ملخص
فوض الكونغرس "الفيدرالي" للتعامل باستقلالية مع التضخم والبطالة من خلال أداة أساسية هي التحكم بمعدلات الفائدة
مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض قد تواجه استقلالية "الاحتياطي الفيدرالي" الأميركي ضغوطاً تضعف قدرتها على مكافحة التضخم والبطالة بعيداً من أي تدخلات سياسية.
و"الاحتياطي الفيدرالي" مفوض من الكونغرس التصرف باستقلالية للتعامل مع التضخم والبطالة، من خلال أداة أساسية هي التحكم بمعدلات الفائدة.
ورأى ترمب في الثامن من أغسطس (آب) الماضي أن "الرئيس يفترض في الأقل أن تكون له كلمته" في السياسة النقدية، مضيفاً "أعتقد أن لديَّ حدساً أفضل في عديد من الحالات من الذين يديرون 'الاحتياطي الفيدرالي' أو رئيسه".
ويرفع "الاحتياطي الفيدرالي" ويخفض معدلات الفائدة في ضوء تطورات الاقتصاد الأميركي لضمان استقرار الأسعار والعمالة الكاملة ويصر في عمله على عدم إقحامه في الحياة السياسية.
وشدد نائب الرئيس السابق للمؤسسة المالية الفيدرالية دون كون في مقال نشر في صحيفة "نيويورك تايمز" في منتصف أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على أن السماح "للسياسيين الذين لا تتخطى آفاقهم الانتخابات المقبلة، بأن تكون لهم كلمة في السياسة النقدية يولد تضخماً وعدم استقرار اقتصادياً".
انتقاد مسؤولي "الاحتياطي الفيدرالي"
عمد ترمب بانتظام خلال ولايته الأولى إلى انتقاد مسؤولي "الاحتياطي الفيدرالي" حين لم يخفضوا معدلات الفائدة بالسرعة التي يطلبها.
ووصل به الأمر إلى التساؤل في تغريدة غاضبة إن لم يكن رئيس "الاحتياطي الفيدرالي" جيروم باول الذي عينه بنفسه "عدواً أسوأ" من الرئيس الصيني شي جينبينغ.
وقال الاقتصادي في معهد "بيترسون للاقتصادات الدولية" ومدير البحث الاقتصادي للولايات المتحدة في "بلومبيرغ" ديفيد ويلكوكس، "بدا ذلك بمثابة رسالة عدائية للغاية".
ولمح الملياردير الجمهوري قبل إعادة انتخابه إلى أنه قد لا ينتظر انتهاء ولاية جيروم باول على رأس "الاحتياطي الفيدرالي" في مايو (أيار) 2026 لعزله من منصبه قبل أن يعود ويتدارك الأمر.
وسئل باول خلال مؤتمر صحافي الخميس الماضي إن كان يمكن أن يستقيل من منصبه بصورة مبكرة فأجاب بصورة قاطعة، "لا"، وحين سئل عن احتمال إرغامه على التنحي أكد أن هذا "محظور بموجب القانون".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضحت كبيرة الاقتصاديين في شركة "ناشونوايد للتأمين" كاثي بوستيانشيتش أن "هناك قواعد وقوانين و'الاحتياطي الفيدرالي' يحمي نفسه من هذا النفوذ السياسي"، لكنها رأت أنه في ضوء "النفوذ الهائل" الذي يتمتع به رئيس "الاحتياطي الفيدرالي"، فإن الرئيس المقبل الذي سيختاره ترمب "قد يبدل الديناميكية واستقلال السياسة النقدية".
ورأى ديفيد ويلكوكس أن "الطريقة التقليدية الأولى التي يمكن لدونالد ترمب أن يؤثر فيها على سياسة 'الاحتياطي الفيدرالي'" هي عبر استخدام صلاحياته في تعيين الحكام الجدد حين تنتهي ولاية الحكام الحاليين التي تستمر 14 عاماً.
وتابع أن "ما يثير المخاوف هو احتمال أن يمضي أبعد من هذا النهج".
وأول استحقاق في هذا السياق سيكون في يناير (كانون الثاني) 2026 مع شغور أول منصب حاكم، وقال المحلل الاقتصادي لدى "ستاندارد تشارترد" ستيف إنغلادنر، "سيتمكن ترمب من تعيين الشخص الذي يريده في هذا المنصب الشاغر".
غير أن التعيينات تخضع لموافقة مجلس الشيوخ، وهو ما يطمئن إلى حد ما برأي إنغلاندر.
سوق السندات سترفض
وقال المحلل، "لا يمكن اختيار اسم بصورة اعتباطية وطرحه على مجلس الشيوخ، فيجري تثبيته في اليوم التالي والتصويت عليه في اليوم الثالث"، مؤكداً أن أعضاء المجلس "يأخذون دورهم بمنتهى الجدية".
وثمة حاجز أخير أمام الرئيس هو سوق السندات التي تأخذ في الاعتبار التوقعات في شأن معدلات الفائدة في المستقبل وانعكاسات كلفة الاقتراض على كل المستويات من الرهون العقارية إلى القروض لشراء سيارات.
وقال إنغلاندر بهذا الصدد "لا يمكن إجراء تعيين يتعارض تماماً مع التيار السائد لأن سوق السندات سترفض هذا في الحال... سوق السندات هي حاجز واقٍ، ثمة حدود".
وقالت بوستيانشيتش إنه حتى لو كانت التعيينات سياسية "سيكون هناك على الدوام عدد كبير من الحكام والرؤساء المحليين للاحتياط الفيدرالي الذين لم يعينهم الرئيس ترمب".
غير أن سكوت بيسينت المقرب من ترمب والذي يطرح اسمه لتولي وزارة الخزانة طرح فرضية "رئيس ظل" لـ"الاحتياطي الفيدرالي"، في مقال نشرته مجلة "فوربس" في الـ15 من أكتوبر الماضي.
ورأى أنه بهذه الطريقة "لن يكترث أحد فعلياً لما يقوله جيروم باول"، فيما أوردت المجلة أن ترمب لم يعلق على هذه الفكرة.