Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خطر الحروب يقوض التجارة العالمية على رغم نموها

توقعات بارتفاع تجارة السلع 2.7 في المئة هذا العام و3 في المئة عام 2025

تشير التوقعات إلى زيادة التجارة العالمية في السلع 2.7 في المئة في العام الحالي (أ ف ب)

ملخص

يقول الباحثون، إن أي حصار أو عمل عسكري من الصين يعطل حركة المرور في المضيق قد تكون له آثار دراماتيكية على التدفق العالمي للسلع، خصوصاً على الاقتصاد الصيني

يعمل النظام العالمي لسفن الحاويات والناقلات الذي ينقل عشرات المليارات من الدولارات من المنتجات حول العالم يومياً بسلاسة ومن دون ملاحظة، لكن في بعض المناطق من العالم، تضيق ممرات الشحن إلى مضائق أو قنوات ضيقة، وهي نقاط جغرافية حيوية، إذ يمكن أن تهدد الاضطرابات المعزولة جزءاً كبيراً من التجارة الدولية.

إحدى هذه النقاط هي مضيق تايوان، وهو شريط مائي بعرض 100 ميل بين تايوان والبر الرئيس للصين، الذي أصبح ممر شحن حيوياً لعديد من الدول حول العالم.

وجدت أبحاث جديدة من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو معهد بحثي في واشنطن، أن المضيق يعد قناة لأكثر من خُمس التجارة البحرية العالمية، إذ شهد عام 2022 وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات، عبور سلع بقيمة 2.45 تريليون دولار تشمل الطاقة والإلكترونيات والمعادن وغيرها من المنتجات.

وتعد هذه النتائج ذات أهمية كبيرة نظراً إلى أن المضيق يقع في قلب نزاع جيوسياسي بين تايوان والصين التي تعد الجزيرة جزءاً من أراضيها.

ويقول الباحثون، إن أي حصار أو عمل عسكري من الصين يعطل حركة المرور في المضيق قد تكون له آثار دراماتيكية على التدفق العالمي للسلع، خصوصاً على الاقتصاد الصيني.

وتأتي هذه التقديرات في وقت تغير فيه الجيوسياسة أعواماً من الهدوء النسبي في شأن ديناميكيات التجارة العالمية، إذ أدت الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، إضافة إلى عمليات الإغلاق خلال فترة الوباء إلى إعادة تشكيل أنماط التجارة العالمية وتنبيه المستهلكين إلى أن الاضطرابات في جزء من العالم يمكن أن تؤثر بصورة مباشرة على النشاط الاقتصادي في جزء آخر.

صراع الشرق الأوسط

وفي تقرير آخر صدر الخميس الماضي، قالت منظمة التجارة العالمية، إن وتيرة التجارة العالمية بدأت في الارتفاع، لكن التوترات الجيوسياسية المتزايدة وعدم اليقين في شأن السياسات الاقتصادية قد تؤدي إلى تراجع هذه الوتيرة.

وأفادت المنظمة أن تصاعد الصراع في الشرق الأوسط، الذي يعد المركز العالمي لإنتاج النفط، قد يؤدي إلى تعقيد مسارات الشحن ورفع أسعار النفط، مما قد يجعل من الصعب والأكثر كلفة على الناس حول العالم استيراد الطاقة والمواد الغذائية وغيرها من المنتجات التي يعتمدون عليها.

وقالت المنظمة التي تتخذ من جنيف مقراً لها، إنها تتوقع أن تزداد التجارة العالمية في السلع 2.7 في المئة عام 2024، وهو ما يزيد قليلاً على توقعاتها السابقة، وثلاثة في المئة عام 2025، ويتبع هذا النمو انكماشاً عام 2023، إذ انخفضت التجارة العالمية بنسبة 1.1 في المئة في ظل ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع أسعار الفائدة.

وأشارت المنظمة إلى أنها لاحظت علامات على انقسام التجارة العالمية على أساس سياسي منذ بداية الحرب في أوكرانيا، إذ نمت التجارة بين الدول التي تتبنى آراء سياسية مشابهة (استناداً إلى أنماط التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة) بنسبة أربعة في المئة بصورة أسرع من التجارة بين الدول ذات الآراء المتباينة.

