Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رسوم ترمب الجمركية... أوراق مساومة للتجارة مع العالم

يسعى إلى إعادة التوازن لمصلحة التصنيع المحلي وجمع إيرادات حكومية إضافية

تعهد الرئيس المنتخب بفرض تعريفات جمركية بنسبة 60 في المئة على الواردات من الصين (رويترز)

ملخص

في حال توجه ترمب إلى رفع التعريفات الجمركية على جميع البضائع المستوردة فمن المحتمل طلب المجموعات المتضررة من المحاكم الفيدرالية التدخل

يستعد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لفرض أوسع تعريفات جمركية شهدتها الولايات المتحدة منذ ما يقارب قرناً من الزمان، لكن بعض هذه الرسوم التاريخية من المرجح أن تستخدم كأوراق مساومة في مفاوضات تجارية جديدة، وفقاً للمستثمرين والمديرين التنفيذيين وحلفائه الجمهوريين.

ويريد ترمب استخدام التعريفات الجمركية المرتفعة لإعادة التوازن إلى التجارة العالمية لمصلحة التصنيع المحلي، وجمع إيرادات حكومية إضافية يمكن أن تساعد في خفض ضرائب الدخل أو تمويل برامج أخرى.

تعهد الرئيس المنتخب بفرض تعريفات جمركية بنسبة 60 في المئة على الواردات من الصين، و10 إلى 20 في المئة على جميع المنتجات الأجنبية الأخرى، بينما هدد بفرض رسوم منفصلة على شركات فردية مثل "جون ديري" والعناصر المصنوعة في المكسيك.

وقال كليت ويليمز، الذي شغل منصب مساعد اقتصادي دولي كبير في البيت الأبيض خلال فترة ولاية ترمب الأولى لصحيفة "وول ستريت جورنال"، "إنه على استعداد تام لتطبيق التعريفات الجمركية، وهو مستعد لإبرام صفقة إذا كان يعتقد أن الصفقة ستكون أفضل لمصالح الولايات المتحدة".

في الواقع، أصبحت خطط ترمب موضوع معركة سياسية عالية الأخطار، ففي غضون ساعات من فوزه في الانتخابات، بدأ أعضاء الحزب الجمهوري في التنافس على النفوذ في ما يتعلق بالسياسة الاقتصادية لترمب، وأثارت المناوشات المبكرة في شأن تعيينات الموظفين انقسامات بين الجمهوريين المؤيدين لـ"وول ستريت" والمتشددين التجاريين الذين يدعمون التعريفات الجمركية المرتفعة.

مخاوف زيادة الأسعار وتباطؤ النمو الاقتصادي

من المرجح أن تستهدف أولى خطوات ترمب التجارية الصين، إذ قد يعتمد على السلطة القانونية القائمة نتيجة لتحقيق أجري عام 2018 في ممارسات التجارة الصينية، وفقاً لعديد من المحامين التجاريين، ومع ذلك، فإن قدرته على فرض التعريفات الجمركية الشاملة لا تزال أقل تأكيداً.

وفي "وول ستريت" لا يتوقع كثر تنفيذ كل التعريفات الجمركية، ففي الأربعاء الماضي قال كبير الاقتصاديين الأميركيين في "جيه بي مورغان"، مايكل فيرولي، في مذكرة بحثية إن "الأسباب الإجرائية" من المحتمل أن تؤجل التعريفات الجمركية الشاملة التي يفرضها ترمب إلى ما بعد عام 2025، ومع ذلك قد تأتي الإجراءات ضد المنتجات الصينية في وقت أقرب.

وارتفعت الأسهم بصورة حادة في أول جلسة لها بعد الانتخابات، إذ توقع المستثمرون نمواً اقتصادياً أسرع نتيجة لخطط ترمب لخفض الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية. وأنهى مؤشر "داو جونز الصناعي" الأسبوع مرتفعاً بأكثر من أربعة في المئة منذ إغلاق الثلاثاء.

من جانبه، نشر الرئيس التنفيذي لشركة "أنليميتيد فندز"، بوب إليوت، على منصة "إكس" قائلاً "الأسواق واثقة من أن خطاب ترمب المؤيد للنمو سيصبح واقعاً، ونحن متأكدون بالقدر نفسه من أن فرصة فرض التعريفات الجمركية التضخمية الراكدة تقترب من الصفر".

وقال إليوت إن التهديد بالرسوم الجمركية يستخدم كأداة ضمن مجموعة من السياسات الهادفة إلى تحفيز الاستثمار والإنتاج المحلي، وليس كسياسة مستقلة تنفذ منذ اليوم الأول، وتعد الرسوم الجمركية جزءاً من "ترسانة" اقتصادية يمكن تعديلها وفقاً لحاجات السياسات التجارية.

من ناحية أخرى، حذر محللو الاقتصاد من أن فرض الرسوم الجمركية، تزامناً مع خطط ترمب للترحيل الجماعي للمهاجرين غير المصرح لهم، قد يؤدي إلى زيادة الأسعار ويبطئ النمو الاقتصادي، في حين أن هذا التهديد فرض على بعض المديرين التنفيذيين تأجيل الاستثمارات التي كانوا يخططون لها، خوفاً من تأثيرات السياسات المحتملة على كلفة الأعمال.

وفي ميريل، ويسكونسن، كان يعمل الرئيس التنفيذي لشركة "ميتشل ميتال بروداكتس"، تيم زيمرمان، على تنفيذ أنظمة روبوتية لتحسين القدرة التنافسية لمصنعه، وقال إن دمج الروبوتات مع العمال أثبت نجاحه، إذ أضاف المصنع 20 موظفاً جديداً، مما رفع عدد العاملين بنحو 25 في المئة، لكن الآن، خطط زيمرمان لإنفاق مليوني دولار إضافية على شراء روبوتات جديدة مهددة بسبب الرسوم الجمركية المحتملة التي قد تزيد من كلفة المنتجات المصنعة في مصنعه، التي تتنقل عبر الحدود الأميركية - المكسيكية مرات عدة قبل اكتمال إنتاجها.

وقال زيمرمان إن "هذه هي أنواع المشاريع الكبرى التي سنعلقها أو ربما نلغيها إذا حدث ما أتوقعه من تأثير كبير في الكلفة من الرسوم الجمركية الإضافية"، مشيراً إلى أن التهديد المتزايد بالرسوم الجمركية قد يدفعه إلى إعادة تقييم استثماراته.

أجندة ترمب الاقتصادية

يبعث تاريخ ترمب في التفاوض على الرسوم الجمركية على الأمل لبعض الصناعات في إمكانية تفادي أسوأ الآثار المحتملة، فخلال فترة ولايته الأولى، كان ترمب يهدد بفرض رسوم جمركية في عديد من الحالات - مثل النزاعات مع المكسيك في شأن الهجرة أو مع الأرجنتين والبرازيل بسبب مخاوف تتعلق بالعملات - لكن تلك التهديدات لم تنفذ في النهاية، وفي 2019، على سبيل المثال، أرجأ ترمب تطبيق جولة نهائية من الرسوم الجمركية على السلع الصينية بعد التوصل إلى اتفاق تجاري جزئي مع بكين.

وقال رئيس جمعية الملابس والأحذية الأميركية، ستيف لامار "أتوقع أن ينظر الرئيس المنتخب إلى بعض الرسوم الجمركية على أنها نتائج، وبعض الرسوم الجمركية على أنها طرق لبناء النفوذ للاتفاقيات المستقبلية... هذا هو النهج الذي اتبعه بالتأكيد خلال فترة ولايته الأولى".

وفي مقابلة، أوضح إليوت أن الصناعات الخاضعة للتنظيم الشديد تفوقت على القطاعات الأخرى في السوق هذا الأسبوع، متوقعاً أن يقلص ترمب الرقابة الحكومية. وارتفع مؤشر "كي بي دبليو ناسداك بانك"، الذي يتتبع أسهم البنوك الكبرى، هذا الأسبوع أسرع بنحو مرتين من السوق الإجمالية، ومع ذلك، كانت مقاييس السوق للتضخم المستقبلي ضعيفة، مشيراً إلى أن هذه المقاييس سترتفع إذا توقع المستثمرون تنفيذ مجموعة كاملة من التعريفات الجمركية.

ولعل القرار الأكثر أهمية بالنسبة إلى أجندة ترمب الاقتصادية يتلخص في اختياره وزير الخزانة، إذ نظر مستشارو ترمب لأشهر إلى رجلي المال جون بولسون وسكوت بيسنت، اللذين عملا نائبين للحملة، باعتبارهما المرشحين الأوفر حظاً لتولي المنصب.

لكن الملياردير جون بولسون يملك أصولاً مالية ضخمة قد تعقد اختياره، بما في ذلك حصص في عملاقي الرهن العقاري الفيدرالي "فاني ماي" و"فريدي ماك"، اللذين تشرف عليهما وزارة الخزانة، وفقاً لشخصين مطلعين على الأمر تحدثا للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة محادثات خاصة.

صقور التجارة وكراسي حكومة ترمب

ينظر صقور التجارة إلى بولسون، الذي يعمل مديراً لصندوق التحوط، بعين الشك، ويشككون في أنه سيدعم التخفيض الكبير في التجارة بين الولايات المتحدة والصين الذي وعد به ترمب، وفقاً للمصادر.

ويجمع سكوت بيسنت، الذي أشاد به ترمب علناً أثناء الحملة الانتخابية، بين الخلفية المالية المتوقعة تقليدياً من وزير الخزانة واحتضان طموحات ترمب التجارية، لكن بيسنت قد لا يتمتع بالخبرة السياسية التي يسعى إليها ترمب، فيما ظهر هوارد لوتنيك، الذي يساعد في قيادة فريق انتقال ترمب، كمرشح محتمل لقيادة وزارة الخزانة.

من ناحية أخرى، يروج صقور التجارة لاختيار كبير التجار في عهد ترمب خلال فترة ولايته الأولى، روبرت إي لايتهايزر، لمنصب وزير التجارة، ومع ذلك، فإن سمعة لايتهايزر كناقد شديد للصين قد تثير قلقاً في سوق الأوراق المالية، ومن المرجح اختياره لهذا المنصب نظراً إلى صرامته التجارية، وفقاً لما ذكره بعض المصادر.

وفي ما يتعلق بإدارة السياسة الاقتصادية الانتقالية، يدير المداولات مجموعة تضم كيفن وارش، وهو ممول وعضو سابق في مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وجويس ماير التي عملت مع بول د ريان (جمهوري من ولاية ويسكونسن) عندما كان رئيس مجلس النواب، وكذلك مايكل فولكندر الذي شغل منصب مساعد وزير الخزانة للسياسة الاقتصادية تحت قيادة الوزير ستيفن منوشين.

أما بالنسبة إلى المرشحين المحتملين لمناصب اقتصادية، فإن بعض المرشحين البارزين في "وول ستريت" يمنحون بعض التفاؤل، فعلى سبيل المثال يفكر فريق الانتقال في كيفن هاسيت، الذي قاد مجلس المستشارين الاقتصاديين في البيت الأبيض، لتولي رئاسة المجلس الاقتصادي الوطني، والاقتصادي بجامعة شيكاغو، كيسي موليجان، وهو أحد المرشحين المحتملين لمجلس المستشارين الاقتصاديين. وفي مقابلة، قال موليجان إنه منفتح على منصب إداري ولكن لم يجرِ الاتصال به من قبل فريق الانتقال.

وينظر إلى كل من هاسيت وموليجان، على رغم دعمهما أجندة ترمب التجارية، على أنهما مؤثران معتدلان في خططه التعريفية.

أثار شكل الفريق الاقتصادي الناشئ لترمب حالة من الفزع بين الشعبويين الذين يريدون نهجاً أكثر عدوانية، وقال أحد مستشاري ترمب، الذي تحدث للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويته لوصف الديناميكيات الخاصة، "إن ترمب غارق في كل هؤلاء الرجال من ’وول ستريت‘، ستكون هناك معركة كبيرة حقاً في الأيام الـ30 المقبلة... انسوا الـ20 من يناير (كانون الثاني) 2025 - المعركة الحقيقية هي الآن".

لم يكشف عن خطط التعريفات الجمركية المحددة التي يعتزم الرئيس المنتخب تنفيذها، وربما يتمكن من الوفاء بعديد من وعود حملته الانتخابية من تلقاء نفسه، لكنه سيحتاج إلى موافقة الكونغرس على بعض طموحاته، مثل إلغاء الامتيازات التجارية الروتينية الممنوحة للصين، والمعروفة باسم "العلاقات التجارية الطبيعية الدائمة".

التعريفات الجمركية أمام تحديات قانونية

كان بوسع ترمب تبرير فرض تعريفات جمركية جديدة على أي شريك تجاري آخر من خلال إجراء تحقيق يحدد الممارسات التجارية غير العادلة للشركات الأميركية، واستخدم مثل هذا الاستنتاج في عام 2018 لفرض جولته الأولى من التعريفات الجمركية على السلع الصينية.

ويمنح الدستور الكونغرس كل السلطة لفرض الضرائب، بما في ذلك على الواردات، وفي عامي 1930 و1974، فوض المشرعون سلطة محدودة للرئيس لفرض تعريفات جمركية أعلى، رداً على الممارسات التجارية غير العادلة، ومع ذلك لا تسمح هذه القوانين للرئيس بفرض تعريفات جمركية شاملة على جميع الواردات.

ومن المؤكد تقريباً أن التعريفات الجمركية الشاملة ستواجه تحديات قانونية من الشركات المتضررة أو المستهلكين أو حتى أعضاء الكونغرس، وفقاً لمحامي التجارة في "كوفينجتون وبورلينغ"، جون فيرونو.

وقال فيرونو، الذي شغل منصب نائب الممثل التجاري للولايات المتحدة في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، "لم يمنح الكونغرس الرئيس سلطة واسعة لفرض التعريفات الجمركية تحت أي ظرف ولأي سبب يرغب فيه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن ترمب قد يبرر مثل هذه التعريفات الجمركية بالاستعانة بسلطات رئاسية واسعة بموجب قانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية، وهو القانون الذي استخدمه مرات عدة خلال ولايته الأولى، بما في ذلك ضد تطبيقات البرمجيات الصينية "تيك توك" و"وي تشات"، وفقاً لبعض محامي التجارة.

وبدلاً من ذلك، يمكنه الاعتماد على بند في قانون التجارة لعام 1974 يسمح للرئيس بفرض تعريفة جمركية عالمية تصل إلى 15 في المئة لمدة 150 يوماً رداً على عجز "كبير وخطر" في ميزان المدفوعات، وفقاً لنائبة رئيس معهد سياسة جمعية آسيا، والمفاوضة التجارية الأميركية السابقة، لويندي كاتلر، مع الإشارة إلى أن هذا البند لم يستخدم من قبل.

ويمكن لترمب أيضاً أن يسعى إلى الحصول على موافقة الكونغرس على تعريفة جمركية عالمية، في حين سيستغرق التشريع وقتاً، لكنه سيجعل أيضاً مثل هذا الإجراء الشامل "أكثر ديمومة من منظور قانوني وسياسي"، وفقاً للمحامية التجارية في "هوغان لوفيلز"، لكيلي آن شو، التي عملت كمستشارة اقتصادية دولية في البيت الأبيض في عهد ترمب.

وفي حال سعى الرئيس الأميركي المنتخب إلى رفع التعريفات الجمركية على جميع البضائع التي تستوردها الولايات المتحدة سنوياً والتي تبلغ قيمتها 3 تريليونات دولار، فمن المحتمل أن تطلب المجموعات المتضررة من المحاكم الفيدرالية التدخل.

وقال فيرونو "إن التحدي القانوني للتعريفات الجمركية الشاملة سيكون له فرصة قوية جداً للانتصار".

وفي عام 2023، رفضت المحكمة العليا الأميركية التحدي القانوني الذي قدمه المستوردون لقرار ترمب لعام 2018 بفرض تعريفات جمركية على الفولاذ والألمنيوم المستورد، مبررة ذلك باستدعاء الرئيس لمخاوف الأمن القومي لتبرير هذه الخطوة.

وفي حين أن الحكم النهائي في شأن شرعية أي تعريفة عالمية قد يستغرق أشهراً أو سنوات، ففي غضون ذلك ستكون التعريفات الجمركية سارية المفعول.

اقرأ المزيد