Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المغرب يتحدى الأخطار لإبقاء "القبعات الزرق" في أفريقيا

تتبوأ البلاد المرتبة التاسعة من حيث عدد الجنود ضمن قائمة بلدان العالم التي تسهم في قوات الأمم المتحدة

جنود مغاربة من "القبعات الزرق" في أفريقيا الوسطى (مواقع التواصل الاجتماعي)

ملخص

يندرج جنود "القبعات الزرق" المغاربة ضمن أكثر من 87 ألف جندي وشرطي يتوزعون على 12 منطقة نزاع في بلدان أفريقيا وآسيا وأوروبا والشرق الأوسط، في سياق عمل الأمم المتحدة لحفظ السلام الذي انطلق منذ عام 1948، إذ يعمل أكثر من مليوني جندي من 125 دولة.

على رغم التهديدات التي تلاحق حياة "القبعات الزرق" الأممية في عدد من الدول الأفريقية، ولا سيما الهجمات الإرهابية والأوبئة القاتلة، فإن المغرب يحرص على الاستمرار في إرسال بعثات عسكرية من أجل حفظ السلام في هذه البلدان، خصوصاً في جمهورية أفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وجنوب السودان.

ولهذا الغرض أفردت الحكومة المغربية في الموازنة المالية المخصصة للجيش ومتعلقاته ومصاريفه مبلغاً مالياً يتجاوز 200 مليون درهم (20 مليون دولار) لفائدة تغطية كلف عناصر التجريدة العسكرية، البالغ عددهم أكثر من 1700 جندي العاملين ضمن "القبعات الزرق" الأممية.

حرص مغربي

ويتبوأ المغرب المرتبة التاسعة من حيث عدد الجنود ضمن قائمة بلدان العالم التي تسهم في قوات الأمم المتحدة المعروفة بـ"القبعات الزرق"، كما يتصدر قائمة الدول المغاربية والعربية، معززاً تجربته الممتدة، في هذا المجال، منذ سنة 1960، إذ أسهم في 15 عملية حفظ سلام بتفويض من مجلس الأمن الدولي.

وتتصدر إثيوبيا قائمة البلدان الأكثر مساهمة في قوات حفظ السلام بأرجاء العالم، تتبعها الهند وبنغلاديش، بينما تغيب الدول الأوروبية الكبرى عن قائمة الـ10 الأوائل.

ويندرج جنود "القبعات الزرق" المغاربة ضمن أكثر من 87 ألف جندي وشرطي يتوزعون على 12 منطقة نزاع في بلدان أفريقيا وآسيا وأوروبا والشرق الأوسط، في سياق عمل الأمم المتحدة لحفظ السلام الذي انطلق منذ عام 1948، إذ يعمل أكثر من مليوني جندي من 125 دولة.

ولم يكتفِ المغرب بالمشاركة في قوات حفظ السلام الأممية من خلال إرسال الجنود إلى بلدان تنتشر فيها النزاعات الداخلية، وأحياناً تكابد الأوبئة المميتة، بل إنه أحدث، في مدينة بن سليمان المغربية، مركزاً للتميز في عمليات حفظ السلام وتكوين العاملين الأفارقة في هذا المجال.

ويوفر المغرب من خلال هذا المركز تدريبات في مجالات حماية المدنيين، ومكافحة التضليل الإعلامي، والرقمنة، والتطبيب من بعد، والصحة العقلية، وحماية البيئة.

ويتكيف المغرب في سياق حفظ السلام مع السياقات العملياتية للقرن الـ21، ويلتزم بإقامة مستشفيات ميدانية في مناطق عمليات حفظ السلام، وفرق للكلاب المدربة، وشركة هندسية مختلطة، فضلاً عن استقبال المتدربين من البلدان الأفريقية.

مهام ووظائف

ويقول المتخصص في العلاقات الدولية محمد بن طلحة الدكالي إن عناصر حفظ السلام المغاربة يشاركون في البعثات الأممية المنتشرة في الدول الأفريقية، بخاصة جمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان وجنوب السودان.

وأفاد الدكالي بأن هذه التجريدة العسكرية المغربية تسهم في عمليات حفظ الأمن والاستقرار والسلام وحماية المؤسسات الدستورية، إلى جانب القيام بوظائف اجتماعية مثل إنشاء مستشفيات ميدانية في تلك الدول لفائدة الساكنة المحلية.

واستحضر الأستاذ الجامعي إشادة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالمساهمة الفعالة للمغرب في حفظ السلام داخل القارة الأفريقية، من حيث العدد والنجاعة في العمل وتنفيذ المبادئ والأهداف المسطرة.

