Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس تخطط لتأسيس أول صندوق للتأمين على فقدان الوظائف

623 شركة صناعية أغلقت أبوابها خلال الأعوام الخمس الأخيرة والمنحة المالية الحالية للبطالة الفنية 83 دولاراً

القطاع الصناعي التونسي خسر 44 مؤسسة ما بين يونيو 2023 و2024 (أ ف ب)

ملخص

ظهرت الحاجة في تونس إلى صندوق للتأمين على الوظائف المفقودة إبان جائحة كورونا التي تسببت في فقدان آلاف الوظائف نتيجة الغلق وإفلاس الشركات، إذ اضطرت الحكومة آنذاك إلى تعويض المسرحين لأسباب اقتصادية عبر آليات ظرفية (وقتية) جرى استحداثها للحد من تداعيات فقدان الوظائف

تخطط تونس لتأسيس أول صندوق للتأمين على فقدان الوظائف لأسباب اقتصادية، بهدف الحد من تأثيرات التغيرات الاقتصادية في الأفراد الذين يفقدون مواطن عملهم، بسبب تعثر الشركات التي يعملون لديها.

ويُعدّ صندوق التأمين على فقدان الوظائف لأسباب اقتصادية الأول من نوعه في البلاد، إذ تعتمد السلطات حالياً على آلية التسريح لأسباب فنية لمساعدة الموظفين المسرحين، مما يمكنهم من الحصول على منح مالية، إلى حين إعادة إدماجهم في سوق الشغل مجدداً.

ويرتفع نسق تسريح العمال من الشركات، لا سيما في القطاع الخاص إثر تعرض هذه الشركات لأزمات مالية وإعلان إفلاسها، مما يضطرها إلى تسريح عمالها تحت غطاء البطالة الفنية.

وأظهر مشروع قانون المالية للسنة المقبلة ضمن فصله الـ15 أن صندوق التأمين على فقدان الوظائف يهدف إلى تمويل نظام تأمين العمال ضد الفقدان الجماعي لمواطن الشغل لأسباب غير شخصية لطرفي علاقة العمل وإرساء نظام للإحاطة الاجتماعية بالعمال المسرحين لأسباب اقتصادية.

وظهرت الحاجة في تونس إلى صندوق للتأمين على الوظائف المفقودة إبان جائحة كورونا التي تسببت في فقدان آلاف الوظائف نتيجة الغلق وإفلاس الشركات، إذ اضطرت الحكومة آنذاك إلى تعويض المسرحين لأسباب اقتصادية عبر آليات ظرفية (وقتية) جرى استحداثها للحد من تداعيات فقدان الوظائف.

آليات التسريح السابقة

وينص التشريع التونسي الحالي على أن التعويض عن فقدان الوظائف يجري عبر إحدى آليات صندوق التشغيل التي تمكن المسرحين لأسباب اقتصادية من الحصول على منحة مالية تحت عنوان البطالة الفنية بقيمة 250 ديناراً (83 دولاراً) وأن لجان مراقبة الطرد (الفصل) التابعة لـ"تفقديات الشغل" تمنح المسرحين شهادات تؤكد الاستغناء عن توظيفهم لأسباب اقتصادية، مما يمكنهم لاحقاً من تقديم طلبات للحصول على منح التسريح لأسباب فنية، أو التقاعد المبكر لمن يتجاوز عمرهم 50 سنة.

تمويل حكومي بـ1.6 مليون دولار

ووفق وثيقة مشروع قانون المالية لسنة 2025، تعتزم الحكومة تمويل الصندوق عبر مصادر مختلفة، من بينها رصد الحكومة لتمويل أولي بقيمة خمسة ملايين دينار (1.6 مليون دولار)، ورسوم اشتراك 0.5 في المئة تحمل على كل من المؤجر والأجير إلى جانب ضرائب ستوظف على التبغ والوقود، والألعاب الإلكترونية والإرساليات الهاتفية.

وبيّنت أرقام رسمية نشرها معهد الإحصاء الحكومي في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 أن معدل إغلاق المؤسسات الصغرى والمتوسطة في تونس بلغ 38 ألفاً سنوياً، وفق البيانات خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 2019 و2021.

 623 شركة أغلقت أبوابها

في سياق متصل، أظهرت بيانات صادرة عن وكالة النهوض بالصناعة والتجديد الحكومية أن القطاع الصناعي التونسي سجل غلق 623 مؤسسة صناعية خلال الأعوام الخمسة الأخيرة من بينها 239 شركة صناعية مصدرة كلياً تمثل 38.4 في المئة.

وشمل غلق المؤسسات الصناعية أساساً قطاعي النسيج والملابس ومواد البناء، إضافة إلى أن محافظات الساحل التونسي سجلت أعلى نسبة من عمليات غلق الوحدات الصناعية.

