ملخص
يعتمد "قطرات إلهية" على سلسلة المانغا اليابانية الأكثر مبيعاً التي تحمل الاسم ذاته، والتي بدأت عام 2004 وابتكرها فريق من الأخ والأخت شين ويوكو كيباياشي. واشتهرت السلسلة بتأثيرها في سوق النبيذ داخل شرق آسيا مما عزز بصورة كبيرة مبيعات النبيذ المذكور في القصة.
إذا كنت من عشاق النبيذ ستجد ضالتك في مسلسل "قطرات إلهية " (Drops of God). عمل تتميز فيه الفكرة بفرادتها على التمثيل والإخراج والحبكة الدرامية. واللافت في هذه التحفة الفنية أنها قادرة على إثارة حواس المشاهد لا شعورياً.
وإذا كنت جاهلاً بأصول التذوق أو التعامل مع الكأس أو فتح القنينة أو حتى التمييز ما بين نوع وآخر، بعد الاستمتاع بمشاهدة العمل ستكون فكرة لا بأس بها عن أصول التواصل مع هذا المشروب. وستستمع إلى شرح واف عن كل نوع من النبيذ وما مكوناته، وستشعر بسحر هذا العالم وغرابته. واللافت أيضاً التفاصيل الدقيقة في عالم النبيذ والتقارب غير المتعارف عليه ما بين الثقافتين الفرنسية واليابانية ضمن هذه الدراما العائلية.
لا يمكن الحديث عن "قطرات إلهية" من دون التطرق إلى فيلم "العطر" للمخرج توم تايكور وبطولة بن ويشا وآلان ريكمان وريتشيل هيرد وود وداستين هوفمان، وهو إنتاج ألماني - فرنسي – إسباني مشترك صدر عام 2006.
ومقتبس من رواية "العطر" لـباتريك زوسكيند التي صدرت عام 1985. وتدور أحداثه حول جان باتيست غرونوي عبقري حاسة الشم وسعيه إلى إيجاد العطر الكامل ليسحر العالم ويسيطر عليه.
في العملين تبرز حاسة الشم. في المسلسل ثمة فتاة تستعين بهذه الحاسة لاسترجاع ذكرياتها مع والدها الذي علمها كل شيء عن عالم النبيذ، وفي الفيلم لدينا شاب يتتبع الحياة بهذه الحاسة التي تسيره صوب الكمال.
ويعتمد "قطرات إلهية" على سلسلة المانغا اليابانية الأكثر مبيعاً التي تحمل الاسم ذاته والتي بدأت عام 2004، وابتكرها فريق من الأخ والأخت شين ويوكو كيباياشي. واشتهرت السلسلة بتأثيرها في سوق النبيذ داخل شرق آسيا، مما عزز بصورة كبيرة مبيعات النبيذ المذكور في القصة.
وزادت مبيعات النبيذ في اليابان بأكثر من الضعف خلال العام الأول من صدورها. وفي يوليو (تموز) 2009 وضعت مجلة النبيذ البريطانية "ديكانتر" (Decanter) عائلة كيباياشي في المرتبة رقم 50 على قائمتها لأكثر الأشخاص تأثيراً في عالم النبيذ، إذ أشارت إلى أن "قطرات إلهية"، "يمكن القول إنها أكثر مطبوعات النبيذ تأثيراً في مدى الـ20 عاماً الماضية". وعلى مدار 44 مجلداً تتحدث المانغا عن أكثر من 700 نوع من النبيذ. واستعان المسلسل التلفزيوني بمستشار النبيذ سيباستيان برادال للمساعدة في إحياء زجاجات النبيذ المميزة في المسلسل.
القصة
تبدأ الحبكة بوفاة ألكسندر ليجيه وهو خبير نبيذ فرنسي مقيم في طوكيو. وقد ترك وراءه قبواً يحوي 87 ألف زجاجة نبيذ تبلغ قيمتها 150 مليون دولار ووصية متلاعبة للغاية.
ولتحديد من سيرث تركته ابتكر ليجيه ثلاثة اختبارات شبه مستحيلة تراوح ما بين تحديد النبيذ الغامض واستخراج الأدلة المخبأة في لوحة فنية. والمتسابقان هما الشخصان اللذان يبدو أنهما أكثر من يهتم بهما.
الأولى هي ابنته المنفصلة عنه كاميل التي تؤدي دورها فلور جيفرييه والتي دربها ألكسندر بتعصب شديد في طفولتها لدرجة أنها انقلبت ضد النبيذ. أما الثاني فهو تلميذه إيسي توميني (توموهيسا ياماشيتا) وهو شاب هادئ ومعتدل النفس يتحدر من عائلة متغطرسة ومترفة تكره اهتمامه بالنبيذ.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في حين أن إيسي تحليلي ومثقف فإن كاميل الأكثر عاطفية لا تعرف شيئاً تقريباً عن النبيذ ولكنها ولدت بحاسة تذوق حساسة جداً لدرجة أنها أثناء المسابقة يطلق عليها "موزارت النبيذ". وإذا تذوقته تغرق في أجواء سوريالية تشبه إلى حد ما شخصية آنيا تايلور جوي في لعب الشطرنج بفيلم The Queen's Gambit.
وتتنقل الكاميرا من قصور طوكيو الأنيقة إلى كروم العنب ومعامل النبيذ في فرنسا وإيطاليا، ومع كل مشهد جميل ثمة عودة إلى الماضي للذكريات والطفولة والأحلام. ويستحضر كل نبيذ ذكريات تعود بالبطلين إلى الوراء في الزمن وتكشف عوالمهما الداخلية.
إقناع
ويبدو واضحاً أن الممثلين تدربا على كل ما له علاقة بالنبيذ لكي تبدو حركاتهما منطقية. وفي هذا الإطار يقول مستشار النبيذ سيباستيان برادال "كان علينا أن نوهمهما بأنهما متذوقان"، ولتحقيق ذلك اجتمع مع كل من جيفرييه وياماشيتا كل على حدة مرات عدة في جلسات طويلة.
ومن المشاهد اللافتة في العمل تلك التي يتم فيها تذوق نوع جديد من النبيذ، كيف تفتح القنينة وكيف تملأ الكأس وكيف يشم المتسابق الرائحة التي تعيده إلى كروم العنب الخلابة في إيطاليا أو فرنسا، وكيف تنشط الحواس مع تذوق أول رشفة من النبيذ ومن ثم بصقها في وعاء.
تفاصيل مدروسة بعناية وصورت بطريقة فنية مانحة المشاهد أبعاداً جديدة ومساحة لتنشيط الذاكرة واستعادة مواقف حصلت، ومعرفة أجوبة المسابقة من خلال ما حدث سابقاً. تماماً كما حصل في فيلم "مليونير الحي الفقير المتشرد" (Slumdog Millionaire) وكيف كان الممثل ديف باتل يستنبط أجوبة الأسئلة التي تطرح عليه من خلال ما عاناه خلال طفولته، في محاكاة لمبدأ "لكل سؤال جواب، لكن هذا الجواب له قصة حدثت معي".
صور العمل الذي يعرض على Apple Tv بين فرنسا واليابان وإيطاليا بموازنة تخطت 30 مليون دولار، والمسلسل أحد الإنتاجات النصية القليلة المشتركة بين أوروبا وآسيا. وخلال الأعوام الأخيرة، اقتصرت هذه الممارسة على المسلسلات الدرامية مثل مسلسلي "جيري هاجي" (Giri/ Haji) و"رذيلة طوكيو" (Tokyo Vice).
وغالباً ما تتميز الأعمال المشتركة ما بين أوروبا واليابان بمزيج من القوة والعاطفة، والرومانسية والعقلانية في آن معاً، مزيج يمنح العمل ثقافتين مختلفتين. وفي "قطرات إلهية" تظهر الفوارق واضحة بين البلدين في التربية والعائلة والتعبير عن المشاعر.
ومن نقاط القوة في العمل أيضاً قدرة الكاتب على اختصار 44 مجلداً في ثماني حلقات فحسب، وتغيير الشخصية الرئيسة من رجل ياباني إلى امرأة فرنسية.