التحديات المحتملة للتجارة

وقالت المدير العام للمنظمة نغوزي أوكونغو إيويالا، إن المنظمة تظل يقظة تجاه التحديات المحتملة للتجارة، خصوصاً التصعيد المحتمل للصراعات الإقليمية مثل تلك في الشرق الأوسط، وقد يكون التأثير أكثر حدة في البلدان المعنية مباشرة، لكن يمكن أن تؤثر أيضاً بصورة غير مباشرة في كلفة الطاقة العالمية ومسارات الشحن".

وبدأت الهجمات التي شنها الحوثيون في اليمن على الشحنات التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، المسؤولة عن نحو 15 في المئة من التجارة العالمية، منذ أواخر العام الماضي، مما شجع عدداً من السفن على تغيير مسارها حول الطرف الجنوبي لأفريقيا، مما أضاف أسبوعاً أو أكثر إلى الرحلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي وقت سابق من عام 2023، أعيد ترتيب حركة الشحن العالمية أيضاً بعد أن قللت موجة جفاف من عدد السفن التي يمكنها المرور عبر قناة بنما.

وارتفعت كلفة الشحن وسط هذه الاضطرابات، على رغم أنها لا تزال أقل بكثير من المستويات العالية التي شهدتها خلال فترة الجائحة.

وفي مارس (آذار) 2021، جنحت سفينة حاويات في قناة السويس، مما أدى إلى إغلاق حركة المرور هناك ستة أيام.

قضية عالمية

وتشير التقديرات التي قدمها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إلى أن مضيق تايوان يستضيف نسبة أكبر من التجارة العالمية مقارنة بأي من هذه الممرات، وقال زميل مشروع "قوة الصين" في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ماثيو فونيول، الذي عمل على دراسة مضيق تايوان إلى صحيفة "نيويورك تايمز"، إن التوترات في المنطقة هي "قضية عالمية".

وأضاف، "أي حادثة حول تايوان، مثل غزو أو حصار سيعطل بصورة جذرية الحالة الطبيعية للتجارة، وسينتج منه عديد من العواقب الاقتصادية لمجموعة متنوعة من الدول".

ومن خلال ربط حركة السفن العالمية ببيانات التجارة على مستوى الدول قدم الباحثون ما يقولون، إنه أول تقديرات أكاديمية دقيقة لحجم التجارة عبر مضيق تايوان. ووجدوا أن الاقتصاد الأكثر تعرضاً للاختلالات في المضيق هو الصين، إذ تعبر المضيق سنوياً تجارة تقدر بـ1.3 تريليون دولار.

وتشمل معظم هذه الشحنات الواردات الصينية من النفط والمعادن وخام الحديد ومواد خام أخرى، إضافة إلى مكونات إلكترونية، تغذي محطات الطاقة والمصانع الصينية.

وبحسب الباحثين فإن المضيق هو ممر لنحو ثلث واردات اليابان وكوريا، ونحو ربع صادراتهما، كما تمر عبره نحو 27 في المئة من صادرات أستراليا، التي تتكون بصورة كبيرة من السلع الأساسية مثل خام الحديد والفحم والغاز الطبيعي المسال.

ومن بين خمس دول تعتمد بصورة كبيرة على مضيق تايوان لتجارة شحناتها، فإن أربعاً منها تقع في أفريقيا، إذ ترسل جمهورية الكونغو الديمقراطية وحدها نحو 70 في المئة من إجمالي صادراتها، والتي تشمل بصورة أساسية النحاس والكوبالت والمعادن الأخرى، عبر المضيق، ويرسل عديد من دول الشرق الأوسط أيضاً أكثر من 30 في المئة من صادراتها عبر المضيق، إذ توفر الوقود الذي يشغل الصين، وقال فونيول، "لقد أصبحنا فجأة مدركين جداً لحقيقة أن تدفقات التجارة معقدة، لكنها تضيق في هذه النقاط الاستراتيجية الحساسة".

اقرأ المزيد