وحتى يونيو (حزيران) الماضي، بلغ عدد المؤسسات الصناعية التي تنشط في تونس 4744 مؤسسة تشغل 10 عمال فما فوق مقابل 4788 مؤسسة في يونيو 2023، أي إن النسيج الصناعي التونسي خسر 44 مؤسسة ما بين يونيو 2023 و2024.

وتركزت عمليات الغلق بالأساس في قطاع النسيج والملابس (38 مؤسسة حتى نهاية يونيو 2024 و219 مؤسسة في الأعوام الخمسة الأخيرة) وكذلك في قطاع مواد البناء بـ16 مؤسسة و37 خلال السنوات الخمس الأخيرة.

في المقابل وعلى رغم عمليات وقف نشاط المؤسسات الصناعية في تونس، فإن القطاع الصناعي واصل انتداب العمال، إذ ارتفع عدد مواطن الشغل الجديدة (فرص عمل جديدة) 0.4 في المئة، وزاد عدد مواطن الشغل المحدثة من 526.8 ألف في يونيو 2023 إلى 528.9 ألف في نهاية يونيو 2024.

واستأثرت المؤسسات الصناعية المصدرة كلياً ثلثي مواطن الشغل المحدثة بنحو 67 في المئة.

خطوة إيجابية

ويرى أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية كريم الطرابلسي أن تأسيس صندوق تأمين على فقدان مواطن الشغل لأسباب اقتصادية يُعدّ خطوة إيجابية باتجاه ضمان حقوق العمال في تونس بعد تسريحهم.

وأكد في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن إرساء هذا الصندوق يشكل أيضاً خطوة مهمة لبعث صندوق للتأمين على البطالة بصفة عامة في تونس الذي كان اتحاد الشغل دافع عنه لسنوات عدة.

وقال إن "مشروع صندوق التأمين على الوظائف المفقودة لأسباب اقتصادية كان من بين البنود المضمنة في العقد الاجتماعي الذي وقع في يناير (كانون الثاني) 2013 ما بين الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار إلى أن مشروع الصندوق تعثر بسبب عدم توافر آليات التمويل المستدامة التي تسمح بتمكين المسرحين لأسباب اقتصادية من الحصول على منح شهرية مقبولة وإعادة تأهيلهم وإدماجهم في سوق العمل.

ومن جانب آخر، تساءل الطرابلسي عن الآليات التي سيشتغل بها صندوق التأمين على فقدان مواطن الشغل لأسباب اقتصادية وطرق ضمان حقوق العمال وهل سيحصلون على منح شهرية أو منح موقتة فقط؟.

وتساءل أيضاً عن إمكان تأمين هذا الصندوق لدورات تدريب للعمال المسرحين ومرافقتهم إلى حين إيجاد موارد شغل أخرى أو مساعدتهم في بعث مشاريع صغيرة؟.

وشدد الطرابلسي على أهمية البعد التشاركي لإنجاح عمل هذا الصندوق من خلال إشراك الأطراف الاجتماعية من اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف في إرسائه وتحديد طرق تدخله وصرف المستحقات المالية، لافتاً إلى تجاوز بعض الأخطاء المرتكبة في السابق بملفات الصلح الجزائي والتدقيق في الديون التي يعتبر أنها لم تفضِ إلى نتائج إيجابية.

الاجتماعي يتبع الاقتصادي

المقاربة الجديدة للحكومة التونسية في تركيزها على الملف الاجتماعي رفضها المتخصص في الشأن الاقتصادي بالجامعة التونسية رضا الشكندالي، واعتبر أنه من الضروري أن يتبع الاجتماعي كل ما هو اقتصادي.

وعلّق على رهان الحكومة التونسية على الجوانب الاجتماعية لتحسين أوضاع التونسيين، قائلاً "لا يمكن الحديث عن تحسين الجوانب الاجتماعية في ظل اقتصاد متعثر، غير قادر على خلق الثروة".

وأوضح أنه "بقدر ما يتفهم أهمية الدور الاجتماعي للدولة، إلا أن ذلك لا يجب أن يكون على حساب قطاعات اقتصادية مهمة وقوية، قادرة على توفير مواطن الشغل وتحسين المؤشرات الكلية للاقتصاد التونسي".

وأكد الشكندالي أن تخصيص الموارد المالية لمعالجة ملفات اجتماعية على غرار تأسيس صندوق للتأمين على البطالة أو النقل العام ستكون له نتائج على تراجع الاستثمار الحكومي عموماً وعلى القطاع الخاص أيضاً.

ودعا الحكومة الجديدة إلى تأسيس خطة تنمية جديدة تجعل من الاقتصاد القاطرة الحقيقية للبلاد، وسيتبعها حتماً تحسين الأوضاع الاجتماعية.

اقرأ المزيد