ملخص
تنشط خلايا تنظيم "داعش" في مخيم الهول والمناطق المحيطة به وتشكل قاعدة انطلاق لشن عمليات ضد قوات سوريا الديمقراطية والقوى الأمنية، مما دفع هذه القوات إلى دعم من التحالف الدولي إلى شن عملية أمنية لتمشيط المنطقة.
مجدداً يعود مخيم الهول ومحيطه لدائرة الاهتمام الأمني لقوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي في شمال شرقي سوريا، وذلك عقب تحركات منسقة وعمليات نفذتها خلايا تنظيم "داعش" الذين ينظرون إلى المخيم كأحد معاقل استمرار عقيدته وأعضائه من خلال تنشئة جيل جديد والقيام بعمليات قتل وتهريب.
يبدو أن التنظيم لم ينس المخيم الذي يأوي نحو 43 ألف شخص سوري وعراقي وأجنبي بينهم أعداد كبيرة من النساء والأطفال، بل إن عملياته امتدت خارج أسواره بهدف تهيئة الأجواء لدخوله أو تسهيل عمليات تهريب عائلات مقاتليه لا سيما الأجانب منهم، وليس أدل على ذلك من حادثة الـ26 من سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما هاجمت خلايا التنظيم دورية لقوات الأمن الداخلي (الأسايش) على الطريق الواصل بين الهول وبلدة الشدادي، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أعضاء من القوات، وهو ما دفع إلى عملية تمشيط واسعة في محيط المخيم والريفين الشمالي والجنوبي الملاصق له بريف الحسكة الجنوبي.
يقول الأمن في شمال شرقي سوريا إن "المناطق الصحراوية وريف بلدة الهول المحيط بالمخيم تشكل مناطق انطلاق لخلايا التنظيم لتنفيذ عمليات ضد قاطني المخيم وتهديد الأمن والتخطيط لهجمات في المنطقة، إلا أن العمليات الاستباقية المكثفة ضد الخلايا الإرهابية منعتها من إعادة نشاطها ولجمت تحركاتها وأحبطت عملياتها، بعد إلقاء القبض على عدد من العناصر الفاعلة بينهم متزعمون".
استغلال الريف النائي
لا يأتي التهديد الحالي في هذه المنطقة من محيط المخيم أو الريف الصحراوي في المحافظة المتاخمة للحدود العراقية، بل كذلك تنشط خلايا التنظيم داخل المخيم نفسه الذي يحاول تحريك أعضائه بغية تهريب عائلات مقاتليه بعد أن كانت مهماتها الأساسية سابقاً ارتكاب عمليات قتل واسعة ضد "مرتدين من عقيدة التنظيم" أو عناصر قوات الأمن وإحداث الفوضى والخلخلة الأمنية في عدد من قطاعاته وتشتيت القوات المسؤولة عن حراسة المخيم.
بحسب مصادر أمنية فإن النشاط الأبرز لخلايا التنظيم يظهر في المناطق النائية التابعة لمناطق أرياف دير الزور والرقة والحسكة، ويستفيد من عوامل تساعده في تنفيذ عمليات ضد قوات سوريا الديمقراطية والقوى الأمنية والمصالح الاقتصادية للسكان والإدارة الذاتية على حد سواء، إذ يستغل التنظيم انشغال العالم بالحروب لا سيما في الشرق الأوسط.
تعتقد تلك المصادر أن احتمال عودة التنظيم واقع لا بد من مواجهته، وبخاصة في المناطق النائية التي عادة ما يلجأ إليها للتخطيط للهجمات على السجون والمخيمات "بهدف لم شمل عناصر داعش مع عائلاتهم ومن ثم إعادة النشاط مجدداً"، إذ سجل العام الحالي عدداً من المحاولات للوصول إلى مخيم الهول، وكذلك السجون التي تأوي عناصر التنظيم.
في يوليو (تموز) الماضي أعلنت القيادة المركزية للقوات العسكرية الأميركية (سينتكوم) أن مجموع عمليات المنفذة في العراق وسوريا والمتبناة من تنظيم "داعش" في النصف الأول من العام الحالي تعادل ما يقارب ضعف ما قام به التنظيم خلال العام الماضي بكامله، ففي الفترة من يناير (كانون الثاني) وحتى يونيو (حزيران) 2024 تبنى "داعش" 153 هجوماً في العراق وسوريا، وأشارت "القيادة المركزية" إلى أن زيادة الهجمات تعني أن التنظيم يحاول إعادة تشكيل نفسه بعد سنوات من انخفاض قدراته، مما يشير إلى تصاعد وتيرة نشاطه بصورة ملاحظة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كذلك فإن التحالف الدولي يعلن باستمرار شن عمليات ضد عناصر "داعش" سواء في العراق أو سوريا بما فيها مناطق خارج سيطرة حلفائه من قوات سوريا الديمقراطية، إذ كشفت القيادة المركزية (سينتكوم) في الـ30 من أكتوبر (تشرين الأول) شنها سلسلة من الضربات ضد معسكرات عدة معروفة للتنظيم في الصحراء السورية الواقعة تحت سيطرة النظام السوري في الـ28 من أكتوبر، وهو ما أسفر عن مقتل ما يصل إلى 35 من عناصر "داعش" بينهم قادة كبار.
وقالت "سينتكوم" إن ضرباتها الجوية ستؤدي إلى تعطيل قدرة داعش على التخطيط والتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد المدنيين، وكذلك الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في جميع أنحاء المنطقة وخارجها.
"الأمن الدائم"
في خضم هذه الهجمات وتحركات تنظيم داعش بدأت قوات سوريا الديمقراطية والأمن الداخلي ووحدات حماية المرأة أول من أمس الأربعاء وبدعم من قوات التحالف الدولي، عملية "الأمن الدائم" لتفتيش مخيم الهول ومحيطه وملاحقة "فلول داعش والمتعاونين معه في المخيم وتطهير المناطق الريفية من إجرامه وتأمينها أمنياً".
قالت القوات في بيان إطلاق العملية إنها "تأتي عقب معلومات واعترافات لعناصر داعش الذين ألقي القبض عليهم خلال الفترة السابقة، تؤكد عودة نشاط الخلايا الإرهابية في المناطق الصحراوية وتخطيطها للهجمات"، مذكرة بأن "إرهاب داعش لا يزال يشكل خطراً على المنطقة، ولا بد من القيام بعملية شاملة وواسعة النطاق لملاحقة الخلايا الإرهابية والقضاء عليها".
وأسفرت العملية الأمنية التي تجري في ظروف جوية وأمنية صعبة بمناطق نائية متاخمة للحدود العراقية في أقصى الريف الشرقي لمحافظة الحسكة السورية، عن اشتباك بين هذه القوات وخلايا التنظيم في مخابئهم وأدت إلى مقتل أحد العناصر وجرح آخر، كما جرى تمشيط الريف الشمالي للهول وأجزاء من الريف الجنوبي واعتقال أكثر من 40 شخصاً من المطلوبين، إضافة إلى العثور على كميات من الأسلحة والذخائر كانت بحوزتهم، بحسب غرفة عملية "الأمن الدائم".