ملخص
على أرض الواقع يتفاءل المستثمرون بعودة ترمب بصرف النظر إذا كان لدى إدارته المقبلة غالبية في مجلسي الكونغرس، فعملياً ارتفعت كل الأسهم وبكل القطاعات بمستويات قياسية
شهدت "وول ستريت" أفضل أداء في تاريخها بعد يوم الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها دونالد ترمب، إذ قفز مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، الذي يقيس أداء أكبر 500 شركة مدرجة، بنسبة 2.5 في المئة. ويراهن المستثمرون بأن الرئيس الجديد سيضع سياسات اقتصادية توسعية، من شأنها أن تحفز النمو في الاقتصاد الأميركي، مما سينعكس إيجاباً على الشركات الكبرى في الولايات المتحدة. كما ارتفع مؤشر داو جونز للشركات الصناعية بنسبة قياسية عند 3.6 في المئة، و"ناسداك" عند ثلاثة في المئة تقريباً.
مؤشر الشركات الصغيرة
وحتى مؤشر الشركات الصغيرة "راسل 2000"، قفز بصورة كبيرة وبنسبة تقارب ستة في المئة، إذ يتوقع المستثمرون أن تستفيد الشركات الصغيرة من السياسات الحمائية التي يعتزم الرئيس ترمب انتهاجها، وتقضي برفع الرسوم الجمركية على الواردات من الصين ودول أخرى، مما يدفع تلقائياً إلى تحفيز الأعمال داخل الولايات المتحدة لإيجاد بدائل محلياً.
كما أن الرهان الأكبر في "وول ستريت" على وعود ترمب بخفض الضرائب، وهو الأمر الذي نفذه فعلياً في فترته الرئاسية الأولى عام 2016 وحتى 2020، مما يعني احتمالية خفض الضرائب بصورة كبيرة مرتفعة جداً.
فوز محتمل بالمجلسين
ويتوقع المحللون أن تواصل البورصات مسارها المرتفع في حال نجح الجمهوريون في الفوز بمجلس الكونغرس - مجلس النواب ومجلس الشيوخ - وهو ما سيعطي دفعة قوية لـ"وول ستريت"، إذ سيتمكن الحزب الجمهوري بقيادة ترمب من تنفيذ كل السياسات الجمهورية من دون عرقلة من الحزب الديموقراطي الذي ما زال حتى الآن يتمتع بغالبية ضئيلة في مجلس النواب. وفي الفترة الرئاسية الأولى لترمب، كان الديموقراطيون يتمتعون أيضاً بغالبية ضئيلة في مجلس النواب، مما عرقل خطط ترمب في إصدار قوانين اقتصادية، وتمكن فقط من إقرار قرارات اقتصادية ضمن صلاحيات حكومته، انتهت إلى إلغاء كثير منها بعد وصول بايدن إلى البيت الأبيض، وحتى الآن تمكن الجمهوريون من الفوز بغالبية ضئيلة في مجلس الشيوخ.
ضوء أخضر للنفط
لكن على أرض الواقع يتفاءل المستثمرون بعودة ترمب بصرف النظر إذا كان لدى إدارته المقبلة غالبية في مجلسي الكونغرس، فعملياً ارتفعت كل الأسهم وبكل القطاعات بمستويات قياسية، فالوعود التي أطلقها ترمب قد تنعكس إيجابياً على النفط المتوقع أن يعطي ضوءاً أخضر لرفع الإنتاج لأعلى مستوياته وفتح الباب للتنقيب وإلغاء قرارات الرئيس الحالي جو بايدن الخاصة بحظر التنقيب ببعض الولايات، وهو أمر أشعل قطاع الطاقة بارتفاعه بنسبة تزيد على ثلاثة في المئة، في المقابل قفز قطاع أسهم البنوك بنسبة تقارب 10 في المئة، إذ من المرتقب أن يصدر قرارات تقلل من عملية التنظيم. كما ارتفعت أسهم شركات التأمين بنسبة 3.4 في المئة تقريباً، مع توقعات بأن تدفع الحكومة أسعاراً أعلى للشركات لتقديم حزمة برامج رعاية صحية لكبار السن.
ولعبت حالة اليقين بعد إعلان فوز ترمب في تبدد المخاوف في "وول ستريت" وانخفض مقياس الخوف لأدنى مستوياته منذ أغسطس (آب) الماضي، خصوصاً بعد أن أدلت منافسته الجمهورية كامالا هاريس بخطاب أقرت فيه بخسارتها وبتسليم السلطة بصورة سلمية.
قرارات "الفيدرالي"
وتنتظر الأسواق اليوم الخميس قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) الذي بدأ اجتماعه أمس، إذ تتوقع الأسواق خفضاً جديداً لأسعار الفائدة، لكن هناك حال من عدم اليقين في اتجاهات "الفيدرالي" المقبلة.
فهناك تخوف من عودة التضخم بسبب سياسات ترمب المتوقعة في تحفيز النمو عبر خفض الضرائب إضافة إلى زيادة الرسوم الجمركية، وهو الأمر الذي قد يعيد ارتفاع أسعار السلع والمنتجات بصورة كبيرة، ويؤدي في نهاية المطاف إلى رفع أسعار الفائدة من جديد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتتجه الأنظار بصورة خاصة إلى طبيعة العلاقة التي ستحكم ترمب مع رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول،
إذ هدد ترمب مرات عدة بإمكان تغيير باول، وكانت علاقتهما سيئة في الفترة الأولى لرئاسة ترمب، إذ اتجه باول لرفع الفوائد بعكس ما كان ترمب يرغب، علماً أن إدارة ترمب هي من عينت باول رئيساً للفيدالي.
رفع متوقع للفائدة
وظهر بصورة واضحة أن الأسواق تتوقع رفع الفوائد بالفترة المقبلة، إذ انعكس ذلك في سوق السندات مباشرة عقب فوز ترمب. فارتفعت عوائد السندات الأميركية المعيارية لأجل 10 سنوات بمقدار 17 نقطة أساس إلى 4.44 في المئة، وهي الأعلى منذ أربعة أشهر، في إشارة إلى أن الفائدة ستكون أعلى بالسنوات المقبلة، وهو ما زاد الطلب على هذه السندات ورفع عوائدها تلقائياً.
وعلى مستوى الشركات التي تأثرت بفوز ترمب، قفزت مجموعته الإعلامية بنسبة ستة في المئة تقريباً، لكن الارتفاع الأكبر كان لشركة "تيسلا" بنسبة 15 في المئة تقريباً، إذ يتوقع أن يكون لرئيسها التنفيذي إيلون ماسك دوراً كبيراً في إدارة ترمب، وقد تستفيد شركاته بطريقة أو بأخرى من عقود حكومية مقبلة.