Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دول الخليج تؤسس "دبلوماسية الكهرباء" في الإقليم

مع انتهاء ربط أسلاك الطاقة بين أطراف دول التكتل هذا العام سيكون بوسعها تلبية بعض حاجة جوارها العربي والتركي ثم الأوروبي

أمير المنطقة الشرقية بالسعودية يفتتح منتدى تعزيز مستقبل الطاقة نحو الحياد الصفري ( اندبندنت عربية )

في زمن تتشابك فيه خيوط التحديات المناخية مع متطلبات أمن الطاقة تبرز دبلوماسية الكهرباء بوصفها قوة دافعة نحو مستقبل أكثر استدامة لدول مجلس التعاون الخليجي، وتتحدى هذه الدول التي كانت تعرف لعقود طويلة بمواردها الهيدروكربونية نفسها اليوم لتحقيق أهداف طموحة في مجال الطاقة المتجددة بداية من الكويت التي تستهدف 15 في المئة إلى السعودية التي تطمح إلى 50 في المئة ولكن يبقى السؤال كيف يمكن لهذه الجهود أن تتجاوز الحدود الخليجية وتؤثر في الإقليم ككل؟

 يرى مراقبون أن الربط الكهربائي لا يمثل مجرد وسيلة لتحسين الاستقرار الشبكي، بل فرصة لإعادة صياغة العلاقات بين دول الخليج وجيرانها من خلال تعزيز التعاون مع دول مثل العراق والأردن ومصر، إذ يمكن لدول الخليج أن تسهم في إنشاء شبكة كهربائية متكاملة تدعم الأمن الطاقي الإقليمي مما يتيح تبادل التكنولوجيا والمعرفة ويعزز من القدرة على مواجهة الأزمات خصوصاً مع تفشي أخطار تغير المناخ.

فصل جديد للتعاون الإقليمي

وفي خطوة استراتيجية أبرمت هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي عقداً جديداً مع جمهورية العراق خلال أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، ومن المتوقع أن ينجز هذا المشروع الرائد بحلول أواخر عام 2024 إذ يهدف الربط الكهربائي الجديد إلى دعم العراق لا سيما في الجزء الجنوبي منه، في تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة المكلفة والواردات من إيران كما تسعى هذه المبادرة إلى تعزيز أمن الطاقة واستقرارها في المنطقة، لتكون بذلك المرة الأولى التي تتوسع فيها شبكات الكهرباء الخليجية إلى ما وراء حدود الدول الأعضاء في المجلس، مما يعكس التزام دول الخليج بالتعاون الإقليمي في مجال الطاقة.وفي إطار هذا المشروع أعرب أحمد الإبراهيم الرئيس التنفيذي لهيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي، عن تفاؤله بالخطوات المقبلة، فأكد أن هذه المبادرة تمثل بداية التوسع في شبكات الكهرباء لتشمل أسواقاً إقليمية جديدة.

أهمية الكهرباء في تعزيز العلاقات

ومن خلال حديثه إلى "اندبندنت عربية" أكد الإبراهيم أهمية الكهرباء كأداة دبلوماسية تسهم في تعزيز العلاقات بين الدول منذ تأسيسها إذ تواصل الهيئة جهودها في تعزيز التكامل والتعاون في مجال الطاقة بين دول المجلس. وبين أن مشاريع الربط الكهربائي أسهمت في تحقيق استقرار وأمن الطاقة، إذ يعول عليها مستقبلاً لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري من خلال دمج مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة في الشبكات الكهربائية، مما يدعم توجهات الدول نحو مستقبل أكثر استدامة.

وأشار الإبراهيم إلى "أن مشروع الربط الكهربائي الخليجي يعد من الإنجازات البارزة التي تعزز استقرار شبكات الطاقة بين الدول الأعضاء، إذ يتيح تبادل الكهرباء في حالات الطوارئ ويعظم الفوائد الاقتصادية لمشاريع الكهرباء. كما يعد هذا الربط أساساً لتنفيذ استراتيجيات دول المجلس نحو الطاقة النظيفة".

