ملخص
توقع محللو "سيتي غروب" في مذكرة بحثية سابقة أن تأثير فوز ترمب في الانتخابات الأميركية على أسعار النفط سيكون هبوطياً
بعد إعلان فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية وعودته للبيت الأبيض مرة أخرى ليصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة من المتوقع أن تحدث تحولات جذرية بصناعة النفط وسط زيادة إنتاج الخام الأميركي، مما قد يفرض بدوره ضغوطاً هبوطية أسعاره، بحسب محللين لـ"اندبندنت عربية".
وتوقع المحللون أن يؤدي فوز ترمب لخفض أسعار النفط الخام إلى مستوى 60 دولاراً للبراميل بحلول مطلع العام المقبل، وذلك من خلال المساعدة في زيادة المعروض العالمي، على رغم وصول الإنتاج الأميركي من النفط تحت رئاسة الرئيس السابق جو بايدن إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، مما ساعد في السيطرة على الأسعار.
وتأتي تلك التوقعات متوافقة مع صرح به ترمب خلال حملته الانتخابية أنه يؤيد إطلاق العنان لإنتاج النفط، وقال إن لديه خططاً لتحرير المخزونات الضخمة من الذهب الأسود على الأراضي العامة الأميركية لتطوير قطاع الطاقة، وأنه يريد وقف ما يسميه "الحرب التي شنها الرئيس السابق جو بايدن على صناعة الطاقة الأميركية".
خسائر عميقة
مع تقييم المستثمرين تبعات فوز دونالد ترمب بالرئاسة الأميركية واحتمالات أن تؤدي سياساته إلى خفض الإمدادات العالمية من الذهب الأسود، عمقت العقود الآجلة للنفط خسائرها أمس الأربعاء قبل أن تعود للارتفاع في مستهل تعاملات اليوم الخميس، إذ زادت أسعار العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم يناير (كانون الثاني) بنسبة 0.44 في المئة أو 33 سنتاً إلى 75.25 دولار للبرميل، بعد خسارة بلغت 61 سنتاً في ختام جلسة الأمس، وارتفعت أسعار العقود الآجلة لخام نايمكس الأميركي تسليم ديسمبر بنسبة 0.33 في المئة أو 24 سنتاً إلى 71.93 دولار للبرميل.
موقف مؤيد
من جهته قال المتخصص في الشؤون النفطية كامل الحرمي إن عودة ترمب ستؤدي لزيادة إنتاج النفط الأميركي، إذ يتبنى موقفاً مؤيداً للوقود الأحفوري من شأنه أن يعزز الثقة بين المستثمرين في صناعة النفط الأميركية، وهو ما قد يفرض بدوره ضغوطاً هبوطية على أسعار الخام العالمية من خلال إضافة معروض جديد في الأسواق.
وتوقع الحرمي أن يصل حجم إنتاج النفط في الولايات المتحدة إلى 20 مليون برميل يومياً، من 13.5 مليون برميل يومياً في الوقت الراهن.
أميركا أولاً
وأشار كامل الحرمي إلى أن شعار "أميركا أولاً" الذي يرفعه ترمب سيعطي الأولوية للسياسات التي تفضل استقلال الولايات المتحدة في مجال الطاقة، كما رأينا خلال إدارته السابقة، وقد يعني هذا التركيز على تحرير إنتاج النفط والغاز.
فوز هائل
من جهته قال قطب النفط الصخري الأميركي هارولد هام إن فوز دونالد ترمب يعتبر "فوزاً هائلاً" لصناعة النفط والغاز الأميركية وأمن الطاقة في البلاد.
وأكد هام، رائد ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة، إن الرئيس المنتخب ترمب سيمكن عمال النفط والغاز الأميركيين من تعزيز استقلال الطاقة للولايات المتحدة وحلفائها في جميع أنحاء العالم.
وقال مؤسس شركة "كونتيننتال ريسورسز" إن هزيمة كامالا هاريس كانت حاسمة لاستمرار صحة القطاع، لأن سياساتها كانت ستخنق شركات الطاقة، وهو ادعاء نفته إدارة الرئيس السابق جو بايدن، التي أشرفت على إنتاج قياسي من النفط والغاز في الولايات المتحدة على مدى السنوات الأربع الماضية.
تأرجح الأسعار
بدوره أوضح محلل أسواق النفط العالمية أحمد حسن كرم أن أسعار النفط تأرجحت متجهة بالانخفاض مع إعلان فوز ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية، وذلك توقعاً بأن يستمر ترمب بسياسته التوسعة السابقة التي تركز على زيادة إنتاج النفط الأميركي، وهي أحد أكبر مستهلكي النفط بالعالم.
