ملخص
تخصب طهران اليورانيوم إلى درجة نقاء انشطارية تصل إلى 60 في المئة، وهي نسبة قريبة من 90 في المئة المطلوبة لصنع قنبلة نووية، لكن طهران تنفي منذ فترة طويلة أي طموحات لصنع قنبلة نووية، قائلة إنها تخصب اليورانيوم لاستخدامات تتعلق بالطاقة المدنية فقط.
نقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية عن الرئيس مسعود بزشكيان قوله اليوم الخميس إن طهران مستعدة للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لإزالة "الغموض المزعوم بشأن النشاط النووي السلمي لبلادنا".
وأكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي الخميس من طهران أن على المنشآت النووية الإيرانية "ألا تتعرض للهجوم"، وذلك بعد تهديد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الاثنين من أن طهران باتت "أكثر عرضة من أي وقت مضى لضربات على منشآتها النووية".
واعتبر غروسي أن التوصل إلى "نتائج" مع إيران ضرورة لتجنب "الحرب". وكان وصف الاجتماع مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على منصة "إكس"، بأنه "ضروري".
رفض الضغط
من جهته، أكد عراقجي الخميس بعد اجتماعه مع غروسي، أن إيران لن تتفاوض "تحت الضغط والترهيب" بشأن برنامجها النووي.
وكتب عراقجي على منصة "إكس" المحظورة في إيران، "اتفقنا على التصرف بشجاعة وحسن نية... نحن مستعدون للتفاوض على أساس مصالحنا الوطنية وحقوقنا غير القابلة للتصرف، لكننا لسنا مستعدين للتفاوض تحت الضغط والترهيب".
كذلك نُقل عن رئيس منظمة الطاقة النووية الإيرانية، محمد إسلامي، أن أي قرار يصدر عن مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد برنامج طهران النووي سيقابل بإجراءات مضادة.
وقال محمد إسلامي في مؤتمر صحافي مشترك مع غروسي في طهران الخميس، إن "أي قرار تدخلي في الشؤون النووية لإيران سيقابل بالتأكيد بتدابير مضادة فورية".
Started my two-day visit to Iran with an indispensable meeting with Iranian Foreign Minister @araghchi. pic.twitter.com/c8Fg9LqqqD
— Rafael MarianoGrossi (@rafaelmgrossi) November 14, 2024
وكان عراقجي استقبل الخميس في طهران المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي لإجراء محادثات مفصلية في شأن برنامج طهران النووي، وفق صور بثتها وكالة "إرنا" الرسمية.
وذكرت إرنا أن "رافايل غروسي الذي وصل إلى طهران الليلة الماضية (الأربعاء) على رأس وفد للتفاوض مع كبار المسؤولين النوويين والسياسيين في البلاد، في زيارة تستمر يومين، التقى وزير الخارجية عباس عراقجي"، الذي كان في عام 2015 كبير المفاوضين عن الجانب الإيراني في المحادثات النووية مع القوى العظمى.
وقال دبلوماسيون إن القوى الأوروبية تسعى إلى إستصدار قرار جديد ضد إيران من جانب مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع المقبل للضغط على طهران بسبب قلة تعاونها، في وقت يترقب فيه العالم عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.
يأتي هذا فيما وصل رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة رافائيل غروسي إلى إيران أمس الأربعاء لإجراء محادثات، بعد يوم من مناشدته القيادة الإيرانية لاتخاذ خطوات لحل القضايا القائمة منذ فترة طويلة مع الوكالة في شأن برنامج طهران النووي.
تصاعد دبلوماسي مرتقب
وتهدد مثل هذه القرارات الأوروبية بمزيد من التوتر الدبلوماسي مع إيران، إذ ردت إيران على قرارات سابقة وانتقادات أخرى وجهت إليها من جانب مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكون من 35 دولة بتكثيف أنشطتها النووية ومنع كبار مفتشي الوكالة من دخول البلاد، مما زاد من المخاوف الغربية في شأن أهدافها.
وكثفت إيران نشاطها النووي منذ عام 2019، بعد أن تخلى ترمب خلال ولايته الأولى عن اتفاق عام 2015 الذي توصلت إليه إيران مع القوى العالمية، الذي بموجبه فرضت طهران قيوداً على التخصيب.
وأعاد ترمب فرض العقوبات الأميركية الصارمة على طهران، وينظر الغرب إلى عمل إيران في التخصيب على أنه جهد مستتر لتطوير القدرة على صنع الأسلحة النووية.
وتخصب طهران الآن اليورانيوم إلى درجة نقاء انشطارية تصل إلى 60 في المئة، وهي نسبة قريبة من 90 في المئة المطلوبة لصنع قنبلة نووية، لكن إيران نفت منذ فترة طويلة أي طموحات لصنع قنبلة نووية، قائلة إنها تخصب اليورانيوم لاستخدامات تتعلق بالطاقة المدنية فقط.
