Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاقتراض الداخلي في 2025 يفرض ضغوطا على السيولة المالية لتونس

الحكومة لم تصل إلى الأسواق التمويلية الخارجية منذ 5 أعوام ومخاوف من أحمال كبيرة على المصارف المحلية

الاقتراض الداخلي سيبلغ مستويات كبيرة تصل إلى أكثر من 7 مليارات دولار العام المقبل (أ ف ب)

ملخص

لم تنجح تونس الخروج السوق المالية العالمية للعام السادس على التوالي منذ عام 2019 وهو أمر مفهوم نتيجة تعليق علاقتها مع صندوق النقد الدولي ورفض شروطه التي عدها الرئيس قيس سعيد لا شعبية وتهدد السلم الاجتماعي في البلاد

تشهد تونس خلال العام المقبل 2025 ضغوطاً مالية كبيرة على موازنتها الجديدة بحكم حجم الاقتراض الداخلي المرتفع مما قد يؤثر في السيولة المالية بصورة لافتة وفقدان الثقة في العملة المحلية وانزلاق قيمته علاوة على صعوبة خروجها على الأسواق المالية العالمية في ظل توقف المحادثات مع صندوق النقد الدولي منذ ثلاث سنوات.

وبحسب مشروع موازنة تونس 2025 التي تحصلت "اندبندنت عربية" على نسخة منها، تقدر موارد الاقتراض بنحو 28 مليار دينار (9.3 مليار دولار) منها 6.1 مليار دينار (مليارا دولار) اقتراض خارجي و21.8 مليار دينار (7.2 مليار دولار) اقتراض داخلي.

وتستهدف تونس خلال العام المقبل تحقيق نمو 3.2 في المئة وسط ظرف اقتصادي عالمي حرج ووضع وداخلي يشهد عديداً من الصعوبات الهيكلية سيجعل البلاد تحقق نمواً في حدود 1.2 في المئة، وفق توقعات البنك الدولي.

وتتوزع موارد الاقتراض الداخلي على أكثر من واحد مليار دينار (355 مليون دولار) رقاع الخزانة 52 أسبوعاً و8.1 مليار دينار (2.7 مليار دولار) في شكل رقاع خزانة قابلة للتنظير ومضاعفة مبلغ القرض الرقاعي الوطني ليصل إلى مبلغ 4.8 مليار دينار وقروض أخرى بمبلغ لم يقع تحديدها في مشروع الموازنة بقيمة 7.8 مليار دينار (2.6 مليار دولار).

أما الاقتراض الخارجي فيتوزع على أكثر من ملياري دينار (681.6 مليون دولار) بعنوان قروض خارجية موظفة لمشاريع الدولة و0.2 مليار دينار (66.6 مليون دولار) قروض خارجية موظفة معاد إقراضها و3.8 مليار دينار (1.3 مليار دولار) في شكل قروض لدعم الموازنة.

عدم الخروج على السوق المالية العالمية

وفي الأثناء لم تنجح تونس الخروج السوق المالية العالمية للعام السادس على التوالي منذ عام 2019 وهو أمر مفهوم نتيجة تعليق علاقتها مع صندوق النقد الدولي ورفض شروطه التي عدها الرئيس قيس سعيد لا شعبية وتهدد السلم الاجتماعي في البلاد.

وكان من المفروض أن تحصل تونس على قرض من صندوق النقد الدولي منذ ثلاثة أعوام بقيمة 1.9 مليار دولار لكن الأمور تعثرت وتوقفت المفاوضات ما بين الطرفين مما أثر في خروج تونس على الأسواق المالية الدولية.

ورفع الرئيس قيس سعيد الذي انتخب لولاية ثانية (2024/2029) التعويل على الذات بعدم اللجوء إلى الاقتراض الخارجي خصوصاً من صندوق النقد الدولي وعدد من المانحين الدوليين.

رقم مرعب

وتعقيباً على ذلك قال المتخصص المالي بسام النيفر إن "تونس ستقترض بقيمة 6.1 مليار دينار من الخارج"ـ معتبراً أن ذلك رقم يقترب من الواقع مستنداً في ذلك إلى التقرير الأخير لوكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني الذي بينت أن تونس بإمكانها أن تصمد على الصعيد الاقتراض الخارجي وحل إشكالية التمويل الخارجي تدريجاً إلى عام 2027.

وتابع في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن مبلغ الاقتراض الخارجي معقول مقابل رقم قياسي في العام الحالي وصل إلى أكثر من 14 مليار دينار (4.6 مليار دولار).

وبالنسبة إلى قروض موازنة الدولة في حدود 681.6 مليون دولار اعتبر أنه رقم معقول وأن "تونس ليس لها إشكالية في الاقتراض لأجل تمويل المشاريع، وإنما لديها مشكلات في الاقتراض لتمويل الموازنة".

ولفت النيفر إلى أن الاقتراض الداخلي 7.2 مليار دولار المبرمج في موازنة العام المقبل، واصفاً الرقم بـ"المرعب"، موضحاً أن القطاع المصرفي في تونس ليس باستطاعته وحده تقديم هذا المبلغ الكبير.