وذكر كرم أن هذا التوجه قد يضغط على المنتجين الكبار للنفط حول العالم لزيادة إنتاجهم للحفاظ على حصصهم في الأسواق، مما يخفض أسعار النفط، وهو ما يريده ترمب ويطمح إليه.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع كرم أن "المراقبين ينتظرون أيضاً ما سيفعله ترمب تجاه ملفات روسيا وإيران وإسرائيل والصين، ولا يمكن الآن التكهن جزماً بطريقة تعامله لهذه الملفات، ولكن توقعات الجميع بأنه سيعاملها بسياسته الحازمة المعهودة التي تصب في مصلحة أميركا".
وأوضح كرم أن "ترمب رجل يغلب عليه الاقتصاد أكثر من السياسة، ولهذا يجعلنا نتوقع بأن جميع الملفات التي ستعرض عليه أو يواجهها ستكون معاملته لها بالفائدة المادية من الدرجة الأولى وفرض الهيبة الأميركية التي تلاشت بفترة بايدن على حد قوله".
تأثير سلبي
من جهته أشار المحلل النفطي خالد بودي إلى أن أسعار النفط العالمية لم تتأثر كثيراً في الوقت الحاضر بفوز ترمب، مؤكداً أن فوز ترمب سيؤثر في أسعار الخام سلباً مع سعيه إلى العمل على تعزيز استقلالية الولايات المتحدة في مجال الطاقة والحث على زيادة إنتاج النفط الأميركي، مما يعني تقليص استيراد الخام من الخارج.
النفط الصخري
وبحسب تقرير تحليلي صادر من شركة الاستثمارات البديلة العالمية "آركابيتا"، فإن ترمب سيستمر بالتأكيد في دعم استخراج النفط الصخري وضمان أمن الطاقة للولايات المتحدة وسبق وأن وعد باستئناف التنقيب عن النفط في المحميات القطبية في آلاسكا، بعد أن ألغى الرئيس بايدن مبيعات عقود الإيجار التي منحها ترمب خلال ولايته الرئاسية الأولى.
ويرى "جيوفاني ستاونوفو" محلل الأسواق لدى "يو بي إس" أن تطبيق ترمب تعهداته برفع الرسوم الجمركية على الواردات سيؤثر سلباً في النمو الاقتصادي للولايات المتحدة، وبالتالي نمو الطلب على النفط، بحسب وكالة "رويترز".
نهج صارم
وعلى المدى القصير يرى "توم كلوزا" المدير العالمي لتحليلات الطاقة لدى الشركة المزودة لبيانات القطاع "أو بي آي إس"، أن رئاسة ترمب ستدفع أسعار النفط للارتفاع مع اتخاذه نهجاً أكثر صرامة وربما يفرض عقوبات جديدة على إيران وفنزويلا، مما يعني احتمالية خسارة بعض البراميل من البلدين.
وذكر "كلوزا" أن تولي ترمب فترة رئاسة ثانية سيدفع أسعار النفط للهبوط بصورة عامة على المدى الطويل، مع زيادة الإنتاج في دول أخرى، ومزيد من عمليات التنقيب في الولايات المتحدة وغيرها.
وأكد "كلوزا" أن رؤساء الولايات المتحدة لا يؤثرون بصورة مباشرة في أسعار الوقود الأحفوري مثلما تفعل عوامل أخرى منها الأحداث الجيوسياسية، ومستوى العرض والطلب في بقية دول العالم.
توترات تجارية
في حين توقع محللو "سيتي غروب" في مذكرة بحثية سابقة أن تأثير فوز ترمب في الانتخابات الأميركية على أسعار النفط سيكون هبوطياً، فضلاً عن احتمالية زيادة المعروض من دول "أوبك+" واحتمالية تصاعد التوترات التجارية - مع اقتراح ترمب فرض رسوم جمركية بنسبة 10 في المئة على الواردات كافة و60 في المئة على الواردات الصينية - التي تؤثر في الطلب على الخام.
ويرى محللو البنك في المذكرة البحثية أن فوز ترمب بولاية ثانية سيعزز توقعاتهم بوصول سعر النفط إلى 60 دولاراً للبرميل في عام 2025.
وأشار المحللون إلى أن تأثير أداة ترمب في إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز الطبيعي يجب أن يكون محدوداً، حتى على رغم دعوات الحزب الجمهوري إلى زيادة التنقيب، وأوضحوا أن اتجاهات الإنتاج المحلي في الإدارات الأخيرة كانت مدفوعة بصورة رئيسة بالتحسينات التكنولوجية وتكاليف الإنتاج وأسعار النفط.