ومن شأن القرارات الأوروبية أن تكلف الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإصدار ما يسمى "تقرير شامل" عن الأنشطة النووية الإيرانية، إضافة إلى تقاريرها الفصلية المنتظمة، وستتضمن التقارير وصفاً مفصلاً وتركيزاً أكبر على المشكلات مثل فشل إيران المستمر في تفسير آثار اليورانيوم التي عثر عليها في مواقع غير معلنة.
العودة لطاولة المفاوضات
والهدف هو إجبار إيران على العودة لطاولة المفاوضات للموافقة على قيود جديدة على أنشطتها النووية في مقابل تخفيف العقوبات، وكلاهما أقل شمولاً مما ورد في الاتفاق النووي لعام 2015 مع القوى الكبرى الذي سحب ترمب بلاده منه في عام 2018، مما أدى إلى انهياره.
وفي ذلك الاتفاق وافقت إيران على قيود صارمة على أنشطتها النووية وعلى عمليات تفتيش دولية أكثر صرامة، إذ سعت القوى الغربية إلى تخفيف خطر الصراع بين إيران ومنافسيها الإقليميين من خلال تقليص قدراتها النووية.
وقال دبلوماسي أوروبي، وهو أحد خمسة دبلوماسيين قالوا إن فرنسا وبريطانيا وألمانيا تدفع باتجاه التوصل إلى قرار "مخاوفنا في شأن النشاط النووي الإيراني معروفة جيداً، يبدو من الطبيعي أن نطلب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريراً شاملاً، وهذا يوفر أساساً للتعامل مع السلوك الإيراني".
كانت الجهود الغربية لإجراء مفاوضات مع إيران، بحيث يتم التوصل إلى اتفاق جديد قبل "يوم انتهاء" اتفاق عام 2015 في أكتوبر (تشرين الأول) من العام المقبل، تستند إلى حد كبير على افتراض فوز كامالا هاريس بالانتخابات الرئاسية، نظراً إلى رفض ترمب التفاوض مع إيران.
وقال دبلوماسيون إن الولايات المتحدة ليست القوة الدافعة وراء القرار، ولكن من المتوقع أن تدعمه، كما حدث مع القرار السابق ضد إيران في يونيو (حزيران). وتناقش القوى الأوروبية التي تسعى إلى الحصول على قرار، والمعروفة باسم "إي 3"، المسودة مع الإدارة الأميركية المنتهية ولايتها.
آثار اليورانيوم
ولم يكن رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي حريصاً على تقرير شامل لأنه منخرط في دبلوماسية دقيقة تهدف إلى الحصول على تفسيرات أكثر مباشرة لآثار اليورانيوم من إيران وإقناعها بتوسيع إشراف الوكالة على أنشطتها النووية.
وقال غروسي في مؤتمر صحافي في سبتمبر (أيلول) عندما سئل عن إمكان تقديم تقرير شامل "نحن نطرح هذا بالفعل".
وأضاف "نهجي يتلخص في محاولة حل المشكلات الآن وعدم التفكير في اتخاذ إجراء عقابي في مرحلة ما في المستقبل، وتتلخص فكرتي في محاولة إنجاح التعاون الآن".
كسر الجمود
وصل غروسي إلى طهران اليوم الأربعاء لإجراء محادثات ولعقد اجتماعه الأول مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان منذ تولي الأخير منصبه في يوليو (تموز)، الذي يأمل غروسي أن يساعد في كسر الجمود القائم منذ زمن طويل في القضايا الرئيسة.
وفي تسليط للضوء على التوتر بين هدف غروسي المتمثل في التنازلات الفورية وهدف القوى الغربية الضغط على إيران لإجراء محادثات في شأن القيود النووية العام المقبل، قال مسؤول إيراني كبير "قد يترتب على صدور قرار رد فعل من طهران يتمثل في فرض قيود على التعاون الدبلوماسي والفني (مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية)".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولا يزال السؤال القائم هو ما إذا كانت إدارة ترمب المقبلة ستكون منفتحة على المفاوضات في شأن ما أطلق عليه بعض الدبلوماسيين صفقة "الأقل في مقابل الأقل"، مقارنة بصفقة عام 2015.
وسيجري مراقبة التنازلات والوعود التي يحصل عليها غروسي من إيران عن كثب، بحثاً عن مؤشرات على انفتاح إيران على المحادثات.
ونقلت وسائل إعلام رسمية أول من أمس الثلاثاء عن بزشكيان قوله إن طهران لن يكون بمقدورها تجاهل عدوها اللدود الولايات المتحدة، وتحتاج إلى "التعامل مع أعدائها بصبر".
وفي حين لم ترد تقارير عن خطط إدارة ترمب لإجراء محادثات مع طهران بعد توليها السلطة في يناير (كانون الثاني)، قال الرئيس المنتخب خلال الحملة الانتخابية "لا أريد أن ألحق الضرر بإيران، ولكن لا يمكنهم امتلاك أسلحة نووية".