وأوضح أن البنك المركزي التونسي لا يمكنه بدوره أيضاً الإسهام في إقراض الدولة، إذ مول الموازنة في 2024 بقيمة 7 مليارات دينار (2.3 مليار دولار)، لافتاً إلى أن الحكومة ضاعفت قيمة الاكتتاب في القرض الرقاعي الوطني (سندات الخزانة) من 2.8 مليار دينار (933 مليون دولار) مبرمج لكامل عام 2024 إلى 4.8 مليار دينار (1.6 مليار ولار) لعام 2025 مشيراً إلى أن هذا أمر طبيعي وواقعي بالنظر إلى الإقبال الكبير على الاكتتاب في مختلف أقساط القروض الرقاعية الوطنية.

ومن جانب آخر أبرز النيفر، أنه بداية من عام 2025 ستتخلص الحكومة من القروض الرقاعية الوطنية السابقة التي حل موعد استحقاقها.

موضحاً، "مضاعفة حجم مبلغ القرض الرقاعي لغرض خلاص أقساط القديمة لإعادة التمويل".

ضغط على السيولة المالية

وحول إذا كان التدخل الكبير للدولة في الاقتراض الداخلي قد يؤثر في حجم السيولة المالية في البلاد، حذر النيفر من تفاقم هذا الأمر مما يفرض ضغطاً كبيراً على السيولة المحلية.

وفي السياق ذاته، رجح النيفر لجوء البنك المركزي التونسي إلى الإبقاء على نسبة الفائدة الرئيسة في مستويات عالية عند ثمانية في المئة حالياً في كامل عام 2025 وسط وجود أخطار تضخمية.

في غضون ذلك، قال المتحدث، إن مبالغ الاقتراض مرتفعة، مستدركاً "الأزمة تكمن في أن تونس بصدد التخفيف من وطأة الديون الخارجية ولو على حساب مشاريع التنمية" مشيراً إلى أن العام الحالي كان أعلى عام في خلاص الديون الخارجية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واعتبر النيفر أن هناك ضغوطاً على الموازنة في ظل محدودية الموارد وعدم دوران الحركة الاقتصادية في البلاد بالصورة المطلوبة، مقابل ذلك هناك دين داخلي كبير محمول على الدولة خلاصه من ثم تواضع هامش التحرك لإنجاز مشاريع التنمية في البلاد.

وعلى صعيد موارد الاقتراض، أفاد النيفر أن تونس ستقتصر فقط على 277 مليون دولار من البنك العالمي و1.500 مليار دينار (500 مليون دولار) من البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد وهذا يترجم من وجهة نظره أن تونس معزولة على صعيد التمويل الخارجي مما يطرح أشكالاً.

وشدد على ضرورة إيجاد الحلول للحصول على قروض خارجية من أجل تمويل المشاريع التي ستنشط الدورة الاقتصادية وتحسن من جاذبية البلاد على مستوى استقطاب الاستثمارات الأجنبية.

رزنامة مزدحمة للديون

إلى ذلك، أظهرت موازنة تونس للعام المقبل أنه من المتوقع أن يرتفع حجم الدين العام لتونس بنهاية 2025 إلى مستوى 147.4 مليار دينار (49.1 مليار دولار) مقابل 136.6 مليار دينار (45.5 مليار دولار) في العام الحالي، وبناء على ذلك يمثل الدين العام في نهاية السنة المقبلة نحو 80.4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي مقابل 82.2 في المئة عام 2024.

وبصورة إجمالية، تقدر حاجات تمويل الموازنة بقيمة 28.2 مليار دينار (9.4 مليار دولار) منها 9.8 مليار دينار (3.2 مليار دولار) لتمويل عجز الموازنة و18.2 مليار دينار (6 مليارات دولار) لتسديد أصل الدين.

وتتمثل أهم المستحقات 2025 بعنوان أصل الدين متوسط وطويل المدى وفق ما أفصح عنه مشروع الموازنة، في قرض رقاعي بالدولار لسنة 2015 بقيمة 1000 مليون دولار في يناير (كانون الثاني) 2025 وأقساط قرض صندوق النقد الدولي بعنوان تسهيل الصندوق الممدد للفترة 2016/2019 بنحو 256 مليون دولار موزعة على سنة 2025 (10 أقساط شهرية) مع أقساط قرض صندوق النقد الدولي بعنوان أداة التمويل السريع لسنة 2020 بنحو 180 مليون دولار (موزعة بين يناير وأبريل 2025 بمبلغ 90 مليون دولار كل شهر).

في السياق ذاته سيتم تسديد أقساط قرضي البنك الأفريقي للتصدير والاستيراد لسنتي 2022 و2023 بـ258 مليون دولار موزعة بين مارس (آذار) ويونيو (حزيران) وسبتمبر (أيلول) وديسمبر (كانون الأول) 2025.

وسيتم تسديد قرض لمصلحة السعودية بقيمة 100 مليون دولار موزعة ما بين يناير ويوليو (تموز) 2025، علاوة على سداد رقاع الخزانة 52 أسبوعاً بقيمة 5829 مليون دينار (1943 مليون دولار) مع رقاع الخزانة القابلة للتنظير بقيمة 1554 مليون دينار (518 مليون دولار) خلال الفترة يونيو ونوفمبر (تشرين الثاني) 2025 وسداد القرض الداخلي بالعملة نحو 875 مليون دينار (291.6 مليون دولار) بين مارس ومايو (أيار) وأكتوبر (تشرين الأول) 2025.

اقرأ المزيد