وفي ما يتعلق بالتكامل الإقليمي، أضاف الرئيس التنفيذي "أن منطقة الخليج تمتلك فرصة فريدة للاستفادة من مواردها المتجددة والتقنيات المتطورة لبناء شبكة كهربائية خالية من الكربون".أما عن الاتجاهات المستقبلية لقطاع الكهرباء في الخليج، فأكد الإبراهيم أن التحديات الحالية تتطلب التعاون والتفكير الاستراتيجيين للوصول إلى حلول مبتكرة ومستدامة، مشيراً إلى أن الدول الخليجية تتخذ خطوات مهمة في مجال الطاقة المستدامة والحياد الكربوني، مع التركيز على رفع كفاءة الطاقة وزيادة حصة الطاقة المتجددة إلى 50 في المئة من الطلب على الطاقة خلال أوقات الذروة بحلول عام 2050. 

 

دعم استراتيجي لمحطات الكهرباء

وحقق الربط الكهربائي الخليجي فوائد متعددة، إذ قدم دعماً استراتيجياً لشبكات الكهرباء في دول الخليج خلال حالات الانقطاع الشامل أو الطوارئ. وأفادت مصادر من وزارة الكهرباء الكويتية لـ"اندبندنت عربية" أن هذا الربط كان له دور بارز في تخفيف التحديات المتعلقة بالإمدادات الكهربائية في الكويت، مشيراً إلى أنه "لولا الربط لكان من المتوقع أن تزداد صعوبة السيطرة على الوضع الكهربائي"، الذي شهد انقطاعات عدة في البلاد التي شهدت هذا العام صيفاً شديد الحرارة.

وأسهمت مشاركة الدول الخليجية في احتياط التوليد في تقليل الاحتياط المطلوب إلى نصف إجمالي السعة اللازمة، مما يقلل الحاجة لبناء محطات توليد جديدة تزيد قدرتها على 5 آلاف ميغاواط. ويوفر الربط الكهربائي أساساً لتبادل الطاقة بين الدول، مما يعزز الجوانب الاقتصادية ويدعم موثوقية الشبكات، فضلاً عن تنمية الصناعات الخليجية في مجال المعدات الكهربائية وقطع الغيار، مما يسهم في تقليل الاستثمارات المطلوبة في قطاع الطاقة الكهربائية.

الربط الخليجي نحو أوروبا

وأكد الرئيس التنفيذي لهيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي، أن محطة "الوفرة" في الكويت ستلعب دوراً محورياً في تعزيز الربط الكهربائي مع العراق وأوروبا. وأشار الإبراهيم إلى أن الربط الخليجي لم يشهد تحديثات كبيرة منذ 15 عاماً، على رغم زيادة الطلب على الطاقة بمعدل ثمانية في المئة. وفي هذا السياق قامت اللجان المشتركة للتخطيط والتشغيل بإجراء دراسات متعمقة لتحديد الحاجات المستقبلية، مما أسفر عن الاتفاق على ثلاثة مشاريع توسعية رئيسة تشمل الربط مع الكويت والإمارات وسلطنة عمان.

وبدأ مشروع التوسعة الأول مع محطة "الوفرة" عام 2023، في حين تجاوزت نسبة الإنجاز 90 في المئة، ومن المتوقع تشغيلها بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول) هذا العام، لتصبح بذلك الأكبر في شبكة الربط الكهربائي الخليجي. وأضاف الإبراهيم أن الربط الكهربائي مع الكويت سيتوسع ليشمل أربعة خطوط مقبلة من محطة الفاضل في المملكة العربية السعودية، مما سيمكن من تلبية حاجات الطاقة في العراق.

ويعد هذا الربط خطوة أولى نحو تعزيز التعاون الإقليمي، إذ يتوقع أن تمتد الشبكة لتصل إلى بغداد ثم إلى تركيا وأوروبا، مما يعكس رؤية استراتيجية نحو تكامل أكثر عمقاً في مجال الطاقة بين الدول.

