Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المعنيون والمستثنون من العفو الرئاسي في الجزائر

جرائم الحق العام التي تستفيد من هذا الإجراء هي جنح بسيطة ذات طابع سياسي

أصبح الإعلان عن عفو رئاسي عادة في الجزائر (وسائل التواصل)

ملخص

حقوقيون: هناك خلط بين الشق القانوني والسياسي والقرار يشمل كل جرائم الحق العام إلا ما استثني بنص خاص مثل الاتجار بالمخدرات وجرائم التعدي على الأطفال وغيرها

تترقب عائلات القابعين في سجون الجزائر الإفراج والسراح مع قدوم المناسبات الدينية والوطنية بفارغ الصبر، بعد أن أصبح الإعلان عن عفو رئاسي عادة لا يستغني عنها رئيس البلاد.

لكن انتظار اليوم الموعود ترافقه غصة بسبب أن الإجراء يمس جرائم القانون العام فحسب.

قرار وترحيب

وتميز احتفال الجزائر بالذكرى الـ70 لاندلاع ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي المتزامن مع بداية نوفمبر (تشرين الثاني)، بإصدار الرئيس تبون قرار عفو شمل نحو 4 آلاف محبوس متابعين في قضايا القانون العام أو تمس الأمن العام، في مبادرة سبقتها عملية إطلاق سراح أكثر من 8  آلاف سجين بمناسبة عيد الاستقلال الذي يصادف الخامس من يوليو (تموز) من كل عام.

وترك قرار الأسبوع الماضي، وقعاً إيجابياً بسبب أنه شمل الإفراج عن عدد من النشطاء والصحافيين، لا سيما لدى الطبقة السياسية والحقوقيين الذين رأوا أن "الخطوة تحيي آمالاً جديدة في ترسيخ الديمقراطية والحرية في البلاد، وتجدد الثقة لدى المواطنين في مؤسسات الدولة، كما أنها تبشر بالتزام نحو تحسين الظروف الحقوقية والسياسية في سياق تعزيز حقوق الإنسان".

سياسة إصلاحية أكثر منها انتقامية

لكن وبقدر الترحيب الذي لقيته المبادرة ككل مرة، تساءلت أطراف عن استثناء محبوسين من القرار مقابل استفادة آخرين، إذ أوضح الحقوقي حنافي حاج، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن العفو بالنسبة لجرائم القانون العام أو الحق العام، يأتي من فلسفة حقوقية مفادها "باعتماد سياسة عقابية إصلاحية أكثر منها سياسة عقابية انتقامية". فالجريمة التي ليست فيها مؤشرات قوية إلى تهديد جديد للأشخاص وممتلكاتهم، مع إبانة من المسجون المعني عن حسن سيرة وسلوك داخل المؤسسة الإصلاحية بتوبته عن الفعل، قد تتيح إعطاء فرصة إصلاح لمن أراد الصلاح.

ويتابع حاج أن هناك من يرى أن الجريمة حتمية اجتماعية، بينما يعد طرف مقابل أن الدولة تعتمد سياسة العصا والجزرة، فهي "أم عطوف لمن عاد إلى جادته وشرطي عقاب لكل معتد أثيم"، وقال إن المشرع هو بين سياسة العقاب تارة، وينحو إلى سياسة الإصلاح والإدماج تارة أخرى، لأن المجرم التائب ربما يكون فرداً صالحاً واعياً بمسؤولياته بصفة أكبر من الفرد الذي لم يرتكب فعلاً يجرمه القانون لكنه غافل عن مسؤولياته والتزاماته تجاه وطنه وأبناء مجتمعه، مبرزاً أن كل مجتمع يجدد نفسه كلما سنحت الفرصة بذلك، وفلسفة العفو ليست مجرد وسيلة بل هي غاية بمنح فرد فرصة أن يكون جزءاً من المجتمع كالآخرين تماماً.

ما هي جرائم القانون العام؟

الجرائم المرتكبة ضد القانون العام، ويطلق عليها أيضاً تسمية جرائم القانون العام، تصنف بحسب الإحصاءات الشرطية ضمن ثلاثة أقسام رئيسة، يمثل القسم الأول الجرائم المرتكبة ضد الأشخاص وتضم بدورها الجرائم التي تمس بالسلامة الجسدية كجرائم القتل بنوعيه العمدي وغير العمدي، وجريمة الضرب والجرح العمدي المفضي إلى عاهة، وفي أحيان أخرى قد يؤدي إلى الوفاة، إضافة إلى الجرائم التي تمس باعتبار وشرف الأفراد كالسب والشتم والتشهير والتهديد.

أما القسم الثاني، فيتمثل في الجرائم التي تقع ضد الأسرة والآداب العامة، بينما القسم الثالث يشمل الجرائم المرتكبة ضد الممتلكات وتضم جرائم عدة أهمها السرقة بشتى صورها، إضافة إلى التخريب والحرق والتدنيس والابتزاز.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المستبعدون

واستبعد القرار بعض الفئات من الاستفادة من العفو، وذلك بعد التشاور مع المجلس الأعلى للقضاء، مثل المدانين بجرائم الإرهاب والقتل والتجسس والمؤامرات ضد سلطة الدولة وسلامة ووحدة أرض الوطن وتزوير المحررات الرسمية والعمومية وجرائم الانتحال والضرب والجرح العمدي المفضي إلى عاهة والاعتداء على الأصول أو القصر والفعل المخل بالحياء والاغتصاب والاختطاف والاتجار بالبشر أو بالأعضاء.

إضافة إلى الاعتداء على موظفي ومؤسسات الدولة وموظفي الصحة، والمساس بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات إذا كانت تستهدف الدفاع الوطني، أو الهيئات أو المؤسسات الخاضعة للقانون العام، وتهريب المهاجرين وجرائم المخدرات والتهريب والفساد وجرائم الصرف وحركة رؤوس الأموال وتزوير النقود وجرائم التمييز وخطاب الكراهية وجرائم الغش والتدليس والاحتكار والمضاربة غير المشروعة في السلع، وكذا مرتكبو الجرائم المعاقب عليها في قانون تنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين.

خلط عميق في المفاهيم

إلى ذلك، يعد الحقوقي والناشط السياسي الحبيب لعليلي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن هناك خلطاً عميقاً في المفاهيم لدى السلطة إذ يختلط فيه الشق القانوني بالسياسي، و"ما يهمنا أكثر نحن كسياسيين سجناء الرأي والصحافيين، إذ يتم تكييف الوقائع لأصحاب الرأي والصحافيين دوماً ضمن جرائم القانون العام، وأحياناً حتى القانون الخاص وتحديداً ما تعلق بالمادة 87 مكرر، التي أصبحت تطاول كل رأي مخالف وخصوصاً في ما يتعلق باستعمال تكنولوجيات الاتصال". وقال إن العفو يشمل كل جرائم القانون العام إلا ما استثني بنص خاص في مراسيم العفو مثل الاتجار بالمخدرات والتعدي على الأصول وجرائم التعدي على الأطفال وغيرها.

لكن الغريب أن مرسوم العفو الأخير شمل موقوفين من دون محاكمة، أطلق سراحهم من دون حكم نهائي، وهو ما يتعارض مع روح الدستور الذي ينص على مبدأ الفصل بين السلطات، يضيف لعليلي، الذي أبرز أن مرسوم العفو هو من يحدد الجرائم المستثناة من القرار، مشدداً على أن من شروط العفو أن يكون الحكم نهائياً، وغالباً جرائم الحق العام التي تستفيد من العفو هي جنح بسيطة ذات طابع سياسي، مثل الإخلال بالنظام العام أو إهانة موظف أثناء تأدية مهامه أو إهانة هيئة نظامية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير