ملخص
حدد بنك الشعب (البنك المركزي الصيني) أمس الخميس سعر صرف اليوان أمام الدولار الأميركي عند أدنى مستوى له خلال عام، في إجراء اعتبره محللون يأتي تحسباً للرسوم والتعرفة الجمركية المتوقع أن تفرضها إدارة ترمب الجديدة على الصادرات الصيني
زادت صادرات الصين في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بصورة هائلة فاقت التوقعات بحسب الأرقام الرسمية الصادرة في بكين أمس الخميس، مما فسرته الأسواق بمسارعة المصدرين الصينيين إلى زيادة صادراتهم قبل تولي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب السلطة في واشنطن.
وكان ترمب تعهد بفرض رسوم إضافية على الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة تبلغ 60 في المئة.
وذكرت وسائل الإعلام الصينية أن الرئيس الصيني شي جينبينغ اتصل بالرئيس الأميركي المنتخب وهنأه على الفوز في الانتخابات.
وقال شي لترمب إن أكبر قوتين في العالم "ستستفيدان من التعاون وستتضرران معاً من المواجهة بينهما".
وحدد بنك الشعب (البنك المركزي الصيني) أمس الخميس سعر صرف اليوان أمام الدولار الأميركي عند أدنى مستوى له خلال عام، في إجراء اعتبره محللون يأتي تحسباً للرسوم والتعرفة الجمركية المتوقع أن تفرضها إدارة ترمب الجديدة على الصادرات الصينية.
وأشارت صحيفة "فايننشيال تايمز" أمس إلى أن الزيادة الهائلة في الصادرات الصينية وفي فائض الميزان التجاري الصيني "ستزيد التوتر بين إدارة ترمب المقبلة وبكين".
أما وكالة "بلومبيرغ"، فقالت في تقرير إن الصادرات الصينية واصلت ارتفاعها الشهر الماضي لتصل إلى أعلى مستوى خلال عامين، في وقت تراجعت الواردات الصينية من الخارج، مما أدى إلى زيادة كبيرة في الفائض التجاري الصيني.
توتر متوقع
وتواصل الصادرات الصينية الصعود خلال الأشهر الأخيرة، خصوصاً بعدما بدأت مؤشرات فوز ترمب على منافسته الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس تتضح، مما دفع الشركات والأعمال في الصين إلى زيادة شحنات التصدير قبل فرض الرسوم الجمركية التي وعد بها ترمب.
وبحسب البيانات الصادرة عن إدارة الجمارك الصينية، قفزت صادرات الصين الشهر الماضي بأسرع وتيرة لها في 19 شهراً، متجاوزة بصورة كبيرة تقديرات المحللين، إذ توقع استطلاع أجرته وكالة "رويترز" نمو الصادرات الصينية في أكتوبر الماضي 5.2 في المئة، بينما رجح استطلاع لوكالة "بلومبيرغ" نمو الصادرات الصينية الشهر الماضي خمسة في المئة، وحققت تلك الزيادة في الصادرات نمواً 12.7 في المئة، وتعدّ هذه النسبة كبيرة جداً مقارنة بنسب النمو خلال الأشهر الأخيرة، إذ حققت الصادرات الصينية نمواً 2.4 في المئة في سبتمبر (أيلول) الماضي، ونمواً 8.7 في المئة في أغسطس (آب) الماضي وسبعة في المئة في يوليو (تموز) 2024، أما نسبة نمو الصادرات الشهر الماضي فهي الأعلى منذ مارس (آذار) عام 2023.
ومما زاد من حجم الفائض التجاري الصيني مع العالم أيضاً تراجع الواردات بأكثر مما توقعت الأسواق، إذ انخفضت الواردات الصينية الشهر الماضي 2.3 في المئة، بينما توقع المحللون تدنياً 1.5 في المئة. وكانت الواردات الصينية من الخارج ارتفعت بصورة طفيفة في سبتمبر الماضي بنسبة 0.3 في المئة وبنسبة 0.5 في المئة في أغسطس الماضي.
واستناداً إلى أرقام الخميس الرسمية، يقدر المحللون بأن الفائض التجاري الصيني وصل الشهر الماضي إلى 95.7 مليار دولار، بينما كانت التوقعات تشير إلى صعوده لـ75 مليار دولار.
ومن شأن تلك الأرقام والفائض التجاري الصيني أن تغذي مزيداً من التوتر مع الولايات المتحدة وتدفع إدارة ترمب المقبلة إلى التشدد في مسألة فرض الرسوم والتعرفة الجمركية على الواردات الصينية.
التجارة مع أميركا
ويرجع بعض المحللين أرقام التصدير الصيني التي كانت أفضل من المتوقع إلى الشحنات المتأخرة لأكتوبر الماضي بسبب تحسن الظروف الجوية والخصومات المستمرة في الأسعار للاستحواذ على حصة في السوق وموسم الذروة التقليدي الذي يسبق أعياد الميلاد، لكن رئيس أبحاث الصين في بنك "ستاندرد تشارترد" شوانغ دينغ يقول إنها تعود جزئياً لـ"التوقعات التي تزايدت باحتمال فوز ترمب"، بالتالي فرض الرسوم على الصادرات الصينية.
وعلى رغم أرقام الصادرات الكبيرة تلك، فإن التجارة الصينية مع أميركا الشهر الماضي لم تكُن قوية تماماً مثل تجارة الصين مع بقية العالم، لكنها شهدت نمواً قوياً أيضاً، إذ ارتفعت الصادرات الصينية إلى أميركا 8.1 في المئة وزادت الواردات الصينية من أميركا 6.6 في المئة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب بيانات الجمارك الصينية، وصل الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة إلى 33.5 مليار دولار في أكتوبر الماضي، مما يزيد قليلاً على 33.3 مليار دولار في سبتمبر الماضي، وخلال الأشهر الـ10 الأولى من هذا العام بلغ الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة 291.38 مليار دولار.
وتعدّ زيادة الصادرات عاملاً مهماً في الحفاظ على نمو وتوسع ثاني أكبر اقتصاد في العالم، خصوصاً أن الاقتصاد الصيني يعاني ضعف الاستهلاك المحلي وأزمة عقارية طويلة الأمد، ومع صعود الصادرات ينمو التصنيع بقوة مسهماً في نمو الناتج المحلي الإجمالي ومعوضاً نقص إسهام الإنفاق الاستهلاكي الداخلي.
وخلال الشهر الماضي، توسع نشاط المصانع في الصين للمرة الأولى منذ أبريل (نيسان) الماضي، إذ بلغ مؤشر مديري المشتريات الرسمي 50.1 نقطة، متجاوزاً 49.8 نقطة في سبتمبر 2023 وتقديرات المحللين البالغة 49.9 نقطة.
الرسوم والتحفيز
في غضون ذلك، يتوقع المحللون والخبراء أن ترد الصين على فرض الرسوم الأميركية على صادراتها بمزيد من حزم التحفيز وخفض قيمة العملة مقابل الدولار الأميركي.
والواضح أن بكين تتوقع تماماً فرض الرسوم الأميركية، إذ يقول البروفيسور في جامعة بكين وانغ دونغ إنه بالنسبة إلى إدارة ترمب "ستكون الصين بالطبع في أول القائمة والتحسن النسبي الذي نشهده سينتهي على الأرجح".
إلا أن فرض أميركا تلك الرسوم الكبيرة على الواردات من الصين قد لا يكون كله أمراً سيئاً، كما يقول كبير مسؤولي الاستثمار في شركة "يو بي أو كاي هيان" كي وانغ في مذكرة للمستثمرين.
وكتب كي أن فوز ترمب "ليس بالضرورة أمراً سيئاً للصين، إذ إنه قد يضغط على بكين لتطرح حزم تحفيز اقتصادي أكبر".
ومع ذلك، لا يتوقع المحللون أن تطرح السلطات الصينية حزم تحفيز هائلة لتنشيط الطلب المحلي، وقدر المحللون من قبل أن بكين في حاجة لحقن الاقتصاد بما يصل إلى 10 تريليون يوان (1.4 تريليون دولار) تستهدف دعم الأسر الصينية مباشرة وليس بالطريقة التقليدية التي تعتمد على توسيع مشاريع البنية التحتية وإعادة تمويل الحكومات المحلية والإقليمية في البلاد.
لكن كثيراً من المحللين لا يتوقعون مزيداً من النواب الصينيين الذين سيقرون اليوم الجمعة حزمة تحفيز تتضمن بالأساس إعادة هيكلة ديون الحكومات الإقليمية والمحلية التي تعاني عجزاً شديداً، إضافة إلى استثمارات جديدة لتنشيط الاقتصاد، إذ يرى هؤلاء أن حجم حزم التحفيز المتوقعة سيعتمد على مدى ونطاق الرسوم والتعرفة الجمركية المرتقب أن تفرضها الإدارة الأميركية الجديدة.
وينتظر أن تؤجل السلطات الصينية أي قرار في شأن حزم تحفيز إضافية إلى ديسمبر (كانون الأول) المقبل أو يناير (كانون الثاني) عام 2025.