ووفق الدكالي، "يخصص المغرب مبالغ مالية مهمة من نفقات الحسابات الخصوصية من أجل تغطية كلف مشاركة عناصر القوات المسلحة الملكية في مهام حفظ السلام الدولية، لا سيما في عدد من الدول الأفريقية"، وذهب الدكالي إلى أن "المغرب الذي يتوافر على تاريخ عسكري مديد ينتصر للقضايا الكونية، وعلى رأسها إشاعة السلم والسلام في العالم، بخاصة في المناطق الملتهبة بأفريقيا"، مبرزاً أن الجيش المغربي يتوفر على تجارب ميدانية تجعله مؤهلاً للمساهمة في حفظ السلام عبر العالم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أبرز الأخطار

من جهته عدد المتخصص في العلاقات الدولية أحمد نور الدين أبرز التحديات والأخطار التي تواجه البعثات المغربية العاملة ضمن قوات حفظ السلام الأممية، التي تنبع من المهام المعقدة التي تقوم بها من جهة، ومن البيئة المعادية وغير المألوفة التي تنتشر فيها من جهة أخرى.

وشرح نور الدين، "من بين المهام المتعددة لهذه البعثات الأممية، تبرز مهمة الفصل بين الأطراف المتحاربة، والتي تكون في حالات كثيرة جماعات مسلحة لا يمكن التحكم في عناصرها، لأنها عبارة عن ميليشيات وليست جيشاً نظامياً ينضبط للاتفاقات والمعاهدات"، بالتالي، تابع نور الدين، "قد يتعرض الجنود لهجمات مفاجئة وغير متوقعة في بؤر التوتر بخاصة حينما يتعلق الأمر بحروب عرقية مثلما حدث في دول أفريقية أو حتى دول أوروبية، مثل البوسنة وكوسوفو"، مضيفاً أن هذا ما يفسر سقوط عديد من "شهداء الواجب" في صفوف "القبعات الزرق" من جنسية مغربية، مثل ما حصل خلال سنة 2022 عندما أزهقت أرواح سبعة جنود مغاربة في الكونغو الديمقراطية وأفريقيا الوسطى.

أضاف نور الدين أن مهمة المرافقة الأمنية لقوافل المساعدات الإنسانية تشكل خطراً على حياة الجنود، "لأن تلك القوافل تتعرض لهجمات من أطراف عدة قد تكون مجرد عصابات لقطاع الطرق أو تجار الحروب الذين يطمعون في النهب والاتجار بالمساعدات، وقد تكون ميليشيات طرف لمنع وصول الدعم الإنساني إلى الطرف المعادي".

لاجئون وأدغال وجوائح

ومن بين مهام "القبعات الزرق" المغاربة في بؤر التوتر ومناطق النزاعات عبر العالم، توطين وحماية النازحين واللاجئين، وهي مهمة قد تبدو سهلة وغير خطرة، "لكنها ليست كما تبدو"، وفق الباحث في الشؤون الدولية أحمد نور الدين الذي شرح، أيضاً، أنه في مناطق الحروب الأهلية، "تتعرض مخيمات النازحين إلى مهاجمة من طرف الجهات المعادية بقصد تصفية اللاجئين وإلحاق أكبر الخسائر في صفوف الأخوة الأعداء، وهو أمر يعرض حياة القبعات الزرق للخطر الماحق بسبب حمايتهم للنازحين"، ولفت نور الدين إلى أخطار تتعلق بجغرافية مناطق انتشار "القبعات الزرق"، بخاصة في مناطق الأدغال والمناطق الاستوائية التي تعد مجهولة للجنود المغاربة، وقد تتسبب بعض الأمراض أو المياه الملوثة أو عضات الهوام السامة في وفاة بعض الجنود.

ولم يفت المحلل عينه الإشارة إلى الأخطار المرتبطة بالجوائح كما حدث خلال جائحة "كوفيد-19" سنة 2020، حين تم تكليف الجنود المغاربة المساهمة في عملية التلقيح في الكونغو، وتقديم خدمات صحية وعلاجية للسكان المحليين، وهي عملية لا تخلو من تهديدات مرتبطة بالعدوى على سبيل المثال.

وختم نور الدين أن هناك مهام إنسانية واجتماعية أخرى تقوم بها قوات حفظ السلام المغربية، تتوزع بين نشر المستشفيات الميدانية، وتعليم الأطفال، والقيام بحملات التوعية للطفولة والأمومة، وغيرها من المهام الإنسانية الأخرى.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات