ملخص
بحسب تقرير نشرته وكالة "رويترز" فإن الرئيس الجمهوري دونالد ترمب حافظ على علاقاته مع القوى الخليجية، حتى إنها وصفت الاتفاقات التجارية التي أبرمها مع دول الخليج بأنها شاركت في "دبلوماسية هادئة" من خلف الكواليس.
لم يتراجع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الذي عاد إلى البيت الأبيض بعد فوزه بولاية ثانية في انتخابات أول من أمس الثلاثاء، عن تعميق علاقاته مع دول الخليج، حتى خلال فترة غيابه عن السلطة منذ ترك منصبه عام 2021، بل استمر الرئيس الأميركي الـ47 في ترسيخ العلاقة مع الخليج عبر سلسلة من التحركات الاستراتيجية تمثلت في اجتماعات رفيعة المستوى وصفقات تجارية كبرى حتى على مستوى صناديق الثروة السيادية في الخليج.
وبحسب تقرير نشرته وكالة "رويترز"، فإن الرئيس الجمهوري حافظ على علاقاته مع القوى الخليجية، حتى إنها وصفت الاتفاقات التجارية التي أبرمها مع دول الخليج بأنها شاركت في "دبلوماسية هادئة" من خلف الكواليس.
وعلى صعيد اللقاءات رفيعة المستوى، استقبل ترمب أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، كلاً على حدة في مقر إقامته وناديه الخاص في منتجع مار أي لاغو في سبتمبر (أيلول) الماضي على هامش زيارتين رسميتين قاما بهما.
صفقات تجارية
وعلى الجانب التجاري، ذكرت التقرير أن "مؤسسة ترمب" المملوكة للرئيس الأميركي المنتخب، أبرمت صفقات تجارية مع حلفاء رئيسين في المنطقة بما في ذلك في الإمارات والسعودية وسلطنة عمان.
وأعلنت المؤسسة في يوليو (تموز) الماضي أنها ستتعاون مع شركة "دار غلوبال" السعودية العالمية لتطوير العقارات الفاخرة لبناء برج يحمل علامة ترمب التجارية في دبي، إضافة إلى "دار غلوبال" المدرجة في لندن التي قالت في يوليو الماضي إنها تعمل مع "مؤسسة ترمب" لتطوير برج بعلامة "ترمب" في مدينة جدة (غرب السعودية).
ووقعت شركة "دار غلوبال" عام 2022 اتفاقاً مع المؤسسة لاستخدام علامة ترمب التجارية في مشروعها الذي تبلغ كلفته أربعة مليارات دولار في سلطنة عمان والذي يتضمن ملعباً للغولف وفندقاً وفيلات.
وكان المسؤول التنفيذي السابق في شركة "غولدمان ساكس" الذي كان وزيراً للخزانة خلال إدارة ترمب الأولى ستيف منوتشين، زار قطر والسعودية والإمارات مرات عدة منذ ترك منصبه عام 2021، وتلقى صندوق "ليبرتي ستراتيجيك كابيتال" الذي أسسه منوتشين دعماً من مبادلة أحد صناديق الثروة السيادية في أبو ظبي وصندوق "فيغن" التابع لمجموعة "سوفت بنك".
العلاقات الخليجية - الأميركية
وفي سياق متصل، يرى المحلل السياسي مبارك آل عاتي في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن "دول مجلس التعاون الخليجي نجحت في بناء علاقات ثقة متبادلة مع إدارة ترمب خلال فترته الرئاسية الأولى، وامتدت تلك العلاقات لتسهم في تعميق الروابط الخليجية- الأميركية"، مشيراً إلى أن هذه المبادرات والاستثمارات أسست لمرحلة جديدة من بناء الثقة بين دول المجلس وإدارة الرئيس الجمهوري.
وأضاف أنه "لا يمكن إغفال التطورات التي شهدتها العلاقات الخليجية- الأميركية خلال إدارة الرئيس بايدن، إذ شهدت تطوراً اقتصادياً مهماً تمثل في تبادل الزيارات وتوقيع الاتفاقات التي تعزز التعاون التجاري والاقتصادي"، لافتاً إلى أن هذا التعاون لم يكن محصوراً في قطاع النفط فحسب، بل شمل كذلك جميع المجالات الاقتصادية.
وأوضح آل عاتي أن الاستثمارات التي ارتبطت بشخصيات محسوبة على إدارة الرئيس الـ47 ليست مرتبطة بمرحلة زمنية معينة، بقدر ما أنها تصب في مصلحة تعزيز العلاقات بين دول المجلس الست وواشنطن، مشيراً إلى أن هذه العلاقات تنظر إليها دول الخليج من منظور "دولة لدولة" وليست مجرد علاقة حزبية، وهذه نقطة جوهرية دائماً ما تؤكد عليها السياسات الخليجية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع أن "دول مجلس التعاون الخليجي تؤمن بأن العلاقات التاريخية مع الولايات المتحدة تسهم في تعزيز حال الأمن والاستقرار، ليس فقط في منطقة الخليج، بل في المنطقة العربية"، مضيفاً أن دول الخليج تستثمر في تميّز علاقتها مع واشنطن لمصلحة القضايا العربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وأردف أن هذه الاستثمارات تُستغل سياسياً واقتصادياً لتعظيم المنافع وبناء علاقات متينة تقوم على الثقة المتبادلة.
وأكد آل عاتي أن دول الخليج تتحرك وفق دبلوماسية قائمة على تجنب حالات الاستقطابات الإقليمية والدولية، وتسعى إلى توظيف العلاقات لمصلحة شعوبها وقضايا المنطقة.
شخصية ترمب
ويرى المحلل السياسي في مركز "مالكوم كير كارنيغي" هشام الغنام في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن "رجوع ترمب إلى السلطة بالطريقة التي عاد بها للبيت الأبيض سيكون له تأثير في العالم وفي منطقة الخليج"، لافتاً إلى أن عودة الرئيس الجمهوري لسدة الحكم لن تغير من توجهات الرياض الاستراتيجية، سواء كان ذلك في محيطها المباشر أو على المستوى العالمي.
وأوضح أن علاقات السعودية الدولية الأخرى لن تتأثر وستمضي البلاد قدماً في تنويع تحالفاتها وتعزيز علاقاتها مع القوى العظمى الأخرى، وسعيها إلى تشكيل تحالفات جديدة لتحقق مصالحها الوطنية، لافتاً إلى أن العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية ستكون مبنية على موقع قوة للرياض، وستكون الأولوية فيها لمصالحها الداخلية.
وأضاف الغنام أنه "لن تكون هناك أي علاقات تفضيلية مع أي دولة في العالم من دون مراعاة مصالح السعودية الداخلية أولاً وازدهارها وتنميتها، وبما يتماشى مع رؤية 2030 وهذه هي قائمة الأولويات التي تعتمدها الرياض، وتنظر إليها بهذه الطريقة، سواء كان الرئيس في البيت الأبيض جمهورياً أو ديمقراطياً".
وفي ما يتعلق بشخصية ترمب وتأثيرها في المنطقة، قال "ليست لديه أية أيديولوجيا جاهزة أو إطار معين ينظر من خلاله إلى العالم، مما قد يكون مفيداً إذا أحسن التعامل معه بمعنى أن غياب الأيديولوجيا يمنح التعامل مرونة يمكن استثمارها لملصحة المنطقة".
وأوضح الغنام أن دول المنطقة، وفي مقدمتها السعودية، تقرأ المشهد بدقة ولديها تجربة طويلة مع إدارة الجمهوري، مشيراً إلى أنه لن يأتي كرئيس جديد لا يعلم أحد عنه شيئاً، بل يأتي في موقف قوة من دون رغبة في أن يعاد انتخابه لفترة مقبلة، ولفت إلى أن فترة رئاسته الأولى كانت مليئة بالتحديات واكتسب خبرة منها، وهذه الفترة ستكون أكثر استقراراً وفاعلية على المنطقة بصورة عامة والرياض خصوصاً.
وبالنسبة إلى الشأن العربي، قال إن "من أولويات إدارة ترمب الجديدة تعزيز ما يسمى ’اتفاقات أبراهام‘ للسلام بين إسرائيل ودول عربية عدة"، ورجح أن "يكون هناك ضغط محتمل على دول أخرى من قبل إدارة ترمب للانضمام إلى هذه الاتفاقات".
ونوه الغنام بموقف الرياض من الانضمام إلى علاقات السلام مع إسرائيل، موضحاً أنها وضعت شروطاً تتمثل في حل عادل للقضية الفلسطينية والإعلان عن حل الدولتين، مما تدركه الإدارات الأميركية المتعاقبة.