ومع تصاعد الحديث عن الطاقة البديلة، يجيب الإبراهيم حول تساؤل عن مدى استعداد الشعوب الخليجية لاستقبال هذا التحول في لقاء تلفزيوني سابق بأنه "بينما لا تزال أسعار الطاقة في دول الخليج منخفضة مقارنة بأوروبا، قد يبدو هذا الموضوع أقل إلحاحاً لكن الحاجة إلى تشجيع المستهلكين على اعتماد الطاقة المتجددة وإنتاجها في منازلهم تظل قائمة"، مردفاً أن "البحرين تعد نموذجاً في هذا السياق، إذ أطلقت نظاماً مبتكراً لشراء الفائض من الطاقة المنتجة في المنازل". 

 

تعزيز مستقبل الطاقة

وفي هذا الصدد افتتح أمس الأحد، أمير المنطقة الشرقية في السعودية الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز "منتدى تعزيز مستقبل الطاقة نحو الحياد الصفري" الذي تنظمه هيئة الربط الكهربائي الخليجي بالتعاون مع معهد بحوث الطاقة الكهربائية، وذلك بالتعاون مع معهد بحوث الطاقة الكهربائية الأميركي (إبري)، بمشاركة الرؤساء التنفيذيين من منظمة " GO15" الدولية التي تضم كبار مشغلي شبكات الكهرباء حول العالم، وتغطي نحو 80 في المئة من إجمالي الطلب العالمي على الطاقة الكهربائية و21 في المئة من إجمالي الإنتاج العالمي للطاقة المتجددة.

وفي سياق استفسار "اندبندنت عربية" حول دور المنتدى في تعزيز الطاقة الكهربائية في دول الخليج، أكد الإبراهيم أن المنتدى يمثل منصة حيوية لتعزيز التعاون المشترك وتطوير أنظمة الكهرباء في جميع الدول من خلال إدخال التقنيات الحديثة وزيادة الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، إذ يسعى إلى تعزيز كفاءة استهلاك الطاقة.

وأكد الإبراهيم أن دول مجلس التعاون الخليجي وضعت استراتيجيات طموحة لتحقيق الحياد الصفري بحلول عام 2050-2060، وقد اتخذت خطوات مهمة لدعم التحول نحو الطاقة المستدامة وتقليل الانبعاثات الكربونية، ويعد المنتدى جزءاً من جهود هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي لإيجاد حلول لمشكلات تخزين الطاقة، والمساهمة في مواجهة خطر الاحتباس الحراري الناتج من زيادة انبعاثات الكربون. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تعقيدات شبكة الطاقة في المنطقة

وكشف تقرير حديث صادر عن SRMG Think عن عوامل عدة تعقد نمو قطاع الطاقة في المنطقة، أبرزها تأثير ارتفاع درجات الحرارة، والتركيز على الطاقة المتجددة، وتزايد النماذج اللامركزية، إذ "تؤدي ارتفاعات الحرارة إلى زيادة الطلب على الطاقة، خصوصاً لتلبية احتياجات المياه وتكييف الهواء، مما يسبب انقطاع التيار الكهربائي حتى في دول ذات احتياطات كبيرة مثل مصر والكويت، إضافة إلى تغير المناخ الذي يؤثر سلباً في أداء محطات الطاقة ويقلل من توافر الطاقة الكهرومائية". 
وذكر التقرير أنه على رغم الاستثمارات في توليد الطاقة، تهمل قطاعات أخرى مثل الصناعات والمباني  وتواجه الشبكات الكهربائية ضعفاً في الاستثمار، إذ تمثل استثمارات الشبكات نسبة ضئيلة من إجمالي الاستثمارات"، ويعتبر التعاون الإقليمي ضرورياً لتحقيق مستقبل طاقي مستدام، من خلال الربط بين شبكات الكهرباء والاستثمارات المشتركة، إلى جانب أن تعزيز الروابط بين الدول سيساعد في تأمين إمدادات كهرباء موثوق بها، وتقليل الاعتماد على زيادة القدرة التوليدية.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي