاق التعاون العسكري بين البلدين في مجال الدفاع للعشرية المقبلة، تستهدف تطوير جهوزية الجيش التونسي وقدراته في وقت يواجه فيه كثيراً من التحديات في ظل الأوضاع الإقليمية غير المطمئنة، واستمرار الأزمة في ليبيا والتوترات الأمنية في منطقة الساحل الأفريقي.
واعتبر الباحث السياسي التونسي هشام الحاجي أن "التدريبات العسكرية التي تستضيفها تونس ويشارك فيها، بحسب ما أشارت وزارة الدفاع الوطني، أكثر من 1000 جندي من 13 دولة، تعود بالفائدة على تونس وفيھا إشارة إلى الثقة في وضعھا الأمني وكفاءة العنصر البشري".
وأضاف الحاجي أن "هذه التدريبات تشير إلى أن دور تونس في بعض التجمعات العسكرية مثل حلف الأطلسي موجود وفعلي وليس صورياً"، ورأى أنه "في ما يتعلق بالانتقادات الأوروبية والأميركية التي قد يكون الرئيس قيس سعيد يتعرض لها بسبب المواقف التي عبّر عنھا في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فإنها مواقف تعبر عن مشاعر وأحاسيس الشعب التونسي، والانتقادات تخجل الطرف الأوروبي والأميركي الذي يدعم كياناً (إسرائيل) يضرب عرض الحائط بكل القيم والمواثيق، ويمارس إبادة معلنة ضد الشعب الفلسطيني"، وخلُص إلى أن "البرودة إن وجدت فهي عادية في العلاقات الدولية، خصوصاً أن كثيراً من الدول تخطب ودّ تونس، وأمام بلادنا فرصة لتنويع الشراكات بما يعزز قدراتھا على إدارة علاقاتھا الخارجية".
تونس بيدها أوراق
وسلّمت الولايات المتحدة إلى تونس أربع طائرات من طراز (C-208) في خطوة عزاها مراقبون وأوساط سياسية تونسية إلى محاولة واشنطن احتواء التمدد الروسي - الصيني في شمال أفريقيا، وتُعد تونس والاتحاد الأوروبي حليفين تقليديين منذ حصول البلاد على استقلالها عام 1956، لكن خلال الأشهر الماضية تواترت زيارات مسؤولين تونسيين إلى الصين وروسيا.
وقال الحاجي إن "هناك بكل تأكيد إشارات وملاحظات لم ترتق لما يمكن اعتباره ضغوطاً قوية لسببين، الأول أن تونس تملك حالياً أوراقاً ترد بها على هذه الإشارات والملاحظات في ظل الصراعات والتجاذبات الإقليمية والدولية، والثاني أن هذه الدول لا تؤمن فعلياً بالحريات وحقوق الإنسان وتنتھكھا سواء داخل مجال كل دولة أو على المستوى الدولي"، ورأى أن "توظيف ورقة حقوق الإنسان نجح في سياق الإعداد لما سمي بالربيع العربي، ولكن زيف هذا التوظيف انكشف ولا أرى أنه سينجح، ولا يعني ذلك أن تونس غير مطالبة باحترام حقوق الإنسان، بل إن هذا الاحترام هو من باب الايمان بكرامة المواطن التونسي وحقه في المشاركة بالحياة العامة".